Telegram Group Search
صرتُ أدرّب نفسي على أن أتخفف شيئًا فشيئًا من ثقل القلق، وغلَبة التوتر، وأن أدع عني دور الإله في تدبير كلّ أمرٍ تكفل لي به، وأرقب الأشياء تمضي كما خُلقت لتكون، حسنُها وقبيحها. أحاول جاهدًا أن أمشي إلى وجهتي غير منشغل بدروب غيري، ولا ملتفتٍ إلى ما قد أفلتته يداي، رجاءَ أن أبلغ غايتي أو أرضى بما قُسم، وفي النفس من السلامة بقية.
آن الأوان أخيرًا أن تأنس روحك يا أنس، ويستريح صوتك، وتستكين جوارحك، وتغشاك الرحمة والرضوان من ربٍّ ليس غضبان؛ إلا على من خذلوك ومن قتلوك ومن الفجرة أولاد الحرام.
تعج نفسي بمزيج متناقض من المشاعر والأفكار هذه الفترة بقدرٍ لم أعد أفهمه ولا أطيقه؛ نومي مضطرب، وقلبي مثقل، وكل ما أفعله هو الترقب والصمت. صرت أنقطع عن وسائل التواصل بالأيام، حتى تفاعلي مع الناس والمقربين أشبه كتعاقب الفصول بين حين وحين، لا يرفق بي إلا دعاء أمي وصوت من أحب.
ثمة مهمة جليلة كثيرًا ما يغفلها المسلم: أن يتقي الله في نفسه، ويعدّها إعدادًا يليق بغايات الإسلام، وأفكاره، وطموحاته.

وما أثقلها من مهمة!
إن كان لي غاية وحيدة في الزواج، فهي أن أربي ولدًا يحمل في قلبه هم هذا الدين بحق، فينشأ على الشجاعة والتقوى والإيمان، ويسعى جاهدًا ليُريَ الله ما في نفسه؛ لا يخاف سواه ولا يرضي مخلوقًا في معصيته. أريده نسخة أفضل من أبيه في كل شيء يصله بالآخرة، حينها لا قلق عليه من أمر الدنيا.
ما الظلُّ إلا صورة للنور حين يستريح، وامتداد للأمل حين ينقطع.
عبد الرحمن القلاوي
الست "لين" تركت لعبتها وتشاهد القمة الحقيقية.
عجبًا كيف يمضي الدهر وتدور الأيام!

اللهم اغفر لنا تقصيرنا وعجزنا وحب الدنيا وكراهية الموت.
لا معنى للعيش في مجتمع يكفل لكل الآراء حق التواجد، ويضع أنماط الحياة على قدم المساواة ما لم تتعارض مع استمتاع الآخرين بحريتهم المطلقة. المستبد الغاشم ذاته، رغم كل شيء، يحمل ميزانًا قيميًا يحتكم إليه، ويبدو أكثر منطقية من هذه الحرية السائلة. فالمساواة ليست في جوهرها إلا موت للمعنى.
أرق حديث لرسول الله ﷺ إلى قلبي، يوم حنين حين ذهبت الغنائم لسادة قريش لتأليف قلوبهم وفهم طبيعتهم النفسية وهم داخلين جدد إلى الإسلام، فحزن الأنصار لذلك وبلغ حزنهم رسول الله، فجمعهم وقام فخطب فيهم خطبة رقيقة رحيمة ذكَّرهم فيها بفضلهم عليه وفضله عليهم وما غيره الإسلام فيهم، وسألهم: ألا يكفيكم أن يكون معكم رسول الله عوضًا عن الغنائم! فما قاموا إلا وقد ابتلت لحاهم من البكاء ولا يبغون سواه.

فداك نفسي يا رسول الله، وصلى الله عليك وسلم.
أقف مندهشًا كالعادة في إقرار امرأة العزيز لمراودتها سيدنا يوسف، بعد أن نزعت رداء الكبرياء وضحت بشرفها وصرحت بخطيئتها وتوبتها في سبيل قول الحقِّ والدِّفاع عن يُوسُفَ يقظة لضميرها وهي ملكة؛ ”الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه“. فأجزم أن الإنصاف والصدق فضيلتان قَلّما وُفق إليهما الناس، فإن كانتا في امرأة فقد نالت حظًا من الكمال والله.
هوس بعض النساء بالإساءة والعداء للرجال ككل بسبب تجربة شخصية أو تأثرًا بجهل وضلال النسوية، يذكرني بوصف بديع للرافعي: ”أبلغ الرد على هؤلاء المغاليات في المطالبة بحقوق المرأة، أنهن أو أكثرهن، بين واحدةٍ فقدت الرجل، وأخرى سُلِبت الرجل، وثالثة لم تَنل الرجل؛ فهي أحلام إفلاسٍ كما ترى“.
لا فاعل على الحقيقة إلا الله، لذا أروض نفسي على مركزية التسليم له في كل شيء، حتى أبسط الأمور التي يُخيّل أن لي فيها يد ولي مطلق الخيار في فعلها أو تركها، هي في الأصل خيار مكتسب خاضع كليةً لمشيئة الله؛ «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».
تفوق الحياة مجموع أفرادها، وتصغر مصائب المرء -مهما عظمت- في نظر الحشود. لذا تهذّبنا الآلام كما توجعنا، وتصقلنا الجراح وإن أخطأت الأعين ما في الصدور. ربما لا يدرك الحكمة من البلاء إلا كل نبيل؛ تعلمه الدنيا الشفقة على الحزين والمكروب والبائس، وتبسط يداه الرحمة لكل مفقود.
أشعر أحيانًا بمزاج رائق، والكون حولي هادئ، أسير في الدنيا كطفلٍ صغيرٍ لا تُقلقه مخاوف المستقبل ولا تطارده أهوال الماضي، وتكاد الجمادات والكائنات تبتسم لي. لم أعد أطارد الإنجازات المادية أو ألهث في سباق عبثي مع الآخرين لإثبات الذات، قلبي ساكن وروحي خفيفة كالريش، وألتمس السعادة في الأهل والأصدقاء وعزيز أحبه وبعض الذكريات والأحاديث وجلسات الغروب وأكواب الشاي التي تتبادل الأدوار على فمي أثناء تأمل طويل في ملكوت الله. أحمد الله أني لا أحمل ضغينة لأحد، ولا أخشى دعاء أحدهم عليّ قبل أن أغمض عيني أو هكذا أرجو، وأحسب أن أعدائي -حتى في هذا الفضاء الرقمي- أقل كثيرًا من أعداء غيري.

أليس ذلك بنعيمٍ يستوجب الشكر وإن بقي للحظات معدودة!
بين الحزن واللامبالاة، يختار القلبُ النبيل أن يحزن، فالحزن قرارٌ إيمانيٌّ والألم أنبل في النهاية من اللا شيء. ربّما نجَتْ اللامبالاة بصاحبها مرّة، لكنّه لن يناور بها مرّتين، فهي تمويهٌ على القلب، وتمرّدٌ على الحسّ؛ والمتمرّد على حزنه لا يُفلح.
لي فترة مهموم بأمر ما، فصليت المغرب وجلست في المسجد أتخفف من التفكير قليلًا حتى تحين العشاء، لاحظت بالقرب حلقة تحفيظ لإمام المسجد، وحوله بعض الطلاب يتلون بأصوات جميلة. فغمرتني الذكريات والحنين لسنوات الطفولة والكُتّاب ومسابقات التسميع، حتى هدأت أفكاري تمامًا، وتلاشى الأمر الذي يؤرقني للحظات، كأنه صار نسيًا منسيًا.

أتساءل: لماذا لا تدوم لحظات الصفاء!
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لو شاهدت هذا المشهد ألف مرة، يهتز قلبي من مكانه: الصيحة، الطلقة، الشهادة، نظرته الأخيرة إلى السماء، زقزقة العصافير كأنها تودعه إلى الجنة!

صدق عنترة:
”واختر لنفسك منزلًا تعلو به
أو مُت كريمًا تحت ظلِّ القَسطَل

موتُ الفتى في عِزّةٍ خيرٌ له
من أن يَبيتَ أسيرَ طَرفٍ أكحَل“.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
‏”ستفضح هذه المدينة كل المُطبّعين، وستُخزي كل المُنّسقين، وستكشف حقيقة كل المُفرّطين والمُتنازلين“.

طبت وطابت كلماتك خالدةً يا عم يحيى.
فاهمك يا صاحبي، تودّ أن تنطق:

لولا الحوادث لم أركُن إلى أحدٍ
من الأنام ولم أخلُد إلى وطنِ
ذاك القابع في صدري ناحية اليسار قليلًا كان ينبت شوكًا من غلبة اليأس والقلق والوَحدة، إلى أن جئتِ، صار كما ترين تتفتح فيه الأزهار.
2025/10/24 03:05:33
Back to Top
HTML Embed Code: