رُكن الفوائد

الحمدلله والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده وبعد
هل الجماعة شرط لصحة الصلاة المكتوبة عند الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى ؟
الجواب :
أما شيخ الإسلام رحمه الله فقد صرّح بذلك في مجموع الفتاوى فقال (والجماعة شرط للصلاة المكتوبة وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختارها ابن أبي موسى، وأبو الوفاء بن عقيل، ولو لم يمكنه الذهاب إلا بمشيه في ملك غيره فعل، فإذا صلى وحده لغير عذر لم تصح صلاته)ا هـ .
وأما الإمام أحمد فهي شرط في إحدى الروايتين عنه قال المرداوي في الإنصاف "وعنه (يعني : الإمام أحمد)أن الجماعة شرط لصحة الصلاة ذكرها القاضي وابن الزاغوني في الواضح والإقناع ، وهي من المفردات، واختارها ابن أبي موسى وابن عقيل والشيخ تقي الدين. فلو صلى وحده من غير عذر : لم تصح"
والرواية الأخرى عنه أنها (فرض) ذكر ذلك ابن القيم في كتاب الصلاة فقال ( أنها فرض يأثم تاركها وتبرأ ذمته بصلاته وحده وهذا قول أكثر المتأخرين من اصحاب أحمد ونص عليه أحمد في رواية حنبل فقال إجابة الداعي إلى الصلاة فرض ) .
فائدة لابد منها :
الإمام أحمد وشيخ الإسلام رحمهما الله يُفرقان بين مطلق الجماعة وبين جماعة المسجد بمعنى أنهما يقصدان مطلق الجماعة لا خصوص الجماعة في المسجد .
فيسقط عندهما الحكم بما يطلق عليه اسم الجماعة ولو كانت جماعة الرجل
مع أهل بيته .
إلا أنهما اختلفا في حضور صلاة الجماعة في المسجد فشيخ الإسلام يذهب إلى أنها فرض عين فقال رحمه الله في مجموع الفتاوى (ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ لا يتخلَّفُ عنه إلا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ، وعلاماتُ النفاقِ لا تكونُ بتركِ مُستحبٍ ولا بفعلِ مكروه)
وبهذا يُجمع بين كلام شيخ الإسلام فما ذكر فيه أن الجماعة شرط فهو لمطلق الجماعة وما ذكر أن الجماعة فرض عين فتكون خاصة بجماعة المسجد .
وأما الإمام أحمد رحمه الله فيرى سُنيّة الجماعة في المسجد وهو المذهب الشخصي له .
فروى ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل عن صالح بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حضرت عند إبراهيم بن أبي الليث وحضر علي بن المديني وعباس العنبري وجماعة كثيرة فنودي بصلاة الظهر فقال علي بن المديني: نخرج إلى المسجد أو نصلي ههنا؟ فقال أحمد: نحن جماعة نصلي ههنا، فصلوا)
فالإمام أحمد رحمه الله أفتاهم بالصلاة جماعة في البيت مع سماعهم الأذان وهم بجوار المسجد مما يدل على استحباب جماعة المسجد والأكيد أن الإمام أحمد رحمه الله رأى مصلحة في الجلوس لمُدارسة العلم فقدمها على حضور
جماعة المسجد .
وكُتب الأصحاب على هذا
قال ابن قدامة في المغني (ويجوز فِعلُها في البيت والصَّحراء..)
وقال ابن مفلح في الفروع " وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ : سُنَّةٌ "ا . هـ
وقال المرداوي في الإنصاف :
(الصحيح من المذهب أن فعلها في المسجد سنة ..)
وقال صاحب الزاد ((وله فعلها) أي الجماعة (في بيته)
قلتُ : وهذا عندهم مبني على ماثبت من أخبار كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت صلَّى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في بيته وهو شاكٍ (أي مريض) فصلَّى جالسًا، وصلَّى وراءه قومٌ قِيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا) .
قال ابن رجب في فوائد هذا الحديث وفيه : أن المريض يصلي بمن دخل عليه للعيادة جماعة لتحصيل فضل الجماعة وقد يستدل بذلك على أن شهود المسجد للجماعة غير واجب على الأعيان كما هو رواية عن أحمد ؛ فإنه لم يأمرهم بإعادة صلاتهم في المسجد , بل اكتفى منهم بصلاتهم معه في مشربته . انتهى .
قلتُ : فلو كانت الجماعة واجبة في المسجد لأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب للمسجد لأنهم غير معذورين فعُلم من هذا أن الواجب مطلق الجماعة لاخصوص الجماعة في المسجد )
وأيضاً ماجاء في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كان النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وكانَ لي أخٌ يُقَالُ له: أبو عُمَيْرٍ -قالَ: أحْسِبُهُ- فَطِيمًا، وكانَ إذَا جَاءَ قالَ: يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ به، فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلَاةَ وهو في بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بالبِسَاطِ الذي تَحْتَهُ فيُكْنَسُ ويُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ ونَقُومُ خَلْفَهُ، فيُصَلِّي بنا )
وهذا صريح أيضاً في صلاته ﷺ جماعة في بيت أنس رضي الله عنه الصلاة المكتوبة .
فهذه الأحاديث تُفيد صحَّة وجواز الجماعة في غير المسجد سواء أكان ذلك في البيت أم في الصَّحراء أم في السوق وسواء أكان الذي يصلِّي مع الإمام رجلاً أم امرأة فقد انعقدت الجماعة وحصل فضلها ولأنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال في الرجل الذي فاتته الجماعة: ( ألا رجُلٌ يتصدَّقُ على هذا فيصلِّيَ معَهُ) صححه الألباني
ولحديث (وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا) رواه البخاري ومسلم

❤16🥰3💔2

www.group-telegram.com/us/SalahALAJLAN.com/982

3.12K viewsأبو محمد, Jun 14, 2023 at 13:06

الحمدلله والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده وبعد
هل الجماعة شرط لصحة الصلاة المكتوبة عند الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى ؟
الجواب :
أما شيخ الإسلام رحمه الله فقد صرّح بذلك في مجموع الفتاوى فقال (والجماعة شرط للصلاة المكتوبة وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختارها ابن أبي موسى، وأبو الوفاء بن عقيل، ولو لم يمكنه الذهاب إلا بمشيه في ملك غيره فعل، فإذا صلى وحده لغير عذر لم تصح صلاته)ا هـ .
وأما الإمام أحمد فهي شرط في إحدى الروايتين عنه قال المرداوي في الإنصاف "وعنه (يعني : الإمام أحمد)أن الجماعة شرط لصحة الصلاة ذكرها القاضي وابن الزاغوني في الواضح والإقناع ، وهي من المفردات، واختارها ابن أبي موسى وابن عقيل والشيخ تقي الدين. فلو صلى وحده من غير عذر : لم تصح"
والرواية الأخرى عنه أنها (فرض) ذكر ذلك ابن القيم في كتاب الصلاة فقال ( أنها فرض يأثم تاركها وتبرأ ذمته بصلاته وحده وهذا قول أكثر المتأخرين من اصحاب أحمد ونص عليه أحمد في رواية حنبل فقال إجابة الداعي إلى الصلاة فرض ) .
فائدة لابد منها :
الإمام أحمد وشيخ الإسلام رحمهما الله يُفرقان بين مطلق الجماعة وبين جماعة المسجد بمعنى أنهما يقصدان مطلق الجماعة لا خصوص الجماعة في المسجد .
فيسقط عندهما الحكم بما يطلق عليه اسم الجماعة ولو كانت جماعة الرجل
مع أهل بيته .
إلا أنهما اختلفا في حضور صلاة الجماعة في المسجد فشيخ الإسلام يذهب إلى أنها فرض عين فقال رحمه الله في مجموع الفتاوى (ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ لا يتخلَّفُ عنه إلا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ، وعلاماتُ النفاقِ لا تكونُ بتركِ مُستحبٍ ولا بفعلِ مكروه)
وبهذا يُجمع بين كلام شيخ الإسلام فما ذكر فيه أن الجماعة شرط فهو لمطلق الجماعة وما ذكر أن الجماعة فرض عين فتكون خاصة بجماعة المسجد .
وأما الإمام أحمد رحمه الله فيرى سُنيّة الجماعة في المسجد وهو المذهب الشخصي له .
فروى ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل عن صالح بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حضرت عند إبراهيم بن أبي الليث وحضر علي بن المديني وعباس العنبري وجماعة كثيرة فنودي بصلاة الظهر فقال علي بن المديني: نخرج إلى المسجد أو نصلي ههنا؟ فقال أحمد: نحن جماعة نصلي ههنا، فصلوا)
فالإمام أحمد رحمه الله أفتاهم بالصلاة جماعة في البيت مع سماعهم الأذان وهم بجوار المسجد مما يدل على استحباب جماعة المسجد والأكيد أن الإمام أحمد رحمه الله رأى مصلحة في الجلوس لمُدارسة العلم فقدمها على حضور
جماعة المسجد .
وكُتب الأصحاب على هذا
قال ابن قدامة في المغني (ويجوز فِعلُها في البيت والصَّحراء..)
وقال ابن مفلح في الفروع " وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ : سُنَّةٌ "ا . هـ
وقال المرداوي في الإنصاف :
(الصحيح من المذهب أن فعلها في المسجد سنة ..)
وقال صاحب الزاد ((وله فعلها) أي الجماعة (في بيته)
قلتُ : وهذا عندهم مبني على ماثبت من أخبار كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت صلَّى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في بيته وهو شاكٍ (أي مريض) فصلَّى جالسًا، وصلَّى وراءه قومٌ قِيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا) .
قال ابن رجب في فوائد هذا الحديث وفيه : أن المريض يصلي بمن دخل عليه للعيادة جماعة لتحصيل فضل الجماعة وقد يستدل بذلك على أن شهود المسجد للجماعة غير واجب على الأعيان كما هو رواية عن أحمد ؛ فإنه لم يأمرهم بإعادة صلاتهم في المسجد , بل اكتفى منهم بصلاتهم معه في مشربته . انتهى .
قلتُ : فلو كانت الجماعة واجبة في المسجد لأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب للمسجد لأنهم غير معذورين فعُلم من هذا أن الواجب مطلق الجماعة لاخصوص الجماعة في المسجد )
وأيضاً ماجاء في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كان النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وكانَ لي أخٌ يُقَالُ له: أبو عُمَيْرٍ -قالَ: أحْسِبُهُ- فَطِيمًا، وكانَ إذَا جَاءَ قالَ: يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ به، فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلَاةَ وهو في بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بالبِسَاطِ الذي تَحْتَهُ فيُكْنَسُ ويُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ ونَقُومُ خَلْفَهُ، فيُصَلِّي بنا )
وهذا صريح أيضاً في صلاته ﷺ جماعة في بيت أنس رضي الله عنه الصلاة المكتوبة .
فهذه الأحاديث تُفيد صحَّة وجواز الجماعة في غير المسجد سواء أكان ذلك في البيت أم في الصَّحراء أم في السوق وسواء أكان الذي يصلِّي مع الإمام رجلاً أم امرأة فقد انعقدت الجماعة وحصل فضلها ولأنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال في الرجل الذي فاتته الجماعة: ( ألا رجُلٌ يتصدَّقُ على هذا فيصلِّيَ معَهُ) صححه الألباني
ولحديث (وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا) رواه البخاري ومسلم

BY رُكن الفوائد