Telegram Group & Telegram Channel
أهل الإيمان أعظم الناس تلذُّذاً بالنعم!

عامة البشر ينظرون للناس في تفاوتهم في أمر النعم نظراً ظاهرياً، فيرون هذا معه مال كثير، وهذا معه مال قليل فيحكمون أن هذا أنعم من هذا.

وليس الأمر كذلك فإن هناك عوامل أخرى تحدد من منهما الأسعد بالنعم.

وأهم من ذلك مقدار التلذذ بالنعمة، وهذا في أهل الإيمان أعظم لمن تأمَّله، وذلك من عدة وجوه:

الأول: أن المؤمن يرى أن النعمة هبة من الله «أبوء لك بنعمتك علي»، وأما غيره فيرى أن الأمر بكدِّه وتعبه، وذلك يفتح عليه باب محاسبة نفسه في ذلك، وأنه ربما قصَّر أو أن هذه النعمة دون ما تعبه وبذله في تحصيلها.

الثاني: أن المؤمن يرى أن النعمة مفتاح للطاعة، والطاعة توجب نعماً أعظم في الجنة، فأنت إذا حمدت الله على الأكلة أو الشربة أو اللبسة، فتلك حسنات وموجبات لرضا الله عز وجل، وذلك يوجب الجنة حيث لا منتهى للنعم: {عطاءً غير مجذوذ} [هود].

الثالث: أن المؤمن حقاً حريص على تنقية قلبه من الحسد، لإيمانه بالقدر وأن الرزق مكتوب وأن تفاوت الناس في الدنيا لا يعكس مآلهم في الآخرة، فإن كثيراً من الناس ينغص عليهم التلذذ بالنعم حسدهم لمن هو أنعم منهم، وربما سعوا في أذيته أو انتقاص ما معه من خير، واشتغل بهم واغتمَّ هو الآخر.

الرابع: أن النعم عند المؤمن لا تُحصر بالمحسوسات، بل العلم النافع والحقائق الإيمانية وغيرها نعم يشهدها المؤمن، لا يشهدها الجاحد، فحتى الطاعات نعم، بل خلق الملائكة المستغفرين لأهل الإيمان نعمة، وعامة التشريعات نعم، لذا افتُتح الأمر في الفاتحة بـ{الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة].

بل حتى المصيبة فيها معنى النعمة من وجه، لأنها تكفِّر الذنب.

هذه المعاني وغيرها يغفل عنها كثير من أهل الإيمان، فضلاً عن غيرهم، غير أن نظرك في الكتاب والسنة يجدِّدها في قلبك، ومن غفل صار كنوداً حسوداً، فالكنود: الذي يعدد النقم وينسى النعم، والحسود: من يتمنى زوالها عن غيره، وما تمنى ذلك إلا لعدم قناعته بما معه.

ولذلك قال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} [النحل].

فسَّرها جماعة من السلف بالقناعة، وذلك أن القنوع لا يحسد ولا يستقل ما معه من خير، بل يفرح به، وذلك يجعله أعظم التذاذاً بما معه من نعم، وتلك الحياة الطيبة التي تكون مفتاحاً لجنان الخلد مع طيبها.

وأما من خلا من هذه المعاني فربما تجد معه من الخير ما يكفي لإسعاد المئات وهو مهموم مغموم منشغل بغيره.

وهذا ليس فقط في النعم الحسية، بل حتى في النعم المعنوية، كالعلم، ولكن العلم صاحبه يستزيد منه ما عاش، ولكن لا يحسد.
387



group-telegram.com/alkulife/13914
Create:
Last Update:

أهل الإيمان أعظم الناس تلذُّذاً بالنعم!

عامة البشر ينظرون للناس في تفاوتهم في أمر النعم نظراً ظاهرياً، فيرون هذا معه مال كثير، وهذا معه مال قليل فيحكمون أن هذا أنعم من هذا.

وليس الأمر كذلك فإن هناك عوامل أخرى تحدد من منهما الأسعد بالنعم.

وأهم من ذلك مقدار التلذذ بالنعمة، وهذا في أهل الإيمان أعظم لمن تأمَّله، وذلك من عدة وجوه:

الأول: أن المؤمن يرى أن النعمة هبة من الله «أبوء لك بنعمتك علي»، وأما غيره فيرى أن الأمر بكدِّه وتعبه، وذلك يفتح عليه باب محاسبة نفسه في ذلك، وأنه ربما قصَّر أو أن هذه النعمة دون ما تعبه وبذله في تحصيلها.

الثاني: أن المؤمن يرى أن النعمة مفتاح للطاعة، والطاعة توجب نعماً أعظم في الجنة، فأنت إذا حمدت الله على الأكلة أو الشربة أو اللبسة، فتلك حسنات وموجبات لرضا الله عز وجل، وذلك يوجب الجنة حيث لا منتهى للنعم: {عطاءً غير مجذوذ} [هود].

الثالث: أن المؤمن حقاً حريص على تنقية قلبه من الحسد، لإيمانه بالقدر وأن الرزق مكتوب وأن تفاوت الناس في الدنيا لا يعكس مآلهم في الآخرة، فإن كثيراً من الناس ينغص عليهم التلذذ بالنعم حسدهم لمن هو أنعم منهم، وربما سعوا في أذيته أو انتقاص ما معه من خير، واشتغل بهم واغتمَّ هو الآخر.

الرابع: أن النعم عند المؤمن لا تُحصر بالمحسوسات، بل العلم النافع والحقائق الإيمانية وغيرها نعم يشهدها المؤمن، لا يشهدها الجاحد، فحتى الطاعات نعم، بل خلق الملائكة المستغفرين لأهل الإيمان نعمة، وعامة التشريعات نعم، لذا افتُتح الأمر في الفاتحة بـ{الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة].

بل حتى المصيبة فيها معنى النعمة من وجه، لأنها تكفِّر الذنب.

هذه المعاني وغيرها يغفل عنها كثير من أهل الإيمان، فضلاً عن غيرهم، غير أن نظرك في الكتاب والسنة يجدِّدها في قلبك، ومن غفل صار كنوداً حسوداً، فالكنود: الذي يعدد النقم وينسى النعم، والحسود: من يتمنى زوالها عن غيره، وما تمنى ذلك إلا لعدم قناعته بما معه.

ولذلك قال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} [النحل].

فسَّرها جماعة من السلف بالقناعة، وذلك أن القنوع لا يحسد ولا يستقل ما معه من خير، بل يفرح به، وذلك يجعله أعظم التذاذاً بما معه من نعم، وتلك الحياة الطيبة التي تكون مفتاحاً لجنان الخلد مع طيبها.

وأما من خلا من هذه المعاني فربما تجد معه من الخير ما يكفي لإسعاد المئات وهو مهموم مغموم منشغل بغيره.

وهذا ليس فقط في النعم الحسية، بل حتى في النعم المعنوية، كالعلم، ولكن العلم صاحبه يستزيد منه ما عاش، ولكن لا يحسد.

BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/alkulife/13914

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The company maintains that it cannot act against individual or group chats, which are “private amongst their participants,” but it will respond to requests in relation to sticker sets, channels and bots which are publicly available. During the invasion of Ukraine, Pavel Durov has wrestled with this issue a lot more prominently than he has before. Channels like Donbass Insider and Bellum Acta, as reported by Foreign Policy, started pumping out pro-Russian propaganda as the invasion began. So much so that the Ukrainian National Security and Defense Council issued a statement labeling which accounts are Russian-backed. Ukrainian officials, in potential violation of the Geneva Convention, have shared imagery of dead and captured Russian soldiers on the platform. The Securities and Exchange Board of India (Sebi) had carried out a similar exercise in 2017 in a matter related to circulation of messages through WhatsApp. The S&P 500 fell 1.3% to 4,204.36, and the Dow Jones Industrial Average was down 0.7% to 32,943.33. The Dow posted a fifth straight weekly loss — its longest losing streak since 2019. The Nasdaq Composite tumbled 2.2% to 12,843.81. Though all three indexes opened in the green, stocks took a turn after a new report showed U.S. consumer sentiment deteriorated more than expected in early March as consumers' inflation expectations soared to the highest since 1981. In addition, Telegram now supports the use of third-party streaming tools like OBS Studio and XSplit to broadcast live video, allowing users to add overlays and multi-screen layouts for a more professional look. Investors took profits on Friday while they could ahead of the weekend, explained Tom Essaye, founder of Sevens Report Research. Saturday and Sunday could easily bring unfortunate news on the war front—and traders would rather be able to sell any recent winnings at Friday’s earlier prices than wait for a potentially lower price at Monday’s open.
from us


Telegram قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
FROM American