مدار الانتفاع والتأثير بما يكتبه الداعية أو ما يتكلم به الخطيب أو العامل للدين،
مدار تأثير ذلك كله على ما ينطوي عليه القلبُ من صدق وإخلاص، وليس على بلاغة اللسان وحُسن البيان.

#فقه_الطلب (١٠)

عليك يا أخي الشاب من الآن أن تمهد لشيبتك وشيخوختك؛ فليس من السهل أن تتحول فجأة إلى عابد في شيبتك، وقد ضيعت شبابك في المُلهيات والبعد عن الله.

أرى شيوخًا يضيع وقتهم في الملهيات؛ نتيجة لحياتهم في الشباب، وشيوخًا عاكفين على الخير؛ قراءة قرآن، وصيام، وجلوس في المسجد، وقيام ليل، قد هيئوا أنفسهم للرحيل الذي لابد منه؛ واستعدوا للقاء الله.

إذا عانيت من ضعف الإيمان، فأعد تقليب النظر في الأوراد، واعلم أن قضية التعبد قضية توفيق وحرمان لا معرفة وبيان.

#فقه_الطلب (١١)

‏من طرق إصلاح النفس بالقرآن (مصاحبة آية)، وذلك بتسليط آيةٍ على قلبك حتى تؤدي أثرها، بتكرارها، وتأملها، وقراءة تفسيرها، وتفجير معانيها، وفي كتاب (التبيان) للنووي فصلٌ في (استحباب ترديد الآية للتدبر) أورد فيه بعض آثار السلف في ذلك.
ولا تستصغرن أمر هذا فالنفسُ قد تنصلح بآية واحدة من الكتاب العزيز وتفعل في القلب ما لا تفعله الختمات.

‏في الدعاء النبوي: (.. أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي)

أكثر منها ورددها في سجودك وفي مواطن الإجابة لأنه إذا أُجيبت لك هذه الدعوة فإنه والله الذي لا إله إلا هو باب السعادة قد فُتح لك، ولا يكون بينك وبين ذهاب الأحزان والهموم إلا ترتيل الآيات.

كلمة السر في حياة الأئمة والناجحين هي [التركيز]
وإن سنةً واحدةً من التركيز تعدل عمر إنسان في الفوضى، إذا وعيت هذا فلا تزد عن علمين في الطلب في آنٍ واحد، وفي كل علم على كتاب واحد منه، وفي الكتاب على مسائل معدودة منه تُحكمها وتحسن تصورها.

#فقه_الطلب (١٢)

مهما كان تحصيل طالب العلم، سيبقى عدمُ حفظ القرآن شوكة تؤذي مشاعره، وتُكدِّر خاطره، ويتمنى لو تنازل عن كثير من علمه وكُتبه لأجل حفظ كتاب الله وتفهّم معانيه.

‏هذا الأمر لا يتعلَّق بطالب العلم وَحْدَهُ، بل ينطبق على كل مسلم عاقل يَعِي أهميَّة حفظ كتاب الله والتذكر به، إذ المقبلُ على القرآن هو المُبصِرُ حقاً، ومَن لا حظ له من الكتاب المجيد فلا حظّ له من العلم، إذ العلمُ كلُّ العلمِ في القرآنِ.

#فقه_الطلب (١٣)

يا الله!
أشعر أن نعيم الدنيا جُمِع في ترنُّمه ذلك!

لما تأثر الأعمش بقراءة يحيى بن وثّاب قال ربما اشتهيتُ أن أُقبّل رأسَ يحيى من حُسن قراءته.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وصحبه أجمعين:
خيرٌ يتجدد كلَّ عام، هذا برنامج (الارتباط بالقرآن)، جعلنا الله وإيَّاكم من أهل القرآن في الدنيا والآخرة.
- رابط (قناة البرنامج).

من بركات الافتقار

[یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ تُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةࣰ نَّصُوحًا]

أَيْ: تَوْبَةً ذَاتَ نُصْحٍ تَنْصَحُ صَاحِبَهَا بِتَرْكِ الْعَوْدِ إِلَى مَا تَابَ مِنْهُ.

[البغوي]

لا يثبت العلم عندك إلا إذا أمددت به غيرك، ولهذا يتفق المشتغلون بالعلم على أن التدريس والتأليف والمذاكرة من أوتاد ترسيخ العلم في الصدور.

#فقه_الطلب (١٤)

الإخلاص وما أدراك ما الإخلاص
اللهم بارك وتقبل من كل عاملٍ لدينك

الإنسان منا في علاقته مع الله أشبه أنها مكونة من كتاب من صفحتين:

١- الصفحة الأولى: مكونة من العلم، عبارة عن مقروءات ومسموعات، قرأ كتير وسمع كتير وعنده معلومات لا تحصى.

