group-telegram.com/alkulife/2246
Last Update:
قال ابن القيم في إعلام الموقعين مبيناً الحكمة من إباحة أربعة زوجات لا أكثر :" فهذا من تمام نعمته وكمال شريعته، وموافقتها للحكمة والرحمة والمصلحة، فإن النكاح يُراد للوطء وقضاء الوطر، ثم من الناس من يغلب عليه سلطان هذه الشهوة فلا تندفع حاجته بواحدة، فأطلق له ثانيةً وثالثةً ورابعة، وكان هذا العدد موافقًا لعدد طباعه وأركانه، وعدد فُصول سَنَته، ولرجوعه إلى [الواحدة بعد] صبرِ ثلاث عنها، والثلاثُ أوَّلُ مراتب الجمع وقد عَلَّق الشارع بها عدة أحكام، ورخص للمهاجر أن يقيم بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثًا ، وأباح للمسافر أن يمسَحَ على خُفَيْه ثلاثًا ، وجعل حد الضيافة المُستحبَّة أو الواجبة ثلاثًا ، وأباح للمرأة أن تحدّ على غير زوجها ثلاثًا ، فرَحِمَ الضّرّة بأن جعل غاية انقطاع زوجها عنها ثلاثًا ثم يعود؛ فهذا محض الرحمة والحكمة والمصلحة، وأما الإماء فلما كُنَّ بمنزلة سائر الأموال من الخيل والعبيد وغيرهما لم يكن لقصر المالك على أربعة منهن أو غيرها من العدد معنًى؛ فكما ليس في حكمة اللَّه ورحمته أن يقصرَ السَّيِّد على أربعة عبيدٍ أو أربع دواب وثياب ونحوها، فليس في حكمته أن يقصره على أربع إماء، وأيضًا فللزوجة حَقٌّ على الزوج اقتضاه عقد النكاحِ يجب على الزوج القيام به، فإن شاركها غيرها وجبَ عليه العدل بينهما؛ فقَصرَ الأزواج على عدد يكون العدل فيه أقرب مما زاد عليه، ومع هذا فلا يستطيعون العدل ولو حرصوا عليه"
وقال معللا كون الرجل يعدد دون المرأة :" وأما قوله: "وأنه أباح للرجل أن يتزوج بأربع زوجات، ولم يبح للمرأة [قط] أن تتزوج بأكثر من زوج واحد" فذلك من كمال حكمة الرب تعالى وإحسانه ورحمته بخلقه ورعاية مصالحهم (2)، ويتعالى سبحانه عن خلاف ذلك، وينزّه شرعه أن يأتيَ بغير هذا، ولو أبيح للمرأة أن تكونَ عند زوجين فأكثر لفسد العالم، وضاعت الأَنسابُ، وقتل الأزواج بعضُهُم بعضًا، وعظمت البليَّة، واشتدت الفتنة، وقامت سوقُ الحرب على ساق، وكيف يستقيم حال امرأة فيها شُركاء متشاكسون؟ وكيف يستقيم حال الشركاء فيها؟ فمجيء الشريعة بما جاءت به من خلاف هذا من أعظم الأدلة على حكمةِ الشارعِ ورحمتهِ وعنايتهِ بخلقه.
فإن قيل: فكيف رُوعي جانب الرجل، وأطلق له أن يُسيم طرفه ويقضيَ وطَرَه، وينتقل من واحدة إلى واحدة بحسب شهوته وحاجته، وداعي المرأة داعيه، وشهوتها شهوته؟
قيل: لما كانت المرأة من عادتها أن تكون مخبأةً من وراء الخُدُرِ ، ومحجوبةً في كِنِّ بيتها ، وكان مزاجُها أبرد من مزاج الرجل، وحركتها الظاهرة والباطنة أقل من حركته، وكان الرجل قد أعطي القوة والحرارة التي هي سلطان الشهوة أكثر مما أعطيته المرأة، وبُلي بما لم تُبْل به؛ أطلق له من عدد المنكوحات ما لم يُطلق للمرأة؛ وهذا مما خص اللَّه به الرجال ، وفضَّلهم به على النساء، كما فضلهم عليهنّ بالرسالةِ والنبوةِ والخلافةِ والمُلك والإمارة وولاية الحكم والجهاد وغير ذلك، وجعل الرجال قوامين على النساء سَاعِين في مصالحهن،يدأبون في أسباب معيشتهنَّ، ويركبون الأخطار، ويجوبون القفار، ويعرضون أنفسهم لكل بلية ومحنة في مصالح الزوجات، والربُّ تعالى شكورٌ حليمٌ، فشكر لهم ذلك، وجبرهم بأن مكَنهم مما لم يمكِّن منه الزوجات، وأنت إذا قايستَ بين تعب الرِّجال وشقائِهم وكدِّهم ونصبهم في مصالح النساء وبين ما ابتلي به النساء من الغَيْرة وجدتَ حظَّ الرجال من تحمل ذلك التعب والنصب والدأب أكثر من حظ النساء من تحمل الغيرة؛ فهذا من كمال عدل اللَّه وحكمته ورحمته؛ فله الحمد كما هو "
ويضاف إلى ذلك كون من أهم مقاصد النكاح الولد وتزوج رجل بعدة نساء يثمر ولداً من كل واحدة منهن في السنة بخلاف زواج عدة رجال بامرأة فهذا يعني أن مياههم مهدرة إلا رجلاً واحداً منهم في السنة ففي تعدد الزوجات يثمر خمسة أشخاص خمسة آخرين على الأقل وفي تعدد الأزواج يثمر خمسة أشخاص أو ثلاثة أو أربعة شخصاً واحداً وهذا يفعل بالناس من النقص من جنس ما تفعله الحروب
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/alkulife/2246