محاولات الأحرار لكسر الحصار
في مقابل هذه الإبادة وهذا السكون والمشاهدة، تحرك الأحرار من النخبة والشعوب، الرافضة للظلم والعدوان، فتظاهروا في الساحات والجامعات وأمام المؤسسات، عبروا عن رفضهم للإجرام الصهيوني بكل اللغات، ومزقوا أعلامه كما مزقها الغراب، وكتبوا ونندوا، وقاطعوا بضائعه وفعالياته وحاصروه، ومع ذلك لم يتوقف هذا المجرم ولم يتغير واقع المعاناة الغزاوية، فحملوا أنفسهم على قطع الأمصار والأقطار من تونس الخضراء إلى ليبيا المختار قاصدين ليبيا، فأوقفهم الخارجي حفتر في المنطقة الشرقية مهدداً ومتوعداً ومعتقلاً ومجبراً إياهم على الرجوع! لكن الأحرار ما توقفوا وكانوا كرّارين لا فارين، منطلقين -من جديد- بأكبر أسطول بحري إنساني في العصر الحديث.
ظهرت ثلة من الأحرار الذين لم يرضوا بالسكوت ولم يختاروا الحياد، ولا أن يصطفوا ويقفوا في المنطقة الرمادية، تعددت أعراقهم وتنوعت ألوانهم، بل واختلفت مللهم ومذاهبهم، لكن اجتمعوا على نبذ الظلم وإنكار القتل العلني، الذي زاد ضحاياه من الشهداء ما يقارب من ثمانين ألفاً، وقرابة مليونين من المشردين والمهجرين في إبادة جماعية لم يُشهد لها مثيل!
المنظمات الإغاثية، العربية والأعجمية، والإسلامية وغيرها كثير، تحت مظلة واحدة سميت (الأسطول العالمي لكسر الحصار عن غزة وفلسطين) في مشهد إنساني عظيم، ضم نحو 60 سفينة وباخرة، كبيرة ومتوسطة وصغيرة، راكبة عباب البحر وأمواجه، لهدف واحد، هو كسر الحصار الخانق لغزة، الذي أوصل غزة إلى المستوى الخامس والأخير من المجاعة، وأوصل أكثر من 150 طفل إلى الموت جوعاً.
وبعد أن عرف العالم حقيقة الصهيونية النازية الفاشية، بأنها خطر ليس فقط على فلسطين والشرق الأوسط فحسب، بل خطر على العالم كله وليس على الإسلام -وإن كان عدوه الأول- فحسب بل على كل الملل والنحل. قال الجميع: يجب إيقاف هذا الوحش الذي يتغذى على دماء الأطفال والنساء والشيوخ، بل وحتى الرضع والأجنة، ولم يسلم منه أحد! يُجهز على المرضى وهم في سكرات الموت ونزعاته، ويجهز على الأطباء والمسعفين والتدخل المدني، أولئك المحميون بالقوانيين الأممية غير آبه بأحد، معتداً بالفيتو واليد الأمريكية المجرمة التي إذا رُفعت ضد قرارات توقيف الحرب، أعطت الضوء الأخضر بل كل الأسلحة الفتاكة لاستمراريتها! مستهدفاً الضعفاء المدنيين في خيامهم وأثناء نومهم وأثناء وقوفهم لأخذ ما يحول بينهم وبين الموت جوعاً من المساعدات. وزادت شدة الخناق خلال السبعمائة يوم الأخيرة، حتى رأينا الشباب وليس الأطفال فقط يموتون جوعاً عام 2025!
تم تنظيم ما يُسمى بأسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة، باتحاد الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية، مثل تحالف أسطول الحرية واللّجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة الصغيرة حجماً الكبيرة شرفاً وثباتاً، فعُوملت أسوأ معاملة من حفتر وميليشياته المدخلية، خَدَمة الخائنين والمحتلين، فأُغلقت أمام الأسطول كل الطرق، وخُطف من المشاركين السلميين أكثر من خمسة عشر ناشطاً وفاعلاً، وحوصرت القافلة البرية، لثلاثة أيام وأربع ليالٍ، تحت تهديد السلاح والمساومة بإرجاع المخطوفين.
ولم يكن مصير قافلة الصمود ومشاركيها براً في مصر مختلفاً عن حال المشاركين جواً! فبعد وصولهم إلى مطار القاهرة، مُنعوا في مطار القاهرة الدولي من الوصول إلى إخوانهم في غزة، بل تم حجزهم واعتقال أكثرهم في المطار، من غير سبب أو ذنب أو جريرة! فكل النشطاء دخلوا بصفة قانونية وأوراقهم أثبتت ذلك، ورُغم ذلك طُردوا من المطار إجبارياً تحت التهديد والتعنيف من قوات السيسي وجنوده، والذين استطاعوا الدخول إلى مصر وتجاوزوا المطار كان مصيرهم أسوأ فقد تم الاعتداء عليهم بالعنف والضرب وسالت دماؤهم في سبيل كسر الحصار ودخول المساعدات المكدسة أمام معبر الخزي والعار رفح! حيث يموت الغزاويون المسلمون جوعاً على مقربة من القناطر المقنطرة من الغذاء، ويموت المرضى على مقربة من الأدوية التي انتهت صلاحيتها، والله المستعان!
الغريب في الأمر أن قافلة الصمود البحرية ما تزال تحاول متحدية التهديدات من الكيان المسخ، الذي يراقب ويهدد بطائرات درون التي تحوم فوق سفن الأسطول لردهم عن هدفهم ومقصدهم، لكن قافلة الصمود الدولية -والتي يشهد موفد الهيئة العالمية لأنصار النبي الشاب خالد الأنصاري- عن نفسه وعن جميع إخوانه الذين جمعتهم الساحات البرية، والموانئ البحرية، وسفن الأسطول، على قلب رجل واحد في بلوغ هدفهم وكسر هذا الحصار الغاشم البشع، وإدخال الغذاء والدواء لإخواننا في غزة المكلومة.
في مقابل هذه الإبادة وهذا السكون والمشاهدة، تحرك الأحرار من النخبة والشعوب، الرافضة للظلم والعدوان، فتظاهروا في الساحات والجامعات وأمام المؤسسات، عبروا عن رفضهم للإجرام الصهيوني بكل اللغات، ومزقوا أعلامه كما مزقها الغراب، وكتبوا ونندوا، وقاطعوا بضائعه وفعالياته وحاصروه، ومع ذلك لم يتوقف هذا المجرم ولم يتغير واقع المعاناة الغزاوية، فحملوا أنفسهم على قطع الأمصار والأقطار من تونس الخضراء إلى ليبيا المختار قاصدين ليبيا، فأوقفهم الخارجي حفتر في المنطقة الشرقية مهدداً ومتوعداً ومعتقلاً ومجبراً إياهم على الرجوع! لكن الأحرار ما توقفوا وكانوا كرّارين لا فارين، منطلقين -من جديد- بأكبر أسطول بحري إنساني في العصر الحديث.
ظهرت ثلة من الأحرار الذين لم يرضوا بالسكوت ولم يختاروا الحياد، ولا أن يصطفوا ويقفوا في المنطقة الرمادية، تعددت أعراقهم وتنوعت ألوانهم، بل واختلفت مللهم ومذاهبهم، لكن اجتمعوا على نبذ الظلم وإنكار القتل العلني، الذي زاد ضحاياه من الشهداء ما يقارب من ثمانين ألفاً، وقرابة مليونين من المشردين والمهجرين في إبادة جماعية لم يُشهد لها مثيل!
المنظمات الإغاثية، العربية والأعجمية، والإسلامية وغيرها كثير، تحت مظلة واحدة سميت (الأسطول العالمي لكسر الحصار عن غزة وفلسطين) في مشهد إنساني عظيم، ضم نحو 60 سفينة وباخرة، كبيرة ومتوسطة وصغيرة، راكبة عباب البحر وأمواجه، لهدف واحد، هو كسر الحصار الخانق لغزة، الذي أوصل غزة إلى المستوى الخامس والأخير من المجاعة، وأوصل أكثر من 150 طفل إلى الموت جوعاً.
وبعد أن عرف العالم حقيقة الصهيونية النازية الفاشية، بأنها خطر ليس فقط على فلسطين والشرق الأوسط فحسب، بل خطر على العالم كله وليس على الإسلام -وإن كان عدوه الأول- فحسب بل على كل الملل والنحل. قال الجميع: يجب إيقاف هذا الوحش الذي يتغذى على دماء الأطفال والنساء والشيوخ، بل وحتى الرضع والأجنة، ولم يسلم منه أحد! يُجهز على المرضى وهم في سكرات الموت ونزعاته، ويجهز على الأطباء والمسعفين والتدخل المدني، أولئك المحميون بالقوانيين الأممية غير آبه بأحد، معتداً بالفيتو واليد الأمريكية المجرمة التي إذا رُفعت ضد قرارات توقيف الحرب، أعطت الضوء الأخضر بل كل الأسلحة الفتاكة لاستمراريتها! مستهدفاً الضعفاء المدنيين في خيامهم وأثناء نومهم وأثناء وقوفهم لأخذ ما يحول بينهم وبين الموت جوعاً من المساعدات. وزادت شدة الخناق خلال السبعمائة يوم الأخيرة، حتى رأينا الشباب وليس الأطفال فقط يموتون جوعاً عام 2025!
تم تنظيم ما يُسمى بأسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة، باتحاد الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية، مثل تحالف أسطول الحرية واللّجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة الصغيرة حجماً الكبيرة شرفاً وثباتاً، فعُوملت أسوأ معاملة من حفتر وميليشياته المدخلية، خَدَمة الخائنين والمحتلين، فأُغلقت أمام الأسطول كل الطرق، وخُطف من المشاركين السلميين أكثر من خمسة عشر ناشطاً وفاعلاً، وحوصرت القافلة البرية، لثلاثة أيام وأربع ليالٍ، تحت تهديد السلاح والمساومة بإرجاع المخطوفين.
ولم يكن مصير قافلة الصمود ومشاركيها براً في مصر مختلفاً عن حال المشاركين جواً! فبعد وصولهم إلى مطار القاهرة، مُنعوا في مطار القاهرة الدولي من الوصول إلى إخوانهم في غزة، بل تم حجزهم واعتقال أكثرهم في المطار، من غير سبب أو ذنب أو جريرة! فكل النشطاء دخلوا بصفة قانونية وأوراقهم أثبتت ذلك، ورُغم ذلك طُردوا من المطار إجبارياً تحت التهديد والتعنيف من قوات السيسي وجنوده، والذين استطاعوا الدخول إلى مصر وتجاوزوا المطار كان مصيرهم أسوأ فقد تم الاعتداء عليهم بالعنف والضرب وسالت دماؤهم في سبيل كسر الحصار ودخول المساعدات المكدسة أمام معبر الخزي والعار رفح! حيث يموت الغزاويون المسلمون جوعاً على مقربة من القناطر المقنطرة من الغذاء، ويموت المرضى على مقربة من الأدوية التي انتهت صلاحيتها، والله المستعان!
الغريب في الأمر أن قافلة الصمود البحرية ما تزال تحاول متحدية التهديدات من الكيان المسخ، الذي يراقب ويهدد بطائرات درون التي تحوم فوق سفن الأسطول لردهم عن هدفهم ومقصدهم، لكن قافلة الصمود الدولية -والتي يشهد موفد الهيئة العالمية لأنصار النبي الشاب خالد الأنصاري- عن نفسه وعن جميع إخوانه الذين جمعتهم الساحات البرية، والموانئ البحرية، وسفن الأسطول، على قلب رجل واحد في بلوغ هدفهم وكسر هذا الحصار الغاشم البشع، وإدخال الغذاء والدواء لإخواننا في غزة المكلومة.
👍7❤5
ومن المفيد ذكر سفينة مادلين التي رأى كل العالم كيف تم إيقافها واعتقال كل الناشطين الذين كانوا عليها من قِبل جنود الاحتلال الصهيوني، وذلك في المياه الدولية التي يحق للجميع الإبحار فيها، في انتهاك واضح وصريح وصارخ لكل القوانين الدولية والحقوق المكفولة المصونة! وقبلها كانت سفينة الضمير التي كانت تتجه أنظار العالم نحوها، غير أن المفاجأة المحزنة والغير سارة، كان استهدافها بصاروخين من مُسيَّرة تابعة للاحتلال، وأخطر من ذلك وأكبر، ما كان في سواحل مالطا التي تبعد عن الكيان المحتل مسافة، تتعجب كيف لمسيرة أن تقطعها! لكن هذا ما يثبت ويؤكد وحشية هذا المحتل وانتهاكه لكل القوانين الدولية، وأنه يضرب أينما شاء، كيفما شاء، في الوقت الذي يريد، بحماية من أمه أمريكا، راعية السلام العالمي المزعوم! والحقيقة أنها راعية الإرهاب منذ فتكها بالهنود الحُمر السُّكان الأصليين لأمريكا.
كل ما سبق من تجارب ومحاولات لكسر الحصار كانت بمثابة دروس تَعلم الجميع منها، وأُخذت كلها بعين الاعتبار أثناء التنظيم لهذا الأسطول العالمي البحري الكبير، بدل أن تكون سفينة واحدة يسهل حصارها والإطباق عليها، صارت 60 سفينة، وبدل سبعة أو عشرة ناشطين في هذا الأسطول، الآن أكثر من 400 ناشط، وبعد ما كان المشاركون من دولة أو دولتين أو ثلاث دول، في هذا الأسطول نتكلم اليوم عن مشاركين من 44 دولة، من مختلف الجنسيات.
وبذكر السفن فهي على أنواع: الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، منها ما يكون طولها في حدود سبعة أمتار وعرضها المترين، ومنها ما يفوق طولها متراً وعرضها 15، فمن الجزائر (سفينة آسيا / الغوث) على متنها نائب رئيس الأسطول العالمي ونائب رئيس المبادرة الجزائرية ومؤسس في أسطول الحرية قبلهما، النائب يوسف عجيسة، الذي سبق وأدلى بتصريح عن الوضع القانوني والواقعي للأسطول للهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ، شاكراً لهم جهودهم في نصرة الجناب النبوي الشريف، وغيرها الكثير من السفن، 22 منها انطلقت من برشلونة و23 من تونس، وواحدة من ليبيا، وأخرى من ماليزيا، وبقية السفن وإلى اللحظة تلتحق تباعاً بالأسطول في إيطاليا واليونان وعرض البحر.
السفن مجهزة بكل ما تحتاجه للإبحار بعد الفحوصات والمراقبة التقنية المثبتة في شهادة الأهلية والصلاحية للإبحار، محملة بالمساعدات، خاصة منها الطبية مثل الأدوية بكل أنواعها وأجهزة الأكسجين والضمّادات والجبائر وغيرها، وكان ذلك بعد ما رأينا من حال المرضى والوضع الكارثي في المستشفيات التي دُمرت بالكامل على مَن فيها، فالجرحى والمرضى في الشوارع يئنون في وضع مأساوي مما يضطر الأطباء لإسعافهم دون أدوية، والبتر بسبب الإصابات دون تخدير!
السفن تحمل كذلك حليب الأطفال والرضع الذي استعمله المحتل سلاحاً لقتل الصغار البرآء، والمواد الغذائية التي قطعاً لا ظناً لن تكون كافية للقطاع لمدة أسبوع واحد! لكن الهدف أسمى وأكبر من إيصال هذه المساعدات البسيطة، وهو كسر الحصار، وإعطاء الفرصة لدخول مساعدات أكثر وأكثر، لدخول السفن بحراً والشاحنات براً وربما الطائرات جواً.
الإبحار تحت القصف والمشقات
كل ما سبق من تجارب ومحاولات لكسر الحصار كانت بمثابة دروس تَعلم الجميع منها، وأُخذت كلها بعين الاعتبار أثناء التنظيم لهذا الأسطول العالمي البحري الكبير، بدل أن تكون سفينة واحدة يسهل حصارها والإطباق عليها، صارت 60 سفينة، وبدل سبعة أو عشرة ناشطين في هذا الأسطول، الآن أكثر من 400 ناشط، وبعد ما كان المشاركون من دولة أو دولتين أو ثلاث دول، في هذا الأسطول نتكلم اليوم عن مشاركين من 44 دولة، من مختلف الجنسيات.
وبذكر السفن فهي على أنواع: الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، منها ما يكون طولها في حدود سبعة أمتار وعرضها المترين، ومنها ما يفوق طولها متراً وعرضها 15، فمن الجزائر (سفينة آسيا / الغوث) على متنها نائب رئيس الأسطول العالمي ونائب رئيس المبادرة الجزائرية ومؤسس في أسطول الحرية قبلهما، النائب يوسف عجيسة، الذي سبق وأدلى بتصريح عن الوضع القانوني والواقعي للأسطول للهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ، شاكراً لهم جهودهم في نصرة الجناب النبوي الشريف، وغيرها الكثير من السفن، 22 منها انطلقت من برشلونة و23 من تونس، وواحدة من ليبيا، وأخرى من ماليزيا، وبقية السفن وإلى اللحظة تلتحق تباعاً بالأسطول في إيطاليا واليونان وعرض البحر.
السفن مجهزة بكل ما تحتاجه للإبحار بعد الفحوصات والمراقبة التقنية المثبتة في شهادة الأهلية والصلاحية للإبحار، محملة بالمساعدات، خاصة منها الطبية مثل الأدوية بكل أنواعها وأجهزة الأكسجين والضمّادات والجبائر وغيرها، وكان ذلك بعد ما رأينا من حال المرضى والوضع الكارثي في المستشفيات التي دُمرت بالكامل على مَن فيها، فالجرحى والمرضى في الشوارع يئنون في وضع مأساوي مما يضطر الأطباء لإسعافهم دون أدوية، والبتر بسبب الإصابات دون تخدير!
السفن تحمل كذلك حليب الأطفال والرضع الذي استعمله المحتل سلاحاً لقتل الصغار البرآء، والمواد الغذائية التي قطعاً لا ظناً لن تكون كافية للقطاع لمدة أسبوع واحد! لكن الهدف أسمى وأكبر من إيصال هذه المساعدات البسيطة، وهو كسر الحصار، وإعطاء الفرصة لدخول مساعدات أكثر وأكثر، لدخول السفن بحراً والشاحنات براً وربما الطائرات جواً.
الإبحار تحت القصف والمشقات
👍6❤5
ولم يكن تنظيم هذا الأسطول العالمي بالسهل ولا الميسور، فقد كانت تحيطه صعوبات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية وغيرها، فجميع هذه السفن وهذه الجنسيات وتغطيتها القانونية، عجزت عنها الدول مجتمعة، فكيف بمتطوعين بعضهم يؤمن بالله وآخرون يؤمنون بالإنسانية؟! يضاف إلى ذلك أن كل سفينة لا بد أن تتمتع بالمطلوب شرعاً وقانوناً وتقنياً بما يضمن الوصول والسلامة وإصلاح الأعطال وسد النقائص، والتأكد التام من جاهزيتها وقدرتها على الوصول إلى غزة.
ويتعلق بالسفن كذلك إيجاد القباطين من الثِقات المستأمنين المؤهلين، لأن عملهم مضنٍ، خاصة وأن كثيراً منهم انسحبوا بعد قيام الصهاينة باستهداف سفينتين في ليلتين متتاليتين الثامن ثم التاسع من سبتمبر! مطلقة سائلاً حارقاً لا يعرف كُنهه، وذلك قُبالة ميناء سيدي بوسعيد بتونس العاصمة، ثم الحاجة للمال بالعملات الصعبة كحقوق للقباطين يضاف إليهم تكاليف البنزين بما يكفي السفن، طيلة الإبحار ذهاباً وإياباً، وحيث توجد بعض السفن التي يتسع خزانها إلى أكثر من 50,000 لتر، اكتشفنا أن بعضها يسرب الوقود مما زاد من صعوبة الأمر.
وبعد كل المراحل السابقة من الإعداد القانوني، وتجهيز السفن، وشراء بعضها كحالنا في سفينة آسيا/ الغوث الجزائرية، لابد من التأكد من العُدة والعتاد، وتجريب السفن، والتأكد من الطاقم والمشاركين والوقود، تتحضر كل سفينة للانطلاق والخروج، وفق المراحل التي ذكرنا، وإن دلت هذه الجهود والإجراءات، فإنما تدل على حجم الجهد والوقت والمال المبذول في ذلك الإعداد.
وسط احتفالات جماهير غفيرة في الموانئ، كانت تخرج السفن يومياً، سفينتان أو ثلاثة أو أربعة سفن، في جو بهيج وفرح غامر عم كل الناس، لعلها كانت فرحة ارتياح ضمير، أو انزياح بعض من ثقل التقصير، وكذلك تفعيل حسن ظن بالتيسير من خلال كل سفينة، تنتفض الجماهير، جماهير الحرية، الجماهير الحية الفاعلة، وليست جماهير الملاعب التافهة بهتافاتها للفرق واللاعبين، إنما صيحات التكبير والتهليل والنشيد لغزة، تُحرك مشاعر القلوب الحية، والأنفس الأبية، فتسيل منها دموع الشوق والإشفاق ودموع الحسرة والمعذرة!
قصص عجيبة على متن الأسطول
أما المشاركون في هذا الأسطول المبارك التاريخي، فقد خرج وكل منهم يدرك أنه قد لا يعود، وأنه قد يرجع معاقاً، أو قد يصبح أسيراً في أسوأ سجون العالم بين أقبح السجانين! لا تفرق في همة وإقبال وعزيمة المشاركين بين الشيوخ والكهول والشباب ولا حتى بين الرجال والنساء من تونس الخضراء، والجزائر البيضاء، ومغرب القرويين، ولا بين موريتانيا الشعراء وليبيا المختار وعُمان الجنان، وبحرين النخيل، ولا بين غيرهم من الأوروبيين، من أسبانيا وإيطاليا ومن تركيا ومن جنوب أفريقيا، نذكر مشاركة حفيد الزعيم مناضل الحرية السجين الأفريقي مانديلا، ولك أن تتصور أيها القارئ الكريم الفاضل، أكثر من 44 دولة تشارك في هذا الأسطول، الذي لم يكن له مثيل قبل اليوم!
لكل سفينة قصة، ولكل راكب على ألواحها منهم قصة، أملاً في بلوغ المأمول وتحقق المرغوب، منهم البرلمانيون والسياسيون، ومنهم الأكاديميون الذين تعددت تخصصاتهم، ومنهم الإعلاميون والصحفيون، والكتّاب والمؤلفون، والأطباء والمسعفون، ومنهم الرياضيون والفنانون، وغيرهم الكثير الكثير..
كل من المشاركين ترك وراءه أهلاً وأحباباً، ومشاريع وقصصاً، وذكريات وآمال، والكثير الكثير في سبيل الله وابتغاء مرضاته ونصرة للمظلومين المقهورين، المجروحين المغبونين، بما تقتضيه أخوّة الإيمان والدين، والأمة الواحدة والجسد الواحد.
ومن المشاركين من لا يؤمن بكل ذلك إنما بداعي الإنسانية والبشرية الآدمية، لم يقدروا على مشاهدة الإبادة والتنكيل والتهجير والتشريد، لم تتحمل قلوبهم بكاء النساء والرجال، والولدان، لم تتحجر قلوبهم وهم يشاهدون ويتابعون أنين المرضى، وبيانات واقع الأسرى، دون فعل أي شيء أو محاولة تغيير الواقع، أو مساعدة على الأقل، بل إن بعضهم أعلن إسلامه ونطق بالشهادتين، وحرك لسانه بآيات من كلام ربنا الرّحمن الرّحيم!
ومما رآه سفير هيئة أنصار النبي ﷺ عياناً من أحد هؤلاء، وكان إيطالياً، أنه كان يمشي حافياً لما يفوق الساعة والنصف، كي يُتم بعض الواجبات التنظيمية، تأملته ودعوت الله أن يهدي قلبه للإسلام وتساءلت في نفسي: ما لبعض المسلمين -وهم أحق منه وأجدر- ألا ينفروا خفافاً وثقالاً؟ لكنهم تثاقلوا وتخلفوا ولم يأبهوا، هل نسوا غزة وشيبها وشبابها وأطفالها، هل نسوا نساءها ورجالها؟ أما سمعوا أنينهم؟ أما رأوا دماءهم؟ أما رأوا أطرافهم تتطاير، وجوارحهم تُبتر؟ أما سمعوا صرخاتهم حتى انقطعت أصواتهم، أما زلزلتهم وأخافتهم وأرعدتهم مقولتهم: لا تشفع لهم يا رسول الله؟!
ويتعلق بالسفن كذلك إيجاد القباطين من الثِقات المستأمنين المؤهلين، لأن عملهم مضنٍ، خاصة وأن كثيراً منهم انسحبوا بعد قيام الصهاينة باستهداف سفينتين في ليلتين متتاليتين الثامن ثم التاسع من سبتمبر! مطلقة سائلاً حارقاً لا يعرف كُنهه، وذلك قُبالة ميناء سيدي بوسعيد بتونس العاصمة، ثم الحاجة للمال بالعملات الصعبة كحقوق للقباطين يضاف إليهم تكاليف البنزين بما يكفي السفن، طيلة الإبحار ذهاباً وإياباً، وحيث توجد بعض السفن التي يتسع خزانها إلى أكثر من 50,000 لتر، اكتشفنا أن بعضها يسرب الوقود مما زاد من صعوبة الأمر.
وبعد كل المراحل السابقة من الإعداد القانوني، وتجهيز السفن، وشراء بعضها كحالنا في سفينة آسيا/ الغوث الجزائرية، لابد من التأكد من العُدة والعتاد، وتجريب السفن، والتأكد من الطاقم والمشاركين والوقود، تتحضر كل سفينة للانطلاق والخروج، وفق المراحل التي ذكرنا، وإن دلت هذه الجهود والإجراءات، فإنما تدل على حجم الجهد والوقت والمال المبذول في ذلك الإعداد.
وسط احتفالات جماهير غفيرة في الموانئ، كانت تخرج السفن يومياً، سفينتان أو ثلاثة أو أربعة سفن، في جو بهيج وفرح غامر عم كل الناس، لعلها كانت فرحة ارتياح ضمير، أو انزياح بعض من ثقل التقصير، وكذلك تفعيل حسن ظن بالتيسير من خلال كل سفينة، تنتفض الجماهير، جماهير الحرية، الجماهير الحية الفاعلة، وليست جماهير الملاعب التافهة بهتافاتها للفرق واللاعبين، إنما صيحات التكبير والتهليل والنشيد لغزة، تُحرك مشاعر القلوب الحية، والأنفس الأبية، فتسيل منها دموع الشوق والإشفاق ودموع الحسرة والمعذرة!
قصص عجيبة على متن الأسطول
أما المشاركون في هذا الأسطول المبارك التاريخي، فقد خرج وكل منهم يدرك أنه قد لا يعود، وأنه قد يرجع معاقاً، أو قد يصبح أسيراً في أسوأ سجون العالم بين أقبح السجانين! لا تفرق في همة وإقبال وعزيمة المشاركين بين الشيوخ والكهول والشباب ولا حتى بين الرجال والنساء من تونس الخضراء، والجزائر البيضاء، ومغرب القرويين، ولا بين موريتانيا الشعراء وليبيا المختار وعُمان الجنان، وبحرين النخيل، ولا بين غيرهم من الأوروبيين، من أسبانيا وإيطاليا ومن تركيا ومن جنوب أفريقيا، نذكر مشاركة حفيد الزعيم مناضل الحرية السجين الأفريقي مانديلا، ولك أن تتصور أيها القارئ الكريم الفاضل، أكثر من 44 دولة تشارك في هذا الأسطول، الذي لم يكن له مثيل قبل اليوم!
لكل سفينة قصة، ولكل راكب على ألواحها منهم قصة، أملاً في بلوغ المأمول وتحقق المرغوب، منهم البرلمانيون والسياسيون، ومنهم الأكاديميون الذين تعددت تخصصاتهم، ومنهم الإعلاميون والصحفيون، والكتّاب والمؤلفون، والأطباء والمسعفون، ومنهم الرياضيون والفنانون، وغيرهم الكثير الكثير..
كل من المشاركين ترك وراءه أهلاً وأحباباً، ومشاريع وقصصاً، وذكريات وآمال، والكثير الكثير في سبيل الله وابتغاء مرضاته ونصرة للمظلومين المقهورين، المجروحين المغبونين، بما تقتضيه أخوّة الإيمان والدين، والأمة الواحدة والجسد الواحد.
ومن المشاركين من لا يؤمن بكل ذلك إنما بداعي الإنسانية والبشرية الآدمية، لم يقدروا على مشاهدة الإبادة والتنكيل والتهجير والتشريد، لم تتحمل قلوبهم بكاء النساء والرجال، والولدان، لم تتحجر قلوبهم وهم يشاهدون ويتابعون أنين المرضى، وبيانات واقع الأسرى، دون فعل أي شيء أو محاولة تغيير الواقع، أو مساعدة على الأقل، بل إن بعضهم أعلن إسلامه ونطق بالشهادتين، وحرك لسانه بآيات من كلام ربنا الرّحمن الرّحيم!
ومما رآه سفير هيئة أنصار النبي ﷺ عياناً من أحد هؤلاء، وكان إيطالياً، أنه كان يمشي حافياً لما يفوق الساعة والنصف، كي يُتم بعض الواجبات التنظيمية، تأملته ودعوت الله أن يهدي قلبه للإسلام وتساءلت في نفسي: ما لبعض المسلمين -وهم أحق منه وأجدر- ألا ينفروا خفافاً وثقالاً؟ لكنهم تثاقلوا وتخلفوا ولم يأبهوا، هل نسوا غزة وشيبها وشبابها وأطفالها، هل نسوا نساءها ورجالها؟ أما سمعوا أنينهم؟ أما رأوا دماءهم؟ أما رأوا أطرافهم تتطاير، وجوارحهم تُبتر؟ أما سمعوا صرخاتهم حتى انقطعت أصواتهم، أما زلزلتهم وأخافتهم وأرعدتهم مقولتهم: لا تشفع لهم يا رسول الله؟!
❤10👍3
هل اعتادوا مشاهد أجساد تتطاير وعمارات تُنسف، ومعتقلات للأحرار والحرائر، وجوعى يتساقطون، ومرضى يئنون، وجرحى يستنجدون؟ ما لكم أفلا تبصرون؟ ولا تسمعون، ثم لا تتحركون؟! من أجل كل ذلك كان لا بد أن يكون الطوفان، وأن يصطفي الله الشهداء والأبرار، والخُلص من عبيده، الموعودين بالجِنان وبالحوريات الحِسان وأنهار الماء والعسل والألبان!
استيقظ الآن من نومك أيها المسلم، قم إلى الواقع واخدم قضيتك ودينك، قاطع وقاوم، وانشر وجاهد، بمالك ولسانك وقلمك، وبكل ما تستطيع، علّك تسلم من الديّان من جريمة الخذلان، والله المستعان.
استيقظ الآن من نومك أيها المسلم، قم إلى الواقع واخدم قضيتك ودينك، قاطع وقاوم، وانشر وجاهد، بمالك ولسانك وقلمك، وبكل ما تستطيع، علّك تسلم من الديّان من جريمة الخذلان، والله المستعان.
❤18👍15
عامان مرّا على الطوفان المبارك الذي فجَّر الأرض تحت أقدام الغزاة، وأيقظ أمة بأكملها من سُباتها الطويل. عامان وغزة، تلك البقعة الصغيرة من الأرض، تحوَّلت إلى ميدان للعزة، وصارت رمزًا للمقاومة والإباء، تُلهم الشعوب وتفضح الحكام، وتُعيد تعريف معنى البطولة في زمن المسوخ.
غزة اليوم ليست جغرافيا محاصرة، بل روح متدفقة، وصرخة في وجه الطغيان، وشعلة أملٍ للأحرار في كل مكان. لقد طهَّر الطوفان المبارك الصفوف، وكشف الأقنعة، وأبان عن معادن الرجال والأنظمة والشعوب، فارتفع أقوام بالصدق والثبات، وسقط آخرون في وحل الخيانة والخذلان.
سلام على غزة
سلام على غزة.. سلام على أبطالها الذين باعوا أرواحهم لله، فصاروا مشاعل على درب الحرية.
سلام على نسائها الصابرات اللواتي يقدمن أبناءهن قرابين عزّ وفداء، وهن أكثر ثباتًا من الجبال.
سلام على أطفالها الذين وُلدوا بين ركام البيوت، لكنهم يرفعون الرايات ويهتفون: "الموت ولا المذلة".
سلام على علمائها الذين يُذكِّرون الأمة بأن طريق القدس يبدأ من القرآن، وأن النصر وعد رباني لا يتخلَّف.
سلام على شهدائها الذين سبقونا إلى جنات عرضها السماوات والأرض.
تاريخ طويل من الخذلان
غزة وذاكرة الخيانة
غزة لم تكشف فقط خيانة اليوم، بل أعادت للأمة ذاكرتها الجريحة يوم خان ابن العلقمي بغداد وأسلمها للتتار، فانتهى مجد قرون بسقوط عاصمة الخلافة.
يوم خانت الطوائف في الأندلس، فاستُدرج المسلمون مدينةً مدينة، حتى سقطت غرناطة وانطفأ النور بعد ثمانية قرون.
يوم اجتمع الإنجليز والفرنسيون على سايكس – بيكو، وخان الحكام يومها الأمانة، فقُسِّمت الأمة إلى دويلات ضعيفة تتنازع ولا تجتمع.
واليوم نرى الخيانة تتكرر، في مؤامرات التطبيع، وفي ضربات الطعن في الظهر، بل حتى في ديار قريبة كالدوحة التي طالما ظنها الناس ملاذًا، فإذا بها تسدّد ضربةً مُوجعة في خاصرة غزة.
الخذلان ليس حدثًا عابرًا، بل لعنة تصيب الأمة:
يزرع التمزق بين الصفوف..
يقتل الثقة بين الشعوب وحكامها..
يُطفئ جذوة الأمل في قلوب الضعفاء..
يُضعف صوت الحق ويُقوِّي شوكة الباطل..
لكن رغم ذلك، يبقى الصادقون في الميدان، يُعيدون بناء الثقة بدمائهم وأشلائهم وصمودهم.
رغم كل هذا الخذلان، وقفت غزة شامخة.. بيت يُقصف.. فيخرج الطفل من بين الركام يرفع إصبعه بالتوحيد.
أمٌّ تفقد أبناءها، فتقول: "الحمد لله الذي شرّفني بالشهادة".
مجاهدون يقاتلون في أزقة ضيقة، فيُرعبون جيوشًا مدججة لا تعرف إلا الهزيمة أمام إرادة الإيمان.
غزة صنعت النموذج، وقالت للأمة: "إن كنتم تريدون النصر.. فهكذا يكون الثبات".
نداء إلى الأمة والشباب
يا أمة الإسلام، يا شباب الأمة، غزة اليوم ليست وحدها؛ إنها امتحان لنا جميعًا:
إما أن نكون من أهل النصرة والصدق..
أو أن نُسجّل في صحائف التاريخ مع الخونة والمتخاذلين.
يا شباب الأمة، إن غزة تقول لكم: "هذا زمانكم، هذا ميدانكم، هذا امتحان رجولتكم". فلا تخذلوا فلسطين كما خُذلت بغداد والأندلس، ولا تسمحوا أن يُكتب على جبينكم عار الصمت والحياد.
وفي الختام..
رغم الظلم العالمي، رغم الخيانة، رغم الحصار، فإن البشائر تتوالى.
قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7].
وقال النبي ﷺ: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
وغزة اليوم هي الطائفة المنصورة، وهي البشارة للأمة أن الفجر قريب، وأن الطوفان المبارك لم يكن إلا بداية النهاية للعلو اليهودي، وبداية عهدٍ جديد للأمة المجاهدة.
فالسلام على غزة، والسلام على المجاهدين، والسلام على كل قلب ما زال يحمل الأمل ويصدح بالحق، حتى يأذن الله بالفتح المبين.
غزة اليوم ليست جغرافيا محاصرة، بل روح متدفقة، وصرخة في وجه الطغيان، وشعلة أملٍ للأحرار في كل مكان. لقد طهَّر الطوفان المبارك الصفوف، وكشف الأقنعة، وأبان عن معادن الرجال والأنظمة والشعوب، فارتفع أقوام بالصدق والثبات، وسقط آخرون في وحل الخيانة والخذلان.
سلام على غزة
سلام على غزة.. سلام على أبطالها الذين باعوا أرواحهم لله، فصاروا مشاعل على درب الحرية.
سلام على نسائها الصابرات اللواتي يقدمن أبناءهن قرابين عزّ وفداء، وهن أكثر ثباتًا من الجبال.
سلام على أطفالها الذين وُلدوا بين ركام البيوت، لكنهم يرفعون الرايات ويهتفون: "الموت ولا المذلة".
سلام على علمائها الذين يُذكِّرون الأمة بأن طريق القدس يبدأ من القرآن، وأن النصر وعد رباني لا يتخلَّف.
سلام على شهدائها الذين سبقونا إلى جنات عرضها السماوات والأرض.
تاريخ طويل من الخذلان
غزة وذاكرة الخيانة
غزة لم تكشف فقط خيانة اليوم، بل أعادت للأمة ذاكرتها الجريحة يوم خان ابن العلقمي بغداد وأسلمها للتتار، فانتهى مجد قرون بسقوط عاصمة الخلافة.
يوم خانت الطوائف في الأندلس، فاستُدرج المسلمون مدينةً مدينة، حتى سقطت غرناطة وانطفأ النور بعد ثمانية قرون.
يوم اجتمع الإنجليز والفرنسيون على سايكس – بيكو، وخان الحكام يومها الأمانة، فقُسِّمت الأمة إلى دويلات ضعيفة تتنازع ولا تجتمع.
واليوم نرى الخيانة تتكرر، في مؤامرات التطبيع، وفي ضربات الطعن في الظهر، بل حتى في ديار قريبة كالدوحة التي طالما ظنها الناس ملاذًا، فإذا بها تسدّد ضربةً مُوجعة في خاصرة غزة.
الخذلان ليس حدثًا عابرًا، بل لعنة تصيب الأمة:
يزرع التمزق بين الصفوف..
يقتل الثقة بين الشعوب وحكامها..
يُطفئ جذوة الأمل في قلوب الضعفاء..
يُضعف صوت الحق ويُقوِّي شوكة الباطل..
لكن رغم ذلك، يبقى الصادقون في الميدان، يُعيدون بناء الثقة بدمائهم وأشلائهم وصمودهم.
رغم كل هذا الخذلان، وقفت غزة شامخة.. بيت يُقصف.. فيخرج الطفل من بين الركام يرفع إصبعه بالتوحيد.
أمٌّ تفقد أبناءها، فتقول: "الحمد لله الذي شرّفني بالشهادة".
مجاهدون يقاتلون في أزقة ضيقة، فيُرعبون جيوشًا مدججة لا تعرف إلا الهزيمة أمام إرادة الإيمان.
غزة صنعت النموذج، وقالت للأمة: "إن كنتم تريدون النصر.. فهكذا يكون الثبات".
نداء إلى الأمة والشباب
يا أمة الإسلام، يا شباب الأمة، غزة اليوم ليست وحدها؛ إنها امتحان لنا جميعًا:
إما أن نكون من أهل النصرة والصدق..
أو أن نُسجّل في صحائف التاريخ مع الخونة والمتخاذلين.
يا شباب الأمة، إن غزة تقول لكم: "هذا زمانكم، هذا ميدانكم، هذا امتحان رجولتكم". فلا تخذلوا فلسطين كما خُذلت بغداد والأندلس، ولا تسمحوا أن يُكتب على جبينكم عار الصمت والحياد.
وفي الختام..
رغم الظلم العالمي، رغم الخيانة، رغم الحصار، فإن البشائر تتوالى.
قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7].
وقال النبي ﷺ: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
وغزة اليوم هي الطائفة المنصورة، وهي البشارة للأمة أن الفجر قريب، وأن الطوفان المبارك لم يكن إلا بداية النهاية للعلو اليهودي، وبداية عهدٍ جديد للأمة المجاهدة.
فالسلام على غزة، والسلام على المجاهدين، والسلام على كل قلب ما زال يحمل الأمل ويصدح بالحق، حتى يأذن الله بالفتح المبين.
❤20
كان من المتوقع من عودة سيد من أمريكا أن يكون هو أحد جُند الحكومة المصرية ومؤيديها! ولكن إذا أراد الله أمراً فلا مكان لإرادة الناس، وهذه سنة إلهية ولكن أكثر الناس لا يعلمون؛ فقد أصبح سيد قطب من كبار المعارضين للحكومة.
من مقال سيد قطب: حياته، فكره وأعماله
بقلم: أ.د. خير الدين خوجة الكوسوفي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/jj8i
من مقال سيد قطب: حياته، فكره وأعماله
بقلم: أ.د. خير الدين خوجة الكوسوفي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/jj8i
❤15
فاذكُرْ يَا تارِيخُ في سِجِلِّ العِزَّةِ؛ أنَّ غَزَّةَ كَتَبَتْ سُطُورَكَ بِدِمَاءِ الشُّـ.ـهَدَاءِ، والعُلَماءِ، والصُّلَحاءِ، ثُم وَشَّحَتها بِأشْـ.ـلاءِ الضُّعَفَاءِ مِن الأبْرِيَاء؛ كَالنِّساءِ، والأَطفَالِ الرُّضَّعِ، والشُّيُوخِ الرُّكَّعِ، دِفَاعًا عَنِ الأقْصَى، وشَرَفِ الْمِلَّةِ، ورَايَةِ الدِّينِ.
من مقال: مَقامَةُ القَاماتِ في طُوفَـ.ـانِ الأَقْـ.ـصَى
بقلم: أ.د. جمال بن عمار الأحمر الأنصاري - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ بالجزائر
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/06nl
من مقال: مَقامَةُ القَاماتِ في طُوفَـ.ـانِ الأَقْـ.ـصَى
بقلم: أ.د. جمال بن عمار الأحمر الأنصاري - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ بالجزائر
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/06nl
❤22
ولدتُ في حي فقير، حيث المنازل مبنية من الطوب والطين، والأزقة مليئة بالأتربة والمياه الراكدة بعد كل مطر. أبي كان عامل بناء بسيط، وأمي كانت تعمل خادمة في البيوت. لم نكن متدينين، بل كنا نؤمن بالخرافات القديمة؛ نضع تمائم حول الرقاب، نخاف الأرواح، ونعتقد أن بعض الأحداث لا يمكن تفاديها إلا بالطقوس.
كبرت وأنا أرى العالم من حولي مليئًا بالصعوبات: ضوضاء المدينة، عمالة الأطفال في الشوارع، فقراء بلا مأوى، سجون مزدحمة، مرضى بلا علاج. لم أكن أفهم لماذا يحدث كل هذا، ولماذا أنا محاصر في هذا الواقع.
منذ صغري، أحببت العمل اليدوي. درست قليلاً، لكنني انخرطت سريعًا في ورشة البناء التي أدارها عمي. كل يوم كان يبدأ عند الفجر، أصحو مع صوت المطارق، وأنتهي في المساء وأنا مُنهك. الحياة كانت مجرد روتين: عمل، نوم، أكل، وربما صراخ أو جدال مع زملاء العمل.
كنت أظن أن هذا كل ما في الحياة، حتى حدثت لي سلسلة من المشكلات المختلفة: مرض أحد أقاربي، فشل مشروع صغير حاولت تمويله، مشاجرات مع الجيران. شعرت أنني أفشل في كل شيء، وأن حياتي بلا معنى.
في أحد الأيام، بينما كنت أستريح بعد العمل، تصفحت هاتفي بملل على فيسبوك. وسط المنشورات المتكررة ، لفت انتباهي منشور بسيط من مشروع يدعو إلى الإسلام باسم " مشروع بصيرة " مكتوب فيه:
“هل تبحث عن السلام النفسي والطمأنينة؟ هل تريد أن تعرف سبب وجودك في هذه الحياة؟ نحن هنا لنجيبك”.
توقفت عند الكلمات. شعرت بشيء غريب في داخلي، كأنها موجهة لي شخصيًا. في أسفل الصفحة كان هناك زر: “ابدأ الحوار الآن مع داعية”. ضغطت على الرابط.. ترددت قليلاً، ثم كتبت:
“مرحبًا، اسمي ميشيل. أنا لا أعرف شيئًا عن الإسلام، لكنني أبحث عن معنى لحياتي”.
رد عليّ الداعية بسرعة: “أهلاً بك يا ميشيل، يسعدني الحديث معك. أخبرني، ما الذي يشغل بالك أكثر؟”
كتبت له بصراحة:
“أشعر أن حياتي بلا معنى.. كل يوم مجرد ضجيج وغبار وألم. أريد أن أفهم: مَن خلقنا؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل هناك بالفعل حياة بعد الموت أم أنها النهاية؟”
ابتسم في كلماته رغم أنني لم أره، وقال:
“هذه أسئلة عميقة يا ميشيل، وهي بداية الطريق نحو فهم حياتك. في الإسلام نؤمن أن الله واحد، خالق كل شيء، وأن الحياة ليست عبثًا. خلقنا لنعبده، وكل تجربة نمر بها لها حكمة، ولو لم نفهمها الآن”.
بدأت أسأله أسئلة أكثر تحديدًا:
• “لماذا يوجد الفقراء والمعذبون؟”
• “أين الله؟”
• “ماذا يحدث بعد الموت؟ هل هناك أمل؟”
كان يجيب بهدوء وبلغة بسيطة، ويرسل لي مقاطع قصيرة وصورًا مكتوبة من القرآن مترجمة للفرنسية: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35].
شعرت لأول مرة أن الكلمات كانت تخاطب قلبي مباشرة، لا عقلي فقط.
مر الوقت وأنا أطرح أسئلتي، وكل جواب يهدئ جزءًا من قلبي المتعب. شعرت أن هناك شيئًا أكبر من كل هذه الضوضاء والضياع الذي كنت أعيش فيه.
ثم جاء اللحظة التي شعرت فيها باليقين:
قلت له: “أريد أن أعرف كيف أصبح مسلمًا؟”
كتب لي بحماسة هادئة: “نعم يا ميشيل، يمكنك أن تنطق بالشهادتين الآن. ردد معي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله أن عيسى عبد الله ورسوله”.
كررتها ببطء، والدموع تملأ عينيّ. شعرت وكأن كل الأحمال الثقيلة التي حملتها طوال حياتي ذهبت في لحظة. شعرت بالسكينة لأول مرة، بشعور لا يوصف بالكلمات.
بعد النطق بالشهادتين مباشرة، أرسل لي الداعية روابط لتعليم الصلاة، الوضوء، ونسخ مترجمة من القرآن. بدأت أتدرّب على الوضوء، أصلي ركعتين، وأستمع للترجمة. لم أكن أعرف كل التفاصيل، لكن قلبي كان مطمئنًا، وروحي شعرت بالسلام.
في اليوم التالي، شعرت بالفرق في كل شيء حولي: الأصوات لم تعد مزعجة، حتى الغبار في الورشة بدا أقل صخبًا.. وجدت طريقًا للسلام.
مع مرور الأيام، صرت أرتب حياتي حول الصلوات. أستيقظ قبل الفجر لأصلي ركعتين، وأقرأ القرآن المترجم بانتظام. بدأت ألاحظ نفسي أتعامل بصبر أكثر مع زملائي في الورشة، لا أغضب بسرعة، ولا أنفعل كما كنت أفعل سابقًا.
أكثر لحظة مؤثرة كانت حين جلست وحدي على سطح المنزل أراقب المدينة المزدحمة، وأفكر في حياتي السابقة: كل الضجيج، الفوضى، الغبار.. وكل ذلك بدا وكأنه لم يكن إلا طريقًا للوصول إلى هذه اللحظة. شعرت أن الله يراقبني برحمة، وأن حياتي ليست عبثًا.
اليوم، أنا أعيش حياة مختلفة: أصلي، أقرأ القرآن، أتعلم تعاليم الإسلام خطوة خطوة، وأحاول أن أكون مثالًا صادقًا لزملائي وعائلتي. لم أعد أرى الحياة مجرد روتين، بل فرصة للعبادة والخير، ولتحقيق المعنى الذي كنت أبحث عنه طيلة سنواتي.
كنت ضائعًا، محاصرًا بين الضجيج والغبار، حتى جاءت يد تهديني، وفتحت لي أبواب نور الإسلام.
الحمد لله الذي هداني، وأسأله الثبات، وأن أكون دائمًا على صراطه المستقيم، حتى ألقاه برضا ونعيم أبدي.
شكراً مشروع بصيرة.
كبرت وأنا أرى العالم من حولي مليئًا بالصعوبات: ضوضاء المدينة، عمالة الأطفال في الشوارع، فقراء بلا مأوى، سجون مزدحمة، مرضى بلا علاج. لم أكن أفهم لماذا يحدث كل هذا، ولماذا أنا محاصر في هذا الواقع.
منذ صغري، أحببت العمل اليدوي. درست قليلاً، لكنني انخرطت سريعًا في ورشة البناء التي أدارها عمي. كل يوم كان يبدأ عند الفجر، أصحو مع صوت المطارق، وأنتهي في المساء وأنا مُنهك. الحياة كانت مجرد روتين: عمل، نوم، أكل، وربما صراخ أو جدال مع زملاء العمل.
كنت أظن أن هذا كل ما في الحياة، حتى حدثت لي سلسلة من المشكلات المختلفة: مرض أحد أقاربي، فشل مشروع صغير حاولت تمويله، مشاجرات مع الجيران. شعرت أنني أفشل في كل شيء، وأن حياتي بلا معنى.
في أحد الأيام، بينما كنت أستريح بعد العمل، تصفحت هاتفي بملل على فيسبوك. وسط المنشورات المتكررة ، لفت انتباهي منشور بسيط من مشروع يدعو إلى الإسلام باسم " مشروع بصيرة " مكتوب فيه:
“هل تبحث عن السلام النفسي والطمأنينة؟ هل تريد أن تعرف سبب وجودك في هذه الحياة؟ نحن هنا لنجيبك”.
توقفت عند الكلمات. شعرت بشيء غريب في داخلي، كأنها موجهة لي شخصيًا. في أسفل الصفحة كان هناك زر: “ابدأ الحوار الآن مع داعية”. ضغطت على الرابط.. ترددت قليلاً، ثم كتبت:
“مرحبًا، اسمي ميشيل. أنا لا أعرف شيئًا عن الإسلام، لكنني أبحث عن معنى لحياتي”.
رد عليّ الداعية بسرعة: “أهلاً بك يا ميشيل، يسعدني الحديث معك. أخبرني، ما الذي يشغل بالك أكثر؟”
كتبت له بصراحة:
“أشعر أن حياتي بلا معنى.. كل يوم مجرد ضجيج وغبار وألم. أريد أن أفهم: مَن خلقنا؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل هناك بالفعل حياة بعد الموت أم أنها النهاية؟”
ابتسم في كلماته رغم أنني لم أره، وقال:
“هذه أسئلة عميقة يا ميشيل، وهي بداية الطريق نحو فهم حياتك. في الإسلام نؤمن أن الله واحد، خالق كل شيء، وأن الحياة ليست عبثًا. خلقنا لنعبده، وكل تجربة نمر بها لها حكمة، ولو لم نفهمها الآن”.
بدأت أسأله أسئلة أكثر تحديدًا:
• “لماذا يوجد الفقراء والمعذبون؟”
• “أين الله؟”
• “ماذا يحدث بعد الموت؟ هل هناك أمل؟”
كان يجيب بهدوء وبلغة بسيطة، ويرسل لي مقاطع قصيرة وصورًا مكتوبة من القرآن مترجمة للفرنسية: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35].
شعرت لأول مرة أن الكلمات كانت تخاطب قلبي مباشرة، لا عقلي فقط.
مر الوقت وأنا أطرح أسئلتي، وكل جواب يهدئ جزءًا من قلبي المتعب. شعرت أن هناك شيئًا أكبر من كل هذه الضوضاء والضياع الذي كنت أعيش فيه.
ثم جاء اللحظة التي شعرت فيها باليقين:
قلت له: “أريد أن أعرف كيف أصبح مسلمًا؟”
كتب لي بحماسة هادئة: “نعم يا ميشيل، يمكنك أن تنطق بالشهادتين الآن. ردد معي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله أن عيسى عبد الله ورسوله”.
كررتها ببطء، والدموع تملأ عينيّ. شعرت وكأن كل الأحمال الثقيلة التي حملتها طوال حياتي ذهبت في لحظة. شعرت بالسكينة لأول مرة، بشعور لا يوصف بالكلمات.
بعد النطق بالشهادتين مباشرة، أرسل لي الداعية روابط لتعليم الصلاة، الوضوء، ونسخ مترجمة من القرآن. بدأت أتدرّب على الوضوء، أصلي ركعتين، وأستمع للترجمة. لم أكن أعرف كل التفاصيل، لكن قلبي كان مطمئنًا، وروحي شعرت بالسلام.
في اليوم التالي، شعرت بالفرق في كل شيء حولي: الأصوات لم تعد مزعجة، حتى الغبار في الورشة بدا أقل صخبًا.. وجدت طريقًا للسلام.
مع مرور الأيام، صرت أرتب حياتي حول الصلوات. أستيقظ قبل الفجر لأصلي ركعتين، وأقرأ القرآن المترجم بانتظام. بدأت ألاحظ نفسي أتعامل بصبر أكثر مع زملائي في الورشة، لا أغضب بسرعة، ولا أنفعل كما كنت أفعل سابقًا.
أكثر لحظة مؤثرة كانت حين جلست وحدي على سطح المنزل أراقب المدينة المزدحمة، وأفكر في حياتي السابقة: كل الضجيج، الفوضى، الغبار.. وكل ذلك بدا وكأنه لم يكن إلا طريقًا للوصول إلى هذه اللحظة. شعرت أن الله يراقبني برحمة، وأن حياتي ليست عبثًا.
اليوم، أنا أعيش حياة مختلفة: أصلي، أقرأ القرآن، أتعلم تعاليم الإسلام خطوة خطوة، وأحاول أن أكون مثالًا صادقًا لزملائي وعائلتي. لم أعد أرى الحياة مجرد روتين، بل فرصة للعبادة والخير، ولتحقيق المعنى الذي كنت أبحث عنه طيلة سنواتي.
كنت ضائعًا، محاصرًا بين الضجيج والغبار، حتى جاءت يد تهديني، وفتحت لي أبواب نور الإسلام.
الحمد لله الذي هداني، وأسأله الثبات، وأن أكون دائمًا على صراطه المستقيم، حتى ألقاه برضا ونعيم أبدي.
شكراً مشروع بصيرة.
❤26
وإن أنس لا أنسى ما نزل بالإخوان المسلمين في كثير من البلاد العربية -خصوصاً مصر- من التفنن في تعذيب شبابهم وشيوخهم وأطفالهم ونسائهم بصورة يشيب لهولها الوليد، ويبكي عند سماعها الحجر الصلد.
من مقال: ماذا يُدبَّر للمسلمين؟
بقلم: الشيخ حسن أيوب - رحمه الله
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/pzq1
من مقال: ماذا يُدبَّر للمسلمين؟
بقلم: الشيخ حسن أيوب - رحمه الله
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/pzq1
❤20👍3
أجاب القسام: "لن نستسلم هذا جهاد في سبيل الله". ثم هتف بأصحابه: "موتوا شهداء" فردَّد الجميع: "الله أكبر الله أكبر".
فاستشهد في المعركة القائد عزّ الدين القسام، وثلاثة من أصحابه هم: يوسف عبد الله الزيباوي -بالزاي- نسبة إلى قرية (الزيب) في قضاء عكا. وعطية أحمد المصري، وأحمد سعيد الحسان، من (نزلة زيد).
من مقال: يوم استشهاد القسام
بقلم محمد حسن شراب - المؤرخ الغزي الفلسطيني
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/yd07
فاستشهد في المعركة القائد عزّ الدين القسام، وثلاثة من أصحابه هم: يوسف عبد الله الزيباوي -بالزاي- نسبة إلى قرية (الزيب) في قضاء عكا. وعطية أحمد المصري، وأحمد سعيد الحسان، من (نزلة زيد).
من مقال: يوم استشهاد القسام
بقلم محمد حسن شراب - المؤرخ الغزي الفلسطيني
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/yd07
❤34
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
خلال ثوانٍ دار ذلك الشريط الطويل بذكريات السريرة في ذاكرتي وأنا أتكئ على أحد الكراسي إلى جواري، هم من حولي يضحكون ويشربون القهوة والشاي ويقهقهون في غاية السعادة والسرور، كثيرة تلك الذكريات المريرة التي انطبعت في ذاكرتي ولن تنمحي أبداً، والتي سرعان ما تقفز لقطات منها أمام مخيلتي أمام أي حدث يفجر ينبوع الذكريات.
من مقال "غوص في نفسية الفلسطيني"
بقلم القائد الشهيد #يحيى_السنوار - تقبّله الله
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
من مقال "غوص في نفسية الفلسطيني"
بقلم القائد الشهيد #يحيى_السنوار - تقبّله الله
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
❤22
في الذكرى الأولى لاستشهاد القائد #يحيى_السنوار.. نعيد نشر العدد 30 من مجلة أنصار النبي والذي يحتوي على ملف كامل عن الشهيد رحمه الله.
https://supportprophetm.com/wp-content/uploads/2024/11/%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-30.pdf
https://supportprophetm.com/wp-content/uploads/2024/11/%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-30.pdf
❤18
لَيسَ فِي قِطاعِ غزَّةَ شَيءٌ مِن مُقَوِّماتِ القِتالِ إذْ لا هِضَابَ وَلا جِبَالَ وَلا مَـجالَ؛ فالـهِرْتِزَالِيُّونَ الزَّائِلُون يُـحاصِرُونَـها مِن الجَوّ والبَـحرِ ومِن غَالبِ البَـرّ، فيَمنَعُونَ عنْها الدَّواءَ والكَهرَباءَ والْـماءَ، لكنَّ هِـمَمَ الرِّجالِ لا تَعرفُ النَّكالَ بَل تَتَحدَّى الْمُحَال!
ذَكَرْتَ لي بفَخرٍ صادِقٍ، يا تَارِيخُ، أنَّ غزَّةَ في الأرْضِ المباركةِ فِلَسطينَ أرْضِ الأنْبِياء. ارتَضَاها هَاشِمٌ جَدُّ النَّبِيِّ ﷺ، وكَانتْ مَهْدَ الشَّافِعِيّ.
بَعدَ احتِلالِ مَثِيلاتِـها بِفِلسْطِينَ، احتلَّها المخَرِّفُونَ بِذِكرِ صُهْيُونَ (1387-1425هـ)، ثم استَبَاحُوهَا اليَومَ يُريدُونَهَا والأَقْصَى أندَلُسًا لا تَعُودُ، كمَا الفِردَوسِ المفقُودِ، وهَيهَاتَ هَيهَاتَ في الأُولى والآخِرَة. ودَلِيلُنا القَاطِعُ، وبُرهَانُنا السَّاطعُ أنَّ طُوفانَ الأَقصَى طَمَّ مِنْها، إذْ لَا حَلَّ إِلّا بِالقِتَالِ؛ ففَضَحَ أدْرَانَ عُلُوِّ اليَهُودِ، وَأَخرَجَ أضْغَانَ كُلِّ عَرَبِي كَنُودٍ، وكَشَفَ الظُّلْمَ في كُلِّ شِبرٍ مِنَ العَالَـم.
فاذكُرْ يَا تارِيخُ في سِجِلِّ العِزَّةِ؛ أنَّ غَزَّةَ كَتَبَتْ سُطُورَكَ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ، والعُلَماءِ، والصُّلَحاءِ، ثُم وَشَّحَتها بِأشْلاءِ الضُّعَفَاءِ مِن الأبْرِيَاء؛ كَالنِّساءِ، والأَطفَالِ الرُّضَّعِ، والشُّيُوخِ الرُّكَّعِ، دِفَاعًا عَنِ الأقْصَى، وشَرَفِ الْمِلَّةِ، ورَايَةِ الدِّينِ، وكَرَامَةِ البَشَرِيَّة.
بِدَايَتُها شَيخٌ اسـمُه أحمَد يَاسِين؛ المؤَسِّسُ الشَّهِيدُ، نَـحسَبُه! قَعِيدٌ لا يَتَحَرَّك إِلَّا رَأسُهُ فَحَرَّك العَالَـم. وفي صَدْرِهِ هِـمَّةٌ قَعْساءُ، عَجِزَ عنها كُلُّ الملُوكِ والرُّؤسَاءِ مِن الْـحُكّامِ الْـجَرَب! كانَ في شَبابهِ رَجُلًا لَيْسَ بِالطَّويلِ الـمُتَمَدِّدِ، ولا الْقَصيرِ الـمُتَرَدِّدِ، وصَارَ كهْلًا قَد ذهَبَ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ، وبقِيَ خُبْرُهُ وسَبْرُهُ. مثَلَ مُثولَ منْ يسمَعُ وينظُرُ حُلُولَ قَادةِ العَرَبِ في شَأنِ فِلَسطِينَ، والتَقط ما نثَرُوا إلى أن نُفِضَتِ الأكياسُ، وحَصْحَصَ الْيَاسُ، فَأنْشَا حَـمَاس (1407هـ).
أبْنَاؤُه مِن رُؤُوسِ "حَـركَة المقَاوَمَةِ الإسْلامِيّة"؛ سَعِدُوا مِنْه بالدِّينِ الْمَتِينِ، وَلَمْ يَعْمُوا عَنِ الحَقِّ الْمُبِينِ، نَـحسَبُهم. لم يجِدُوا نَـجْدَةً، وخَابَ كُلُّ حَاكِمٍ خَذُولٍ زَنِيمٍ، وَخَوَّارٍ أَثِيم. فاضطُرَّ أهلُ الإِيمانِ والطّهَارَة لأَنْ يَتَـحالَفوا عَلى عَدوِّهم اليَهوديِّ مَع الشِّيعَة. ومِن حقِّهِم في الشَّرِيعَة؛ أن يتَحَالَفوا مَع أَهلِ الكُفرِ وأَصحَابِ العَقَائدِ الشَّنِيعَة. تَسُوسُهُم قَامَاتٌ وُجُوهُهَا حِسَانٌ، ولَكِن نَقَم مِنْهم عَبِيدُ الأمْريكَانِ، لِكُفْرِهِم بِالطُّغيَان.
وَأئِمَّةُ حَـماسٍ ألّفَتْ شمْلَهُمْ أُلفَةَ الأُخوَّة في اللهِ حَتى ساوَتْ بينهُم في الرُّتَبِ، فَلاحُوا مثلَ كَواكِبِ الجوْزاءِ، وبدَوْا كالجُملَةِ الـمُتناسِبَةِ الأجْزاءِ. هُم عَبَاقِرةُ العُلومِ السِّياسيّة، وأئِمَّةُ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّة، تَصْحَبُهُم سَوْدَاوَاتٌ نَوَاطِقُ بِالنَّارِ لتَغْسِلَ العَار!
وأبناءُ حَـماسٍ حَكَمُوا غَزة فِي 1427هـ، فصَارَت لَـهُم بِـها أَنْدِيَةٌ يَنْتَابُها القَوْلُ والفِعْلُ؛ إذ أَفَاضُوا في آدَابِ الأُخُوَّةِ بَينَ أفْرادِ جماعَتِهم لإِحكَامِ مَعَاقِدِهَا الشَّرعيَّةِ. يَتَقَاسُمونَ الأدْوَارَ بِـحِكْمَةٍ بَينَهُم، وَتَحدُوهُم رِسَالَة؛ فلِكُلِّ عَمَلٍ رِجَالٌ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَلِكُلِّ دَارٍ سُكَّانٌ، ولِكُلِّ مَرْحَلَةٍ مُنَظِّرُونَ ومُـخَطِّطُونَ وقَادةٌ وسَاسَةٌ وحُكَّامٌ!
ووِفْق شَريعَةِ الله، تَشَاورُوا مع شَعبِهِم فِي العَيشِ المشتَرَك لِيَضْبِطُوا أُمُورَه، وَفي الأُنْسِ لِيَتَهَادَوْا سُرُورَه، وَفي مَنافعِ النُّورِ لِيَتَقَاضَوْا حُبُورَهُ، وَفي فَائِتِ الحَظِّ ليتَلافَوْا غُبُورَهُ!
واستُشهِدَ منْهُمُ الطَّبيبُ الرَّنتِيسِيُّ، وصلاحُ الدِّين دَروزَة، وجَـمَالُ سَلِيمٍ، وجَـمَالُ مَنْصُورٍ. واستُشهِد في طُوفَانِ الأَقصَى أَحمدُ بَـحر، وصَالِـحُ العَارُورِيُّ، وإِسْماعِيلُ هَنِيَّة، ويحْيَى السِّنْوَار، وجمعٌ مِن البَقِيّةِ، نَحسَبُهم.
فهِمَ قادةُ الجنَاحِ العَسْكَرِيِّ "كتائبِ الشَّهيدِ عِزّ الدِّينِ القَسَّام" عام 1411هـ أنَّ تَأجيلَ القِتالِ وبَالٌ ما دامَ الموتُ واحدًا. عنْدَها استَجمَعوا القُوَّة وعَمَدوا إلى خُطَّةِ "اضرِبِ الجيْشَ بِالجيْشِ يحْظَى شَعبُك بِلَذّةِ العَيْش، في الدُّنيا والآخِرَة".
ذَكَرْتَ لي بفَخرٍ صادِقٍ، يا تَارِيخُ، أنَّ غزَّةَ في الأرْضِ المباركةِ فِلَسطينَ أرْضِ الأنْبِياء. ارتَضَاها هَاشِمٌ جَدُّ النَّبِيِّ ﷺ، وكَانتْ مَهْدَ الشَّافِعِيّ.
بَعدَ احتِلالِ مَثِيلاتِـها بِفِلسْطِينَ، احتلَّها المخَرِّفُونَ بِذِكرِ صُهْيُونَ (1387-1425هـ)، ثم استَبَاحُوهَا اليَومَ يُريدُونَهَا والأَقْصَى أندَلُسًا لا تَعُودُ، كمَا الفِردَوسِ المفقُودِ، وهَيهَاتَ هَيهَاتَ في الأُولى والآخِرَة. ودَلِيلُنا القَاطِعُ، وبُرهَانُنا السَّاطعُ أنَّ طُوفانَ الأَقصَى طَمَّ مِنْها، إذْ لَا حَلَّ إِلّا بِالقِتَالِ؛ ففَضَحَ أدْرَانَ عُلُوِّ اليَهُودِ، وَأَخرَجَ أضْغَانَ كُلِّ عَرَبِي كَنُودٍ، وكَشَفَ الظُّلْمَ في كُلِّ شِبرٍ مِنَ العَالَـم.
فاذكُرْ يَا تارِيخُ في سِجِلِّ العِزَّةِ؛ أنَّ غَزَّةَ كَتَبَتْ سُطُورَكَ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ، والعُلَماءِ، والصُّلَحاءِ، ثُم وَشَّحَتها بِأشْلاءِ الضُّعَفَاءِ مِن الأبْرِيَاء؛ كَالنِّساءِ، والأَطفَالِ الرُّضَّعِ، والشُّيُوخِ الرُّكَّعِ، دِفَاعًا عَنِ الأقْصَى، وشَرَفِ الْمِلَّةِ، ورَايَةِ الدِّينِ، وكَرَامَةِ البَشَرِيَّة.
بِدَايَتُها شَيخٌ اسـمُه أحمَد يَاسِين؛ المؤَسِّسُ الشَّهِيدُ، نَـحسَبُه! قَعِيدٌ لا يَتَحَرَّك إِلَّا رَأسُهُ فَحَرَّك العَالَـم. وفي صَدْرِهِ هِـمَّةٌ قَعْساءُ، عَجِزَ عنها كُلُّ الملُوكِ والرُّؤسَاءِ مِن الْـحُكّامِ الْـجَرَب! كانَ في شَبابهِ رَجُلًا لَيْسَ بِالطَّويلِ الـمُتَمَدِّدِ، ولا الْقَصيرِ الـمُتَرَدِّدِ، وصَارَ كهْلًا قَد ذهَبَ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ، وبقِيَ خُبْرُهُ وسَبْرُهُ. مثَلَ مُثولَ منْ يسمَعُ وينظُرُ حُلُولَ قَادةِ العَرَبِ في شَأنِ فِلَسطِينَ، والتَقط ما نثَرُوا إلى أن نُفِضَتِ الأكياسُ، وحَصْحَصَ الْيَاسُ، فَأنْشَا حَـمَاس (1407هـ).
أبْنَاؤُه مِن رُؤُوسِ "حَـركَة المقَاوَمَةِ الإسْلامِيّة"؛ سَعِدُوا مِنْه بالدِّينِ الْمَتِينِ، وَلَمْ يَعْمُوا عَنِ الحَقِّ الْمُبِينِ، نَـحسَبُهم. لم يجِدُوا نَـجْدَةً، وخَابَ كُلُّ حَاكِمٍ خَذُولٍ زَنِيمٍ، وَخَوَّارٍ أَثِيم. فاضطُرَّ أهلُ الإِيمانِ والطّهَارَة لأَنْ يَتَـحالَفوا عَلى عَدوِّهم اليَهوديِّ مَع الشِّيعَة. ومِن حقِّهِم في الشَّرِيعَة؛ أن يتَحَالَفوا مَع أَهلِ الكُفرِ وأَصحَابِ العَقَائدِ الشَّنِيعَة. تَسُوسُهُم قَامَاتٌ وُجُوهُهَا حِسَانٌ، ولَكِن نَقَم مِنْهم عَبِيدُ الأمْريكَانِ، لِكُفْرِهِم بِالطُّغيَان.
وَأئِمَّةُ حَـماسٍ ألّفَتْ شمْلَهُمْ أُلفَةَ الأُخوَّة في اللهِ حَتى ساوَتْ بينهُم في الرُّتَبِ، فَلاحُوا مثلَ كَواكِبِ الجوْزاءِ، وبدَوْا كالجُملَةِ الـمُتناسِبَةِ الأجْزاءِ. هُم عَبَاقِرةُ العُلومِ السِّياسيّة، وأئِمَّةُ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّة، تَصْحَبُهُم سَوْدَاوَاتٌ نَوَاطِقُ بِالنَّارِ لتَغْسِلَ العَار!
وأبناءُ حَـماسٍ حَكَمُوا غَزة فِي 1427هـ، فصَارَت لَـهُم بِـها أَنْدِيَةٌ يَنْتَابُها القَوْلُ والفِعْلُ؛ إذ أَفَاضُوا في آدَابِ الأُخُوَّةِ بَينَ أفْرادِ جماعَتِهم لإِحكَامِ مَعَاقِدِهَا الشَّرعيَّةِ. يَتَقَاسُمونَ الأدْوَارَ بِـحِكْمَةٍ بَينَهُم، وَتَحدُوهُم رِسَالَة؛ فلِكُلِّ عَمَلٍ رِجَالٌ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَلِكُلِّ دَارٍ سُكَّانٌ، ولِكُلِّ مَرْحَلَةٍ مُنَظِّرُونَ ومُـخَطِّطُونَ وقَادةٌ وسَاسَةٌ وحُكَّامٌ!
ووِفْق شَريعَةِ الله، تَشَاورُوا مع شَعبِهِم فِي العَيشِ المشتَرَك لِيَضْبِطُوا أُمُورَه، وَفي الأُنْسِ لِيَتَهَادَوْا سُرُورَه، وَفي مَنافعِ النُّورِ لِيَتَقَاضَوْا حُبُورَهُ، وَفي فَائِتِ الحَظِّ ليتَلافَوْا غُبُورَهُ!
واستُشهِدَ منْهُمُ الطَّبيبُ الرَّنتِيسِيُّ، وصلاحُ الدِّين دَروزَة، وجَـمَالُ سَلِيمٍ، وجَـمَالُ مَنْصُورٍ. واستُشهِد في طُوفَانِ الأَقصَى أَحمدُ بَـحر، وصَالِـحُ العَارُورِيُّ، وإِسْماعِيلُ هَنِيَّة، ويحْيَى السِّنْوَار، وجمعٌ مِن البَقِيّةِ، نَحسَبُهم.
فهِمَ قادةُ الجنَاحِ العَسْكَرِيِّ "كتائبِ الشَّهيدِ عِزّ الدِّينِ القَسَّام" عام 1411هـ أنَّ تَأجيلَ القِتالِ وبَالٌ ما دامَ الموتُ واحدًا. عنْدَها استَجمَعوا القُوَّة وعَمَدوا إلى خُطَّةِ "اضرِبِ الجيْشَ بِالجيْشِ يحْظَى شَعبُك بِلَذّةِ العَيْش، في الدُّنيا والآخِرَة".
❤14
إنهُم اختَارُوا طَريقَ الخنَادِقِ والبنَادِقِ، فاحْتَفُروا عَميقَ الأنفَاقِ في شَبَكَاتٍ حيَّرتِ خُبرَاءَ العَسكرِيَّةِ في العَالَـم حَتى صَارُوا يُدرِّسُونَـها في كُلِّياتِـهمُ الْـحَربِيَّة. وادَّخَرُوا السِّلاحَ والعَتَادَ والزَّادَ، حتى إذَا جَاءَ اليَوْمُ الأَسْوَدُ والـمَوْتُ الأَحْمَرُ، رَأَيتَ "كَتَائبَ القَسَّامِ" تَضْربُ اليَهُودَ بِكُلِّ نَارِيٍّ فَتَّاك مِنْ دُونِ الـمَسْجِدِ الأَقصَى، وَتُفَخِّخُ خَرَابَ المبَانِي فتُفَجِّرُ جُـمُوعَهُم، وتُردِي هَارِبَـهُم، وتَـمنَعُ عَنْهُم الإخْلَاءَ! عَيبُهُم أَنَّـهُم أَثْبَتُوا لَلْيَهُودِ نَفْعَ مَا أَلْبَسُوهُ مِن حَفَّاظَاتٍ لِلجُنُود!
بِرُوحِي خَارجًا مِن الأَنْفَاقِ، مُتمَوِّهًا بِالرُّكَامِ، ثم يَعْدُو حَافِيًا نَـحْوَ العَدُوِّ، لَـم يَهُدَّهُ الْـجُوعُ وضُمُورُ الضُّلُوعِ، فيَهجُمُ كالَّليثِ الْـهَصُورِ ويركُبُ رأسَ المركَبَة، فَيَفتَحُ عَلى الجنُودِ بَابَـها ويُلْقِي قُنْبُلتَه، ويَعُودُ عَدْوًا، فَتنْفجِر، وتَتْركُهُم أَشلاءً حَوابِسَ الْـخُرْدَة.
واستشهد في مَعركَةِ الطُّوفانِ مُـحمَّدُ الضِّيف، ونَائبُه مَروَان عِيسَى، نَـحسَبُهم. ومِـمَّن ترَكنَا مِئاتٌ بَل آلَافٌ فَالله يَعْرِفُهُم.
إنَّـهم أَضحَوا مَدرَسةً تَقُود فِكرَ المفَكِّرِينَ في العَالَـم؛ إذ سَحَرُوا اليَسَار وأَقعَدُوا اليَمِينَ. وحَرَّكُوا بَوَاقِي الهنُودِ الحمْرِ، وأيقَظُوا حركَةِ حقُوقِ السُّودِ، ونَبَّهوا الأقَلِّياتِ المضْطهَدَةِ، وشَجَّعوا منَاضِلِي الشَّتاتِ الأندلُسِيِّ والمورِيسْكِيِّ في العَالَـم، وأرشَدُوا المدافِعِينَ عَن حُقوقِ المستضْعَفِينَ، وحَالفُوا المحَارِبينَ لعُلُوِّ المستَكبِرِينَ في الأرْضِ بغَيرَ الحقِّ.
واشرَأَبَّتْ إليْهِم أعنَاقُ ذوِي الأفْكارِ السَّدِيدَةِ في الحقُوقِ البَشَرِيّة والعَدلِ الاجتِمَاعِي. وكَسَبُوا قُلُوبَ الشُّعوبِ المحبَّةِ للسِّلْمِ الدَّولِـيِّ. ونظرتْ بِـفِكرِهِم أَنظَارُ مَلايِينِ الناسِ مِن ذَوِي الـمُـعتقَدات العِديدَةِ في أُمَمٍ شَتَّى، بما يُكسِرُ هَيمَنَةَ العِرْقِ الأُسطُورِيِّ المخْتارِ.
وبِالطُّوفانِ عُرِفَتْ أَوْطانُ أهْلِ غزَّة وفِلَسطِينَ، وفُهِمَتْ أَوطَارُهُم، ودُرِستْ أَطْوارُهُم، وكثُرَتْ أنصارُهُم؛ إذْ فَضَحُوا خَطَرَ دَجَاجِلَةِ صُهْيُونَ عَلى البَشَرِيّة في المالِ والمآلِ، وَفي الاقتِصادِ، والسِّياسَةِ، والحرْبِ، والإعْلامِ، والفِكرِ، والعِلمِ، والتعْلِيمِ، والأعرَاقِ.
وغدَا رِجالُ غَزَّةَ أُمَناءَ الأَقْصى بَدَلَ المنَافِقِينَ، وأُعيدَتْ مَكانَةُ الأقْصَى إلى قَلْبِ فَلسْطِينَ بَعدَ مَكْرِ الماكِرِينَ، وأصَبحتْ فِلَسطِينُ عاصِمَةَ أحْرَارِ العَالم.
ومِنهُم أبو عُبيدَة؛ هذَا الذِي في الشَّرْقِ يُذْكَرُ، وفي الغَرْبِ لا يُنْكَرُ؛ وهُوَ مِنْ غزَّةَ الأَبِيَّة، مِنْ نَبْعَةٍ فِيهِمْ زَكِيَّة، نَـحسَبُه. وَدُونَ وجْهِهِ لِثَامٌ، لاَ تُميطُهُ الأَعْلاَمُ. إنَّه ابْنُ حُرَّةٍ؛ يطلُعُ عَلَى النَّاسِ طُلُوعَ الشَّمسِ، وَيغرُبُ عَنهم كَغُرُوبِها، لكِنَّهُ إن غَابَ لمْ يَغِبْ تَذْكارُهُ عَن أخبَارِ العَالَـم. إنَّهُ لَذُو أَنْفٍ وذُو أَنَفٍ، مَع صَدْرٍ لاَ يَبْرَحُهُ القَلْبُ، ولاَ يَسْكُنُهُ الرُّعْبُ. يَفْتَتِحُ الْكَلامَ بِالسَّلامِ، وَتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، ثُم يُفيضُ في حَديثِ الجهادِ والاسْتِشْهادِ بما يَبُثُّ في قُلوبِ جَيشِ اليَهودِ الإِرْعَاد! لا فُضَّ فُوه، ولا عاشَ مَن يَهجُوهُ. مَا يَحْرُمُ السُّكُوتُ إِلاَّ عَلَيْه، وَلا يَحِقُّ النُّطْقُ إِلاَّ لَه. وأَسَأَلُ اللهَ بَقَاءَهُ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي لِقَاءَهُ!
يا أَعدَاءَ الجِهَادِ في غَزّة وفِلَسطِين، أعْني المتَستِّرينَ بالسُّنة، والمتتَرِّسِين بالسّلَف وهُم مِنهُم بَراء! يَا أصْحابَ الدَّاءِ الدَّوِيِّ، تَنْتَحلُون زِيَّ العُلَماءِ وأنتُم مُعلِّمونَ مُتقاعِدُون مِن التَّعلِيم الابتِدَائيَّ! يَا أَعْدَاءَ القُرآنِ وَالحديثِ النَّبويّ، أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ تَسْتَهْزِئُونَ؟! إِنَّما مَرَقتُم بافْتِئاتِكُم خَبَثَ الحَديثِ، وأَنْتُمْ خَبَثُ الخَبِيثِ.
يا عَبدَ العَبيدِ، مَالَكَ لاَ أَبَا لَكَ؟ يَا ركَائِبَ العَلمانِـجِيِّين، وزَرَابي الحاكِمِينَ الظَّالِـمينَ، ومَخَابِيثَ الملُوكِ المتَأَمرِكِين، تَرَوْنَ رَأَيَهُمْ وتَأتَـمِرونَ بأمْرهِم إذْ خَصَّصُوكُم لِقِتَالَ المؤمِنِين! فَهاتِ هَاتِ يا أَخا التُرّهاتِ؛ إنَّك لَأحْيَرُ مِن ضَبٍّ، وأذْهَلُ مِن صَبٍّ. يا ضَعيفَ الثّقةِ بأهلِ الْـمِقَةِ، عَدِّ عَمَّا أَخْطَرْتَهُ بالَكَ! ولا حَيَّاكم اللهُ، فمَا كُلُّ واحِدٍ منكُم وَاللهِ إِلاَّ شَيْطَانٌ فِي أَشْطَانٍ!
بِرُوحِي خَارجًا مِن الأَنْفَاقِ، مُتمَوِّهًا بِالرُّكَامِ، ثم يَعْدُو حَافِيًا نَـحْوَ العَدُوِّ، لَـم يَهُدَّهُ الْـجُوعُ وضُمُورُ الضُّلُوعِ، فيَهجُمُ كالَّليثِ الْـهَصُورِ ويركُبُ رأسَ المركَبَة، فَيَفتَحُ عَلى الجنُودِ بَابَـها ويُلْقِي قُنْبُلتَه، ويَعُودُ عَدْوًا، فَتنْفجِر، وتَتْركُهُم أَشلاءً حَوابِسَ الْـخُرْدَة.
واستشهد في مَعركَةِ الطُّوفانِ مُـحمَّدُ الضِّيف، ونَائبُه مَروَان عِيسَى، نَـحسَبُهم. ومِـمَّن ترَكنَا مِئاتٌ بَل آلَافٌ فَالله يَعْرِفُهُم.
إنَّـهم أَضحَوا مَدرَسةً تَقُود فِكرَ المفَكِّرِينَ في العَالَـم؛ إذ سَحَرُوا اليَسَار وأَقعَدُوا اليَمِينَ. وحَرَّكُوا بَوَاقِي الهنُودِ الحمْرِ، وأيقَظُوا حركَةِ حقُوقِ السُّودِ، ونَبَّهوا الأقَلِّياتِ المضْطهَدَةِ، وشَجَّعوا منَاضِلِي الشَّتاتِ الأندلُسِيِّ والمورِيسْكِيِّ في العَالَـم، وأرشَدُوا المدافِعِينَ عَن حُقوقِ المستضْعَفِينَ، وحَالفُوا المحَارِبينَ لعُلُوِّ المستَكبِرِينَ في الأرْضِ بغَيرَ الحقِّ.
واشرَأَبَّتْ إليْهِم أعنَاقُ ذوِي الأفْكارِ السَّدِيدَةِ في الحقُوقِ البَشَرِيّة والعَدلِ الاجتِمَاعِي. وكَسَبُوا قُلُوبَ الشُّعوبِ المحبَّةِ للسِّلْمِ الدَّولِـيِّ. ونظرتْ بِـفِكرِهِم أَنظَارُ مَلايِينِ الناسِ مِن ذَوِي الـمُـعتقَدات العِديدَةِ في أُمَمٍ شَتَّى، بما يُكسِرُ هَيمَنَةَ العِرْقِ الأُسطُورِيِّ المخْتارِ.
وبِالطُّوفانِ عُرِفَتْ أَوْطانُ أهْلِ غزَّة وفِلَسطِينَ، وفُهِمَتْ أَوطَارُهُم، ودُرِستْ أَطْوارُهُم، وكثُرَتْ أنصارُهُم؛ إذْ فَضَحُوا خَطَرَ دَجَاجِلَةِ صُهْيُونَ عَلى البَشَرِيّة في المالِ والمآلِ، وَفي الاقتِصادِ، والسِّياسَةِ، والحرْبِ، والإعْلامِ، والفِكرِ، والعِلمِ، والتعْلِيمِ، والأعرَاقِ.
وغدَا رِجالُ غَزَّةَ أُمَناءَ الأَقْصى بَدَلَ المنَافِقِينَ، وأُعيدَتْ مَكانَةُ الأقْصَى إلى قَلْبِ فَلسْطِينَ بَعدَ مَكْرِ الماكِرِينَ، وأصَبحتْ فِلَسطِينُ عاصِمَةَ أحْرَارِ العَالم.
ومِنهُم أبو عُبيدَة؛ هذَا الذِي في الشَّرْقِ يُذْكَرُ، وفي الغَرْبِ لا يُنْكَرُ؛ وهُوَ مِنْ غزَّةَ الأَبِيَّة، مِنْ نَبْعَةٍ فِيهِمْ زَكِيَّة، نَـحسَبُه. وَدُونَ وجْهِهِ لِثَامٌ، لاَ تُميطُهُ الأَعْلاَمُ. إنَّه ابْنُ حُرَّةٍ؛ يطلُعُ عَلَى النَّاسِ طُلُوعَ الشَّمسِ، وَيغرُبُ عَنهم كَغُرُوبِها، لكِنَّهُ إن غَابَ لمْ يَغِبْ تَذْكارُهُ عَن أخبَارِ العَالَـم. إنَّهُ لَذُو أَنْفٍ وذُو أَنَفٍ، مَع صَدْرٍ لاَ يَبْرَحُهُ القَلْبُ، ولاَ يَسْكُنُهُ الرُّعْبُ. يَفْتَتِحُ الْكَلامَ بِالسَّلامِ، وَتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، ثُم يُفيضُ في حَديثِ الجهادِ والاسْتِشْهادِ بما يَبُثُّ في قُلوبِ جَيشِ اليَهودِ الإِرْعَاد! لا فُضَّ فُوه، ولا عاشَ مَن يَهجُوهُ. مَا يَحْرُمُ السُّكُوتُ إِلاَّ عَلَيْه، وَلا يَحِقُّ النُّطْقُ إِلاَّ لَه. وأَسَأَلُ اللهَ بَقَاءَهُ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي لِقَاءَهُ!
يا أَعدَاءَ الجِهَادِ في غَزّة وفِلَسطِين، أعْني المتَستِّرينَ بالسُّنة، والمتتَرِّسِين بالسّلَف وهُم مِنهُم بَراء! يَا أصْحابَ الدَّاءِ الدَّوِيِّ، تَنْتَحلُون زِيَّ العُلَماءِ وأنتُم مُعلِّمونَ مُتقاعِدُون مِن التَّعلِيم الابتِدَائيَّ! يَا أَعْدَاءَ القُرآنِ وَالحديثِ النَّبويّ، أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ تَسْتَهْزِئُونَ؟! إِنَّما مَرَقتُم بافْتِئاتِكُم خَبَثَ الحَديثِ، وأَنْتُمْ خَبَثُ الخَبِيثِ.
يا عَبدَ العَبيدِ، مَالَكَ لاَ أَبَا لَكَ؟ يَا ركَائِبَ العَلمانِـجِيِّين، وزَرَابي الحاكِمِينَ الظَّالِـمينَ، ومَخَابِيثَ الملُوكِ المتَأَمرِكِين، تَرَوْنَ رَأَيَهُمْ وتَأتَـمِرونَ بأمْرهِم إذْ خَصَّصُوكُم لِقِتَالَ المؤمِنِين! فَهاتِ هَاتِ يا أَخا التُرّهاتِ؛ إنَّك لَأحْيَرُ مِن ضَبٍّ، وأذْهَلُ مِن صَبٍّ. يا ضَعيفَ الثّقةِ بأهلِ الْـمِقَةِ، عَدِّ عَمَّا أَخْطَرْتَهُ بالَكَ! ولا حَيَّاكم اللهُ، فمَا كُلُّ واحِدٍ منكُم وَاللهِ إِلاَّ شَيْطَانٌ فِي أَشْطَانٍ!
❤11
إنَّ مِن أَهلِ غَزَّة مَن رَأَى حَبيبَهُ أو قَريبَه الشَّهيدَ فِي الـمَنَامِ، كالشَّمْسِ تَحْتَ الغَمامِ، وَالبَدْرِ لَيْلَ التَّمَامِ، يَسِيرُ وَالنُّجُومُ تتَبْعَهُ، ويَسْحَبُ الذَّيْلَ والـمَلائِكَةُ تَرْفَعُهُ!
ومِنهُم الأشْيَبُ الْكَثُّ العُثْنُونِ، يَتْلُوهُ صِغَارٌ فِي أَطْمارٍ، وقد خَلَّفَ أُمَّ مَثْوَاهُ وَزُغْلوُلًا لَه معَها، لا يَدرِي مَتى يَعُودُ ولا أَينَ يؤُوبُ!
ومِنهُم العَجُوزُ الذِي حَنَى الدّهرُ صَعْدَتَهُ، وبلّلَ القَطْرُ بُردَتَهُ لكنَّه يَبِيتُ حَليفَ إفْلاسٍ، ونَجِيَّ وسْواسٍ حَتَّى إِذَا مَا بلَغَ الهزِيعَ الأخِيرَ مِن الَّليلِ، شـمَّـرَ الذّيْلَ، وبَادرَ السّيْلَ حَتَّى لا يَغرقَ الصِّغارُ النَّائمُونَ في الخِيام.
ومِنهُم العَاجزُ الذِي آنَسَ مِنْ أَهلِه الإثْقال فَأرَاد التَّخفِيفَ فظَعَنَ عَنْهُم سِرّاً، وهَلُمّ جَرّاً، فمَا يُعْرَفُ أَحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ، أَم أَودَعَتْه رَاجِـمَاتُ اليَهُودِ اللّحْدَ البَلْقَعَ؟
ومِنهُم مَن سَرَّحْنَ الطَّرْفَ فِي حَيٍّ كَمَيْتٍ، وَبَيْتٍ كلاَ بَيْتٍ، وَقلَّبْنَ الأَكُفَّ عَلَى لَيْتَ، فَفَضَضْنَ عُقَدَ الضُّلُوعِ، وَأَفَضْنَ مَاءَ الدُّمُوعِ، وَتَدَاعَيْنَ بِاسْمِ الجُوعِ. وَقَدْ صَهَرَتِ الهَاجِرَةُ الأَبْدَانَ، وَرَكِبَتِ الجَنَادِبُ الْعِيدَانَ.
ومنْهم الـمُرمِلُ، وقد دَجا جُنْحُ الظّلامِ الـمُسْبل، نِضْوُ سُرًى، خابِطُ ليْلٍ ألْيَلِ، ولَيسَ لَهُ في الأَرْضِ مِنْ مَوْئِلِ، وهْوَ مِنَ الحَيرَةِ في تملْمُل، جَوِيَ الحَشَى عَلى الطَّوَى مُشتَمِلٍ.
ومنهم ذُو مَجاعَةٍ وبوسَى، طارَتِ السِّنَةُ عنْ مآقِيهِ، إذْ أَحسَّ عَضَّةَ الْـجُوعِ التي حالَتْ دُونَ الهُجوعِ، فنهَضَ حينَ سَجَا الدُجَى، عَلى مَا بهِ مِنَ الوَجَى، يتَفَقَّدُ جِرابًا كفُؤادِ أمِّ مُوسَى.
وغزَّةُ اليومَ مَاؤُهَا هَضُومٌ، وَفَقِيرُهَا مَهْضُومٌ كَدَّهُ الجُوعُ، وَغَرِيبٌ نِضْوُهُ طَلِيحٌ، وَعَيْشُهُ تَبْرِيحٌ، وَمِنْ دُونِ فِرَاخِهِ مَهَامِهٌ فِيحٌ ولا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ بَعدَما فَصَلَ عنْهُم بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ، ودُموعٍ مَرْفُوضَةٍ.
ثُمَّ إِنَّهم يَا إخْوتِي اعْتَاضُوا بِالنَّوْمِ السَّهَر، وبالإِقامَةِ السَّفَرَ، تَتَرَامى بِـهِم الـمَرَامِي، وتَتَهَادَى بِـهِم الـمَوَامِي، إذْ قَلَعَتْهمْ طَائراتُ اليَهودِ قَلْعَ الصَّمْغَةِ، فَجَعلتْهُم وقَد أَصْبَحَ كلُّ واحدٍ منهُم فَارِغَ الفِناءِ، صَفِرِ الإِنَاءِ، ما لهُ إِلَّا كَآبَةَ الأَسْفارِ. إنهم يُعَانُون الفَقْرَ، وأمَاني الْقَفْرَ، فِراشُهُم الْمَدَرُ، وَوِسَادُهُم الحَجَر، وقَد كَانوا أغْنِياء!
ومما رَأيْناهُ في قَنواتِ التِّلفازِ رَجُلًا فِي طِمْرَيْنِ، فِي يُمْنَاهُ عُكَّازَةٌ، وَعَلى كَتِفَيْهِ كِيسٌ أَسْوَد يَـحوِي جِنَازةٌ، يَصِيحُ صَيْحَاتٍ تكَادُ الأَرْضُ لهَا تَنْفَطِرُ، وَالنُّجُومُ تَنْكَدِرُ!
يا مُسلِم، هذَا أخُوك، مَهْزُولٌ كَرِيب، سَاقهُ إليكَ الضُّرُّ، وَالْعَيْشُ الـمُرُّ؛ أَخُو تَرحَالٍ يَومِيّ، جَوَّابُ أَرْضٍ، طَلَع مِنْ مَسكَنهِ طُلُوعَ الشَّارِدِ، وَنَفَر نِفَارَ الْآبِدِ، يَفْرِي الْمَسَالِكَ كُلَّ صَبَاح، وَيقْتَفِرُ الـمَهَالِكَ كُلَّ مسَاء.
إنَّه إِلَيكَ وَافِدُ الِامتِحانِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرٌّ قَادَهُ الضُّرُّ، والظُّلمُ الـمُرُّ. وهُو أَخُوكَ في الإِسْلامِ بَلْه النَّسَب الكَبير، يَسْتَعْدِيكَ عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ الـمَرْقُوعِ. وَهُو غَرِيبٌ أُوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَتْ نابِـحاتُ اليَهودِ عَلَى أَثَرِهِ، وَكَنَسَتِ القَاصِفَاتُ بَعْدَهُ العَرَصاتُ.
إنهُ مريضٌ لم يسلَم في مَشْفاهُ مِن القَصفِ الجوِّيِّ؛ خُطفَ الطَّبِيبُ، وقُتِل المسْعِف، ونَفَد الدَّوَاءُ، في هَذا الحِصَار! يَتَصَلَّى نَارَ الصَّبْرِ عَلى العَمَليَّةِ الجِراحِيّةِ دُونَ تَـخدِيرٍ وَيَتَصَلَّبُ، وَيَتَقَلَّى عَلى جَمْرِ مُداهَـمَاتِ القَتلِ كلَّ حِينٍ ويَتَقَلَّبُ، وَلْيَس لَه إِلاَّ الصَّبْرُ أَوِ الْقَبْرُ!
ولَقدْ بَلَوْا مِنَ الـمَصَائِبِ والْـخُطُوب ما لَـمْ يَرَهُ الرَّاؤُونَ، وَلا رَوَاهُ الرَّاوُونَ.
يا مُسلِمُون، هؤُلاءِ إخْوانُكُم، عَلى الرُّغم مِنَ الضُّرِّ، رَابَطوا في دِيارِهِم، فلَزِمُوا أَرْضَهُم، صِيِانَةً لِعَرْضِهم!
إِنهُم مَا هَانُوا حَيْثُ كَانُوا، فَلا يُزْرِيَنَّ بِهمْ عِنْدكُمْ ما تَرَوْنَهُ مِن أَسَمَالِـهِم وأَطْمارِهِم؛ فَلَقَدْ كَانوا وَاللهِ مِنْ أَهْلِ ثَمٍّ وَرَمٍّ، سَعِيدُونَ بما يَـملِكُون، في حَـمدٍ وشُكْر، يَشتَرونَ كُلَّ خَيرٍ في الصَّباحِ ويَبِيعُونَ رَابحِينَ عِندَ الرَّواحِ! كان عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِم، وَعِنْدَ الـمُقِلَّينَ السَّمَاحَةُ والبَذْلُ!
ومِنهُم الأشْيَبُ الْكَثُّ العُثْنُونِ، يَتْلُوهُ صِغَارٌ فِي أَطْمارٍ، وقد خَلَّفَ أُمَّ مَثْوَاهُ وَزُغْلوُلًا لَه معَها، لا يَدرِي مَتى يَعُودُ ولا أَينَ يؤُوبُ!
ومِنهُم العَجُوزُ الذِي حَنَى الدّهرُ صَعْدَتَهُ، وبلّلَ القَطْرُ بُردَتَهُ لكنَّه يَبِيتُ حَليفَ إفْلاسٍ، ونَجِيَّ وسْواسٍ حَتَّى إِذَا مَا بلَغَ الهزِيعَ الأخِيرَ مِن الَّليلِ، شـمَّـرَ الذّيْلَ، وبَادرَ السّيْلَ حَتَّى لا يَغرقَ الصِّغارُ النَّائمُونَ في الخِيام.
ومِنهُم العَاجزُ الذِي آنَسَ مِنْ أَهلِه الإثْقال فَأرَاد التَّخفِيفَ فظَعَنَ عَنْهُم سِرّاً، وهَلُمّ جَرّاً، فمَا يُعْرَفُ أَحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ، أَم أَودَعَتْه رَاجِـمَاتُ اليَهُودِ اللّحْدَ البَلْقَعَ؟
ومِنهُم مَن سَرَّحْنَ الطَّرْفَ فِي حَيٍّ كَمَيْتٍ، وَبَيْتٍ كلاَ بَيْتٍ، وَقلَّبْنَ الأَكُفَّ عَلَى لَيْتَ، فَفَضَضْنَ عُقَدَ الضُّلُوعِ، وَأَفَضْنَ مَاءَ الدُّمُوعِ، وَتَدَاعَيْنَ بِاسْمِ الجُوعِ. وَقَدْ صَهَرَتِ الهَاجِرَةُ الأَبْدَانَ، وَرَكِبَتِ الجَنَادِبُ الْعِيدَانَ.
ومنْهم الـمُرمِلُ، وقد دَجا جُنْحُ الظّلامِ الـمُسْبل، نِضْوُ سُرًى، خابِطُ ليْلٍ ألْيَلِ، ولَيسَ لَهُ في الأَرْضِ مِنْ مَوْئِلِ، وهْوَ مِنَ الحَيرَةِ في تملْمُل، جَوِيَ الحَشَى عَلى الطَّوَى مُشتَمِلٍ.
ومنهم ذُو مَجاعَةٍ وبوسَى، طارَتِ السِّنَةُ عنْ مآقِيهِ، إذْ أَحسَّ عَضَّةَ الْـجُوعِ التي حالَتْ دُونَ الهُجوعِ، فنهَضَ حينَ سَجَا الدُجَى، عَلى مَا بهِ مِنَ الوَجَى، يتَفَقَّدُ جِرابًا كفُؤادِ أمِّ مُوسَى.
وغزَّةُ اليومَ مَاؤُهَا هَضُومٌ، وَفَقِيرُهَا مَهْضُومٌ كَدَّهُ الجُوعُ، وَغَرِيبٌ نِضْوُهُ طَلِيحٌ، وَعَيْشُهُ تَبْرِيحٌ، وَمِنْ دُونِ فِرَاخِهِ مَهَامِهٌ فِيحٌ ولا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ بَعدَما فَصَلَ عنْهُم بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ، ودُموعٍ مَرْفُوضَةٍ.
ثُمَّ إِنَّهم يَا إخْوتِي اعْتَاضُوا بِالنَّوْمِ السَّهَر، وبالإِقامَةِ السَّفَرَ، تَتَرَامى بِـهِم الـمَرَامِي، وتَتَهَادَى بِـهِم الـمَوَامِي، إذْ قَلَعَتْهمْ طَائراتُ اليَهودِ قَلْعَ الصَّمْغَةِ، فَجَعلتْهُم وقَد أَصْبَحَ كلُّ واحدٍ منهُم فَارِغَ الفِناءِ، صَفِرِ الإِنَاءِ، ما لهُ إِلَّا كَآبَةَ الأَسْفارِ. إنهم يُعَانُون الفَقْرَ، وأمَاني الْقَفْرَ، فِراشُهُم الْمَدَرُ، وَوِسَادُهُم الحَجَر، وقَد كَانوا أغْنِياء!
ومما رَأيْناهُ في قَنواتِ التِّلفازِ رَجُلًا فِي طِمْرَيْنِ، فِي يُمْنَاهُ عُكَّازَةٌ، وَعَلى كَتِفَيْهِ كِيسٌ أَسْوَد يَـحوِي جِنَازةٌ، يَصِيحُ صَيْحَاتٍ تكَادُ الأَرْضُ لهَا تَنْفَطِرُ، وَالنُّجُومُ تَنْكَدِرُ!
يا مُسلِم، هذَا أخُوك، مَهْزُولٌ كَرِيب، سَاقهُ إليكَ الضُّرُّ، وَالْعَيْشُ الـمُرُّ؛ أَخُو تَرحَالٍ يَومِيّ، جَوَّابُ أَرْضٍ، طَلَع مِنْ مَسكَنهِ طُلُوعَ الشَّارِدِ، وَنَفَر نِفَارَ الْآبِدِ، يَفْرِي الْمَسَالِكَ كُلَّ صَبَاح، وَيقْتَفِرُ الـمَهَالِكَ كُلَّ مسَاء.
إنَّه إِلَيكَ وَافِدُ الِامتِحانِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرٌّ قَادَهُ الضُّرُّ، والظُّلمُ الـمُرُّ. وهُو أَخُوكَ في الإِسْلامِ بَلْه النَّسَب الكَبير، يَسْتَعْدِيكَ عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ الـمَرْقُوعِ. وَهُو غَرِيبٌ أُوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَتْ نابِـحاتُ اليَهودِ عَلَى أَثَرِهِ، وَكَنَسَتِ القَاصِفَاتُ بَعْدَهُ العَرَصاتُ.
إنهُ مريضٌ لم يسلَم في مَشْفاهُ مِن القَصفِ الجوِّيِّ؛ خُطفَ الطَّبِيبُ، وقُتِل المسْعِف، ونَفَد الدَّوَاءُ، في هَذا الحِصَار! يَتَصَلَّى نَارَ الصَّبْرِ عَلى العَمَليَّةِ الجِراحِيّةِ دُونَ تَـخدِيرٍ وَيَتَصَلَّبُ، وَيَتَقَلَّى عَلى جَمْرِ مُداهَـمَاتِ القَتلِ كلَّ حِينٍ ويَتَقَلَّبُ، وَلْيَس لَه إِلاَّ الصَّبْرُ أَوِ الْقَبْرُ!
ولَقدْ بَلَوْا مِنَ الـمَصَائِبِ والْـخُطُوب ما لَـمْ يَرَهُ الرَّاؤُونَ، وَلا رَوَاهُ الرَّاوُونَ.
يا مُسلِمُون، هؤُلاءِ إخْوانُكُم، عَلى الرُّغم مِنَ الضُّرِّ، رَابَطوا في دِيارِهِم، فلَزِمُوا أَرْضَهُم، صِيِانَةً لِعَرْضِهم!
إِنهُم مَا هَانُوا حَيْثُ كَانُوا، فَلا يُزْرِيَنَّ بِهمْ عِنْدكُمْ ما تَرَوْنَهُ مِن أَسَمَالِـهِم وأَطْمارِهِم؛ فَلَقَدْ كَانوا وَاللهِ مِنْ أَهْلِ ثَمٍّ وَرَمٍّ، سَعِيدُونَ بما يَـملِكُون، في حَـمدٍ وشُكْر، يَشتَرونَ كُلَّ خَيرٍ في الصَّباحِ ويَبِيعُونَ رَابحِينَ عِندَ الرَّواحِ! كان عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِم، وَعِنْدَ الـمُقِلَّينَ السَّمَاحَةُ والبَذْلُ!
❤12
ولقَدْ هَبَّتْ بِهِمْ إِلَيْكُمْ رِيحُ الاِحْتِيَاجِ، وَنَسِيمُ الإِلْفَاجِ، فَانْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ لِأنْقَاضٍ خَارِجةٍ مِن تَحتِ الأَنْقَاضِ، هَدَّتْهُم الحَاجَةُ، وَكَدَّتْهُم الْفَاقَةُ، وتَقَاذَفَتْ بِهِم أوَامِرُ الإخْلاءِ اليَهودِيّة؛ فَهُم شُعثٌ غُبْر.
أما جُبناءُ العُلماءِ الذينَ لمْ يَنطِقوا بحُلوَةٍ ولا مُرّةٍ، ولا فاهُوا فَوْهَةَ ابنِ أمَةٍ ولا حُرّةٍ، فَعَلَى المسلِمِينَ أَنْ يَضرِبُوا عَنهُم صَفْحاً، وقُبْحاً لِصَمْتِهم وشُقْحًا. إنَّـهم زَوَامِلُ الأَسْفَارِ، وأحْلاسُ الصَّغَار، عَبِيدُ الجِرَايَاتِ الشّهرِيَّة بِالدِّرْهَم والدِّينَارِ. مَاذَا عَليهِم لَو كَانُوا أُولُو بَقِيَّة، لا يُهْمِلُون فِقْهَ السَّرِيَّة، يَطرُدُونَ مِن صُدُورِهم قُلُوبَ الرَّعَادِيدَ، ويَسِيرُونَ بِالمسلِمينَ سَيرَ الصَّنادِيد، فَيُصدرُ جَمعُهم فُتْيا أَبْطَالٍ يحْتَذِيها فُقهاءُ القِتَال! أَلَيسَ إِمامُنا أَمَامَنا؟!
وَيلٌ لِفِلسطِينَ ولِلعَرَبِ مِن الْـحُكَّامِ الجرَب! ها قَد اجتَمَعوا في "جامِعةِ الدوَلِ العَرَبية"، أعْدادُ جُيوشِهِم بِالملايِينِ تَرأَسُها النَّياشِين، وأسْلحَتُهم خَطيرَةٌ وَفِيرَة، ذَخَرُوها لِمُدافَعَة العَدُوّ بِزعْمِهِم. مِنهُمُ المطبِّعُون، ومِنهُم المتَّبِعُون، ومِنهُم دُونَ ذَلك. وأجمَعُوا على نُكْرِ العَدوّ ومَكرِهِ، وتَلاوَمُوا عَلى الاغتِرارِ بإفْكِهِ، وتعَاهَدُوا كَذِبًا عَلَى ترْكِهِ، ثمّ إنَّهُم بَعدَها تَفرَّقوا بِوُجوهٍ باسِرَةٍ، وصَفقَةٍ خَاسِرةٍ!
حَقِيقٌ عَلَيَّ أَلَّا أَقُولَ غَيْرَ الحَقّ، وَلا أَشْهَدَ إِلاَّ بِالصِّدْقِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِبِشَاَرةٍ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّة، أنَّ الله تَعَالى سَيُطَهِّرَ الـمَسْجدَ الأقْصَى مِنْ رِجسِ اليَهُودِ، ومِن كُلِّ نَذْلٍ يَنقُضُ عَنِ القُدسِ وفِلَسطينَ العُهُود.
وحيَّا اللهُ أَهْلَ النَّجدَةِ، وأَخُصُّ مِنهُم حَرائرَ الإِحْسَانِ في عِدَّةِ بُلدانٍ مِن بِلادِ الإِسلامِ؛ فإِنَّ الـمَكَارِمَ في هذِه الغُصَّة أَسْفَرَتْ عَنْ أَوْجُهٍ مِنهُنَّ بِيضٍ، وَكَانَ الخَالُ في وَجَنَاتِهَا!
أَلا إنَّ مَنْ بَصَّرَ مَا قَصَّرَ، ومَنْ حذَّرَ كمَنْ بَشَّرَ، ومَنْ أَنذَرَ فقَدْ أَعْذَرَ!
يَا مُسلِمُ، إِنِّي قَدْ أَسْمَعْتُ وَأَبْلَغْتُ، فَإِنْ قَبِلْتَ فَاللهُ حَسْبُكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ فاَللهُ حَسِيبُكَ.
وإني مَا ذكرتُ لكَ إلا التّحقيقَ، وكتَبه ابنُ الأحمرِ معذرةً إلى ربِّه، وباللهِ التوْفيقُ.
أما جُبناءُ العُلماءِ الذينَ لمْ يَنطِقوا بحُلوَةٍ ولا مُرّةٍ، ولا فاهُوا فَوْهَةَ ابنِ أمَةٍ ولا حُرّةٍ، فَعَلَى المسلِمِينَ أَنْ يَضرِبُوا عَنهُم صَفْحاً، وقُبْحاً لِصَمْتِهم وشُقْحًا. إنَّـهم زَوَامِلُ الأَسْفَارِ، وأحْلاسُ الصَّغَار، عَبِيدُ الجِرَايَاتِ الشّهرِيَّة بِالدِّرْهَم والدِّينَارِ. مَاذَا عَليهِم لَو كَانُوا أُولُو بَقِيَّة، لا يُهْمِلُون فِقْهَ السَّرِيَّة، يَطرُدُونَ مِن صُدُورِهم قُلُوبَ الرَّعَادِيدَ، ويَسِيرُونَ بِالمسلِمينَ سَيرَ الصَّنادِيد، فَيُصدرُ جَمعُهم فُتْيا أَبْطَالٍ يحْتَذِيها فُقهاءُ القِتَال! أَلَيسَ إِمامُنا أَمَامَنا؟!
وَيلٌ لِفِلسطِينَ ولِلعَرَبِ مِن الْـحُكَّامِ الجرَب! ها قَد اجتَمَعوا في "جامِعةِ الدوَلِ العَرَبية"، أعْدادُ جُيوشِهِم بِالملايِينِ تَرأَسُها النَّياشِين، وأسْلحَتُهم خَطيرَةٌ وَفِيرَة، ذَخَرُوها لِمُدافَعَة العَدُوّ بِزعْمِهِم. مِنهُمُ المطبِّعُون، ومِنهُم المتَّبِعُون، ومِنهُم دُونَ ذَلك. وأجمَعُوا على نُكْرِ العَدوّ ومَكرِهِ، وتَلاوَمُوا عَلى الاغتِرارِ بإفْكِهِ، وتعَاهَدُوا كَذِبًا عَلَى ترْكِهِ، ثمّ إنَّهُم بَعدَها تَفرَّقوا بِوُجوهٍ باسِرَةٍ، وصَفقَةٍ خَاسِرةٍ!
حَقِيقٌ عَلَيَّ أَلَّا أَقُولَ غَيْرَ الحَقّ، وَلا أَشْهَدَ إِلاَّ بِالصِّدْقِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِبِشَاَرةٍ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّة، أنَّ الله تَعَالى سَيُطَهِّرَ الـمَسْجدَ الأقْصَى مِنْ رِجسِ اليَهُودِ، ومِن كُلِّ نَذْلٍ يَنقُضُ عَنِ القُدسِ وفِلَسطينَ العُهُود.
وحيَّا اللهُ أَهْلَ النَّجدَةِ، وأَخُصُّ مِنهُم حَرائرَ الإِحْسَانِ في عِدَّةِ بُلدانٍ مِن بِلادِ الإِسلامِ؛ فإِنَّ الـمَكَارِمَ في هذِه الغُصَّة أَسْفَرَتْ عَنْ أَوْجُهٍ مِنهُنَّ بِيضٍ، وَكَانَ الخَالُ في وَجَنَاتِهَا!
أَلا إنَّ مَنْ بَصَّرَ مَا قَصَّرَ، ومَنْ حذَّرَ كمَنْ بَشَّرَ، ومَنْ أَنذَرَ فقَدْ أَعْذَرَ!
يَا مُسلِمُ، إِنِّي قَدْ أَسْمَعْتُ وَأَبْلَغْتُ، فَإِنْ قَبِلْتَ فَاللهُ حَسْبُكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ فاَللهُ حَسِيبُكَ.
وإني مَا ذكرتُ لكَ إلا التّحقيقَ، وكتَبه ابنُ الأحمرِ معذرةً إلى ربِّه، وباللهِ التوْفيقُ.
❤14
يتعرض المسلمون في الهند إلى العديد من التهـ.ـديدات، التي تقوم بها التيارات العنصـ.ـرية الهندوسية، وتتمثل في السعي إلى القضاء على الأحوال الشخصية؛ لقد أراد التطـ.ـرّف الهنـ.ـدوسي للمواطنين غير الهندوس الذين يسكنون الهند أن يغيروا أنفسهم تغييرًا ثقافيًّا هندوسيًّا، ولا يحق لهم أن يطالبوا بأي حق ولا امتياز يخص دينهم.
من مقال: أديان باطلة (3) - عقائد الهند نموذجاً
بقلم: الشيخ فرج كُندي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في ليبيا
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/m40afr/
من مقال: أديان باطلة (3) - عقائد الهند نموذجاً
بقلم: الشيخ فرج كُندي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في ليبيا
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/m40afr/
❤15
