Telegram Group Search
💎﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ نَصِیبࣰا مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ یُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ یَتَوَلَّىٰ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ وَهُم مُّعۡرِضُونَ﴾ [آل عمران ٢٣]

يخبر تعالى عن حال أهل الكتاب الذين أنعم الله عليهم بكتابه، فكان يجب أن يكونوا أقوم الناس به وأسرعهم انقيادا لأحكامه، فأخبر الله عنهم أنهم إذا دعوا إلى حكم الكتاب تولى فريق منهم وهم يعرضون، تولوا بأبدانهم، وأعرضوا بقلوبهم، وهذا غاية الذم، وفي ضمنها التحذير لنا أن نفعل كفعلهم، فيصيبنا من الذم والعقاب ما أصابهم، بل الواجب على كل أحد إذا دعي إلى كتاب الله أن يسمع ويطيع وينقاد، كما قال تعالى ﴿إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا﴾


💎﴿ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّاۤ أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰ⁠تࣲۖ وَغَرَّهُمۡ فِی دِینِهِم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ﴾ [آل عمران ٢٤]

والسبب الذي غر أهل الكتاب بتجرئهم على معاصي الله هو قولهم ﴿لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون﴾ افتروا هذا القول فظنوه حقيقة فعملوا على ذلك ولم ينزجروا عن المحارم، لأن أنفسهم منتهم وغرتهم أن مآلهم إلى الجنة، وكذبوا في ذلك، فإن هذا مجرد كذب وافتراء، وإنما مآلهم شر مآل، وعاقبتهم عاقبة وخيمة.


💎﴿فَكَیۡفَ إِذَا جَمَعۡنَـٰهُمۡ لِیَوۡمࣲ لَّا رَیۡبَ فِیهِ وَوُفِّیَتۡ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ﴾ [آل عمران ٢٥]


أي: كيف يكون حالهم ووخيم ما يقدمون عليه، حالة لا يمكن وصفها ولا يتصور قبحها لأن ذلك اليوم يوم توفية النفوس ما كسبت ومجازاتها بالعدل لا بالظلم، وقد علم أن ذلك على قدر الأعمال، وقد تقدم من أعمالهم ما يبين أنهم من أشد الناس عذابا.


📓تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان - الشيخ عبدالرحمن السعدي ت:سعد الصميل نسخه؛ ب📓
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#كلمات_القرآن : {بقدرها} ، {زبدا} ، {رابيا} ، {جفاء}
💎﴿إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۗ وَمَن یَكۡفُرۡ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ [آل عمران ١٩]

يخبر تعالى (إن الدين عند الله) أي الدين الذي لا دين لله سواه ولا مقبول غيره (هو الإسلام) ؛ وهو الانقياد لله وحده ظاهراً وباطناً بما شرعه على السنة رسله، قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) فمن دان بغير دين الإسلام فهو لم يدن لله حقيقة لأنه لم يسلك الطريق الذي شرعه على ألسنة رسله.

ثم أخبر تعالى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك وإنما اختلفوا فانحرفوا عنه عناداً وبغياً.

وإلا فقد جاءهم العلم المقتضي لعدم الاختلاف الموجب للزوم الدين الحقيقي، ثم لما جاءهم محمد عرفوه حق المعرفة، ولكن الحسد والبغي والكفر بآيات الله هي التي صدتهم عن اتباع الحق (ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) أي: فلينتظروا ذلك فإنه آت وسيجزيهم الله بما كانوا يعملون.


﴿فَإِنۡ حَاۤجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡأُمِّیِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُوا۟ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا عَلَیۡكَ ٱلۡبَلَـٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾ [آل عمران ٢٠]


و لما بين أن الدين الحقيقي عنده ،الإسلام وكان أهل الكتاب قد شافهوا النبي صلى الله عليه وسلم بالمجادلة وقامت عليهم الحجة فعاندوها أمره الله تعالى عند ذلك أن يقول ويعلن أنه قد أسلم وجهه أي ظاهره وباطنه لله وأن من اتبعه كذلك قد وافقوه على هذا الإذعان الخالص، وأن يقول للناس كلهم من أهل الكتاب والأميين أي الذين ليس لهم كتاب من العرب وغيرهم إن أسلمتم فأنتم على الطريق المستقيم والهدى والحق وإن توليتم فحسابكم على الله وأنا ليس عليَّ إلا البلاغ، وقد أبلغتكم وأقمت عليكم الحجة.
💎﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَیَقۡتُلُونَ ٱلَّذِینَ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیمٍ ، أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِینَ﴾ [آل عمران ٢١-٢٢]



أي : الذين جمعوا بين هذه الشرور الكفر بآيات الله، وتكذيب رسل الله والجناية العظيمة على أعظم الخلق حقًا على الخلق وهم الرسل وأئمة الهدى، الذين يأمرون الناس بالقسط الذي اتفقت عليه الأديان والعقول فهؤلاء قد (حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) ؛ واستحقوا العذاب الأليم، وليس لهم ناصر من عذاب الله ولا منقذ من عقوبته.

💎
﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ نَصِیبࣰا مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ یُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ یَتَوَلَّىٰ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ وَهُم مُّعۡرِضُونَ ، ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّاۤ أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰ⁠تࣲۖ وَغَرَّهُمۡ فِی دِینِهِم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ ، فَكَیۡفَ إِذَا جَمَعۡنَـٰهُمۡ لِیَوۡمࣲ لَّا رَیۡبَ فِیهِ وَوُفِّیَتۡ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ﴾ [ال عمران: ٢٣-٢٤-٢٥]


أي: ألا تنظر وتعجب من هؤلاء الذين أوتوا نصيباً من الكتاب و يدعون إلى كتاب الله الذي يصدق ما أنزله على رسله (ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون) ؛ عن اتباع الحق فكأنه قيل : لأي داع دعاهم إلى هذا الإعراض
وهم أحق بالاتباع وأعرفهم بحقيقة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فذكر لذلك سببين :
أمنهم وشهادتهم الباطلة لأنفسهم بالنجاة وأن النار لا تمسهم إلا أياماً معدودة حددوها بحسب أهوائهم الفاسدة، كأن تدبير الملك راجع إليهم حيث قالوا: (لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى) ؛ ومن المعلوم أن هذه أماني باطلة شرعاً
وعقلاً.

والسبب الثاني: أنهم لما كذبوا بآيات الله وافتروا عليه زين لهم الشيطان سوء عملهم، واغتروا بذلك وتراءى لهم أنه الحق عقوبة لهم على إعراضهم عن الحق، فهؤلاء كيف يكون حالهم إذا جمعهم الله يوم القيامة ووفى العاملين ما عملوا وجرى عدل الله في عباده ؟ فهنالك لا تسأل عما يصلون إليه من العقاب وما يفوتهم من الخير والثواب، وذلك بما كسبت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد.


📓تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان - الشيخ عبدالرحمن السعدي ت:سعد الصميل نسخه؛ أ📓
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
💎﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِی ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ، تُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾ [آل عمران ٢٦-٢٧]


يأمر تعالى نبيه أصلاً وغيره تبعاً أن يقول عن ربه معلناً بتفرده بتصريف الأمور، وتدبير العالم العلوي والسفلي، واستحقاقه باختصاصه بالملك المطلق والتصريف المحكم وأنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، فليس الأمر بأماني أهل الكتاب ولا غيرهم، بل الأمر أمر الله والتدبير له، فليس له معارض في تدبيره، ولا معاون في تقديره وأنه كما أنه المتصرف بمداولة الأيام بين الناس فهو المتصرف بنفس الزمان : يولج النهار في الليل ويولج الليل في النهار ؛ أي يدخل هذا على هذا ويحل هذا محل هذا ويزيد في هذا ما ينقص من هذا ليقيم بذلك مصالح خلقه، ويخرج الحي من الميت كما يخرج الزروع والأشجار المتنوعة من بذورها والمؤمن من الكافر والميت من الحي، كما يخرج الحبوب والنوى والزروع والأشجار والبيضة من الطائر، فهو الذي يخرج المتضادات بعضها من بعض، وقد انقادت له .

وقوله بيدك الخير ؛ أي: الخير كله منك ولا يأتي بالحسنات والخيرات إلا الله، وأما الشر فإنه لا يضاف إلى الله تعالى لا وصفاً ولا اسماً ولا فعلاً، ولكنه يدخل في مفعولاته ويندرج في قضائه وقدره، فالخير والشر كله داخل في القضاء والقدر فلا يقع في ملكه إلا ما شاءه، ولكن الشرّ لا يضاف إلى الله، فلا يقال بيدك الخير والشر، بل يقال بيدك الخير كما قاله الله وقاله رسوله، وأما استدراك بعض المفسرين حيث قال وكذلك الشر بيد الله فإنه وهم محض، ملحظهم حيث ظنوا أن تخصيص الخير بالذكر ينافي قضاءه وقدره العام، وجوابه ما فصلناه .