٢- الصفحة الثانية مكونة من العمل، وهي دون الأولى وأقل منها بكثير، بل ربما فارغة.

وهذا تجده عند أكثرنا أن الصفحة الأولى مليئة، والثانية فارغة، وذلك هو سر عدم التوفيق وكثرة الشكاية= أن كثرة الكلام عن الله دون أن يكون للمتكلم علاقة خاصة مع الله وأعمال تصدّق أقواله وما يسمعه ويتعلمه= يوقعه في تيه الغفلة وشرك الرياء وأمراض قلوب خفية لا يعلمها إلا الله.

اللهم قنا شر أنفسنا.

إذا انفتح لك باب من علم، فلا تغلق به بابا من عمل، وارتق إلى الله درجة بعد درجة ولا تكثر، فإن الشيء القليل متى لزمه الإنسان صار أكثر من الكثير الذي ينقطع عنه، فلا تنظر إلى نتيجة كل يوم، ولكن انظر إلى حصيلة كل سنة، وهل السيل إلا اجتماع النقط!

#فقه_الطلب (١٥)

ضعف البناء الشرعي المُحكَم وعدم إتمام مراحله والتشتت، وإهمال التزكية، واستعجال إغراق الشباب في الأعمال الدعوية والإصلاحية قبل الاستواء وتمام البناء= أدى إلى يأس وإحباط كثير من العاملين للدين ورأوا أنه لا جدوى من السعي.

في حديثِ الرؤيا حين قال الرائي ( ورأيتُ السماء تنطف سمنا وعسلا ) فقال أبو بكر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم [وهذا القرآن حلاوتُهُ ولِينُه]

الحديث في الصحيح

يا طالب العلم لا تحسبنّ أوراد التعبد معيقة، بل هي مُعينة، فكم أنجزت من مُرادات، وفكّت من مُشكلات، وهذّبت من نفس، وأصلحت من قلب، فبات صاحبه قادرا على مواجهة النوائب ومعالجة الأزمات!

وأحسن الله إلى الشيخ الطريفي إذ قال "العلم ثقيل الحمل على صاحبه، لا يقوى على أمانته إلا مَن ثبتت أقدامه بالعبادة، فبقدر العبادة يثبت وبقدرها يزيغ"

#فقه_الطلب (١٦)

جاءت هذه الآية في سورة الطلاق عقيب آيات الفراق إن طلق الرجل امرأته وفارقته، قال تعالى [ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب]

جاءت هذه البشارة والوعد في لحظة صعبة وحزينة.في آيات الطلاق، مرأة تغادر البيت وتخسر الرجل الذي كان يكفيها المسكن والنفقة والحماية، تخسر حيطان الذكريات وحجرات الألفة والحب، ورجل يفقد المودة والرحمة والسكن، صغار يتصدع البيت فوق رؤوسهم
لحظة أسيفة لا يجبر أهلها إلا اللطيف الرحيم
فجاء الجبر في موعده:
[ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب]

قال ابن القيم رحمه الله:
(هذا جامِعٌ لشدائد الدنيا والآخرة، ومضايق الدنيا والآخرة؛ فإنّ الله يجعل للمُتَّقي مِن كلِّ ما ضاق على الناس واشتد عليهم في الدنيا والآخرة مخرجًا)

قُل لي برَبِك كَيف الحيَاة وهَى بعِيدة عنْه ؟!
لِمن تلجَأ لِغيره إن رمَاكَ القَدر بِسهَامه التَي تَشقُ صَدرَك شطَرين؟!
لِمن تَشتكي من عَتمة الحيَاة ،وضِيق الصَدر ،وانقلاب الدنيا رأسًا على عَقِبِ ؟!
يا صاح !
إن الحَياة كَوحشة القَبرِ مِن غَيره ،فارَجع إلى رَبِك لتتذَوق "كَلا إنَّ مَعي رَبي سيهَدِين "
وتأمن مِن " إنَنِي مَعكُمَا أسمُع وأرَى "
إنَّه يا صَدِيق يَبتَلِيكَ ليأتِي الخَير من أقْدَاره بعدَمَا أصبَحت كالعُرجُون القَدِيم ،فيصُب الخير عَليكَ صبًا ؛ فتَضحك على كُل مَا مررت َبه.
فاصْبِر لتَنعم بالسكِينة بِقُربه ،وبَحِلو الحَياة ،ثم نَعِيمُ الآخرة.