سيكون خصمك كُل غزيٍ إذا كُنت قادرًا على أن تمد يد العون له ولم تنتشله، سيكون خصمك أمام الله إذا كُنتَ قادرًا على انتشالهِ ولم تفعل، سيكونُ خصمك كُل طفلٍ ما عرف طعم النوم من قسوة البرد إن كنت قادرًا على أن تُدفئه وتقاعست..ثم هنيئًا لكل شخصٍ استعمله الله لخدمةِ إخوانهِ وأهله في غزة.

رهف أبو جزر ، هذه الطفلة الجميلة من جنوب غزة، تجمدت عروقها الليلة من شدة البرد ثم ماتت على الفور ، يا الله ما أصعب شعور العجز !!

أطفالٌ يموتون بردًا، عائلاتٌ تتشرد دون وجهةٍ من شدة المطر، خيامٌ قد انخلعت، أغراضُنا قد غرقت..لا تشيحوا وجوهكم عنا، أكتبوا، أوصلوا صوتنا للعالم، الحرب لم تنتهِ بعد، وإن ما يُعاش الآن أقسى وأصعب وأكثر قهرًا من صوت المدافع وأصوات الصواريخ.

وددت أن أذهب لبيت الخلاء لقضاء الحاجة أجلَّكُم الله..وبيتُ الخلاء ببعد عن الخيمة..لأكثر من ساعتين ما استطعت الخروج من خيمتي مِن شدة المطر وزخاتهِ، بالكاد قد اسطعت الإحتمال، تخيَّل حجم المعاناة التي نعيشها وتعيشها نساءنا وأطفالنا وكبار السِن!!؟، تخيل حال المرضى والمُقعدين حيال هذا الأمر..تخيل حجم المأساة التي نعيشها والوجع الذي نُقاسيه!!.

تخيل أن المنازل تنهار بفعل المطر الغزير..فما بالك بالخيام المهترئة؟!.

نحنُ نعيشُ كارثةً كبيرة، أكبر من كارثة النزوح والقهر الذي كنا نتعرض له، والذي ما زلنا نعيش تَبِعاتهُ..نحن الآن غرقى بالقول والفعل، وحقيقةً لا أجد مصطلح أكتبه يصف هذا الذي نعيشهُ، وددتُ أن أصيغ لكم أننا نموت بردًا وغرقًا ولكنني عجزت والله.

المنخفض ليس في الطقس، المنخفض في الإنسانية التي لم تتحرك لتنتشلنا، في الأخلاق التي ضاعت والعالم يتفرج على غرقنا..نحنُ ناجون، والعالم كُله غارقٌ في وحل التخاذل.

هكذا خيامنا..من أحد المتابعين الذين انهارت خيمتهم.

ص٤٠١.

لم يتوقف المطر مُنذ ساعات، لو كنا في بيوتٍ من الحجارة لدلفت مِن شدة الزخات، فما بالكم بخيامٍ أنهكها النزوك قبل المطر، وأنهكتها الريح والشمس قبل ذلك؟!.

لاعبُ المُنتخب الفلسطيني طبيب الأعصاب د. أحمد القاق..نحب الحياة دومًا ونحقق النجاح في كُل المجالات.

الدُنيا تُمطر، الخيام غارقة..هناك كفي مصنوعٌ من الخيام أيضًا يبث مباراة فلسطين..رغم كل الوحل الذي نحن فيه إلا أن الشباب هناك ينادون بأعلى صوتهم (فدائي، فدائي، فدائي)..نحنُ شعبٌ يحب الحياة، والعالم حقيرٌ يحب سرقتها من بين أيدينا.

هذا جو خيمتي الآن، بالله من يستطيع العيش تحت كُل هذا الضجيج؟!، وتحت الترقب والإنتظار وملاحقة الماء الذي يتسرب حتى لا نغرق أكثر!!!.

خروج مُنتخب فلسطين مِن كأس العرب خروجًا مُشرِّفًا بقتاليةٍ عالية وروحٍ كبيرة..شكرًا إلى لاعبي المُنتخب وإلى مُدربه الرائع الجميل، شكرًا من القلب لكم.

تخيَّل أن هناك صرخةً تخبو الآن تحت ضجيج المطر، صرخةً ما كانت لتغرق لو أن يدًا واحدة امتدّت نحوها..وتخيَّل أن خيمةً كاملة انهارت فوق أهلها لأن العالم كان مشغولًا بتقليب شاشاته، لا بتخفيف ثقل السماء عن ظهورهم.

تخيَّل أن أمًا تحمل أبناءها إلى زاوية ضيقة، تحاول حماية طفلتها من سيلٍ يتسلل من تحت القماش، بينما يدها الأخرى ترتجف من شدة البرد، ومن شدة الشعور بأن أحدًا لا يراها..وأن أبًا يركض بين البرك، يحاول رفع الخيمة كلما هوت، وكأنما يحارب قدرًا فُتح عليه لأن البشر أغلقوا أبوابهم.

تخيَّل أنَّ كل هذا يحدث الآن، في هذه اللحظة، في مكانٍ قريب لدرجة أن الهواء ذاته يحمل آهاتهم..ومع ذلك يختار الكثيرون أن لا يلتفتوا.

تحابَّا في الله، اجتمعا عليهِ وتفرَّقا عليهِ.

خايف الخيمة تطير فينا مِن شدة الريح.

أسهر الآنَ ليسَ حُبًا في السهر، ولكنني أخاف أن يباغتنا الماءُ ويُغرقنا بشكلٍ أكبر..فهل تدرك أن هناك أكثر من مليون شخص منذ يومين لا يعرفون طعم النومِ مِن أجل السبب ذاتهِ!!.

بالنسبة لحكم مُباراة فلسطين والسعودية مهزلة الي عملها، كان ضايل عليه ياخد لعيبتنا أسرى ويسلم خرائط الأنفاق لليهود.