"المشايخُ سقف، والإخوانُ سياج، والطُّلّابُ مَزلقة!"
حكاه الشّيخ أدهم العاسميّ عن شيخه حسّان الهنديّ.
#إرشاد
حكاه الشّيخ أدهم العاسميّ عن شيخه حسّان الهنديّ.
#إرشاد
❤13
💔10👍6
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أستاذنا الدّكتور محمّد جمال صقر، حفظه الله، وقد دعى تلاميذه إلى معارَضة أبياتٍ أنشأها في غزّة وما والاها.
❤5
"إنّ للذِّكر مَزِيّة، هي له خاصّة وليست لغيرِه،
وهي الحضورُ في الحَضْرةِ العَلِيّة، والوصولُ إلى القُربِ الّذي عَبَّرَ عنه ما وَرَدَ في الحديثِ مِن المُجالَسةِ والمَعِيّة؛
فإنّ اللهَ تعالى يقول: (أنا جليسُ مَن ذَكَرَني)، ويقول: (أنا عِندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذَكَرَني)، متّفَق عليه من حديث أبي هريرة. وفي روايةِ البَيْهَقيّ: (وأنا معه حينَ يَذكرُني).
وللنّاس في المقصدِ بالذّكر مقامان:
فمقصدُ العامّة: اكتسابُ الأجور، ومقصدُ الخاصّة: القربُ والحضور،
وما بينَ المقامَيْنِ بَوْنٌ بعيد؛
فكم بينَ مَن يأخذُ أجرَه وهو مِن وراءِ حِجاب، وبين مَن يُقَرَّبُ حتّى يكونَ مِن خواصِّ الأحباب!"
ابن جُزَيّ الغَرناطيّ، التّسهيل لعلوم التّنزيل [تفسير {فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ} (البقرة: 152)]
#تفسير
#سلوك
وهي الحضورُ في الحَضْرةِ العَلِيّة، والوصولُ إلى القُربِ الّذي عَبَّرَ عنه ما وَرَدَ في الحديثِ مِن المُجالَسةِ والمَعِيّة؛
فإنّ اللهَ تعالى يقول: (أنا جليسُ مَن ذَكَرَني)، ويقول: (أنا عِندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذَكَرَني)، متّفَق عليه من حديث أبي هريرة. وفي روايةِ البَيْهَقيّ: (وأنا معه حينَ يَذكرُني).
وللنّاس في المقصدِ بالذّكر مقامان:
فمقصدُ العامّة: اكتسابُ الأجور، ومقصدُ الخاصّة: القربُ والحضور،
وما بينَ المقامَيْنِ بَوْنٌ بعيد؛
فكم بينَ مَن يأخذُ أجرَه وهو مِن وراءِ حِجاب، وبين مَن يُقَرَّبُ حتّى يكونَ مِن خواصِّ الأحباب!"
ابن جُزَيّ الغَرناطيّ، التّسهيل لعلوم التّنزيل [تفسير {فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ} (البقرة: 152)]
#تفسير
#سلوك
❤18
"هنالك مَن يَطرقُ البابَ ليُعطَى، ثمّ يَنصرِف،
وهناك مَن يَطرقُ البابَ ليَدخُل؛
ولذلك قال ربُّنا جَلَّ جلالُه: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ}،
ولم يقل: "مِنَ الله"؛ لئلّا تأخذَ وتنصرف، ولكن لِتَقعُدَ ببابِه وتبقَى عندَه؛
فلا تَغفُلَ عن المُنعِم، بل تَراهُ في كلِّ نِعمة،
ويكونَ بَصَرُك إلى يدِ المُعطِي أسبقَ منه إلى العطيّة..
واللهُ يَبسُطُ لك يَمِينَهُ بالعَطاء، إذا بسطتَ يمينَك في بابِه بالدُّعاء!"
شيخُنا أبو المواهبِ الكَتّانيّ، رَوَّحَ اللهُ رُوحَه في علِّيّين!
#كتانيات
#سلوك
وهناك مَن يَطرقُ البابَ ليَدخُل؛
ولذلك قال ربُّنا جَلَّ جلالُه: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ}،
ولم يقل: "مِنَ الله"؛ لئلّا تأخذَ وتنصرف، ولكن لِتَقعُدَ ببابِه وتبقَى عندَه؛
فلا تَغفُلَ عن المُنعِم، بل تَراهُ في كلِّ نِعمة،
ويكونَ بَصَرُك إلى يدِ المُعطِي أسبقَ منه إلى العطيّة..
واللهُ يَبسُطُ لك يَمِينَهُ بالعَطاء، إذا بسطتَ يمينَك في بابِه بالدُّعاء!"
شيخُنا أبو المواهبِ الكَتّانيّ، رَوَّحَ اللهُ رُوحَه في علِّيّين!
#كتانيات
#سلوك
❤18
الإنسان
اختلفَ علماءُ اللِّسان، في اشتقاقِ "الإنسان"؛
فقالت طائفة: اشتُقَّ من "الإيناس"، وهو الإبصار، ومنه قولُه تعالى حكايةً عن سيّدنا موسى عليه السّلامُ: {إنّي آنَسْتُ نَارًا}. وتسميةُ الأناسِينِ بذلك في مقابَلةِ تسمية الجِنّ؛ لاجتنانِهم، أي: استتارِهم.
وقال آخَرون: الإنسانُ من "الأُنس"؛ لأنّه يأنَسُ ببني جِنسِه، ويؤنَسُ كذلك.
وقيل: بل هو من "النِّسيان"، وبه صَرَّحَ القائلُ:
وما سُمِّيَ الإنسانُ إلّا لِنَسْيِهِ
ولا القَلْبُ إلّا أنّهُ يَتقلَّبُ!
وسمعتُ الشّيخَ الرّاحل، الدّكتور محمود توفيق سعد (ومَن رُزِقَ التّوفيقَ والحمد، فقد تمَّ له السَّعد!)، رحمه الله وطيَّب ثراه، يَذكرُ تفسيرًا لطيفًا، جمع فيه بين معنيين، وهو أشبَهُ بطريقةِ أرباب الإشارة، حيث يقول:
"الإنسان هو مَن أنِسَ بالنِّعمة، ونَسِيَ المُنعِم!"
وقد أشار إلى وُروده في التّنزيل العزيز في مواردِ الذّمِّ والتّوبيخ، وإلى إيثار وصف "بني آدم" في مقامات المِنّة والتّكريم، واللهُ سبحانَه أعلَم!
#لغويات
#اشتقاق
#إشارات
اختلفَ علماءُ اللِّسان، في اشتقاقِ "الإنسان"؛
فقالت طائفة: اشتُقَّ من "الإيناس"، وهو الإبصار، ومنه قولُه تعالى حكايةً عن سيّدنا موسى عليه السّلامُ: {إنّي آنَسْتُ نَارًا}. وتسميةُ الأناسِينِ بذلك في مقابَلةِ تسمية الجِنّ؛ لاجتنانِهم، أي: استتارِهم.
وقال آخَرون: الإنسانُ من "الأُنس"؛ لأنّه يأنَسُ ببني جِنسِه، ويؤنَسُ كذلك.
وقيل: بل هو من "النِّسيان"، وبه صَرَّحَ القائلُ:
وما سُمِّيَ الإنسانُ إلّا لِنَسْيِهِ
ولا القَلْبُ إلّا أنّهُ يَتقلَّبُ!
وسمعتُ الشّيخَ الرّاحل، الدّكتور محمود توفيق سعد (ومَن رُزِقَ التّوفيقَ والحمد، فقد تمَّ له السَّعد!)، رحمه الله وطيَّب ثراه، يَذكرُ تفسيرًا لطيفًا، جمع فيه بين معنيين، وهو أشبَهُ بطريقةِ أرباب الإشارة، حيث يقول:
"الإنسان هو مَن أنِسَ بالنِّعمة، ونَسِيَ المُنعِم!"
وقد أشار إلى وُروده في التّنزيل العزيز في مواردِ الذّمِّ والتّوبيخ، وإلى إيثار وصف "بني آدم" في مقامات المِنّة والتّكريم، واللهُ سبحانَه أعلَم!
#لغويات
#اشتقاق
#إشارات
❤13
س: لديّ استفسار حول قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (هود: 13)؛
ما وجهُ التّحدّي بعشر سور تحديدًا، مع كون الآية الواحدة معجزة؟ وما الحكمة في اختيار هذا العدد دون غيره في هذا الموضع؟
ج: القرآنُ تَنزَّلَ في التّحدّي مِن الإتيانِ بمثله، إلى الإتيانِ بعشرِ سُوَرٍ مثلِه، إلى الإتيانِ بسُورة، وإذا عَجَزُوا عن سُورةٍ واحدةٍ فهم عمّا فوقَها أعجَز.
وأمّا الآيةُ الواحدةُ فليست موضوعًا للتّحدّي، وإنّما أقلُّ ذلك: سورةٌ.
وسُورةُ هودٍ، عليه السَّلامُ، هي الحاديةَ عشْرةَ في ترتيبِ المصحفِ الشّريف؛ فقد سبقَها عشرُ سُوَر، وهي الفاتحةُ والسُّوَرُ الطِّوال؛
فلعلّ ذلك هو سرُّ اختصاصِها بذِكر العَشر؛ كأنّه قيل: بعشرِ سُوَرٍ كالسُّوَرِ المتقدِّمة، والله أعلم.
#سؤال_وجواب
ما وجهُ التّحدّي بعشر سور تحديدًا، مع كون الآية الواحدة معجزة؟ وما الحكمة في اختيار هذا العدد دون غيره في هذا الموضع؟
ج: القرآنُ تَنزَّلَ في التّحدّي مِن الإتيانِ بمثله، إلى الإتيانِ بعشرِ سُوَرٍ مثلِه، إلى الإتيانِ بسُورة، وإذا عَجَزُوا عن سُورةٍ واحدةٍ فهم عمّا فوقَها أعجَز.
وأمّا الآيةُ الواحدةُ فليست موضوعًا للتّحدّي، وإنّما أقلُّ ذلك: سورةٌ.
وسُورةُ هودٍ، عليه السَّلامُ، هي الحاديةَ عشْرةَ في ترتيبِ المصحفِ الشّريف؛ فقد سبقَها عشرُ سُوَر، وهي الفاتحةُ والسُّوَرُ الطِّوال؛
فلعلّ ذلك هو سرُّ اختصاصِها بذِكر العَشر؛ كأنّه قيل: بعشرِ سُوَرٍ كالسُّوَرِ المتقدِّمة، والله أعلم.
#سؤال_وجواب
❤6👍1
Forwarded from الكُنَّاشَةُ العَامِرِيَّةُ
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
«قَد يُنزع منكَ شيءٌ فيكون عليك فيضًا!»
انظر كيف ينزع الشيخ دلالة التجريد ليسقطها على الحياة، وهذا معلم من معالم منهجه، رضي الله عنه ورحمه!