وقوله (وترزق من تشاء بغير حساب) ؛ وقد ذكر الله في غير هذه الآية الأسباب التي ينال بها رزقه كقوله : (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) ؛ فعلى العباد أن لا يطلبوا الرزق إلا من الله ويسعوا فيه بالأسباب التي يسرها الله وأباحها.

تيسير الكريم الرحمن من تفسير كلام المنان- الشيخ السعدي. ت: سعد الصميل- نسخة أ
💎﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِی ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [آل عمران ٢٦]

يقول الله لنبيه ﷺ ﴿قل اللهم مالك الملك﴾ أي: أنت الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك والتصريف والتدبير كله لك، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال: ﴿تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء﴾ وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع، قال الله تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾ الآية فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى: ﴿هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم﴾ الآية وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين﴾ فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى: ﴿وتعز من تشاء﴾ بطاعتك ﴿وتذل من تشاء﴾ بمعصيتك ﴿إنك على كل شيء قدير﴾ لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك.


💎﴿تُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾ [آل عمران ٢٧]


﴿تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل﴾ أي: تدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، فينشأ عن ذلك من الفصول والضياء والنور والشمس والظل والسكون والانتشار، ما هو من أكبر الأدلة على قدرة الله وعظمته وحكمته ورحمته ﴿وتخرج الحي من الميت﴾ كالفرخ من البيضة، وكالشجر من النوى، وكالزرع من بذره، وكالمؤمن من الكافر ﴿وتخرج الميت من الحي﴾ كالبيضة من الطائر وكالنوى من الشجر، وكالحب من الزرع، وكالكافر من المؤمن، وهذا أعظم دليل على قدرة الله، وأن جميع الأشياء مسخرة مدبرة لا تملك من التدبير شيئا، فخلقه تعالى الأضداد، والضد من ضده بيان أنها مقهورة ﴿وترزق من تشاء بغير حساب﴾ أي: ترزق من تشاء رزقا واسعا من حيث لا يحتسب ولا يكتسب.

📓تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان - الشيخ عبدالرحمن السعدي ت:سعد الصميل نسخه؛ ب📓
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#كلمات_القرآن : {الحسنى} ، {المهاد}
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
💎﴿لَّا یَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ فَلَیۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِی شَیۡءٍ إِلَّاۤ أَن تَتَّقُوا۟ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةࣰۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [آل عمران ٢٨]

هذا نهي من الله وتحذير للمؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فإن المؤمنين بعضهم أولياء بعض والله وليهم ومن يفعل ذلك ؛ التولي، (فليس من الله في شيء) ؛ أي: فهو بريء من الله، والله بريء منه كقوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) ؛ وقوله :(إلا أن تتقوا منهم تقاة) ؛ أي إلا أن تخافوا على أنفسكم في إبداء العداوة للكافرين فلكم في هذه الحال الرخصة في المسالمة والمهادنة لا في التولي الذي هو محبة القلب الذي تتبعه النصرة، (ويحذركم الله نفسه) ؛ أي: فخافوه واخشوه وقدموا خشيته على خشية الناس فإنه هو الذي يتولى شؤون العباد، وقد أخذ بنواصيهم وإليه يرجعون وسيصيرون إليه فيجازي من قدم خوفه ورجاءه على غيره بالثواب الجزيل ويعاقب الكافرين ومن تولاهم بالعذاب الوبيل.

💎
﴿قُلۡ إِن تُخۡفُوا۟ مَا فِی صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ یَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ، یَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَیۡرࣲ مُّحۡضَرࣰا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوۤءࣲ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَیۡنَهَا وَبَیۡنَهُۥۤ أَمَدَۢا بَعِیدࣰاۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾ [آل عمران: ٢٩ - ٣٠]


يخبر تعالى بإحاطة علمه بما في الصدور سواء أخفاه العباد أو أبدوه، كما أن علمه محيط بكل شيء في السماء والأرض فلا تخفى عليه خافية، إحاطة علمه فهو العظيم القدير على كل شيء الذي لا يمتنع عن إرادته موجود.

