group-telegram.com/adambno78/5480
Last Update:
جواب إشكال عن قبح قتل الأطفال عقلا..
قال بعض الملاحدة: قتل الأطفال إما أن يقبح لذاته أو لعارض، فإن قلتم لذاته لزمكم قبح الإماتة من الباري، وإن قلتم لعارض فما ذاك العارض الموجب للقبح؟
والجواب عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: فنلزم الخصم بمثل حجته، فنقول: قتل الحي من حيث هو إما قبيح لذاته أو لعارض. فإن زعمتم أنه قبيح لذاته لزمكم قبح قتل الحشرات والبهائم. وإن قلتم لعارض، فما ذاك العارض الذي يختص ببني آدم دون سائر الخلق؟ فإن التزم قبح قتل الدواب ألزمناه التسوية بين الأحياء كلها، وما من عاقل يلتزم ذلك.
الوجه الثاني - وهو الجواب الحق: اعلم أن النظر في حقيقة الموت يتباين بين أهل الإيمان وأهل الإلحاد تباينا عظيما، إذ هو متعلق بالنظر في المسائل الكبرى: من أين جئنا؟ ولم خلقنا؟ وإلى أين المصير؟ وبتغاير هذه التصورات تتغاير الأحكام.
فالقتل عند أهل الإيمان: نقل الروح من الدنيا إلى الآخرة. وأما عند الملاحدة: فما هو إلا إيقاف للعمليات الحيوية في الجسد. ولا ريب أن استحقاق البقاء يختلف بحسب التصور. فمن يعتقد في تصوره الميتافيزيقي: أن البشر ملعونون لذنوب سالفة، فله أن يسلبهم الحياة وفق معتقده!
والمقصود: أنا - معاشر المسلمين - نقر أن القتل ضربان: قتل بحق وهو محمود، وقتل بباطل وهو مذموم. ومرد ذلك إلى استحقاق المقتول للبقاء. ومنشأ الاستحقاق رجحان المصلحة في بقائه، أي تحقيق الغاية من الوجود وهي طاعة المعبود. ولذا كان قتل الأنبياء أشنع الجرائم لعظم المصلحة في بقائهم. وأما استحقاق الفناء فمنشؤه رجحان المفسدة من البقاء، والقتل حينئذ محمود بلا شك.
فإذا علمت هذا = علمت وجه قبح قتل الصبيان، فإن الصبي: بريء لم يأتي ذنبا يستحق به العقوبة، ضعيف لا يملك الدفاع عن نفسه، مجهول المآل قد يكون صالحا أو عالما أو نافعا، وموضع الرحمة الفطرية في القلوب السليمة. فقتله يجمع:
- الظلم لعدم الاستحقاق، فلم يأت ما يستوجب به الفناء، فقتله ظلم ووضع للشيء في غير موضعه، بل تعدٍّ من المخلوق على ما لا يملك فعله أصلا، وإنما هو تصرف في ملك الغير كالقول في السرقة.
- ومخالفة الفطرة المجبولة على الرأفة بالصغار والحنو عليهم، فالداعي إلى قتلهم لا يتصور أن يكون حسنا؛ وإنما يكون قبيحا كالخوف من الفقر ونحوه.
وأما إماتة الباري لخلقه فلا قبح فيها أصلا، إذ هو الواهب للحياة ابتداء من غير استحقاق من الحي، بل محض فضل وإحسان. ورفع الفضل ليس بقبيح في موازين العقول. وهذا كخلق الناس متفاضلين في الحسن والغنى، فنقص حظ الأدنى ليس ظلما له، على حكمة بالغة في التفاضل الحاصل.
فالباري جل وعلا هو المنشئ للحياة من العدم، والممد لها في كل لحظة، والعالم بالمصالح والمفاسد، والحكيم الذي لا يفعل إلا لحكمة بالغة، فإنه سبحانه إن سلب حياة طفل لم يكن إلا لحكمة مشروطة بها. وأما البشر: فليسوا منشئين للحياة، ولا مالكين لها حقيقة، ولا عالمين بالعواقب من فعلهم، ولا دواعي حسنة لهم من فعلهم. فكيف يقاس تصرف المخلوق الجاهل العاجز على تصرف الخالق العليم القدير؟
BY آدَم بْن مُحَمَّد المَالِكِي | أبُو أُسَامَة
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/adambno78/5480