انظر كيف ينزع الشيخ دلالة التجريد ليسقطها على الحياة، وهذا معلم من معالم منهجه، رضي الله عنه ورحمه!
❤3😢2
تركُ الاعتدادِ بنقل المخالِفِين
قال العلّامة الشّيخ صالح بن مهديّ المَقْبَليّ:
«ولا يخلو مذهبٌ مِن عدمِ إنصافِ الخَصْم، وإنِ اختلَفوا قِلّةً وكَثرة.
فاتّقِ اللهَ أيُّها النّاظِر، وقَدِّرْ أنّكَ قد وَقَفَكَ بينَ يديه، وسألَكَ عن هذا.
ولا تَغْتَرّ، وخُذ قولَ أهلِ المَذاهِبِ مِن كتبِهم؛ فبِالتّجرِبة أنّهم لا يُنصِفُونَ في النّقل، وأصلُهُ أنّهُ لا يَحتفِلُ بقولِ مَن عَزَمَ على خُصومَتِه، فيَجْهَلُ قولَه، فيَجْهَلُ عليه.
فاللهَ اللهَ، {لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئولًا}.»
«العَلَم الشّامخ في إيثار الحقّ على الآباء والمشايخ» (ص170)
وقال السّيّد محمّد رشيد رضا:
«وقد أحسنَ العلماءُ الّذين قالوا بعدم الاعتدادِ بنقلِ المُخالِف، فما القولُ في نقلِ المُخاصِم المُمارِي، بل الّذي يَجعلُ مُخالِفَه خَصمًا للخالِق! تعالى اللهُ عن ذلك!»
«تفسير المنار» (8/ 43)
#معالم
#إنصاف
قال العلّامة الشّيخ صالح بن مهديّ المَقْبَليّ:
«ولا يخلو مذهبٌ مِن عدمِ إنصافِ الخَصْم، وإنِ اختلَفوا قِلّةً وكَثرة.
فاتّقِ اللهَ أيُّها النّاظِر، وقَدِّرْ أنّكَ قد وَقَفَكَ بينَ يديه، وسألَكَ عن هذا.
ولا تَغْتَرّ، وخُذ قولَ أهلِ المَذاهِبِ مِن كتبِهم؛ فبِالتّجرِبة أنّهم لا يُنصِفُونَ في النّقل، وأصلُهُ أنّهُ لا يَحتفِلُ بقولِ مَن عَزَمَ على خُصومَتِه، فيَجْهَلُ قولَه، فيَجْهَلُ عليه.
فاللهَ اللهَ، {لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئولًا}.»
«العَلَم الشّامخ في إيثار الحقّ على الآباء والمشايخ» (ص170)
وقال السّيّد محمّد رشيد رضا:
«وقد أحسنَ العلماءُ الّذين قالوا بعدم الاعتدادِ بنقلِ المُخالِف، فما القولُ في نقلِ المُخاصِم المُمارِي، بل الّذي يَجعلُ مُخالِفَه خَصمًا للخالِق! تعالى اللهُ عن ذلك!»
«تفسير المنار» (8/ 43)
#معالم
#إنصاف
{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}
"وَمِنْ آيَاتِ الْعِبْرَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ: أَنَّنَا نَجِدُ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَائِنَا هُدًى وَنُورًا، لَوِ اتَّبَعَتْهُ الْأُمَّةُ فِي أَزْمِنَتِهِمْ لَاسْتَقَامَتْ عَلَى الطَّرِيقَةِ، وَوَصَلَتْ إِلَى الْحَقِيقَةِ، بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَضِيقِ الْخِلَافِ وَالشِّقَاقِ، إِلَى بُحْبُوحَةِ الْوَحْدَةِ وَالِاتِّفَاقِ.
وَالسَّبَبُ فِي بَقَاءِ الْغَلَبِ لِسُلْطَانِ الْخِلَافِ وَالنِّزَاعِ:
فُشُوُّ الْجَهْلِ،
وَتَعَصُّبُ أَهْلِ الْجَاهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِمَذَاهِبِهِم، الَّتِي إِلَيْهَا يَنْتَسِبُونَ، وَبِجَاهِهَا يَعِيشُونَ وَيُكْرَمُونَ،
وَتَأْيِيدُ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ لَهُم؛ اسْتِعَانَةً بِهِمْ عَلَى إِخْضَاعِ الْعَامَّةِ، وَقَطْعِ طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ الْعَقْلِيِّ وَالنَّفْسِيِّ عَلَى الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَعْوَنُ لَهُمْ عَلَى الِاسْتِبْدَادِ، وَأَشَدُّ تَمْكِينًا لَهُمْ مِمَّا يَهْوَوْنَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ؛ إِذِ اتِّفَاقُ كَلِمَةِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَاجْتِمَاعُهَا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ كَذَا بِدَلِيلِ كَذَا مُلْزِمٌ لِلْحَاكِمِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْخَوَاصَّ إِذَا اتَّحَدُوا تَبِعَهُمُ الْعَوَامُّ، وَهَذِهِ هِيَ الْوَسِيلَةُ الْفَرْدَةُ لِإِبْطَالِ اسْتِبْدَادِ الْحُكَّامِ. (...)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ {السِّلْمِ} -وَهُوَ الْمُسَالَمَةُ وَالْوِفَاقُ- يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ (أَخْذِ الدِّينِ بِجُمْلَتِهِ)؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِرَفْعِ الشِّقَاقِ وَالتَّنَازُعِ، وَبِالِاعْتِصَامِ بِحَبَلِ الْوَحْدَةِ، وَشَدِّ أَوَاخِي الْإِخَاءِ، وَلَا يَرْتَفِعُ الشَّيْءُ إِلَّا بِرَفْعِ أَسْبَابِهِ، وَلَا يَسْتَقِرُّ إِلَّا بِتَحَقُّقِ وَسَائِلِهِ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا}، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ أَعْنَاقَ بَعْضٍ)، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ.
وَقَدْ خَالَفْنَا كُلَّ هَذِهِ النُّصُوصِ، فَتَفَرَّقْنَا، وَتَنَازَعْنَا، وَشَاقَّ بَعْضُنَا بَعْضًا بِشُبْهَةِ الدِّينِ؛ إِذِ اتَّخَذْنَا مَذَاهِبَ مُتَفَرِّقَةً، كُلُّ فَرِيقٍ يَتَعَصَّبُ لِمَذْهَبٍ، وَيُعَادِي سَائِرَ إِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِهِ، زَاعِمًا أَنَّهُ يَنْصُرُ الدِّينَ، وَهُوَ يَخْذُلُهُ بِتَفْرِيقِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ هَذَا سُنِّيٌّ يُقَاتِلُ شِيعِيًّا، وَهَذَا شِيعِيٌّ يُنَازِلُ إِبَاضِيًّا، وَهَذَا شَافِعِيٌّ يُغْرِي التَّتَارَ بِالْحَنَفِيَّةِ، وَهَذَا حَنَفِيٌّ يَقِيسُ الشَّافِعِيَّةَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ، وَهَؤُلَاءِ مُقَلِّدَةُ الْخَلَفِ يُحَادُّونَ مَنِ اتَّبَعَ طَرِيقَةَ السَّلَفِ، {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ}، أَمْ أُمِرُوا بِهَذَا مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَمِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ!
كَلَّا! بَلْ كَانَ التَّعَادِي وَالتَّنَازُعُ انْحِرَافًا عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَاتِّبَاعًا لِخُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛
فَكَمَا خَالَفَ الْمُفَرِّقُونَ الْمُتَنَازِعُونَ رَبَّهُمْ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ، خَالَفُوا مَا أتْبَعَهُ بِهِ مِنْ هَذَا النَّهْيِ؛ إِذْ قَالَ: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}."
قاله الشّيخ محمّد رشيد رضا في «تفسير المنار» (2/ 205-207).
#معالم
#تفسير
#مهمات
"وَمِنْ آيَاتِ الْعِبْرَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ: أَنَّنَا نَجِدُ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَائِنَا هُدًى وَنُورًا، لَوِ اتَّبَعَتْهُ الْأُمَّةُ فِي أَزْمِنَتِهِمْ لَاسْتَقَامَتْ عَلَى الطَّرِيقَةِ، وَوَصَلَتْ إِلَى الْحَقِيقَةِ، بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَضِيقِ الْخِلَافِ وَالشِّقَاقِ، إِلَى بُحْبُوحَةِ الْوَحْدَةِ وَالِاتِّفَاقِ.
وَالسَّبَبُ فِي بَقَاءِ الْغَلَبِ لِسُلْطَانِ الْخِلَافِ وَالنِّزَاعِ:
فُشُوُّ الْجَهْلِ،
وَتَعَصُّبُ أَهْلِ الْجَاهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِمَذَاهِبِهِم، الَّتِي إِلَيْهَا يَنْتَسِبُونَ، وَبِجَاهِهَا يَعِيشُونَ وَيُكْرَمُونَ،
وَتَأْيِيدُ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ لَهُم؛ اسْتِعَانَةً بِهِمْ عَلَى إِخْضَاعِ الْعَامَّةِ، وَقَطْعِ طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ الْعَقْلِيِّ وَالنَّفْسِيِّ عَلَى الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَعْوَنُ لَهُمْ عَلَى الِاسْتِبْدَادِ، وَأَشَدُّ تَمْكِينًا لَهُمْ مِمَّا يَهْوَوْنَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ؛ إِذِ اتِّفَاقُ كَلِمَةِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَاجْتِمَاعُهَا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ كَذَا بِدَلِيلِ كَذَا مُلْزِمٌ لِلْحَاكِمِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْخَوَاصَّ إِذَا اتَّحَدُوا تَبِعَهُمُ الْعَوَامُّ، وَهَذِهِ هِيَ الْوَسِيلَةُ الْفَرْدَةُ لِإِبْطَالِ اسْتِبْدَادِ الْحُكَّامِ. (...)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ {السِّلْمِ} -وَهُوَ الْمُسَالَمَةُ وَالْوِفَاقُ- يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ (أَخْذِ الدِّينِ بِجُمْلَتِهِ)؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِرَفْعِ الشِّقَاقِ وَالتَّنَازُعِ، وَبِالِاعْتِصَامِ بِحَبَلِ الْوَحْدَةِ، وَشَدِّ أَوَاخِي الْإِخَاءِ، وَلَا يَرْتَفِعُ الشَّيْءُ إِلَّا بِرَفْعِ أَسْبَابِهِ، وَلَا يَسْتَقِرُّ إِلَّا بِتَحَقُّقِ وَسَائِلِهِ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا}، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ أَعْنَاقَ بَعْضٍ)، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ.
وَقَدْ خَالَفْنَا كُلَّ هَذِهِ النُّصُوصِ، فَتَفَرَّقْنَا، وَتَنَازَعْنَا، وَشَاقَّ بَعْضُنَا بَعْضًا بِشُبْهَةِ الدِّينِ؛ إِذِ اتَّخَذْنَا مَذَاهِبَ مُتَفَرِّقَةً، كُلُّ فَرِيقٍ يَتَعَصَّبُ لِمَذْهَبٍ، وَيُعَادِي سَائِرَ إِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِهِ، زَاعِمًا أَنَّهُ يَنْصُرُ الدِّينَ، وَهُوَ يَخْذُلُهُ بِتَفْرِيقِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ هَذَا سُنِّيٌّ يُقَاتِلُ شِيعِيًّا، وَهَذَا شِيعِيٌّ يُنَازِلُ إِبَاضِيًّا، وَهَذَا شَافِعِيٌّ يُغْرِي التَّتَارَ بِالْحَنَفِيَّةِ، وَهَذَا حَنَفِيٌّ يَقِيسُ الشَّافِعِيَّةَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ، وَهَؤُلَاءِ مُقَلِّدَةُ الْخَلَفِ يُحَادُّونَ مَنِ اتَّبَعَ طَرِيقَةَ السَّلَفِ، {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ}، أَمْ أُمِرُوا بِهَذَا مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَمِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ!
كَلَّا! بَلْ كَانَ التَّعَادِي وَالتَّنَازُعُ انْحِرَافًا عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَاتِّبَاعًا لِخُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛
فَكَمَا خَالَفَ الْمُفَرِّقُونَ الْمُتَنَازِعُونَ رَبَّهُمْ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ، خَالَفُوا مَا أتْبَعَهُ بِهِ مِنْ هَذَا النَّهْيِ؛ إِذْ قَالَ: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}."
قاله الشّيخ محمّد رشيد رضا في «تفسير المنار» (2/ 205-207).
#معالم
#تفسير
#مهمات
❤1👍1
طه: طريقُ هُدًى!
أدهشَتْني سورةُ (طه)، بما بُثَّ في طواياها من الدّلالة على عَمُودَيْ طريق الهُدى، وهما: العِلمُ والذِّكر.
فالعِلمُ سبيلُ الخشية، والذِّكرُ سبيلُ التّزكّي، وذلك الهُدى على الحقيقة.
وعلى هذه الأربع -أعني: العِلم والذِّكر، والخشية والهُدى- مَدارُ السّورة الكريمة.
فانظر ترديد ذِكر "العِلم" (الإلهيّ والموهوب) في قوله تعالى: {فإنه يَعلمُ السِّرَّ وأخفى (7)}، {وَسِعَ كلَّ شيء عِلما (98)}، {نحنُ أعلمُ بما يقولون (104)}، {يَعلمُ ما بينَ أيديهم وما خلفَهم ولا يُحيطون به عِلما (110)}، {وقل ربِّ زِدْني عِلما (114)}، ولمْ يأمُرِ اللهُ تعالى نبيَّه -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم- بالاستزادة من شيء سوى العِلم.
وفي "الخشية": {إلا تذكرةً لمَن يَخْشَى (3)}، {لعلّه يَتذكَّرُ أو يَخْشَى (44)}، {لا تَخافُ دَرَكًا ولا تَخْشَى (77)}، {إنّي خشِيتُ (94)}.
وفي "الذِّكر": {ولا تَنِيَا في ذِكْري (42)}، {وقد آتيناك مِن لَدُنّا ذِكْرا (99)}، {أو يُحدِثُ لهم ذِكْرا (113)}، {ومَن أعرضَ عن ذِكْري (124)}.
وإقامةُ ذِكرِ اللهِ تعالى هي المقصدُ مِن عبادته: {وأقِم الصلاةَ لذِكري (14)}، وصُحبةُ الطّريق مَطلبُ الكاملين: {وأشرِكْه في أمري (32) كي نُسبِّحَك كثيرا (33) ونَذْكُرَك كثيرا (34)}.
وفي "الهُدى": {أو أجدُ على النارِ هُدى (10)}، {والسّلامُ على مَن اتّبعَ الهُدى (47)}، {أعطَى كلَّ شيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (50)}، {وأضلَّ فِرعونُ قَوْمَهُ وما هَدَى (79)}، {فتابَ عليهِ وهَدى (122)}، {فمَن اتّبعَ هُدايَ (123)}، {فستَعلمُونَ مَن أصحابُ الصِّراطِ السَّوِيّ ومَن اهتدى (135)}، {وإني لغفّار لمَن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (82)}، وفي هذه الآية إشارةٌ إلى مراتب الدّين الثّلاث، أعني: الإيمان والإسلام والإحسان؛ بمَعُونةِ ما قبلها: {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ... وذلك جزاءُ مَن تزكّى (75 - 76)}.
وثمرةُ هذا كلّه الرِّضا: {وعَجِلتُ إليكَ ربِّ لتَرْضَى (84)}، {ومِن آناءِ اللّيلِ فسَبِّحْ وأطرافَ النّهارِ لعلّك تَرْضَى (130)}.
ثم جاءت سورة الأنبياء مؤكِّدةً -بحديثها عن "الغفلة"- مقصدَ سورة طه، لتؤْذِنَ بأنّ الأنبياء عليهم السّلام إنّما بُعثوا لإيقاظ النّاس مِن غفلتِهم، وإقامة ذِكر الله عزّ وجلّ.
فاللهمّ اجعلنا لك ذَكّارِين، وزِدنا علمًا وخشيةً وهُدى!
#إشارات
#تفسير
#سلوك
أدهشَتْني سورةُ (طه)، بما بُثَّ في طواياها من الدّلالة على عَمُودَيْ طريق الهُدى، وهما: العِلمُ والذِّكر.
فالعِلمُ سبيلُ الخشية، والذِّكرُ سبيلُ التّزكّي، وذلك الهُدى على الحقيقة.
وعلى هذه الأربع -أعني: العِلم والذِّكر، والخشية والهُدى- مَدارُ السّورة الكريمة.
فانظر ترديد ذِكر "العِلم" (الإلهيّ والموهوب) في قوله تعالى: {فإنه يَعلمُ السِّرَّ وأخفى (7)}، {وَسِعَ كلَّ شيء عِلما (98)}، {نحنُ أعلمُ بما يقولون (104)}، {يَعلمُ ما بينَ أيديهم وما خلفَهم ولا يُحيطون به عِلما (110)}، {وقل ربِّ زِدْني عِلما (114)}، ولمْ يأمُرِ اللهُ تعالى نبيَّه -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم- بالاستزادة من شيء سوى العِلم.
وفي "الخشية": {إلا تذكرةً لمَن يَخْشَى (3)}، {لعلّه يَتذكَّرُ أو يَخْشَى (44)}، {لا تَخافُ دَرَكًا ولا تَخْشَى (77)}، {إنّي خشِيتُ (94)}.
وفي "الذِّكر": {ولا تَنِيَا في ذِكْري (42)}، {وقد آتيناك مِن لَدُنّا ذِكْرا (99)}، {أو يُحدِثُ لهم ذِكْرا (113)}، {ومَن أعرضَ عن ذِكْري (124)}.
وإقامةُ ذِكرِ اللهِ تعالى هي المقصدُ مِن عبادته: {وأقِم الصلاةَ لذِكري (14)}، وصُحبةُ الطّريق مَطلبُ الكاملين: {وأشرِكْه في أمري (32) كي نُسبِّحَك كثيرا (33) ونَذْكُرَك كثيرا (34)}.
وفي "الهُدى": {أو أجدُ على النارِ هُدى (10)}، {والسّلامُ على مَن اتّبعَ الهُدى (47)}، {أعطَى كلَّ شيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (50)}، {وأضلَّ فِرعونُ قَوْمَهُ وما هَدَى (79)}، {فتابَ عليهِ وهَدى (122)}، {فمَن اتّبعَ هُدايَ (123)}، {فستَعلمُونَ مَن أصحابُ الصِّراطِ السَّوِيّ ومَن اهتدى (135)}، {وإني لغفّار لمَن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (82)}، وفي هذه الآية إشارةٌ إلى مراتب الدّين الثّلاث، أعني: الإيمان والإسلام والإحسان؛ بمَعُونةِ ما قبلها: {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ... وذلك جزاءُ مَن تزكّى (75 - 76)}.
وثمرةُ هذا كلّه الرِّضا: {وعَجِلتُ إليكَ ربِّ لتَرْضَى (84)}، {ومِن آناءِ اللّيلِ فسَبِّحْ وأطرافَ النّهارِ لعلّك تَرْضَى (130)}.
ثم جاءت سورة الأنبياء مؤكِّدةً -بحديثها عن "الغفلة"- مقصدَ سورة طه، لتؤْذِنَ بأنّ الأنبياء عليهم السّلام إنّما بُعثوا لإيقاظ النّاس مِن غفلتِهم، وإقامة ذِكر الله عزّ وجلّ.
فاللهمّ اجعلنا لك ذَكّارِين، وزِدنا علمًا وخشيةً وهُدى!
#إشارات
#تفسير
#سلوك
❤9
اللهم ارحم عبدك أبا إسحاق، وأجرِ عليه من إحسانك وبرّك كِفاءَ تعظيمه لك، ومحبّته لرسولك، ودعوته إلى دينك، واهتمامه لعبادك، وقصده الخير، واغفر لنا وله ولسائر المسلمين، آمين.
❤12👍1
الفُتُوّة
قال الشّيخ أبو العبّاس المرسيّ، رحمه الله ورضي عنه:
"تَدري ما الفُتُوَّة؟
ليست الفُتُوَّةُ الماءَ والمِلح [يعني: النّضارةَ والمَلاحة]، إنّما الفُتُوَّةُ الإيمانُ والهداية، قال اللهُ سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: 13].
والفتَى كما قال اللهُ تعالى عن إبراهيم عليه السّلام: {قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: 60]؛ فسمِّي فتًى لأنّه كسر الأصنام، فمَن كسر الأصنامَ فهو الفتى.
الخليلُ عليه السّلامُ وجد أصنامًا حسيَّةً فكسرها، وأنت لك أصنامٌ معنويّةٌ، فإن كسرتَها كنتَ فتًى!
ولك أصنامٌ خمسةٌ: النّفس، والهوى، والشّيطان، والشّهوة، والدّنيا؛ فإن كسرتَها فأنتَ الفتى!"
حكاه الشّيخ ابن عطاء الله في (لطائف المِنن).
#سلوك
#إرشاد
قال الشّيخ أبو العبّاس المرسيّ، رحمه الله ورضي عنه:
"تَدري ما الفُتُوَّة؟
ليست الفُتُوَّةُ الماءَ والمِلح [يعني: النّضارةَ والمَلاحة]، إنّما الفُتُوَّةُ الإيمانُ والهداية، قال اللهُ سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: 13].
والفتَى كما قال اللهُ تعالى عن إبراهيم عليه السّلام: {قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: 60]؛ فسمِّي فتًى لأنّه كسر الأصنام، فمَن كسر الأصنامَ فهو الفتى.
الخليلُ عليه السّلامُ وجد أصنامًا حسيَّةً فكسرها، وأنت لك أصنامٌ معنويّةٌ، فإن كسرتَها كنتَ فتًى!