ولما ذكر لهم من عظمته وسعة أوصافه ما يوجب للعباد أن يراقبوه في كل أحوالهم، ذكر لهم أيضاً داعياً آخر إلى مراقبته وتقواه وهو أنهم كلهم صائرون إليه وأعمالهم حينئذ من خير وشر محضرة فحينئذ يغتبط أهل الخير بما قدموه لأنفسهم، ويتحسر أهل الشر إذا وجدوا ما عملوه محضراً، ويودون أن بينهم وبينه امدا بعيدا فإذا عرف العبد أنه ساع إلى ربه وكادح في هذه الحياة، وأنه لا بد أن يلاقي ربه ويلاقي سعيه أوجب له أخذ الحذر والتوقي من الأعمال التي توجب الفضيحة والعقوبة والاستعداد بالأعمال الصالحة التي توجب السعادة والمثوبة، ولهذا قال تعالى: (ويحذركم الله نفسه) ؛ وذلك بما يبدي لكم من أوصاف عظمته وكمال عدله وشدة نكاله، ومع شدة عقابه فإنه رءوف رحيم ومن رأفته ورحمته أنه خوف العباد، وزجرهم عن الغي والفساد كما قال تعالى لما ذكر العقوبات : (ذلك يخوف الله به عباده یا عباد فاتقون) ؛ فرأفته ورحمته سهلت لهم الطرق التي ينالون بها الخيرات ورأفته ورحمته حذرتهم من الطرق التي تفضي بهم إلى المكروهات.

فنسأله تعالى أن يتمم علينا إحسانه بسلوك الصراط المستقيم والسلامة من الطرق التي تفضي بسالكها إلى الجحيم.


💎
﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ، قُلۡ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡكَـٰفِرِینَ ﴾ [آل عمران: ٣١-٣٢]



هذه الآية هي الميزان التي يُعرَف بها من أحب الله حقيقة ومن ادعى ذلك دعوى مجردة؛ فعلامة محبة الله اتباع محمد هلال الذي جعل متابعته ما يدعو إليه طريقاً إلى محبته ورضوانه فلا تُنال محبة الله ورضوانه وثوابه إلا بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما فمن فعل ذلك أحبه الله وجازاه جزاء المحبين وغفر له ذنوبه وستر عليه عيوبه، فكأنه قيل: ومع ذلك فما حقيقة اتباع الرسول وصفتها؟ فأجاب بقوله: (قل أطيعوا الله والرسول) بامتثال الأمر واجتناب النهي وتصديق الخبر (فإن تولوا)؛ عن ذلك؛ فهذا هو الكفر (والله لا يحب الكافرين)

📓تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان - الشيخ عبدالرحمن السعدي ت:سعد الصميل نسخه؛ أ📓
💎﴿لَّا یَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ فَلَیۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِی شَیۡءٍ إِلَّاۤ أَن تَتَّقُوا۟ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةࣰۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [آل عمران ٢٨]

وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكافرين بالمحبة والنصرة والاستعانة بهم على أمر من أمور المسلمين، وتوعد على ذلك فقال: ﴿ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء﴾ أي: فقد انقطع عن الله، وليس له في دين الله نصيب، لأن موالاة الكافرين لا تجتمع مع الإيمان، لأن الإيمان يأمر بموالاة الله وموالاة أوليائه المؤمنين المتعاونين على إقامة دين الله وجهاد أعدائه، قال تعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ فمن والى - الكافرين من دون المؤمنين الذين يريدون أن يطفؤا نور الله ويفتنوا أولياءه خرج من حزب المؤمنين، وصار من حزب الكافرين، قال تعالى: ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ وفي هذه الآية دليل على الابتعاد عن الكفار وعن معاشرتهم وصداقتهم، والميل إليهم والركون إليهم، وأنه لا يجوز أن يولى كافر ولاية من ولايات المسلمين، ولا يستعان به على الأمور التي هي مصالح لعموم المسلمين. قال الله تعالى: ﴿إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ أي: تخافوهم على أنفسكم فيحل لكم أن تفعلوا ما تعصمون به دماءكم من التقية باللسان وإظهار ما به تحصل التقية. ثم قال تعالى: ﴿ويحذركم الله نفسه﴾ أي: فلا تتعرضوا لسخطه بارتكاب معاصيه فيعاقبكم على ذلك ﴿وإلى الله المصير﴾ أي: مرجع العباد ليوم التناد، فيحصي أعمالهم ويحاسبهم عليها ويجازيهم، فإياكم أن تفعلوا من الأعمال القباح ما تستحقون به العقوبة، واعملوا ما به يحصل الأجر والمثوبة.

💎
﴿قُلۡ إِن تُخۡفُوا۟ مَا فِی صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ یَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [آل عمران ٢٩]


ثم أخبر عن سعة علمه لما في النفوس خصوصا، ولما في السماء والأرض عموما، وعن كمال قدرته، ففيه إرشاد إلى تطهير القلوب واستحضار علم الله كل وقت فيستحي العبد من ربه أن يرى قلبه محلا لكل فكر رديء، بل يشغل أفكاره فيما يقرب إلى الله من تدبر آية من كتاب، أو سنة من أحاديث رسول الله، أو تصور وبحث في علم ينفعه، أو تفكر في مخلوقات الله ونعمه، أو نصح لعباد الله، وفي ضمن أخبار الله عن علمه وقدرته الإخبار بما هو لازم ذلك من المجازاة على الأعمال، ومحل ذلك يوم القيامة، فهو الذي توفى به النفوس بأعمالها فلهذا قال ﴿يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا﴾

💎
﴿یَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَیۡرࣲ مُّحۡضَرࣰا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوۤءࣲ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَیۡنَهَا وَبَیۡنَهُۥۤ أَمَدَۢا بَعِیدࣰاۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾ [آل عمران ٣٠]

﴿يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا﴾ أي: كاملا موفرا لم ينقص مثقال ذرة، كما قال تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره﴾ والخير: اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة صغيرها وكبيرها، كما أن السوء اسم جامع لكل ما يسخط الله من الأعمال السيئة صغيرها وكبيرها ﴿وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا﴾ أي: مسافة بعيدة، لعظم أسفها وشدة حزنها، فليحذر العبد من أعمال السوء التي لا بد أن يحزن عليها أشد الحزن، وليتركها وقت الإمكان قبل أن يقول ﴿يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله﴾ ﴿يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض﴾ ﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا﴾ ﴿حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين﴾ فوالله لترك كل شهوة ولذة وان عسر تركها على النفس في هذه الدار أيسر من معاناة تلك الشدائد واحتمال تلك الفضائح، ولكن العبد من ظلمه وجهله لا ينظر إلا الأمر الحاضر، فليس له عقل كامل يلحظ به عواقب الأمور فيقدم على ما ينفعه عاجلا وآجلا، ويحجم عن ما يضره عاجلا وآجلا، ثم أعاد تعالى تحذيرنا نفسه رأفة بنا ورحمة لئلا يطول علينا الأمد فتقسو قلوبنا، وليجمع لنا بين الترغيب الموجب للرجاء والعمل الصالح، والترهيب الموجب للخوف وترك الذنوب، فقال ﴿ويحذركم الله نفسه والله رءوفٌ بالعباد﴾ فنسأله أن يمن علينا بالحذر منه على الدوام، حتى لا نفعل ما يسخطه ويغضبه.


💎
﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [آل عمران ٣١]
وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال ﴿قل إن كنتم تحبون الله﴾ أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لابد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله ﷺ في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص.


💎﴿قُلۡ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [آل عمران ٣٢]

وهذا أمر من الله تعالى لعباده بأعم الأوامر، وهو طاعته وطاعة رسوله التي يدخل بها الإيمان والتوحيد، وما هو من فروع ذلك من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، بل يدخل في طاعته وطاعة رسوله اجتناب ما نهى عنه، لأن اجتنابه امتثالا لأمر الله هو من طاعته، فمن أطاع الله ورسوله، فأولئك هم المفلحون ﴿فإن تولوا﴾ أي: أعرضوا عن طاعة الله ورسوله فليس ثم أمر يرجعون إليه إلا الكفر وطاعة كل شيطان مريد ﴿كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير﴾ فلهذا قال: ﴿فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين﴾ بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم أشد العقوبة، وكأن في هذه الآية الكريمة بيانا وتفسيرا لاتباع رسوله، وأن ذلك بطاعة الله وطاعة رسوله، هذا هو الاتباع الحقيقي.

📓تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان - الشيخ عبدالرحمن السعدي ت:سعد الصميل نسخه؛ ب📓
2025/10/21 10:51:15
Back to Top
HTML Embed Code: