group-telegram.com/alkulife/13542
Last Update:
ما معك فلوس لا تتزوج!
هذه العبارة رأيتها تتردد كثيراً في موقع اكس، يرددها الذكور والإناث (وغالباً الإناث) ويبدو أنهن صغيرات في السن، حتى رأيت بعضهم ينكر أن الرزق مكتوب في خضمِّ تعضيد هذه النصيحة.
وفي الحقيقة هذه النصيحة مع مخالفتها للشرع سخيفة، ولا معنى لها من الأساس ولا محل لها من الإعراب.
والسبب في ذلك أن الزواج يفتقر إلى موافقة المرأة وأهلها، وهؤلاء إن كان عندهم خيار للزواج من إنسان ثري ومرتاح فلن يرجحوا في الغالب كفة الفقير، ولو كان في أعلى المراتب العلمية والأخلاقية.
لهذا لماذا لا تكون النصيحة هكذا (لا تقبلي الزواج بفقير ثم تُثقلي عاتقه بالطلبات)، لا تأتي النصيحة بهذه الصيغة لأننا نحتاج والحال هذه أن نستخدم أيديلوجيا الضحية وأن المرأة دائماً مظلومة، فكأن هذا الفقير اختطفها من أهلها أو أرغمها، بينما هو غالباً الخيار الوحيد أو المتاح لها.
هذا أولا؛
وثانياً: هو غالباً عنده مال للمهر ومتطلبات الزواج الأولية، فليس هو معدوماً تماماً ويطلب منهم أن يزوجوه صدقة.
وعادة الزواج والأبناء يكون من محفزات الرجل على المقاومة والاجتهاد، والعجيب أن منهن من تطالب أن تأخذ نصف ما اكتسبه الرجل أثناء زواجه منها بعد الطلاق، أو تطالب بنفقات كبيرة، ثم هي لا تريد أن تبذل مجهوداً لاستحقاق هذا، بل تريده جاهزاً من البداية عنده كثير من المال، فما وجه استحقاقها لمال هو حاضر ومتنامٍ بوجودها وعدمه!
ثالثاً: قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور].
وقال تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأنعام].
فالزواج والأولاد من أسباب تحصيل الرزق.
رابعاً: هذه النصائح لم تكن تقال لمَّا كانت النساء لا يعملن، واليوم مع كون النساء يعملن تجد مثل هذه النصائح، وكأن الرجل هو الوحيد المطالب بالإنفاق.
وهذه هي الحيلة التي انفردت بها مجتمعاتنا.
فالمرأة تارةً تكون قوية مستقلة إذا أرادت أن تعمل.
وتارةً تعود تقليدية تريد للرجل أن يُنفق عليها في سياق الزوجية ويلبي طلباتها.
ولا تشعر بأدنى تعارض بين الأمرين، فالرجل الذي يطالب بالإنفاق ويقال له إن كنت فقيراً لا تتزوج، ما خلي له سوق العمل بل زاحمته فيه تلك التي لا تطالَب شرعاً أو عرفاً بنصف المطالبات التي يطالب بها.
والسبب في ظهور هذه النصائح في هذه الأيام أن الجيل الجديد رسم له كثير من مشاهير مواقع التواصل صوراً حالمة عن الحياة السعيدة، وغالباً ما تكون متعلقة بالبذخ المادي، لأن هذه السعادة المصطنعة برعاية الشركات الرأسمالية.
وهنا تتلاشى القناعة وهي أساس الحياة الطيبة، وتُحصر السعادة في قوالب لا تتوفر لمعظم البشر، ويصوَّر للإنسان دائماً أنه فاشل لأنه لم يحقق المال والشهرة أو المنصب بالصورة التي يراها.
وتنتقل المرأة من دورها التحفيزي للرجل وهو دور فطري جيد يجعلها تشجع الرجل على المزيد من الجهد إلى دور هدمي يهدم راحة الآخرين من أجل سعادة موهومة مرسومة في الخيال.
قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل].
فسَّرها جمع من السلف بالقناعة.
ولهذا كل الدراسات الاقتصادية تهمل القاعدة الأساسية التي ينبغي أن يبنى عليها الكلام، وهي قاعدة التفريق بين الأساسيات والكماليات.
وعامة الدراسات النفسية المتعلقة بالسعادة تهمل الحديث عن مفهوم القناعة، الذي يفصل بين ما تحتاجه فعلاً وما تتوهم أنك تحتاجه، وينبغي أن تتركه لكي تحصل الراحة الضرورية، وتعلم أنك إنسان وليس آلة.
وفي حديث في صحته كلام: «أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصبغ، أو قال: من الصيغة ما تكلف امرأة الغني، فذكر امرأة من بني إسرائيل كانت قصيرة، واتخذت رجلين من خشب وخاتما له غلق وطبق، وحشته مسكا، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين، فبعثوا إنسانا».
هذا المجتمع قد يراه الرأسمالي ناجحاً اقتصادياً لأن الرجال يحترقون فيه في العمل، ولكنه غالباً سيكون مفككاً أسرياً وينتشر فيه من مظاهر الفساد الأخلاقي ما الله به عليم، فالرجل تحول من كونه أباً قواماً إلى مجرد آلة لصرف النقود.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/alkulife/13542