Telegram Group & Telegram Channel
التقريب بين المذاهب: لم ينجح أحد!

فكرة التقريب بين المذاهب أو التسامح الديني فكرة فاشية جداً في زماننا إلى درجة أن من يقول بها لا يرى نفسه مضطراً لتبريرها أو الاستدلال لها، بل هي مسلمة يطرحها ومنها ينطلق البحث، لا أنها هي في نفسها محل بحث.

يظن كثيرون أن في الغرب تسامحاً دينياً بين النصارى، وأنه بسبب هذا التسامح والتسامي على الخلافيات استطاع الغربيون تحقيق ما حققوا، غير أن هذا ليس دقيقاً، فلا زالت دعوات التقريب هناك قائمة لأنه لا يوجد تقريب حقيقي، وانتشرت اللادينية والإلحاد بشكل واضح.

ولا تكاد تنتشر فكرة التسامح الديني في مكان إلا وتجد اللادينية دخلت من الباب، أنصار التسامح الديني يعللون ذلك بعدم نجاح مشاريعهم، والذين ضد التسامح الديني يعللون ذلك بأن فكرة التسامح الديني هي الأساس في تمييع الدين ومن ثم سهولة التخلي عنه.

ولكن هل التجارب التقريبية فاشلة؟

في الواقع ينبغي أن يكون السؤال معكوساً: هل يوجد تجربة تقريبية ناجحة؟ بمعنى أنها نجحت في احتواء الخلاف المذهبي، والقضاء على التعصب، وتحقيق إنجازات دنيوية ملحوظة، وتقدم في الخطاب المذهبي، مع إغلاق الباب بالكلية أمام الليبرالية أو الإلحاد؟

الجواب: لا أعرف إلى ساعتي هذه نموذجاً يحقق هذا، وهناك من يجادل أصلاً في إمكانية هذا الأمر بدون وجود نتائج جانبية كارثية.

جاء في موقع ميدان التابع للجزيرة هذا الخبر: قصة مشروع توحيد المذاهب المسيحية بأميركا.. لماذا فشل التقريب؟

مما جاء في هذا المقال: "عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى عام 1917، تولى بيرشنغ قيادة القوات الأمريكية في أوروبا. وأقنع برنت بتنظيم وقيادة فيلق من القساوسة المعينين حديثا في الجيش. وبينما كان يبني صفوف القساوسة، أظهر برنت التزامه بالوحدة المسيحية. ورغم كونه بروتستانتي(كذا)، جعل من كاهن كاثوليكي تحته في القيادة وشجع على توظيف القساوسة الكاثوليك. وعندما عاد برنت إلى الولايات المتحدة في عام 1919 كان أكثر اقتناعاً بأن "الكنيسة المنقسمة" بمثابة "خيانة أساسية للمسيح". وأطلق اسمه على المنشورات والفعاليات الداعية للقضية ودعمها".

وفيه أيضاً: "كانت هناك مشكلات أخرى كذلك؛ فقد توقع البروتستانت تنازلات من كلا الجانبين، حيث توقعوا أن يحد الكاثوليك من سلطة البابوية. وتوقع أحد علماء اللاهوت البروتستانتي، تشارلز بريجز، أن يضع الفاتيكان نظامًا من الضوابط على البابا. وفي المقابل، قال البروتستانت إنهم قد يقبلون البابوية بعد أن يتم وضع بعض الحدود لها، متخلين عن نقد شديد يعود إلى فترة الإصلاح. ووجد الكاثوليك هذه التوقعات سخيفة ورفضوا أي طلب لتغيير كنيستهم".

وجاء في موقع المعمم الشيعي علي آل محسن مقالاً بعنوان: التقريب بين أتباع المذاهب مشكلة بلا حلول!!

يكتب فيه بحسرة -لعلها مصطنعة-: ومع أن قضية التقريب بين أتباع المذاهب ينبغي أن تكون مسألة قد فُرِغ من الاتفاق على ضرورتها، ولزوم السعي الدؤوب إليها لِلَمّ شمل الطوائف الإسلامية، ورأب الصدع الذي فت في عضد الأمة، وزعزع كيانها ، إلا أن المسلمين -مع كثرة ما عقدوا من مؤتمرات التقريب- لم يتقدموا في هذا المجال ولا خطوة واحدة، ولا يزال الاحتقان الطائفي بين الشيعة وأهل السنة مستعراً على كافة الأصعدة.

أقول: هذه جهود لها عشرات السنين، ومع ذلك هناك اعترافات واضحة بالفشل، أو عدم التقدم لخطوة واحدة، وهناك اتهامات للنوايا.

