group-telegram.com/AboObadaShami/45
Last Update:
#سايكولوجيا_اليقين_والمناقشة
(هذا المقال صعب قليلاً ويحتاج تركيز)
*اليقين العلمي يزيد وينقص ولو كانت المسألة ضرورية الصحة "بديهية"*
في البدء، فإن موافقة ما في العقل لما في الحس او موافقة الاستنباط العقلي الضروري قبل الحس للمحسوس تزيد اليقين ولو أنه كان موجوداً في باطن النفس.
فهو طبع نفسي علمي في الانسان فإن علم المسألة من طريق واحد هو يقيني ولكن من طريقين أيقن بالنفس.
فالنفس الموسوسة المتشككة مع يقينها من طريق واحد فإنها تبحث عن طرق كثيرة حتى ترضى
وأما النفس الطبيعية فيكفيها اليقين او الظن الراجح حتى ترتاح نفسها وهذا ليس عيباً فيها إلا إن كان فيه تقصير عن التوثيق الأكمل للعلوم إن كان مطلوباً.
وإن الشيء الضروري في العقل إذا جائت العادة المستفيضة أو النقل الصريح بما يوافقه كان أوثق وأقوى في النفوس والحجاج، وأصعب في التلبيس عليه من قبل أهل الباطل والخطأ.
وكذلك الدليل القوي الصحيح مُقنع لذاته في مقامه المناسب أمام من يستوعبه بلغة الخطاب المناسبة ومكان وزمان وحال المخاطب.
ولكنه قد لا يقنع المخاطب لأهواء وحيل نفسية تحرفه عن إرادة السماع والفهم ومن ثم تغيير الرأي، تكون نابعة عن طبع مكتسب قوي (كحب ما هو عليه من المنصب في بين أهل الباطل وكثرة الأتباع وتفضيله ذلك على الحق، وهذا الطبع معلوم بطلانه لكل عاقل ولكنه بالنهاية طبع مكتسب بقدره الزائد المبالغ فيه، فإن الإنسان بطبعه يحب الشهرة والاتباع ولكنه بعقله يعرف أن الحق اشرف ويدافع طبعه بعقله ويقدم العقل على الشهوة، وأما الطبع المكتسب كموت الضمير مثلاً فبسببه يتوقف حصول تلك المدافعة)
ولذلك يقال كثيراً، قد يكون الدليل صحيحًا وغير مقنع، يكفي العاقل الفاهم له في اليقين وقد لا يكفيه في الحجاج، وهذا مما قد يسبب الشك في بعض النفوس، فتورد عليه إيرادات وانقادات ضعيفة لا تقوى على إبطال الدليل الصحيح فيكذب العلم الضروري في نفسه بصحة الدليل لنفسه ويحسن الظن بالطرف الآخر، أو يتنزل معه تنزلاً في غير محله فيضعف الدليل تلقائيا بعينه حيث يشعر نفسياً بأن الدليل غير كافي ويمكن التنازل عنه لإرضاء الخصم.
وفي ذلك سمعت قولاً للفيلسوف ألفين بلانتينجا يوافق هذا القول (وأنقل كلامه بالمعنى استئناساً لا استدلالاً)
"أن الدليل المقنع قد لا يقنع الجميع"
وبالنظرة المعرفية الصحيحة لهذه المقولة يمكن أن نفهم منه ما يوافق مقالنا.
فهذا ليس نسبية ولا اختلاف حقيقي في العقول إنما اختلاف في طبائع النفس العاقلة واسباب القبول والنفور من الحق إن توضح.
ولذلك مثلاً هناك مغالطة منطقية تسمى "تسميم البئر" وهي رفض السماع لمصدر كامل وتزييفه بلا سبب صحيح ومقنع لمجرد أنه لا يريد الاحتجاج بهذا المصدر إرادة محضة غير مبررة.
كما جاء في الآية الكريمة:
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح: 7]
ففي هذه الآية كان تبرير اصرارهم على عدم السماع أصلا لنبي الله نوح كان لمجرد الكبر ليس إلا، فهم لا يريدون السماع منه لا حقاً ولا باطلاً ابتداء وهذه صورة من مغالطة تسميم البئر.
بالنهاية يكفيك في الحجاج (النقاش) أن تبين الحجة (الدليل) بصورة ولغة مناسبة للمخاطب وعقله وسعة علمه وثم لا تبالي إن اقتنع أم لم يقتنع، وانقطع من جداله إن رأيته يكابر على الحقائق ويكذب الواضحات، فهذا يكذب على نفسه قبل أن يكذب عليك، وقبل أن تقنعه انت عليه أن يفتح الباب أصلا للاقتناع.
#غيث_الحلبية
BY قناة | الغيث الشامي (طالب علم)
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/AboObadaShami/45