Telegram Group & Telegram Channel
#سايكولوجيا_اليقين_والمناقشة

(هذا المقال صعب قليلاً ويحتاج تركيز)

*اليقين العلمي يزيد وينقص ولو كانت المسألة ضرورية الصحة "بديهية"*

في البدء، فإن موافقة ما في العقل لما في الحس او موافقة الاستنباط العقلي الضروري قبل الحس للمحسوس تزيد اليقين ولو أنه كان موجوداً في باطن النفس.

فهو طبع نفسي علمي في الانسان فإن علم المسألة من طريق واحد هو يقيني ولكن من طريقين أيقن بالنفس.

فالنفس الموسوسة المتشككة مع يقينها من طريق واحد فإنها تبحث عن طرق كثيرة حتى ترضى

وأما النفس الطبيعية فيكفيها اليقين او الظن الراجح حتى ترتاح نفسها وهذا ليس عيباً فيها إلا إن كان فيه تقصير عن التوثيق الأكمل للعلوم إن كان مطلوباً.

وإن الشيء الضروري في العقل إذا جائت العادة المستفيضة أو النقل الصريح بما يوافقه كان أوثق وأقوى في النفوس والحجاج، وأصعب في التلبيس عليه من قبل أهل الباطل والخطأ.

وكذلك الدليل القوي الصحيح مُقنع لذاته في مقامه المناسب أمام من يستوعبه بلغة الخطاب المناسبة ومكان وزمان وحال المخاطب.

ولكنه قد لا يقنع المخاطب لأهواء وحيل نفسية تحرفه عن إرادة السماع والفهم ومن ثم تغيير الرأي، تكون نابعة عن طبع مكتسب قوي (كحب ما هو عليه من المنصب في بين أهل الباطل وكثرة الأتباع وتفضيله ذلك على الحق، وهذا الطبع معلوم بطلانه لكل عاقل ولكنه بالنهاية طبع مكتسب بقدره الزائد المبالغ فيه، فإن الإنسان بطبعه يحب الشهرة والاتباع ولكنه بعقله يعرف أن الحق اشرف ويدافع طبعه بعقله ويقدم العقل على الشهوة، وأما الطبع المكتسب كموت الضمير مثلاً فبسببه يتوقف حصول تلك المدافعة)

ولذلك يقال كثيراً، قد يكون الدليل صحيحًا وغير مقنع، يكفي العاقل الفاهم له في اليقين وقد لا يكفيه في الحجاج، وهذا مما قد يسبب الشك في بعض النفوس، فتورد عليه إيرادات وانقادات ضعيفة لا تقوى على إبطال الدليل الصحيح فيكذب العلم الضروري في نفسه بصحة الدليل لنفسه ويحسن الظن بالطرف الآخر، أو يتنزل معه تنزلاً في غير محله فيضعف الدليل تلقائيا بعينه حيث يشعر نفسياً بأن الدليل غير كافي ويمكن التنازل عنه لإرضاء الخصم.

وفي ذلك سمعت قولاً للفيلسوف ألفين بلانتينجا يوافق هذا القول (وأنقل كلامه بالمعنى استئناساً لا استدلالاً)
"أن الدليل المقنع قد لا يقنع الجميع"
وبالنظرة المعرفية الصحيحة لهذه المقولة يمكن أن نفهم منه ما يوافق مقالنا.

فهذا ليس نسبية ولا اختلاف حقيقي في العقول إنما اختلاف في طبائع النفس العاقلة واسباب القبول والنفور من الحق إن توضح.

ولذلك مثلاً هناك مغالطة منطقية تسمى "تسميم البئر" وهي رفض السماع لمصدر كامل وتزييفه بلا سبب صحيح ومقنع لمجرد أنه لا يريد الاحتجاج بهذا المصدر إرادة محضة غير مبررة.

كما جاء في الآية الكريمة:
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح: 7]

ففي هذه الآية كان تبرير اصرارهم على عدم السماع أصلا لنبي الله نوح كان لمجرد الكبر ليس إلا، فهم لا يريدون السماع منه لا حقاً ولا باطلاً ابتداء وهذه صورة من مغالطة تسميم البئر.

بالنهاية يكفيك في الحجاج (النقاش) أن تبين الحجة (الدليل) بصورة ولغة مناسبة للمخاطب وعقله وسعة علمه وثم لا تبالي إن اقتنع أم لم يقتنع، وانقطع من جداله إن رأيته يكابر على الحقائق ويكذب الواضحات، فهذا يكذب على نفسه قبل أن يكذب عليك، وقبل أن تقنعه انت عليه أن يفتح الباب أصلا للاقتناع.

#غيث_الحلبية
👍2



group-telegram.com/AboObadaShami/45
Create:
Last Update:

#سايكولوجيا_اليقين_والمناقشة

(هذا المقال صعب قليلاً ويحتاج تركيز)

*اليقين العلمي يزيد وينقص ولو كانت المسألة ضرورية الصحة "بديهية"*

في البدء، فإن موافقة ما في العقل لما في الحس او موافقة الاستنباط العقلي الضروري قبل الحس للمحسوس تزيد اليقين ولو أنه كان موجوداً في باطن النفس.

فهو طبع نفسي علمي في الانسان فإن علم المسألة من طريق واحد هو يقيني ولكن من طريقين أيقن بالنفس.

فالنفس الموسوسة المتشككة مع يقينها من طريق واحد فإنها تبحث عن طرق كثيرة حتى ترضى

وأما النفس الطبيعية فيكفيها اليقين او الظن الراجح حتى ترتاح نفسها وهذا ليس عيباً فيها إلا إن كان فيه تقصير عن التوثيق الأكمل للعلوم إن كان مطلوباً.

وإن الشيء الضروري في العقل إذا جائت العادة المستفيضة أو النقل الصريح بما يوافقه كان أوثق وأقوى في النفوس والحجاج، وأصعب في التلبيس عليه من قبل أهل الباطل والخطأ.

وكذلك الدليل القوي الصحيح مُقنع لذاته في مقامه المناسب أمام من يستوعبه بلغة الخطاب المناسبة ومكان وزمان وحال المخاطب.

ولكنه قد لا يقنع المخاطب لأهواء وحيل نفسية تحرفه عن إرادة السماع والفهم ومن ثم تغيير الرأي، تكون نابعة عن طبع مكتسب قوي (كحب ما هو عليه من المنصب في بين أهل الباطل وكثرة الأتباع وتفضيله ذلك على الحق، وهذا الطبع معلوم بطلانه لكل عاقل ولكنه بالنهاية طبع مكتسب بقدره الزائد المبالغ فيه، فإن الإنسان بطبعه يحب الشهرة والاتباع ولكنه بعقله يعرف أن الحق اشرف ويدافع طبعه بعقله ويقدم العقل على الشهوة، وأما الطبع المكتسب كموت الضمير مثلاً فبسببه يتوقف حصول تلك المدافعة)

ولذلك يقال كثيراً، قد يكون الدليل صحيحًا وغير مقنع، يكفي العاقل الفاهم له في اليقين وقد لا يكفيه في الحجاج، وهذا مما قد يسبب الشك في بعض النفوس، فتورد عليه إيرادات وانقادات ضعيفة لا تقوى على إبطال الدليل الصحيح فيكذب العلم الضروري في نفسه بصحة الدليل لنفسه ويحسن الظن بالطرف الآخر، أو يتنزل معه تنزلاً في غير محله فيضعف الدليل تلقائيا بعينه حيث يشعر نفسياً بأن الدليل غير كافي ويمكن التنازل عنه لإرضاء الخصم.

وفي ذلك سمعت قولاً للفيلسوف ألفين بلانتينجا يوافق هذا القول (وأنقل كلامه بالمعنى استئناساً لا استدلالاً)
"أن الدليل المقنع قد لا يقنع الجميع"
وبالنظرة المعرفية الصحيحة لهذه المقولة يمكن أن نفهم منه ما يوافق مقالنا.

فهذا ليس نسبية ولا اختلاف حقيقي في العقول إنما اختلاف في طبائع النفس العاقلة واسباب القبول والنفور من الحق إن توضح.

ولذلك مثلاً هناك مغالطة منطقية تسمى "تسميم البئر" وهي رفض السماع لمصدر كامل وتزييفه بلا سبب صحيح ومقنع لمجرد أنه لا يريد الاحتجاج بهذا المصدر إرادة محضة غير مبررة.

كما جاء في الآية الكريمة:
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح: 7]

ففي هذه الآية كان تبرير اصرارهم على عدم السماع أصلا لنبي الله نوح كان لمجرد الكبر ليس إلا، فهم لا يريدون السماع منه لا حقاً ولا باطلاً ابتداء وهذه صورة من مغالطة تسميم البئر.

بالنهاية يكفيك في الحجاج (النقاش) أن تبين الحجة (الدليل) بصورة ولغة مناسبة للمخاطب وعقله وسعة علمه وثم لا تبالي إن اقتنع أم لم يقتنع، وانقطع من جداله إن رأيته يكابر على الحقائق ويكذب الواضحات، فهذا يكذب على نفسه قبل أن يكذب عليك، وقبل أن تقنعه انت عليه أن يفتح الباب أصلا للاقتناع.

#غيث_الحلبية

BY قناة | الغيث الشامي (طالب علم)


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/AboObadaShami/45

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Telegram has gained a reputation as the “secure” communications app in the post-Soviet states, but whenever you make choices about your digital security, it’s important to start by asking yourself, “What exactly am I securing? And who am I securing it from?” These questions should inform your decisions about whether you are using the right tool or platform for your digital security needs. Telegram is certainly not the most secure messaging app on the market right now. Its security model requires users to place a great deal of trust in Telegram’s ability to protect user data. For some users, this may be good enough for now. For others, it may be wiser to move to a different platform for certain kinds of high-risk communications. To that end, when files are actively downloading, a new icon now appears in the Search bar that users can tap to view and manage downloads, pause and resume all downloads or just individual items, and select one to increase its priority or view it in a chat. "The argument from Telegram is, 'You should trust us because we tell you that we're trustworthy,'" Maréchal said. "It's really in the eye of the beholder whether that's something you want to buy into." Under the Sebi Act, the regulator has the power to carry out search and seizure of books, registers, documents including electronics and digital devices from any person associated with the securities market. In 2018, Russia banned Telegram although it reversed the prohibition two years later.
from us


Telegram قناة | الغيث الشامي (طالب علم)
FROM American