ففي مقال للكاتب عبد الله الهدلق بعنوان: تقارب السنة والشيعة وهم وسراب، يقول: "وفي كتاب ذكريات الجزء السابع صفحة (132) يذكر الشيخ علي الطنطاوي أنه زار (القمي) الفارسي الذي أسس (دار التقريب!) فوجده داعية للتشيع وليس للتقريب".

أقول: لعل مما يؤيد هذه الدعوى أن حال الإمامية من الناحية السياسية والدعوية صار أحسن بعد انتشار دعوات التقريب، حتى نراهم اليوم يسيطرون على عواصم سنية، ولا شك أن الأمر له أسباب كثيرة، ولكن التقريب ما نفع نهائياً في صد هذا أو إضعافه.

بعد هذا الاستعراض يطرح السؤال: لماذا تفشل دعوات التقريب بين المذاهب؟

الجواب عندي باختصار: لأنها دعوى محلقة، وغير ممكنة، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أن خلافيات الناس مراتب، وكل بني آدم متفقون على أن درجة من الخلاف لا يمكن معها التقارب، وهناك خلافيات يمكن أن يقع معها شيء من الاحتمال.

ما تفعله الحركات التقريبية أنها تضع العربة أمام الحصان، بمعنى أنها تفترض في خلافيات معينة أنها محتملة هينة ابتداءاً.

وتحديد كون هذا الخلاف شديداً أو هيناً له آلياته فدعاة التقريب في العادة يرجعون الأمر لظروف واقعية، مثل الحاجة للوحدة، وأننا متخلفون، أو أن هناك حروباً لا بد أن نوقفها.

ولا يخفى أن هذه التعليلات لا ترقى لإقناع المتدين المتشبع بمنهج علمي، لأننا نبحث هل هذا الخلاف محتمل أو غير محتمل، فإذا كان غير محتمل فإلغاؤه ليس ضرورياً لتحقيق المصالح الكبرى.
=
5



group-telegram.com/alkulife/10920
Create:
Last Update:

التقريب بين المذاهب: لم ينجح أحد!

فكرة التقريب بين المذاهب أو التسامح الديني فكرة فاشية جداً في زماننا إلى درجة أن من يقول بها لا يرى نفسه مضطراً لتبريرها أو الاستدلال لها، بل هي مسلمة يطرحها ومنها ينطلق البحث، لا أنها هي في نفسها محل بحث.

يظن كثيرون أن في الغرب تسامحاً دينياً بين النصارى، وأنه بسبب هذا التسامح والتسامي على الخلافيات استطاع الغربيون تحقيق ما حققوا، غير أن هذا ليس دقيقاً، فلا زالت دعوات التقريب هناك قائمة لأنه لا يوجد تقريب حقيقي، وانتشرت اللادينية والإلحاد بشكل واضح.

ولا تكاد تنتشر فكرة التسامح الديني في مكان إلا وتجد اللادينية دخلت من الباب، أنصار التسامح الديني يعللون ذلك بعدم نجاح مشاريعهم، والذين ضد التسامح الديني يعللون ذلك بأن فكرة التسامح الديني هي الأساس في تمييع الدين ومن ثم سهولة التخلي عنه.

ولكن هل التجارب التقريبية فاشلة؟

في الواقع ينبغي أن يكون السؤال معكوساً: هل يوجد تجربة تقريبية ناجحة؟ بمعنى أنها نجحت في احتواء الخلاف المذهبي، والقضاء على التعصب، وتحقيق إنجازات دنيوية ملحوظة، وتقدم في الخطاب المذهبي، مع إغلاق الباب بالكلية أمام الليبرالية أو الإلحاد؟

الجواب: لا أعرف إلى ساعتي هذه نموذجاً يحقق هذا، وهناك من يجادل أصلاً في إمكانية هذا الأمر بدون وجود نتائج جانبية كارثية.

جاء في موقع ميدان التابع للجزيرة هذا الخبر: قصة مشروع توحيد المذاهب المسيحية بأميركا.. لماذا فشل التقريب؟

مما جاء في هذا المقال: "عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى عام 1917، تولى بيرشنغ قيادة القوات الأمريكية في أوروبا. وأقنع برنت بتنظيم وقيادة فيلق من القساوسة المعينين حديثا في الجيش. وبينما كان يبني صفوف القساوسة، أظهر برنت التزامه بالوحدة المسيحية. ورغم كونه بروتستانتي(كذا)، جعل من كاهن كاثوليكي تحته في القيادة وشجع على توظيف القساوسة الكاثوليك. وعندما عاد برنت إلى الولايات المتحدة في عام 1919 كان أكثر اقتناعاً بأن "الكنيسة المنقسمة" بمثابة "خيانة أساسية للمسيح". وأطلق اسمه على المنشورات والفعاليات الداعية للقضية ودعمها".