ولك أصنامٌ خمسةٌ: النّفس، والهوى، والشّيطان، والشّهوة، والدّنيا؛ فإن كسرتَها فأنتَ الفتى!"
حكاه الشّيخ ابن عطاء الله في (لطائف المِنن).
#سلوك
#إرشاد
❤2
مِن ذكريات البدايات!
عرَفتُ الشّيخَ أبا إسحاق قديمًا، وتعلّقتُ بأحاديثِه في أيّام العُنفوان، حتّى شدَدتُّ الرَّحلَ إلى درسِه، في مسجد البخاريّ بطنطا، ومسجد ابن تيميّة بكفر الشّيخ، وذلك منذ نحو عشرينَ سنة.
ولقد رأيتُنا نَخرجُ قبل موعد الدّرس بساعات؛ لنُدرِكَ موضعًا بين الجَمّ الغفير الّذي كان يَسُدُّ الطّريقَ الموصِلةَ إلى المسجد، في زحامٍ شديد يَعجِزُ معه بعضُ الحاضرين عن السُّجود على الأرض، فيَسجدُ على ظهرِ أخيهِ أو قَدَمِه!
كذلك كانت الحال؛ لشُهرةِ دعاةِ السّلفيّةِ آنذاك، وانتشارِ أشرطتِهم بينَ الشّباب، مع ما كان يَمتازُ به الشّيخ، رحمه الله، مِن فصاحةِ مَنطِق، وحلاوةِ حديث، وكِياسةٍ وظَرف، ورِقّةٍ ولُطف، وحميّةٍ للدّين، وجرأةٍ في الجهر بما يَعتقد.
ثمّ قَضَى اللهُ لنا، فعُلِّمْنا ما لم نكن نَعلم، ورأينا مِن أهل الفضل مَن رأينا، وتَقَلّدنا مِن المذاهبِ ما تقلّدنا، وللشّيخ عندَنا فضائلُه الّتي لا تُنْكَر، ومَحاسِنُه الّتي لا تَبْلَى، وأجلُّها شدّةُ المحبّة والتّعظيم، للجَنابِ النّبويِّ الكريم.
فاللّهُمَّ بما علمتَ مِن طَوِيّةِ عبدِك، ورجائِه في سَعةِ فضلِك، حقِّق له رجاءَه، ووفِّر يومَ اللّقاء جزاءَه، واجعلْ صالحَ عملِه له شفيعًا، ونُصحَه لمَن وراءَه مسموعًا، آمين آمين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
#ذكرى
عرَفتُ الشّيخَ أبا إسحاق قديمًا، وتعلّقتُ بأحاديثِه في أيّام العُنفوان، حتّى شدَدتُّ الرَّحلَ إلى درسِه، في مسجد البخاريّ بطنطا، ومسجد ابن تيميّة بكفر الشّيخ، وذلك منذ نحو عشرينَ سنة.
ولقد رأيتُنا نَخرجُ قبل موعد الدّرس بساعات؛ لنُدرِكَ موضعًا بين الجَمّ الغفير الّذي كان يَسُدُّ الطّريقَ الموصِلةَ إلى المسجد، في زحامٍ شديد يَعجِزُ معه بعضُ الحاضرين عن السُّجود على الأرض، فيَسجدُ على ظهرِ أخيهِ أو قَدَمِه!
كذلك كانت الحال؛ لشُهرةِ دعاةِ السّلفيّةِ آنذاك، وانتشارِ أشرطتِهم بينَ الشّباب، مع ما كان يَمتازُ به الشّيخ، رحمه الله، مِن فصاحةِ مَنطِق، وحلاوةِ حديث، وكِياسةٍ وظَرف، ورِقّةٍ ولُطف، وحميّةٍ للدّين، وجرأةٍ في الجهر بما يَعتقد.
ثمّ قَضَى اللهُ لنا، فعُلِّمْنا ما لم نكن نَعلم، ورأينا مِن أهل الفضل مَن رأينا، وتَقَلّدنا مِن المذاهبِ ما تقلّدنا، وللشّيخ عندَنا فضائلُه الّتي لا تُنْكَر، ومَحاسِنُه الّتي لا تَبْلَى، وأجلُّها شدّةُ المحبّة والتّعظيم، للجَنابِ النّبويِّ الكريم.
فاللّهُمَّ بما علمتَ مِن طَوِيّةِ عبدِك، ورجائِه في سَعةِ فضلِك، حقِّق له رجاءَه، ووفِّر يومَ اللّقاء جزاءَه، واجعلْ صالحَ عملِه له شفيعًا، ونُصحَه لمَن وراءَه مسموعًا، آمين آمين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
#ذكرى
❤23😢2
❤11
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (الشُّعَراء: 227)
"خَتَمَ السُّورةَ بآيةٍ ناطقةٍ بما لا شيءَ أهيَبُ منه وأهوَل، ولا أنكى لقلوبِ المتأمِّلين، ولا أصدَعُ لأكبادِ المتدبِّرِين،
وذلك قولُه: {وسيَعلمُ} وما فيه من الوعيد البليغ، وقولُه: {الّذين ظلموا} وإطلاقُه، وقولُه: {أيَّ منقلب ينقلبون} وإبهامُه.
وقد تلاها أبو بكرٍ لعُمَرَ -رضي الله عنهما- حين عَهِدَ إليه، وكان السّلفُ الصّالحُ يَتواعَظون بها، ويَتناذَرون شِدّتَها. ...
ولأنْ تَخافَ فتَبلُغَ الأمنَ، خيرٌ مِن أنْ تأمنَ فتَبلُغَ الخوفَ!"
جار الله، الكشّاف.
#تفسير
"خَتَمَ السُّورةَ بآيةٍ ناطقةٍ بما لا شيءَ أهيَبُ منه وأهوَل، ولا أنكى لقلوبِ المتأمِّلين، ولا أصدَعُ لأكبادِ المتدبِّرِين،
وذلك قولُه: {وسيَعلمُ} وما فيه من الوعيد البليغ، وقولُه: {الّذين ظلموا} وإطلاقُه، وقولُه: {أيَّ منقلب ينقلبون} وإبهامُه.
وقد تلاها أبو بكرٍ لعُمَرَ -رضي الله عنهما- حين عَهِدَ إليه، وكان السّلفُ الصّالحُ يَتواعَظون بها، ويَتناذَرون شِدّتَها. ...
ولأنْ تَخافَ فتَبلُغَ الأمنَ، خيرٌ مِن أنْ تأمنَ فتَبلُغَ الخوفَ!"
جار الله، الكشّاف.
#تفسير
❤3😢3
❤15🕊8😢2
"كَفَى مِنْ جَزَائِهِ إِيَّاكَ عَلَى الطَّاعَةِ: أَنْ رَضِيَكَ لَهَا أَهْلًا.
وكَفَى الْعَامِلِينَ جَزَاءً: مَا هُوَ فَاتِحُهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فِي طَاعَتِهِ، وَمَا هُوَ مُورِدُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُودِ مُؤانَسَتِهِ."
حكمة عَطائيّة
قال الشّيخ ابنُ عَجيبة:
"لأنّ المَلِك لا يدعو لخدمتِه إلّا مَن يريدُ أن يُكرِمَه، ولا يُدخل لحضرته إلّا مَن يريد أن يُعَظِّمَه، ولا يَنسُبُ له إلّا أهلَ الفضل والتّكرِمة؛
قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النّور: 21].
فالتّوفيق لها أعظمُ مِنّة، وأكبر جزاء على وجودها؛ لأنّها تحقّق للعبد ثلاثًا:
أوّلها: تصحيح النّسبة لمولاه بوجه ما.
الثّاني: وجود الإقبال عليه بصورة ما.
الثّالث: إقامة رسم العبوديّة في الجملة، والله أعلم.
قاله الشّيخ زَرُّوق رضي الله تعالى عنه.
ومنها ما يَرِدُ على قلبه حالَ عملِها من المؤانَسة به، والقُربِ له، وهو الّذي ذكره بقوله: (كَفَى الْعَامِلِينَ جَزَاءً: مَا هُوَ فَاتِحُهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فِي طَاعَتِهِ). ...
وقال الشّيخ زَرُّوق رضي الله تعالى عنه: ما يجده في حالة الطّاعة ثلاث:
أوّلها: وجود الأنس به فيها بروح إقباله، ومنه ما يقع من الرّقّة والخشوع.
الثّاني: وجود التملُّق بين يديه، وله حلاوة يَنسى بها كلَّ شيء.
الثّالث: حصول الفهم والفوائد العلميّة والإلهامات اللَّدُنّيّة الّتي بها يترك كل شيء. ...
ومنها ما يجده من الثّمرات بعد عملها، وهو الّذي أشار إليه بقوله: (وَمَا هُوَ مُورِدُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُودِ مُؤانَسَتِهِ)."
#سلوك
#عرفانيات
وكَفَى الْعَامِلِينَ جَزَاءً: مَا هُوَ فَاتِحُهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فِي طَاعَتِهِ، وَمَا هُوَ مُورِدُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُودِ مُؤانَسَتِهِ."
حكمة عَطائيّة
قال الشّيخ ابنُ عَجيبة:
"لأنّ المَلِك لا يدعو لخدمتِه إلّا مَن يريدُ أن يُكرِمَه، ولا يُدخل لحضرته إلّا مَن يريد أن يُعَظِّمَه، ولا يَنسُبُ له إلّا أهلَ الفضل والتّكرِمة؛
قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النّور: 21].
فالتّوفيق لها أعظمُ مِنّة، وأكبر جزاء على وجودها؛ لأنّها تحقّق للعبد ثلاثًا:
أوّلها: تصحيح النّسبة لمولاه بوجه ما.
الثّاني: وجود الإقبال عليه بصورة ما.
الثّالث: إقامة رسم العبوديّة في الجملة، والله أعلم.
قاله الشّيخ زَرُّوق رضي الله تعالى عنه.
ومنها ما يَرِدُ على قلبه حالَ عملِها من المؤانَسة به، والقُربِ له، وهو الّذي ذكره بقوله: (كَفَى الْعَامِلِينَ جَزَاءً: مَا هُوَ فَاتِحُهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فِي طَاعَتِهِ). ...
وقال الشّيخ زَرُّوق رضي الله تعالى عنه: ما يجده في حالة الطّاعة ثلاث:
أوّلها: وجود الأنس به فيها بروح إقباله، ومنه ما يقع من الرّقّة والخشوع.
الثّاني: وجود التملُّق بين يديه، وله حلاوة يَنسى بها كلَّ شيء.
الثّالث: حصول الفهم والفوائد العلميّة والإلهامات اللَّدُنّيّة الّتي بها يترك كل شيء. ...
ومنها ما يجده من الثّمرات بعد عملها، وهو الّذي أشار إليه بقوله: (وَمَا هُوَ مُورِدُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُودِ مُؤانَسَتِهِ)."
#سلوك
#عرفانيات
❤7