المصطفى صلى الله عليه وسلم يوجّه قلب المرأة المبتلاة بفقد زوجها إلى معنى الوفاء والاحتساب فيأمرها أن تُعرض عن الزينة والطيب لا عن جمالها بل تعظيماً لميثاق الزوجية وصبراً لوجه الله
وإنها أيامٌ يختبر فيها صدق الصبر وتُربى فيها النفس على الثبات وكأنها رسالة: الحداد ليس انطفاء حياة بل هو إشعار بأن رابطة الزوجية شرفٌ حتى بعد الرحيل
وأن الأجر الموعود أعظم من كل زينة تُترك.

هذا الحديث يفتح للقلوب بابًا عظيمًا للتأمل إذ يبين لنا أن العبد التائب الصادق إذا رجع إلى الله بقلب منكسر نادم فإن رحمة الله تسبق غضبه بل تتنزل ملائكة الرحمة مبشرةً: “جاء تائبًا بصدق، فقبِل الله توبته” بينما ملائكة العذاب تتراجع وتقول: “ما جئنا له، فقد جاء مستسلمًا راجعًا إلى مولاه”

يا لها من لحظة! لحظة يكتب فيها العبد تاريخه من جديد ويمحو بها ظلمات عمرٍ مضى ويستقبل حياة بيضاء تصحبها المغفرة والرضوان.

العبرة : أن الطريق إلى الله لا يُغلق أبدًا والذنوب مهما عظمت فإنها تتلاشى أمام صدق التوبة. فهنيئًا لمن بادر قبل الفوات وطرق باب ربه منيبًا فإن أبواب الرحمة مشرعة لا تُردّ طارقًا جاء بقلبٍ صادق

قال الإمام شفى القلوب بلفظةٍ
وهي ذاتُ معانٍ في اختصارٍ مباني
———————————————
كلمة واحدة من الإمام أحمد أطفأت نار الحيرة، وشرحت صدور المؤمنين: “القدر قدرة الله”. فما من حركة ولا سكون، ولا خير ولا شر، إلا وهو جارٍ بقدرة الله وحده، لا ربَّ غيره ولا خالق سواه. فمن عرف هذا سلم قلبه واطمأن، وزال عنه الاضطراب والشك

هذان الحديثان يرسمان للمسلم حدًّا فاصلًا في عقيدته ولسانه؛ إذ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء أو الأنداد أو الأمانة، لأن ذلك يُنافي كمال التوحيد، وفيه تشبيه وتعظيم لغير الله. فالحلف إنما يُجعل بالله وحده تعظيمًا له، واستشهادًا بجلاله، وإفرادًا له بالعبادة. ومن حلف بغير الله فقد انحرف عن هذا الأصل العظيم، ومن حلف بالأمانة فقد تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم ، ليبقى قلب المؤمن ولسانه موحدين لله في كل قول وعمل.

هذان الحديثان العظيمان يختصران حقيقة النفقة في سبيل الله بأنها تجارة رابحة لا خسارة فيها، وعدها الله بسبعمائة ضعف، بل وجعل لصاحبها منزلة يلقاه بها يوم القيامة، كأنما حجبته النفقة عن النار وفتحت له أبواب الجنة

كوني أنتِ القدوة، وامضي مطمئنة؛ فمن سار على درب الحق وحيداً كان عند الله أمةً وحده، وما ضاع من ثبت خطواته لله

يا طالباتَ العلم في هذا الزمان…
أنتم لسنوات الصبر عنوان، ولطرقات الثبات برهان، أنتنَّ القلّة التي لم تَهتزّ في زمن الغربة، ولم تَضعف أمام غوغاء الدنيا.

إذا قلَّ السالكين فلا تهيبوا الوحدة؛ فطريق الجنة لم يُعبَّد بالكثرة، بل خطّه الغرباء الأولون بدمائهم ودموعهم، وساروا وحداناً فكانوا عند الله أمماً.
الثباتَ الثباتَ… فإنما أنتنَّ القدوة في زمنٍ فقدت فيه القدوات، والمصابيح في ليلٍ أظلمت فيه الأنوار.

فاصبرن كما صبرت خديجة حين ثبتت، وكما ثبتت عائشة في نقل العلم، وكما سارت حفصة بالقرآن محفوظاً في صدرها…
اصبرن فإنكن على ثغرٍ عظيم، من تخلّت عنه ضاع، ومن ثبتت فيه رُفِعَت درجاتها عند الله

هذا الحديث يزلزل القلوب فهو حدّ فاصل بين هوية المسلم وثباته على دينه، وبين الذوبان في غيره
فمن تشبّه بأهل الباطل صار في زمرتهم، ومن حافظ على سمت أهل الحق كان معهم يوم يقوم الناس لرب العالمين.

استظل تحت شجرةٍ ثم مضى ..كأنما يخبرنا أن العمر ظل زائل وأن المسير محتوم وأن العاقل من جمع زاده قبل أن يرحل فلا يغرنك امتداد الظل فالشمس تميل سريعاً نحو الغروب