وفيه أيضاً: "كانت هناك مشكلات أخرى كذلك؛ فقد توقع البروتستانت تنازلات من كلا الجانبين، حيث توقعوا أن يحد الكاثوليك من سلطة البابوية. وتوقع أحد علماء اللاهوت البروتستانتي، تشارلز بريجز، أن يضع الفاتيكان نظامًا من الضوابط على البابا. وفي المقابل، قال البروتستانت إنهم قد يقبلون البابوية بعد أن يتم وضع بعض الحدود لها، متخلين عن نقد شديد يعود إلى فترة الإصلاح. ووجد الكاثوليك هذه التوقعات سخيفة ورفضوا أي طلب لتغيير كنيستهم".

وجاء في موقع المعمم الشيعي علي آل محسن مقالاً بعنوان: التقريب بين أتباع المذاهب مشكلة بلا حلول!!

يكتب فيه بحسرة -لعلها مصطنعة-: ومع أن قضية التقريب بين أتباع المذاهب ينبغي أن تكون مسألة قد فُرِغ من الاتفاق على ضرورتها، ولزوم السعي الدؤوب إليها لِلَمّ شمل الطوائف الإسلامية، ورأب الصدع الذي فت في عضد الأمة، وزعزع كيانها ، إلا أن المسلمين -مع كثرة ما عقدوا من مؤتمرات التقريب- لم يتقدموا في هذا المجال ولا خطوة واحدة، ولا يزال الاحتقان الطائفي بين الشيعة وأهل السنة مستعراً على كافة الأصعدة.

أقول: هذه جهود لها عشرات السنين، ومع ذلك هناك اعترافات واضحة بالفشل، أو عدم التقدم لخطوة واحدة، وهناك اتهامات للنوايا.

ففي مقال للكاتب عبد الله الهدلق بعنوان: تقارب السنة والشيعة وهم وسراب، يقول: "وفي كتاب ذكريات الجزء السابع صفحة (132) يذكر الشيخ علي الطنطاوي أنه زار (القمي) الفارسي الذي أسس (دار التقريب!) فوجده داعية للتشيع وليس للتقريب".

أقول: لعل مما يؤيد هذه الدعوى أن حال الإمامية من الناحية السياسية والدعوية صار أحسن بعد انتشار دعوات التقريب، حتى نراهم اليوم يسيطرون على عواصم سنية، ولا شك أن الأمر له أسباب كثيرة، ولكن التقريب ما نفع نهائياً في صد هذا أو إضعافه.

بعد هذا الاستعراض يطرح السؤال: لماذا تفشل دعوات التقريب بين المذاهب؟

الجواب عندي باختصار: لأنها دعوى محلقة، وغير ممكنة، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أن خلافيات الناس مراتب، وكل بني آدم متفقون على أن درجة من الخلاف لا يمكن معها التقارب، وهناك خلافيات يمكن أن يقع معها شيء من الاحتمال.

ما تفعله الحركات التقريبية أنها تضع العربة أمام الحصان، بمعنى أنها تفترض في خلافيات معينة أنها محتملة هينة ابتداءاً.

وتحديد كون هذا الخلاف شديداً أو هيناً له آلياته فدعاة التقريب في العادة يرجعون الأمر لظروف واقعية، مثل الحاجة للوحدة، وأننا متخلفون، أو أن هناك حروباً لا بد أن نوقفها.

ولا يخفى أن هذه التعليلات لا ترقى لإقناع المتدين المتشبع بمنهج علمي، لأننا نبحث هل هذا الخلاف محتمل أو غير محتمل، فإذا كان غير محتمل فإلغاؤه ليس ضرورياً لتحقيق المصالح الكبرى.
=

BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/alkulife/10920

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Friday’s performance was part of a larger shift. For the week, the Dow, S&P 500 and Nasdaq fell 2%, 2.9%, and 3.5%, respectively. Meanwhile, a completely redesigned attachment menu appears when sending multiple photos or vides. Users can tap "X selected" (X being the number of items) at the top of the panel to preview how the album will look in the chat when it's sent, as well as rearrange or remove selected media. The channel appears to be part of the broader information war that has developed following Russia's invasion of Ukraine. The Kremlin has paid Russian TikTok influencers to push propaganda, according to a Vice News investigation, while ProPublica found that fake Russian fact check videos had been viewed over a million times on Telegram. But Kliuchnikov, the Ukranian now in France, said he will use Signal or WhatsApp for sensitive conversations, but questions around privacy on Telegram do not give him pause when it comes to sharing information about the war. NEWS
from us


Telegram قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
FROM American