group-telegram.com/alkulife/10998
Last Update:
لماذا يُبَدَّل الدين؟
بمناسبة المنشورات المستفزة لدار الإفتاء المصرية وحديثهم عن كون النقاب عادة لا عبادة، أود توضيح أمر كنت قد طرحته في دورة الأنثى.
اليوم توجد منظومات فكرية، تارةً تَظهر على هيئة نظرية اقتصادية أو على هيئة نظرية اجتماعية، ولكنها تتسلَّل حتى تدخل في كل شيء في حياة الإنسان وتصير مثل الدين.
هذه المنظومات شأنها شأن الدين، لها أحكامها الخاصة من وجوب واستحباب وإباحة وحرمة وكراهة.
وأهداف هذه المنظومات تختلف عن مقاصد الشريعة، فعلى سبيل المثال، الرأسمالية تُعلي الجانب الاقتصادي على الدين والعرض، بل والعقل، وذلك وفقًا لنماء المؤسسات الرأسمالية لا الأفراد.
فمثلًا خروج النساء للعمل هذا واجب أو مستحب رأسماليًّا، لأن ذلك يُرخِّص الأيدي العاملة لكثرتها ويزيد النفقات على الكماليات ويزيد من دافعي الضرائب، ويؤدي لتقلص الأسر الممتدة التكافلية فيصير المرء يعمل إلى آخر عمره.
المنظومة الرأسمالية رأت أن خروج النساء للعمل نافع لها، لهذا حاربت ما يسمونه الزواج المبكر لأنه يعيق هذا الأمر، لأن الإنجاب المبكر من أكثر ما يحثُّ المرأة على أن تكون ربة منزل.
ووضعت منظومةً تعليمية خاصة لهذا الأمر لا يتخرج منها المرء إلا وهو في سن الثامنة عشر ثم يدخل الجامعة ولا يعمل حتى يتخرج من الجامعة، وفي أمريكا مثلًا يقترض من البنوك حتى يُسدد أجرة تعليمه، فالشعب عامته مديون للبنك بفوائد ربوية.
وجدوا أن الحديث عن فوارق فطرية بين الذكر والأنثى سيؤدي عاجلًا أم آجلًا لعودة الأسرة التقليدية، فحاربوا هذا وزعموا أن الأمر مجرد تنشئة مجتمعية وأنه لا يوجد ذكورة ولا أنوثة فطرية بل كلها أعراف مجتمعية، ولذلك شجعوا الشذوذ توكيدًا على عدم وجود فطرة ذكورة وفطرة أنوثة.
خروج المرأة في السياق الرأسمالي ليس مباحًا فقط عند الحاجة، بل هو واجب أو مستحب، والمرأة التي لا تعمل تسمى عالة!
في الشرع المرأة غير مطالبة بنفقات الزواج ولا بعد الطلاق إن حصل وغير مطالبة بالجهاد ولا الديات ولا أي نفقة سوى زكاة مالها، ودائمًا يُطالَب أقرب ذكر بالإنفاق عليها وإلا فبيت مال المسلمين، وإن عدم كل ذلك فمن يقوم بذلك من جماعة المسلمين، فإن عدم ذلك كله أبيح لها الكسب على أنه ضرورة ووفقًا لضوابط الشرع، لهذا أخليت ساحة العمل للمُطالَب بذلك، فإن مزاحمته تقلِّل أجرته ولذا يطول عليه الطريق في مسيرته لبناء بيت مسلم، مع كون الاختلاط الناشئ عن كثرة خروج المرأة يُضعِف مقصدًا آخر من مقاصد الشريعة وهو مقصد حفظ الأعراض.
المرأة في السياق الرأسمالي لا بد أن تخرج وتعمل، وهذا غالبًا يتطلب منها خلع النقاب، هكذا يشترطون في الكثير من الأعمال، وعليه فخلع النقاب رأسماليًّا مستحب أو واجب لتحصيل العمل، إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وهنا حين يأتي مُفتٍ يظن نفسه معتدلًا ومنفتحًا فيحاول أن يخرج لنا بقول شاذ يجعل النقاب ضمن المباحات فحسب فهو فقط يعمل مُحلِّلًا للرأسمالية، وغالبًا هو لا يفهمها ولا يفهم فلسفتها ولكنه يتأثر بضغط الجماهير أو السلطات الخاضعة لها.
والأمر نفسه في موضوع بناء الكنائس، مركزية الإنسان والدولة المدنية تقتضي حياد القضية الدينية وأن تُعتبر شأنًا شخصيًّا، كما أن في الإسلام لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى فكذلك في الدولة الحديثة لا فرق بين مسلم وكافر إلا باحترام القانون وتطبيقه.
فأنت تأتي وتفتي بالشرع وفقًا لمنظومات مختلفة عن الشرع جذريًّا ومقاصدها غير مقاصده ومبنية أصالةً على أنها لا تعتقد أن الدين من عند الله وينبغي أن تسير الحياة وفقًا له، بل هناك عزل بين الدنيا والآخرة وافتراضٌ مبدأيٌّ أننا ينبغي أن نبني دنيانا بمعزل عن عقائدنا في الآخرة.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/alkulife/10998