صباح الخير..أبشركم يا إخواننا بإن الحـرب قد وضعت أوزارها إن شاءالله، لم يبقى إلا دخول وقف الإطلاق حيِّز التنفيذ.

الحمد لله الذي أذهب عنَّا الحَزن، وإنا إلى ربّنا لمنقلبون..هنيئًا لِمن صبر على طول البلاء، هنيئًا لمن لم يجزع، هنيئًا لمن لم يسرق ولم يخن، هنيئًا لمن ظلّ قلبه عامرًا بالإيمان رغم الجوع والفقد، هنيئًا لمن خرج من رحم المحنة ثابتًا رافع الرأس، ينتظر ما عند الله أعظم.

حواري لجريدة أخبار اليوم..الجزائر الشقيق.

وقف إطلاق النار يدخل حيّز التنفيذ..جملةٌ كان ينقصها صوت إسماعيل الغول، ودفء أنس الشريف، وحضور محمد قريقع، وكل صحفيٍ ارتقى مظلومًا في هذا العدوان..جملةٌ تُبثّ على الشاشات باردة، بينما كان يمكن أن تكون أكثر حياةً لو أن أصحاب الأقلام والكاميرات الذين صدقوا الكلمة ما زالوا بيننا.

السماء تُطِر فرحًا.

نصف ساعة وتدخل الهدنة حيِّز التنفيذ.

فرحة عارمة..يا رب لك الحمد.

الواحد مش مصدق انه لساته على قيد الحياة.

كم مرة مر الموت من أمامنا ولم نمت.

بعد عامين من القهر والموت وعذاب، غزة تتنفس الصعداء، فرحة لا يمكن وصفها والله.

لا يحق لمن خذل غزة أن يفرح بفرحها.

سماء مصر..❤️

عندما تنتهي الحرب على خير، سيخرج كل غزي من تحت الركام ليبدأ حياته من الصفر، لا بيت ولا أثاث ولا عمل ولا مأوى..سيحتاج إلى كل شيء من جديد؛ فلا تغفلوا عنا، ولا تتركونا نُصارع وحدنا هذا البدء القاسي، وكونوا لنا سندًا يعيننا على أن ننهض من بين الرماد.

ص٣٤٩.

كُل شيءٍ يُمكن تفكيكه..حتى دولتهم المزعومة سيأتي عليها يوم ويتم تفكيكها.

مهما تعالت أصوات الفرح بانتهاء الحرب، يبقى في أعماقنا صدى الأيام السوداء التي عشناها، يبقى الجوع الذي عضَّ أمعاءنا شاهدًا لا يُمحى، وتبقى صور النزوح وما حملته من وجعٍ وقهرٍ محفورة في الذاكرة..نحن لا ننسى الخيام الباردة ولا الطرقات الموحلة ولا الدموع التي سالت من أعين كبارنا وصغارنا..سنفرح بالسلام، لكن فرحتنا تبقى ناقصة ما لم تُضمد جراح الروح التي خلَّفها النزوح وخلَّفتها الحرب خلفها.

جُمعةٌ مباركة ثم أما بعد..
سلامٌ علينا بما صبرنا، وسلامٌ علينا بما نزحنا وتشردنا، وسلامٌ علينا بما تألمنا وتوجعنا وقُهرنا، وسلامٌ على جرحنا النازف الذي لم يندمل بعد..سلامٌ على وجوهنا التي هَزمت التعب، وقلوبنا التي قاومت الانكسار، وأرواحنا التي ما زالت تُنادي بالحياة رغم كل هذا الخراب..ويا رب صبرًا على ما لم نُحِط به خُبرا من كل ما مررنا بهِ.

منذ الصباح، إطلاق نارٍ لا يتوقف، قصفٌ مدفعي، طيرانٌ حربي يحلق في الأجواء..هؤلاء لا عهد لهم ولا ذمةً والله.

كل اللهفة للعودة لغزة انطفأت هذه المرة ولم تكن كالسابق. ولست بحاجة لكثير تدبر لتعرف السبب: في هدنة يناير كان لدى كل منا بيت أو بقايا بيت قابل للإصلاح، أو مكان عند قريب أو حبيب سلم من القصف، أو منطقة لم يحرقها المغول وما زالت صالحة للعيش. كل هذا لم يعد متوفراً اليوم، ما بقي في القلب إلا حب غزة الذي لا يخبو ولو للحظة...لأنها غزة، أجمل ما في الوجود وأغلى ما نملك.

- محمود أحمد.

نحنُ مدينون لكُل حُرٍ شريفٍ وقف إلى جانبنا في مأساتنا، سواءً بالكلمة أو بالموقفِ أو بالمال..مدينون لكل شخصٍ كانت غزة بوصلته، مدينون لكل من حمل همها في قلبه، ورفع صوتها في المحافل، واعتبر جرحها جرحه..مدينون لأولئك الذين لم يساوموا على دمنا، ولم يُبدلوا بوصلتهم يومًا، فبقوا على العهد أوفياء، وعلى طريق الكرامة ثابتين.