Telegram Group Search
" هذا كتاب ماتع نافع، ويظهر فيه عقل المؤلف وسعة صدره وأفقه، كما يظهر فيه خلقه ، فلا تجد عبارات موحشة
فقراءته نافعة للجميع، وليت الناس يكتبون بهذا النفس فيتربى القارئ على الأدب ويوسع صدره للخلاف ويجل العلماء وما بذلوا، وذكر المؤلف في أوله مقدمات مفيدة وبعبارات جميلة مسددة ويتخللها نصائح وفيما بين ذلك أبيات يبدو انها من نظمه، وقد أكثر منها.
وفيه أكثر من ١٠٠٠ مسألة، فهو جدير بالقراءة

وهذه النسخة الالكترونية قد أذن المؤلف جزاه الله خيرا بنشرها
والكتاب يباع بسعر مخفض".


منقول
لا تغفل عن هذا 🍃
◉ العطاء العظيم 🌨️ 🌱

يوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس، ودعاؤه خير الدعاء كما قال النبي ﷺ: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة).
وحريٌ بالمسلم أن يُرتّب أدعيته وسؤالاته لربّه.
فأبواب الكرم الإلهي مُشرعة على مصراعيها تنتظر الداخلين.. ومن أمارات الصدق أن يتحرى العبد الأوقات الفاضلة والمواسم الشريفة، ويحرص عليها، فالله يحب الذي يتعرضون لنفحاته. لأن هذه المواطِن مما يُختبر بها يقين العبد، وحسن ظنّه بربه.
احصر احتياجاتك ومطالبك التي تريدها، وبالِغ في الافتقار إلى الله، والتذلل بين يديه..
واجعل هذا اليوم يوم الخضوع والتضرع والانكسار لله..
واعلم أن حلاوة الدعاء تتجلى حين توقن أن الله يسمع كل حرف تتفوه به..
ادخر حاجاتك وأمنياتك وأحلامك لهذا اليوم..
وأيقِنْ بربك الكريم، فهو سبحانه لن يخيّب ظن من أحسن الظن به، بل وسيدهشك بعطائه..
قدّم بين يدي دعائك ثناءً طويلًا على الله، وصدقة ولو باليسير.
وارفع سقف يقينك وثقتك بالله إلى ما لا نهايه، واجعل محط نظرك سعة کرم ربك وعظيم قدرته، لا صعوبة أحوالك وتعسّر أمورك ..
فما عليك إلا أن تدخل على ربّك دخول الواثق.
دخول من بسط يديه لينال جزيل الأعطيات ..
دخول من ألقى أحزانه وراءه ظهريًا، واستقبل كريم الهبات ..

وهذا كتيّب قصير، فيه ثمان دعوات نبوية جامعة، كتبتها لمن كثُرت عليه الأدعية وأراد منها مجموعة جامعة يواظب عليه ويلهج بها، وعلّقت عليها تعليقًا يسيرًا يُوضّح معانيها، ويُبيّن شيئًا من مقاصدها وفضائلها .

وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبّل هذا العمل بقبول حسن، ويرزقنا فيه الإخلاص ويطرح له القبول، كما أسأله أن يجعله نافعًا للإسلام والمسلمين، وفاتحة خير في باب الدعاء والتضرع بين يدي الله.
يوم الدعاء، فما أنت صانع؟ 🌧️
كيف تجعل دعاءك قويًا ومؤثرًا 👆🏽
ومضة من نور الدعاء
وحقٌ على الله أن لا يخيّب من لجأ إليه، ولا أن يضيّع من اعتصم بحماه..
من آثر الخلوة بسجوده على الشكوى لعباده، وبثّ بين يدي مولاه شكاته وشكواه؛ فإن الله لا يرد قلبًا أناب، ولا يخذل روحًا وثقَت ببابه، بل يجبره جبْرًا يجلّ عن الوصف، ويأتيه من الفرج ما لم يخطر له على خاطر.
السعادة بين الرضا والقناعة 🌱🌧️

السعادة ليست كنزًا مخبوءًا في قاع البحار، ولا جوهرة مكنونة في خزائن الأثرياء، ولا غاية تُنال بكثرة المتاع وتزاحم المظاهر؛ بل هي شعور خفيٌّ يسري في النفس كما تسري الروح في الجسد، لا يُدرك إلا بالإحساس، ولا يُستجلب إلا بالقناعة والرضا.

كم من إنسان تفيض خزائنه بالمال، ويمتد سلطانه في الأرض، وتحفّه مظاهر المجد، ثم هو مع ذلك شقيٌّ منكود!

وكم من آخر لا يملك من الدنيا إلا قوت يومه، ولا يتوسّد إلا أملًا رقيقًا، ولا يتوسّل في الحياة إلا قلبًا رضِيًّا، ومع هذا هو أسعد الناس!
ذلك لأن السعادة لا تكمن في كثرة الممتلكات، ولا في التفاخر بالمظاهر الزائلة، ولكن في التحرر من رقّ الحاجة إليها.
وقف سقراط، حكيم الفلاسفة، أمام متجرٍ عامرٍ بأنواع السلع، فنظر مليًّا، ثم قال كلمته الخالدة: “ما أكثر الأشياء التي لا أحتاج إليها!”
كلمة صغيرة، ولكنها تفيض حكمة، وتحمل في طياتها فلسفة عميقة، جعلها فلاسفة الإغريق شعارًا لهم، لأنها تعكس جوهر السعادة: *وأنها بالاكتفاء، لا بالامتلاك؛ وبالرضا، لا بالتطلّع؛ وبالزهد، لا بالشره والاستشراف.*

إن السعادة ليست غاية بعيدة لا تُنال، ولا أملًا مستحيلًا لا يُدرك؛ بل هي في متناول كل من شاء، إذا عرف كيف يقنع، وكيف يرضى، وكيف يغضّ بصره عن زينة الحياة وزخارفها، فلا يمدّ عينه إلى ما متّع الله به غيره، ولا يقيس نصيبه في الدنيا بنصيب الناس.

والسعادة لها مذاق في كل مرحلة من مراحل الحياة: فأنت شابٌ، ما دام قلبك موصولًا بالأمل، وروحك مشتعلة بالحماسة، وعينك لا تزال تبصر النور في نهاية الطريق، ولو كنت في السبعين! وأنت شيخ، مهما كنت في مقتبل العمر، إذا فقدت الأمل، وخمدت فيك جذوة الحياة، وأعرضت عن نور الرجاء.
فالشباب شباب الروح، والكهولة كهولة القلب، وما العمر إلا صفحات نكتبها بمشاعرنا لا بأرقامنا.

ومن تمام السعادة أن نتشارك فيها مع غيرنا، وأن لا نجعلها حِجرًا محجورًا على أنفسنا، فإن من أعظم صور السعادة: أن ترى أثر ابتسامتك على وجه يتيم، أو دفءَ يدك في يد محتاج، أو نورًا تسريه في صدرٍ أظلمته الهموم، وجميل بك أن لا تنسى من حولك حين تطلب سعادتك، وأن لا تغفل عن حقوق الآخرين وأنت تطلب حقوقك
والعجيب أن السعادة تُقبل على من يتسامى عنها، وينشغل عنها بمعاني الحياة، ولا يكثر من سؤال نفسه هل أنا سعيد أم لا؟ قال الرافعي: “وكما يفقد أكثر الناس السعادة في كثرة الاستعداد لها، والإغراق في وسائلها، يجدها بعضهم في إهمالها، حين لا يبحث عنها ويذهب باحثًا عن حقيقة الحياة.”

وأصدق الناس سعادة من امتلأ قلبه بالإيمان بالله، والمعرفة به، واطمأنَّ لقضاء الله، ورضي بما قُسم له، وسعى في دنياه سعي العاقل، لا سعي المرهق اللاهث.

ألا وإن من أعظم أسباب الشقاء: أن يجمع المرء بين ضعف القدرات، وشطط الطموحات، فيعذب نفسه برغبات لا يبلغها، ويجرّعها كؤوس الحسرة على ما لم يخلق له.

فاملك رضاك، تمتلك سعادتك، واغرس في قلبك الأمل، يثمر فيك البهجة، وامشِ في الأرض رحيمًا متفائلًا قانعًا بما قسم الله لك، تكن وإن قلّ حظك من الدنيا أسعد أهلها.
السعادة بين الرضا والقناعة 🌱🌧️
في ضرورة الهداية والسداد 🎯

كل لحظة تمر من عمر المرء، هي في حقيقتها امتحان دقيق لمعنى الهداية، وكأنّ الدنيا كلها ليست إلا طريقاً متعرّجاً بين ضلالات وغوايات، وسالكه لا نجاة له إلا بأن يعتصم بحبل الله المتين.

ولقد بلغ الأنبياء عليهم السلام الغاية العظمى من الفقه لأنهم لم يكونوا يرون في أنفسهم غنى عن ربهم طرفة عين؛ بل كانوا في كل نفَس من أنفاسهم، يستمدّون الهداية من ربهم، ويفتقرون إليه، ويأوون إلى ركنه الشديد، فكانوا بحق هداةً ومهديّين.

فما أحرانا ـ نحن أبناء العجز والقصور ـ أن نُديم قرع باب السماء، ونسأل الله هدايةً نسير بها على الصراط، وسدادًا نقيم به خطانا على الجادة، كما كان الأنبياء ـ وهم أئمة الهدى ـ يلوذون بالله آناء الليل وأطراف النهار، مستشعرين الفقر التام إليه في كل نبضةٍ من نبضات قلوبهم، وفي كل خطرةٍ من خواطرهم.

فنحن في دنيا مزروعةٌ بالأهواء، محفوفةٌ بالفتن، تضل فيها البصائر كما تضل الأبصار في الليل البهيم، فلا مخرج لنا منها إلا أن نتعلق بالله تعلق الغريق بخشبة النجاة، فهو القائل سبحانه: (ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم).

والهداية ـ وإن حسبها الناس أمراً واحدًا طبقاتٌ ومراتب، وأعلاها: السداد. ولأجل ذلك، كانت وصية النبي ﷺ لعلي بن أبي طالب أن يقول: (اللهم اهدني وسددني).
يا لها من كلمات وجيزة، تفتح أبواب الخير لمن عقل معناها، جامعة لأعظم مطلوبين، دالةً على أن الهداية لا تُنال دفعةً واحدة، وإنما تُكتسب بالمواظبة، وتُطلب بالحاح، ويُرتقى إليها زلفةً زلفة، كلما أخلص العبد في الدعاء، وصدق في التوجه إلى ربّه.

و الهداية إذا نزلت، ساقت الخير بعضه إلى بعض كما يسوق النهر ماءه إلى الزرع، فإذا به يُورق ويُثمر.

والعبد إذا ذاق طعم هذه الهدايات في يومه، علم أن الله يقوده بلطف، وأن خصلةً من الخير لا تأتي وحيدة، بل تجرّ أختها من ورائها، فالهداية لا تمشي في الأرض وحدها، إنما تمشي بجيش من البركات والألطاف والتوفيق.

كم من يوم طلعت عليك شمسه، وقد ساقت لك رحمة الله فيه من أبواب الهداية ما لا تحتسب؛ لا لأنك أعددت لها متكئًا، بل لأن الله ساقها إليك بمحض فضله، تسمع موعظة فتحرّك فيك ساكن القلب، أو تقع عينك على آية تهز وجدانك، أو تلتقي برجل صالح يشدّك من يدك فيسير بك إلى برّ، أو عملاً لم تحتسبه فإذا هو باب من أبواب الجنة. فيحيي فيك جذوة الإيمان، وتُحاط في يومك بأسباب الخير، حتى تحسّ في نفسك أنك ستصافح الملائكة في الطرقات. وما ذاك إلا أن الله ساق إليك هدايات متعاقبة، كل واحدة منها تُسلمك إلى أختها، حتى كأنك تمشي في طريقٍ مرصوفٍ بالرحمة.

وما أعظم أن يلهج اللسان بدعوة نبي الله موسى: (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري). فهي مفتاح التيسير، ومجلبة التوفيق.
وكم من صدر ضاق بما رحب، ثم اتسع بدعوة خفية في جوف الليل!
وكم من عزمٍ كان كالجبل، فإذا هو ينهار بين يدي القضاء، أو يصرفه الله عنك صرفاً، ولقد أحسن ذلك الأعرابي أيما إحسان بإجابته حين سئل: "بِمَ عرفت ربك؟" قال: "بصرف الهمم ونقض العزائم". وهي كلمة لو تدبرها القلب لعلم أن كل ما في الوجود من عزيمة أو فتور، من إقبال أو إدبار، هو بيد الله، يُقلبه كيف يشاء، لا تملك النفس لنفسها نفعًا ولا ضراً إلا بإذنه.

أجل، إن الناس في ميزان الله صنفان: موفق ومخذول، وكم من امرئ كان في أمسِه مقبلًا على العلم والعبادة، ثم أصبح في لهو وغفلة! وكم من قلبٍ كان يعيش في أنس القرآن ثم قسا. وكم من نفسٍ كانت قرة عينها في الصلاة ثم انقبضت عنها!

وإنك لترى الرجل بالأمس يعمر مجالس الذكر، ويلوذ بحلقات العلم، فإذا به اليوم في التيه، ضلّ بعد هدى، وسقط من شرف الحال إلى حضيض الغفلة. وآخر، كان بالأمس غافلًا بعيدًا، فإذا به اليوم في طمأنينة الإيمان، يُقبل على الخير كأنما كان مولوداً له. وكم من بعيدٍ عن الخير إذا به يُقبل، وكم من تائهٍ في طرق الهوى قد قاده الله إلى باب الرحمة، ففتح له، وأدخله في أنوار الهداية، فما لبث أن صار من المقربين!

واحذر ثم احذر أن تُخدع ببقاء الحال، فإن من الناس من كان بالأمس في رياض الإيمان، يُنشد العلم، ويُجالس الصالحين، فإذا هو اليوم في وحشةٍ وغفلة، لا يكاد يذكر من ماضيه إلا الحسرات. وآخر، كان في بيداء الجهالة، فهُدي إلى مجالس النور، وأشرق في صدره قبس من الهداية، فما لبث أن صار من أهل السداد.
فاحذر أن تكون ممن سلب الله منهم نعمة الإقبال، بعد أن ذاقوا برد الإيمان، وعرفوا لذة الهداية، ثم أعرضوا، فحيل بينهم وبين ما يشتهون.

وإذا أقبلت عليك نسمات الخير، ورأيت من نفسك حبًا للطاعة، وانشراحًا للصالحات، وانقباضًا عن المحرمات، فلا تكن كمن يستروح بها وهو غافل؛ بل احمد الله أن ساقها إليك، وقيّدها بطوق الشكر، فإنّ لله نعمًا تمشي إلى عباده، فإن لم يلتفتوا لها بالشكر، ولّت عنهم، فإنّ نعم الله تُربط بالشكر، وتُفرّ إذا غفل العبد عن حارسها.
مدرسة الليل 🌧️🌱

ما أجمل وصية ذلك الرجل الصالح لابنه حينما قال له: " يا بنيّ، إنك لن تكون شيئًا حتى تكون لك أنّةٌ في الأسحار، ودمعةٌ بين يدي العزيز الجبار".


نعم، فما ترقى أحدٌ في معارج الإيمان، ولا بلغ ذُروة الكمال، إلا وقد خاض غمار الليل، وسجد حين هجَع النُّوَّام، وناجى ربَّه في سكون الأنام.

إن الليل هو موضع السر من القلب، ومهبط الرحمة، ومستودع نجوى الأولياء، ففي جوف الليل مائدة السماوات، لا يأوي إليها إلا من كان له عند الله سرٌّ.

وقيام الليل، هو غسل النفس من أدران النهار، وهو كفّارة الذنب الجاثم على القلب، وهو الميدان الذي تُعرف فيه مراتب القرب، وتُوزن فيه منازل العارفين. وقد كانوا يستدلّون على محبة الله لعبده، بتوفيقه لقيام الليل، حتى جاء في بعض الآثار أن الله ينادي كل ليلة: "يا جبريل، أقم فلانًا وأَنِم فلانًا".

والليل هو الميدان الذي يُبتلى فيه الصادقون، ويُفرز فيه المخلصون، وتُنسج فيه حبال القُرب بين العبد ومولاه. ولذا كان قيام الليل، مغتسلٌ باردٌ يطفئ جمرات الذنب، ومسلكٌ وضيءٌ يسلكه أرباب العزائم، ومفتاحٌ من مفاتيح القرب، لا يحمله إلا من طهّر قلبه من الرِّياء، وملأه بالرجاء والخشية واليقين.

كم من عبدٍ سجد في الليلِ، فاستيقظ على بشارةٍ من السماء، فيها إجابة ذلك الدعاء، وتحققُ تلك الأمنية التي ناجى الله بها في ظلمته وخلوته.

فهنا المحاريبٌ التي تصنع الرجال، والمقامات التي تُسكب لأجلها العبرات، يا لها من ركعات يسيرة لكنها عند الله عزيزة؛ تهز أبواب السماء حتى تُفتح، وتنقلك من مقام إلى مقام حتى يُقال لك: قد أوتيتَ سُؤلك.

ومن ثبت في ظلمة الليل ساجدًا، أثبته الله في فتن النهار قائمًا، وكيف يقدر الشيطان على قلبٍ قد بكى بين يدي مولاه، وسكب عند عتبته خطاياه، وأحاط إيمانه بسور نفحات الأسحار؟

أجل، إن قيام الليل ليس عملاً يُؤدَّى، ووِردًا يُقضى، بل هو منزلةٌ يُرتقى إليها، فمتى وفّقك الله للقيام، فقد أهدى إليك مفتاح القرب، فإياك أن تُغلقه بمعاصيك. سئل الحسنَ أقوامٌ أنهم لم يستطيعوا قيام الليل كما كانوا، فقال: "قيَّدتكم الذنوب".
هو جزاءُ النهار للصالحين، ومكافأةُ الطاعة للمؤمنين، قال سليمان الداراني: "من أحسن في نهاره، كوفئ في ليله، ومن أحسن في ليله، كوفئ في نهاره".

وفي ثلث الليل الأخير، ساعةً يفيض فيها الله على عباده من جوده، ويقرّبهم من فضله، ويناديهم نداء الحُب والمغفرة، فطوبى لمن سمع النداء، فأجابه قلبه قبل أذنه، وسجدت جوارحه قبل أن تنهض قدماه.

فأشرف الخلوات، وأسمى المجالس، وأرفع المقامات، هي تلك التي ينفرد فيها العبد بمولاه، يناجيه بمقلةٍ دامعة، وقلبٍ خاشع، ولسانٍ ذاكر.

أتعلم أن خلوتك بربك في الثلث الأخير أعظم من ألف حضور في المجامع. وإذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما أقامك، فذاك هو الوقت الذي يأذن فيه الملوك لأحبتهم للخلوة بهم، أما أهل الغفلة والمخالفة فليسوا لهذا المقام بأهل، فما يؤهَّل أهل القرب لخلوة الملوك إلا إذا أخلصوا ودّهم، وصدقوا في صحبتهم، كما قال ابن رجب: "فما يؤهّل الملوك للخلوة بهم إلا من أخلص في ودّهم، وأما من كان من أهل المخالفة فلا يؤهّلونه".


أما إني والله لست من أهل ما سبق، ولكن لا أجمع على نفسي التركين؛ ترك العمل وترك التذكير به. فكم من ناصحٍ ينسج الثوبَ لغيره، وثيابه تمزّقها المعصية!

أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ
لقد نَسَبْتُ به نَسْلاً لِذِي عُقُمِ

أَمَرْتُكَ الخَيْرَ لكنْ ما ائْتَمَرْتُ به
وما اسْتَقَمْتُ فما قَوْلِي لَكَ: اسْتَقِمِ.
حين يناجي القلب 🤍🌧️
شعارك في عامك الجديد 🎯


من الأفكار الجميلة التي استفدت منها فكرة الشعار السنوي لكل عام جديد، وهذه الفكرة هي: أن تجعل لنفسك شعارًا يكون عنوان هذه السنة. حتى تركّز عليه وتسعى جاهدًا للعمل به وعدم الإخلال به ألبتة.

وهذا الشعار قد يكون في الجانب الإيماني، كمن يجعل شعاره: (لا يؤذن إلا وأنا في المسجد).

وقد يكون في الجانب العلمي كمن يجعل شعاره: (قراءة خمسين صفحة كل يوم لا أتنازل عنها)

وقد يكون في الجانب الصحي مثل: " لا للبِيض الثلاثة وهي (الملح والسكر والدقيق).

وقد يكون في الجانب الحياتي السلوكي مثل:( لا لمتابعة الأخبار والماجريات والسياسات التي لا أؤثر فيها وتشغلني عما هو أهم ).

جرّب أخي الغالي فكرة الشعار في العام الجديد، وحبذا يكون هذا الشعار واحدًا حتى تُركّز عليه ولا تتشتت .

