Telegram Group & Telegram Channel
القدر المشترك

آمن أهل الإسلام بأن الله عز وجل عالم قادر مريد حي سميع بصير متكلم خالق محيٍ مميت رازق...
فهل هم يعرفون معنى كونه تعالى عالما قادرا رازقا...؟
نعم، ومدلولات هذه الألفاظ مفهومة لغة، فهي تستعمل في وصف الخلق كذلك...
فهل هنا اشتراك معنوي؟
نعم، لكن لا بد من الانتباه إلى أن هذا الاشتراك ليس في معنى (ماهية) الصفة، بل هو اشتراك معنوي في لازم ثبوت الصفة.
وثبوت الاشتراك في اللازم لا يستلزم الاشتراك في الملزوم، كما أن الحديدة ((بحسب الحكم العادي)) تسخن بوضعها في النار، وتسخن بوضعها تحت ضوء الشمس مباشرة، فتسخين النار لازم من النار ولازم من ضوء الشمس مع اختلافهما (١).
فالله عز وجل متصف بمعنى فلنسمِّه (س) له حقيقة مختلفة تماما عن معنى يتصف به العبد، ولنسمِّه (ص). لكن مع الاختلاف بينهما إلا أنه يلزم من (س) كون المعلوم منكشفا لله تعالى، ويلزم من (ص) كون المعلوم منكشفا للعبد.
ولا يلزم في إدراكنا لكون المعلوم منكشفا لله تعالى أن نكون عالمين بمعنى ((ماهية)) صفة العلم لله عز وجل.
وكذلك في باقي الصفات...

ولفهم مبدأ ذلك يلزمنا النظر في طريقة استدلالنا على إثبات الصفات لله تعالى بالطريق العقلي...

فنحن نشاهد ما في العالم، ثم ننتقل من حيثيات مختلفة فيه (تركبه، صورته، تغيره...) فنقول إنه ممكن في نفسه محتاج إلى سبب...
ثم بالعلم ببطلان الدور والتسلسل نعلم أنه راجع إلى موجود واجب الوجود.
ومن حيث إنه لا يكون معلولا للواجب فنعلم أنه صادر عن الواجب على سبيل الصحة لا الإيجاب، فلا بد أن يكون للواجب حيثية ما ليست عين الذات المقدس لثبوتها للواجب كان مؤثرا هذا التأثير... وهذه الحيثية الثابتة معنى له تعالى نسميها صفة القدرة.
ومن حيث إن هذا المحتاج موجود مع إمكان عدم وجوده ومع إمكان حصوله على غير ما هو عليه من اختصاص بتركيب معين وصورة معينة وتغيرات معينة... فلا بد من مرجح... ومع بطلان الدور والتسلسل فلا بد من أن يكون الترجيح راجعا إلى الموجود الواجب، وليس من حيث نفس الذات المقدس لأن كل الممكنات وجميع صورها على السواء بالنسبة إلى الذات المقدس. فلا بد من حيثية ثابتة للواجب لثبوتها له كان الترجيح راجعا إليه هو... وهذه الحيثية معنى نسميه صفة الإرادة.
ولكون الترجيح مشروطا بانكشاف إمكان المرجَّح ثبت أن هناك ما هو منكشف للواجب، فأثبتنا حيثية لثبوتها للواجب كان ذلك منكشفا له تعالى... وهذه الحيثية معنى نسميه صفة العلم.

فهنا نلاحظ أن تصورنا لما هو صفة لله تعالى إنما يكون بالانتقال من الآثار واللوازم... (٢).
وهذا ما يكفينا، ولسنا بحاجة إلى إدراك معنى الصفة لإدراكه...
وهذا كما أننا لا نحتاج إلى إدراك معنى قدرة العبد وعلم العبد وإرادة العبد وحياة العبد في إدراك معنى كون العبد قادرا مريدا عالما حيا...
فإذا سألتك: ما هي إرادة العبد؟ الاختيار؟ ما هو؟ ميل القلب؟ ما هو؟ فنكتفي في تعريفه بأنه كيفية نفسانية مثلا، ولا نقدر على معرفته في نفسه.
وكذا جرب أن تسائل نفسك في تعريف ماهية الحياة التي تتصف بها، ولن تقدر على ذلك... فقط ستعبر عنها بلوازمها (٣).
ولئن بحثت في تعريف صفة العلم فستجد اختلافا كبيرا بين العلماء، وهذا الاختلاف الكبير يدل على خفائه في نفسه (٤).

ولذلك كانت تعريفات علمائنا لصفات المعاني تعريفات رسمية بلوازمها... فالقدرة صفة يكون للمتصف بها التأثير على سبيل الصحة... وعلى هذا فإن الله تعالى قادر بمعنى أنه مؤثر على سبيل الصحة...
والعلم صفة يكون للمتصف بها الانكشاف.
والإرادة صفة يكون للمتصف بها الترجيح.
وهكذا في باقي صفات المعاني...

فيتحصّل من هذا أمر مهم وهو أن هاهنا اشتراكا معنويا في لازم الصفة، وهو ليس عين حقيقتها ولا جزأه، فالاشتراك في عارض لا في ذاتي للصفات...

...............

إذا ما فهم هذا سقط ما يورده بعض التيمية (بسبب فرط جهلهم) من أن إثبات القدر المشترك بين صفات الإله عز وجل وصفات الخلق واجب وإلا لما فهمنا معنى كون الله سبحانه وتعالى عالما قادرا مريدا.

وبهذا يسقط اعتراضهم على قول أهل الحق رضي الله عنهم بأن الله تعالى لا يتصف بأي معنى من معاني العبيد (في الصفات الموجودة).

ااااااااااااااااااااااااااااااا

وكنت قد وقفت على منشور لأخي سامي السميري وفقه الله يقول فيه إن الأشعرية رضي الله عنهم يقولون بالاشتراك المعنوي في الصفات، وأرى أن ذلك من عدم انتباهه لكونهم يقولون بالاختلاف في معاني الصفات وإن كان الاشتراك في لوازمها...

ووجدت أنه قد استدل بأمور...

الأول: أن الوجود مشترك معنوي.

فأقول: الوجود ليس صفة موجودة أصلا، بل هو في نفسه مفهوم اعتباري ذهني.
وكذلك كون الله تعالى معلوما وكون زيد معلوما، هنا اشتراك لكنه ليس في صفة موجودة... فليس هناك (قدر مشترك د) في الذات ولا الصفة.
وكذلك الصفات (السلبية)، البقاء مثلا مشترك بين الخالق عز وجل وبعض المخلوق، وهذا لا (يثبت) به قدر مشترك.
11👍4👎4



group-telegram.com/akramabugush/463
Create:
Last Update:

القدر المشترك

آمن أهل الإسلام بأن الله عز وجل عالم قادر مريد حي سميع بصير متكلم خالق محيٍ مميت رازق...
فهل هم يعرفون معنى كونه تعالى عالما قادرا رازقا...؟
نعم، ومدلولات هذه الألفاظ مفهومة لغة، فهي تستعمل في وصف الخلق كذلك...
فهل هنا اشتراك معنوي؟
نعم، لكن لا بد من الانتباه إلى أن هذا الاشتراك ليس في معنى (ماهية) الصفة، بل هو اشتراك معنوي في لازم ثبوت الصفة.
وثبوت الاشتراك في اللازم لا يستلزم الاشتراك في الملزوم، كما أن الحديدة ((بحسب الحكم العادي)) تسخن بوضعها في النار، وتسخن بوضعها تحت ضوء الشمس مباشرة، فتسخين النار لازم من النار ولازم من ضوء الشمس مع اختلافهما (١).
فالله عز وجل متصف بمعنى فلنسمِّه (س) له حقيقة مختلفة تماما عن معنى يتصف به العبد، ولنسمِّه (ص). لكن مع الاختلاف بينهما إلا أنه يلزم من (س) كون المعلوم منكشفا لله تعالى، ويلزم من (ص) كون المعلوم منكشفا للعبد.
ولا يلزم في إدراكنا لكون المعلوم منكشفا لله تعالى أن نكون عالمين بمعنى ((ماهية)) صفة العلم لله عز وجل.
وكذلك في باقي الصفات...

ولفهم مبدأ ذلك يلزمنا النظر في طريقة استدلالنا على إثبات الصفات لله تعالى بالطريق العقلي...

فنحن نشاهد ما في العالم، ثم ننتقل من حيثيات مختلفة فيه (تركبه، صورته، تغيره...) فنقول إنه ممكن في نفسه محتاج إلى سبب...
ثم بالعلم ببطلان الدور والتسلسل نعلم أنه راجع إلى موجود واجب الوجود.
ومن حيث إنه لا يكون معلولا للواجب فنعلم أنه صادر عن الواجب على سبيل الصحة لا الإيجاب، فلا بد أن يكون للواجب حيثية ما ليست عين الذات المقدس لثبوتها للواجب كان مؤثرا هذا التأثير... وهذه الحيثية الثابتة معنى له تعالى نسميها صفة القدرة.
ومن حيث إن هذا المحتاج موجود مع إمكان عدم وجوده ومع إمكان حصوله على غير ما هو عليه من اختصاص بتركيب معين وصورة معينة وتغيرات معينة... فلا بد من مرجح... ومع بطلان الدور والتسلسل فلا بد من أن يكون الترجيح راجعا إلى الموجود الواجب، وليس من حيث نفس الذات المقدس لأن كل الممكنات وجميع صورها على السواء بالنسبة إلى الذات المقدس. فلا بد من حيثية ثابتة للواجب لثبوتها له كان الترجيح راجعا إليه هو... وهذه الحيثية معنى نسميه صفة الإرادة.
ولكون الترجيح مشروطا بانكشاف إمكان المرجَّح ثبت أن هناك ما هو منكشف للواجب، فأثبتنا حيثية لثبوتها للواجب كان ذلك منكشفا له تعالى... وهذه الحيثية معنى نسميه صفة العلم.

فهنا نلاحظ أن تصورنا لما هو صفة لله تعالى إنما يكون بالانتقال من الآثار واللوازم... (٢).
وهذا ما يكفينا، ولسنا بحاجة إلى إدراك معنى الصفة لإدراكه...
وهذا كما أننا لا نحتاج إلى إدراك معنى قدرة العبد وعلم العبد وإرادة العبد وحياة العبد في إدراك معنى كون العبد قادرا مريدا عالما حيا...
فإذا سألتك: ما هي إرادة العبد؟ الاختيار؟ ما هو؟ ميل القلب؟ ما هو؟ فنكتفي في تعريفه بأنه كيفية نفسانية مثلا، ولا نقدر على معرفته في نفسه.
وكذا جرب أن تسائل نفسك في تعريف ماهية الحياة التي تتصف بها، ولن تقدر على ذلك... فقط ستعبر عنها بلوازمها (٣).
ولئن بحثت في تعريف صفة العلم فستجد اختلافا كبيرا بين العلماء، وهذا الاختلاف الكبير يدل على خفائه في نفسه (٤).

ولذلك كانت تعريفات علمائنا لصفات المعاني تعريفات رسمية بلوازمها... فالقدرة صفة يكون للمتصف بها التأثير على سبيل الصحة... وعلى هذا فإن الله تعالى قادر بمعنى أنه مؤثر على سبيل الصحة...
والعلم صفة يكون للمتصف بها الانكشاف.
والإرادة صفة يكون للمتصف بها الترجيح.
وهكذا في باقي صفات المعاني...

فيتحصّل من هذا أمر مهم وهو أن هاهنا اشتراكا معنويا في لازم الصفة، وهو ليس عين حقيقتها ولا جزأه، فالاشتراك في عارض لا في ذاتي للصفات...

...............

إذا ما فهم هذا سقط ما يورده بعض التيمية (بسبب فرط جهلهم) من أن إثبات القدر المشترك بين صفات الإله عز وجل وصفات الخلق واجب وإلا لما فهمنا معنى كون الله سبحانه وتعالى عالما قادرا مريدا.

وبهذا يسقط اعتراضهم على قول أهل الحق رضي الله عنهم بأن الله تعالى لا يتصف بأي معنى من معاني العبيد (في الصفات الموجودة).

ااااااااااااااااااااااااااااااا

وكنت قد وقفت على منشور لأخي سامي السميري وفقه الله يقول فيه إن الأشعرية رضي الله عنهم يقولون بالاشتراك المعنوي في الصفات، وأرى أن ذلك من عدم انتباهه لكونهم يقولون بالاختلاف في معاني الصفات وإن كان الاشتراك في لوازمها...

ووجدت أنه قد استدل بأمور...

الأول: أن الوجود مشترك معنوي.

فأقول: الوجود ليس صفة موجودة أصلا، بل هو في نفسه مفهوم اعتباري ذهني.
وكذلك كون الله تعالى معلوما وكون زيد معلوما، هنا اشتراك لكنه ليس في صفة موجودة... فليس هناك (قدر مشترك د) في الذات ولا الصفة.
وكذلك الصفات (السلبية)، البقاء مثلا مشترك بين الخالق عز وجل وبعض المخلوق، وهذا لا (يثبت) به قدر مشترك.

BY م.محمد أكرم أبو غوش


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/akramabugush/463

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

As such, the SC would like to remind investors to always exercise caution when evaluating investment opportunities, especially those promising unrealistically high returns with little or no risk. Investors should also never deposit money into someone’s personal bank account if instructed. The picture was mixed overseas. Hong Kong’s Hang Seng Index fell 1.6%, under pressure from U.S. regulatory scrutiny on New York-listed Chinese companies. Stocks were more buoyant in Europe, where Frankfurt’s DAX surged 1.4%. Update March 8, 2022: EFF has clarified that Channels and Groups are not fully encrypted, end-to-end, updated our post to link to Telegram’s FAQ for Cloud and Secret chats, updated to clarify that auto-delete is available for group and channel admins, and added some additional links. Unlike Silicon Valley giants such as Facebook and Twitter, which run very public anti-disinformation programs, Brooking said: "Telegram is famously lax or absent in its content moderation policy." "This time we received the coordinates of enemy vehicles marked 'V' in Kyiv region," it added.
from us


Telegram م.محمد أكرم أبو غوش
FROM American