صحيح البخــاري و ومســلم 📚

عندما نتكلَّمُ عن العلاقةِ بين الرَّجُلِ والمَرأةِ الأجنبيَّيْنِ، لا أَجِدُ أَبلَغَ من القِصَّةِ التي ذَكَرَهَا اللهُ سبحانهُ في كِتابِهِ

قِصَّةُ موسى عليهِ السَّلامُ عندما ذَهَبَ إلى مَدين فَوَجَدَ بِئْرًا يَسقي منهُ الرُّعاءُ أَغْنامَهُم، وهناكَ امرَأَتَانِ تَمنَعانِ أغْنامَهما من الشُّربِ. فَيَذْهَبُ إليهما موسى، بدونِ أيِّ مُقَدِّمَاتٍ تافِهَةٍ ولا تحِيَّةٍ حتَّى، ويَسألُهُمَا مباشرةً : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ } ، فتَرُدَّانِ بنفسِ الطَّرِيقَةِ : {قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ}
أي قالَتَا لا نَسقي أَغْنامَنا حتَّى يَنْتَهِيَ الرِّجَالُ من سَقْيِ أغْنامِهِم، وبَرَّرَتَا على الفَورِ سَبَبَ وُجُودِهِمَا وَسَطَ الرِّجَالِ، حيثُ إنَّ هذا لَيْسَ من طِبَاعِ النِّسَاءِ، ولكنْ بسببِ أنَّ أَبَاهُمَا شيخٌ كَبِيرٌ .
وموسى عليهِ السَّلامُ يَتَصَرَّفُ في صَمْتٍ: {فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ}، بدونِ أيِّ انتظارٍ لِكَلِمَةِ شُكِر أو تَعَارُفٍ أو أيِّ كلامٍ إضافيٍّ .
فما كانَ وَصْفُ اللهِ لهذهِ المرأةِ التي تَفْعَلُ هذا؟ {فَجَاۤءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِی عَلَى ٱسۡتِحۡیَاۤءࣲ} أي مِن شِدَّةَ حَيَائِهَا جَعَلَتِ الحَيَاءَ كَأَنَّهُ الطَّرِيقُ الذي تَمْشِي عليهِ . وعندما أرادَتْ أنْ تَتَكَلَّمَ معَ موسى عليهِ السَّلامُ بشيءٍ من التَّوَسُّعِ قالَتْ: {قَالَتۡ إِنَّ أَبِی یَدۡعُوكَ لِیَجۡزِیَكَ أَجۡرَ مَا سَقَیۡتَ لَنَاۚ} نَسَبَتِ الكَلامَ لأَبِيهَا لِتُبَيِّنَ أنَّ هناكَ رَجُلًا وراءَ هذهِ الحَاجَةِ إلى الكَلامِ ، وبعدَ ذلك، عندما قابَلَ موسى أَبَاهُمَا، حَكَى لهُ قِصَّتَهُ كَامِلَةً، أي استَطْرَدَ في الحَديثِ معَ الرَّجُلِ فقط.
وإلى آخِرِ القِصَّةِ التي تَعْرِفُونَهَا جميعًا.


الشَّاهِدُ هنا أنَّ اللهَ أرادَ أنْ يُشْرِحَ لنا كَيْفِيَّةَ التَّعامُلِ بينَ الجِنْسَيْنِ، بحيثُ يَكُونُ في قِمَّةِ العِفَّةِ والتَّكَلُّفِ، وبدونِ أيِّ كلامٍ فَارِغٍ أو تَافِهٍ أو مُقَدِّمَاتٍ لا داعيَ لها، ويَكُونُ فقط في حالِ الحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ.

لِمَاذَا كُلُّ هذا؟
لأنَّ الفِتْنَةَ بينَ الرَّجُلِ والمَرأةِ أشَدُّ فِتْنَةً، والشَّيطَانُ يَجِدُ فيها الكثيرَ من الأبوَابِ، والقُلُوبَ والنُّفُوسَ تَتَحَايَلُ. فَتَجِدُ الكَلِمَةَ تَجُرُّ الكَلِمَةَ، والنِّقَاشَ يَجُرُّ النِّقَاشَ إلى أنْ يَصِلا إلى نُقْطَةٍ كُلُّنا نَعْرِفُهَا.

فيُصْبِحُ السَّبَبُ الرَّئِيسِيُّ لِهَذِهِ الفَاجِعَةِ هو التَّمَادِي في الكَلامِ معَ غيرِ المَحَارِمِ !نَعَم، يُصْبِحُ السَّبَبُ هو ذلكَ الإطْرَاءُ البَسِيطُ الذي صَدَرَ من أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، أو ذلكَ التَّعْلِيقُ الذي لا داعِيَ لهُ!

و يأتِي الشَّيطَانُ فَيُوَسْوِسُ لكَ أنَّهُمْ سَيَعْتَقِدُونَكَ لَئِيمًا أو غَيرَ لَطِيفٍ، فَتَفْقِدُ الفَتَاةُ حَيَاءَهَا ويَفْقِدُ الرَّجُلُ عِفَّتَهُ بسببِ كَثْرَةِ الحَدِيثِ معَ الأَجانِب !

أنتم شَبَابٌ، وكما قُلْتُ لكُم، الفِتْنَةُ أشَدُّ في هذا الزَّمَنِ من غَيرِهِ ، فَاحْفَظُوا قُلُوبَكُمْ وفُرُوجَكُمْ، واحْذَرُوا أشَدَّ الحَذَرِ من هذهِ الفِتَنِ، وأَغْلِقُوا كُلَّ أَبْوَابِهَا ولا تَقْرَبُوهَا!

فإنَّــكَ إنْ تَفْتَحْـــهُ تَلِجْـــهُ !


_ لقائله

www.group-telegram.com/us/Alsihihian.com/6107

654 viewsJan 14 at 18:53

عندما نتكلَّمُ عن العلاقةِ بين الرَّجُلِ والمَرأةِ الأجنبيَّيْنِ، لا أَجِدُ أَبلَغَ من القِصَّةِ التي ذَكَرَهَا اللهُ سبحانهُ في كِتابِهِ

قِصَّةُ موسى عليهِ السَّلامُ عندما ذَهَبَ إلى مَدين فَوَجَدَ بِئْرًا يَسقي منهُ الرُّعاءُ أَغْنامَهُم، وهناكَ امرَأَتَانِ تَمنَعانِ أغْنامَهما من الشُّربِ. فَيَذْهَبُ إليهما موسى، بدونِ أيِّ مُقَدِّمَاتٍ تافِهَةٍ ولا تحِيَّةٍ حتَّى، ويَسألُهُمَا مباشرةً : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ } ، فتَرُدَّانِ بنفسِ الطَّرِيقَةِ : {قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ}
أي قالَتَا لا نَسقي أَغْنامَنا حتَّى يَنْتَهِيَ الرِّجَالُ من سَقْيِ أغْنامِهِم، وبَرَّرَتَا على الفَورِ سَبَبَ وُجُودِهِمَا وَسَطَ الرِّجَالِ، حيثُ إنَّ هذا لَيْسَ من طِبَاعِ النِّسَاءِ، ولكنْ بسببِ أنَّ أَبَاهُمَا شيخٌ كَبِيرٌ .
وموسى عليهِ السَّلامُ يَتَصَرَّفُ في صَمْتٍ: {فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ}، بدونِ أيِّ انتظارٍ لِكَلِمَةِ شُكِر أو تَعَارُفٍ أو أيِّ كلامٍ إضافيٍّ .
فما كانَ وَصْفُ اللهِ لهذهِ المرأةِ التي تَفْعَلُ هذا؟ {فَجَاۤءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِی عَلَى ٱسۡتِحۡیَاۤءࣲ} أي مِن شِدَّةَ حَيَائِهَا جَعَلَتِ الحَيَاءَ كَأَنَّهُ الطَّرِيقُ الذي تَمْشِي عليهِ . وعندما أرادَتْ أنْ تَتَكَلَّمَ معَ موسى عليهِ السَّلامُ بشيءٍ من التَّوَسُّعِ قالَتْ: {قَالَتۡ إِنَّ أَبِی یَدۡعُوكَ لِیَجۡزِیَكَ أَجۡرَ مَا سَقَیۡتَ لَنَاۚ} نَسَبَتِ الكَلامَ لأَبِيهَا لِتُبَيِّنَ أنَّ هناكَ رَجُلًا وراءَ هذهِ الحَاجَةِ إلى الكَلامِ ، وبعدَ ذلك، عندما قابَلَ موسى أَبَاهُمَا، حَكَى لهُ قِصَّتَهُ كَامِلَةً، أي استَطْرَدَ في الحَديثِ معَ الرَّجُلِ فقط.
وإلى آخِرِ القِصَّةِ التي تَعْرِفُونَهَا جميعًا.


الشَّاهِدُ هنا أنَّ اللهَ أرادَ أنْ يُشْرِحَ لنا كَيْفِيَّةَ التَّعامُلِ بينَ الجِنْسَيْنِ، بحيثُ يَكُونُ في قِمَّةِ العِفَّةِ والتَّكَلُّفِ، وبدونِ أيِّ كلامٍ فَارِغٍ أو تَافِهٍ أو مُقَدِّمَاتٍ لا داعيَ لها، ويَكُونُ فقط في حالِ الحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ.

لِمَاذَا كُلُّ هذا؟
لأنَّ الفِتْنَةَ بينَ الرَّجُلِ والمَرأةِ أشَدُّ فِتْنَةً، والشَّيطَانُ يَجِدُ فيها الكثيرَ من الأبوَابِ، والقُلُوبَ والنُّفُوسَ تَتَحَايَلُ. فَتَجِدُ الكَلِمَةَ تَجُرُّ الكَلِمَةَ، والنِّقَاشَ يَجُرُّ النِّقَاشَ إلى أنْ يَصِلا إلى نُقْطَةٍ كُلُّنا نَعْرِفُهَا.

فيُصْبِحُ السَّبَبُ الرَّئِيسِيُّ لِهَذِهِ الفَاجِعَةِ هو التَّمَادِي في الكَلامِ معَ غيرِ المَحَارِمِ !نَعَم، يُصْبِحُ السَّبَبُ هو ذلكَ الإطْرَاءُ البَسِيطُ الذي صَدَرَ من أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، أو ذلكَ التَّعْلِيقُ الذي لا داعِيَ لهُ!

و يأتِي الشَّيطَانُ فَيُوَسْوِسُ لكَ أنَّهُمْ سَيَعْتَقِدُونَكَ لَئِيمًا أو غَيرَ لَطِيفٍ، فَتَفْقِدُ الفَتَاةُ حَيَاءَهَا ويَفْقِدُ الرَّجُلُ عِفَّتَهُ بسببِ كَثْرَةِ الحَدِيثِ معَ الأَجانِب !

أنتم شَبَابٌ، وكما قُلْتُ لكُم، الفِتْنَةُ أشَدُّ في هذا الزَّمَنِ من غَيرِهِ ، فَاحْفَظُوا قُلُوبَكُمْ وفُرُوجَكُمْ، واحْذَرُوا أشَدَّ الحَذَرِ من هذهِ الفِتَنِ، وأَغْلِقُوا كُلَّ أَبْوَابِهَا ولا تَقْرَبُوهَا!

فإنَّــكَ إنْ تَفْتَحْـــهُ تَلِجْـــهُ !


_ لقائله

BY صحيح البخــاري و ومســلم 📚