ولمزيد حول هذه الفكرة دونك هذا المقال اللطيف .

https://ahmalassaf.com/5499/شعارك-في-عامك-الجديد/


ومن المقالات النافعة أيضًا مقال؛ طريقك نحو الإنجاز، فيه ثلاث طرق معينة لك على إنجاز ما تصبو إليه من أهداف وخطط وبرامج..

https://ahmalassaf.com/2271/طريقك-نحو-الإنجاز/


ومهما قيل عن الخطط والبرامج فكلّها إذا لم يصحبها عون من الله وتيسير كانت وبالًا على أصحابها. ولذا كان جميل بالمسلم أن يُكثر من دعوتين عظيمتين، هما من أعظم ما يعينه على تحقيق أهدافه وتوفيقه وفلاحه.

الأولى: (اللهم اهدني وسددني).
وهي وصية النبي ﷺ لعلي بن أبي طالب. فالإنسان بأمسِّ الحاجة إلى الهداية والسداد في جميع أموره، وطلب الهداية هو أكثر ما أُمرنا بسؤال الله إياه، فحاجتنا إلى الهداية والسداد في كل خطوة من خطوات حياتنا، ومن أعظم ما يُحقق ذلك لزوم تلك الدعوة العظيمة.
والثانية: (ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري).
لأن ما يُعيق الإنسان إما عوائق داخلية، وإما عوائق خارجية، فإذا شرح الله صدرك؛ أزال عنك العوائق الداخلية، وإذا يسّر لك أمرك؛ أزال عنك العوائق الخارجية.

https://www.group-telegram.com/t_hssan.com
هذا مقال عام جديد للشيخ علي الطنطاوي، من كتابه صور وخواطر.

أقرأه دومًا في بداية كل عام، فأجِدُ فيه موعظة وذكرى، وحث على اغتنام العمر بالخير، والحذر من تبديد الأيام في سوق الغفلة، والاعتبار بتصرّم الأعمار.

كتبه الشيخ بأسلوبه البديع وتشبيهاته البليغة فأوصل فكرته تمامًا على الذي أحسن ..

رحمه الله وغفر له..
هِبات الخلوات 🌧️🌱

من أصدق دلائل الإيمان، وأمارات الإحسان، أن يجد القلب في خلوته بالله برد اليقين، ونعيم السكينة، ولذة الأنس.
تلك اللحظات التي ينفرد فيها العبد بربه، متجردًا من علائق الدنيا، متخففًا من أثقال الخلق، هي لحظات لا تزنها الأيام، ولا تُقاس بالساعات؛ إذ فيها تُسكب الرحمات، وتتجلّى النفحات، وتُشرق في القلب أنوار الطمأنينة، وأنس القرب، وراحة الرضا.

نعم، يختار الله من يشاء من عباده لمناجاته، كما يُصطفي أحبابه لمحبته، فإذا أحبّ عبدًا قرّبه، وإذا قرّبه آنسه، وإذا آنسه جعله لا يأنس بغيره، ولا يأنف من خلوة إليه مهما ازدحم الناس من حوله.

فما أهنأ تلك النفس التي إذا ضاقت بها السبل، وسئمت من ضوضاء الحياة، وجدت في خلوتها بالله سَعةً لا تضيق، وطمأنينةً لا تذهب، تخلّت عن الناس لتخلو برب الناس، وانقطعت عن الدنيا لتتصل بالملكوت، فصارت خلواتها جَنّات، ومناجاتها لذّات، لا تطاولها لذائذ الدنيا، ولا تدانيها أفراح العيون.

وما أجلّ هذه الخلوة إذا كانت في ساعات الصفاء، كالأسحار، أو في آخر ساعة من الجمعة، أو في هدوء ما بعد العشاء. فهناك تُفتح أبواب السماء، وتتنزل الملائكة، وتكتب الأرواح أعذب صفحاتها في ديوان السرائر.

إنّ الخلوات المفعمة بالذكر، المجللة بالخشوع، هي محاريب الهبات، ومصانع الثبات، ومعارج الأرواح إلى مراتب الإحسان.
طوبى لمن جعل له عبادةً خفية، لا يعلم بها إلا الله، لا يطّلع عليها صاحب، ولا يشعر بها قريب، حتى أقرب الناس إليه؛ فإنّ عمل الخفاء هو السر الأعظم في صلاح القلوب، وثبات الخطى، ودوام الصلة بالله جل وعلا.

كان بعض الشيوخ يقول لتلاميذه:
يا بَنيّ، إن أردتم الثبات، فاجعلوا بينكم وبين الله ديوان سر، لا يعلم به بشر.”
يا لها من كلمات قليلة لكنها تحمل من حكمة التجربة شيئًا عظيمًا يختصر لك الطريق ويطوي عنك المسافات.

ألا فلتكن لك ساعةٌ في يومك، تخلو فيها إلى ربك، تعرِض عليه قلبك، وتغسل فيها ما عَلِق من غبار الحياة، وتُرمِّم ما تصدّع من جدران الإيمان.
في تلك الساعة، جدد إيمانك، واستغفر من خطيئتك، وناجه في دمعك، وسبّحه في سكونك، واذكر له حاجتك، فإنك ما خلوت به إلا وهو أقرب إليك من كل قريب.

فما أكثر الأعمدة التي سقطت، لا لطولها، ولكن لضعف جذورها؛ وكذلك القلوب، كلما علت في الناس، احتاجت إلى عمق في الخفاء، كي لا تسقطها رياح المدح، ولا تطيح بها عواصف الهوى.

ومن لم يتزوّد من الخلوة نورًا، عجز أن ينير في الجلوة دربًا، ومن لم يأخذ من الله سرًا، عجز أن يعطي الخلق أثرًا.

فيا من أراد البركة في حياته، والقَبول في قوله وعمله؛ اصدق مع الله في سِرّك، واجعل خلَواتك أطهر من جَلَواتك، ففي ذلك الفلاح، ومن وراء ذلك نورٌ لا يخبو، وبركة لا منتهى لها.
هذه أربع قنوات تليجرامية؛ يسَّر ربِّي وأذن أن تنطلق مع مطلع العام الجديد.

أسأل الله أن يطرح فيها البركة والقبول، وأن يجعلها من العلم النافع والأثر الباقي بعد الرحيل.

- القناة الأولى: "المُختارات من تفسير السَّلف".
وهي قناة تُعنى بنشر مواعظ إيمانية وتنبيهات سلوكية وفوائد علميَّة مُنتقاة من تفسير الطبقة العالية من المُفسّرين وهم السلف الصَّالح؛ من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.
• رابط القناة: [https://www.group-telegram.com/tfser_alslf]

- القناة الثَّانية: "اللُّمع من تراث الإمام ابن القيِّم -رحمه الله-".
وهي قناة تُعنى بتقريب تراث ابن القيِّم؛ من خلال التعريف بكتبه، ونشر فوائد مُنتقاة ومُختارة من ثمين كلام ابن القيِّم -وسأحرص بإذن الله أن أُركِّز فيها علىٰ الفوائد غير الشائعة والمكرورة من كتب الشيخ رحمه الله-.
• رابط القناة: [https://www.group-telegram.com/abn_alqem1]

- القناة الثَّالثة: "الدِّراسات القُرآنيَّة، أسمارٌ وأفكار".
وهي قناة متخصصة؛ تهدف إلىٰ نشر بعض الأفكار والفوائد حول هذا التخصص، وتُعرِّف بأهم الكتب والأبحاث، وبعض البرامج والمواد العلميَّة، التي تفيد المتخصصين ومن لهم عناية بتخصص الدراسات القُرآنيّة.
• رابط القناة: [https://www.group-telegram.com/alqraneh]

- القناة الرَّابعة: "لبابُ المقروءات".
والهدف من هذه القناة نشر ومشاركة لباب المقتبسات التي تتحصَّل أثناء قراءة الكتب العلميَّة والثقافيَّة بمختلف مجالاتها.
• رابط القناة: [https://www.group-telegram.com/Lbab1]

فمن وجد من المتابعين الكرام ميلاً لإحدى هذه المجالات والقنوات؛ فمرحبًا به وأهلاً في أيِّ منها. وأرجو من الكريم -سبحانه- أن يجد فيها ما يفيد وينفع🌹.

وستبقى هذه القناة للأفكار والفوائد العامة. لا حرمنا الله جميل نصحكم وخالص دعائكم 💐.
2025/06/27 16:59:17
Back to Top
HTML Embed Code: