📩 س/ كتاب "الإمامة والسياسة" هل يصح نسبته إلى ابن قتيبة؟

▫️ج/ لا، ليس كتاب "الإمامة والسياسة" من كتب ابن قتيبة، ولا نسبه إليه أحد ممن ذكروا ابن قتيبة وكتبه من المؤرخين، ولا الأسلوب في الكتابة أسلوبه، ولا منهجيته العلمية، بل هو منحول له كذبا بهدف ترويج الكتاب لغرض سياسي، لشهرة ابن قتيبة وموثوقيته عند أهل السنة، وقد راج في المغرب ومصر أثناء الدولة العبيدية الإسماعيلية الباطنية في أواخر القرن الهجري الثالث وأوائل الرابع، ولا يخفى على المطالع له أن كاتبه أراد ترويج المذهب الباطني باسم عالم وأديب من أئمة أهل السنة!
وعنوان الكتاب يؤكد هذا الهدف في الربط بين الإمامة والسياسة، وهي القضية التي رفع شعارها العبيديون لإثبات شرعيتهم، وهم يقولون بالإمامة -وأنها بالنص على الأئمة من آل البيت- لا بالخلافة وأنها شورى!

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ "اللهم صلّ على سيدنا محمد" هل تعتبر هذه صيغة كافية للصلاة على سيدنا النبي ﷺ أم يجب أن تكون بصيغة الصلاة الإبراهيمية كاملة؟

▫️ج/ الصلاة على النبي ﷺ لها صيغ كثيرة ذكرها ابن القيم في "جلاء الأفهام" وأكملها الصلوات الإبراهيمية، ومن أخصرها "اللهم صل وسلم على نبينا محمد" لمن أراد أن يكثر من الصلاة عليه بالأذكار خاصة ليلة الجمعة ويومها.

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ شيخنا، قرأت آية سورة النساء ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا﴾ وراجعت تفسير ابن كثير وغيره ولم أجد جوابا محكما على من يعود الضمير في ﴿موته﴾ هل على عيسى ﷺ ؟ أم على النبي محمد ﷺ؟ أم على الكتابيّ؟

▫️ج/ الحمد الله وحده لا شريك له وآمنا بالله وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله صلى الله عليهم وسلم جميعا..
‏وبعد..
‏الضمير في ﴿موته﴾ يعود إلى عيسى بن مريم كما يؤكده سياق الآيات قبله ﴿وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ۝ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا ۝ بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ۝ وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا﴾ [النساء: ١٥٦-١٥٩] .
‏ وعود الضمير إلى عيسى هو الصحيح من تفسير ابن عباس رضي الله عنه وإنما الخلاف عنه هو في ما حقيقة هذا الإيمان به المذكور قبل موته؟ وهل المراد موته المؤقت الأول حين توفاه الله ورفعه إليه؟ أم الموت الحقيقي الثاني حين ينزل حكما مقسطا ثم يموت موتا طبيعيا كما يموت البشر؟ وكيف يكون الإيمان به حينئذ من أهل الكتاب جميعا وهم اليهود والنصارى؟
‏والصواب أن المراد إثبات إيمان أهل الكتاب جميعا بالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام قبل موته الأول المؤقت ورفع الله له حين أراد الرومان قتله وصلبه فاشتبه عليهم أمره ولم يعرفوه فأخذوا شبيها له فصلبوه فوقع بعد موته الأول الخلاف بين أهل الكتاب في شأن أمره بين أعدائه الذين رموه بأفظع الأقوال وأنه ابن بغي -حاشاه وأمه عليهما السلام- ونفوا تعرضه للظلم والعدوان من أحبارهم بل بلغ الأمر ببعضهم نفي وجوده ونفي قصته من أصلها! وبين أوليائه الذين غلوا فيه حتى زعموا صلبه وقالوا عنه إنه إله أو ابن إله أو هو الله ذاته أو ثالث ثلاثة وأن الله!
‏وكانوا قبل حادثة الصلب هذه لا يختلفون في شأن بشريته وعدم ألوهيته وحقيقة وجوده ودعوته إلى العمل بالتوراة وترك الربا والمحرمات وما نعاه عليهم وما جرى له مع قومه وما كادوه له حتى وقعت حادثة الصلب فاختلفوا فيه أشد الخلاف!
‏وكذا لن يبقى أحد من الفريقين بعد عودته ونزوله وموته الثاني الطبيعي الحقيقي إلا ويؤمن به وبأنه عبد لله عظيم ورسول كريم كما قرر ذلك القرآن فيرتفع بذلك الخلاف في شأنه حيث يظهر لمن كفروا به بعودته إلى الحياة مرة أخرى -كما وعدهم بذلك- خطأهم وخطيئتهم وظلمهم له وكفرهم! ويظهر أيضا بموته الثاني الطبيعي وتتحقق يقينا لمن غلوا فيه وادعوا ألوهيته بشريتُه وعدم صحة ادعاء أنه إله أو ابن إله أو ثالث الآلهة ﴿ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا﴾ جميعا من آمنوا به ومن كفروا ويفصل الله بين الفريقين ويكون عيسى حينئذ الشهيد على تلك الأمتين وأهل الكتابين معا كما يشهد الرسل جميعا على أممهم.

#نظرات_قرآنية
⁩ #تدبر
•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ شيخنا كيف نعرف أن الميت شهيد، وما هي شروط الشهادة؟ وهل يدعى له وإن كان عنده بدعة؟

‏▫️ج/ كل مسلم قتله العدو الكافر في المعركة شهيد حقيقة في أحكام الدنيا، فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ويدفن في ثيابه، لأننا حكمنا بالشهادة له بعينه في حكم الدنيا، فترتب على وصف الشهادة أحكام عملية تخص غسله وكفنه ودفنه، وهي أحكام على الأعيان، لا أحكام مطلقة فقط.
‏وكذا كل مسلم قتله سلطان جائر ظلما، هو مثله شهيد حقيقة في حكم الدنيا لا يغسل، ولا يصلى عليه.
‏وكل مسلم مقتول ظلما بيد اللصوص وقطاع الطريق والخوارج ونحوهم شهيد حكما من حيث الثواب والأجر لا حقيقة في أحكام الدنيا، فهو شهيد يغسل ويصلى عليه كالغريق والمبطون والهدم والحريق.
‏ونرجو لكل شهيد في حكم الدنيا أن يتحقق موعود الله له في الآخرة رجاءً مؤكدًا بحسب حاله وصلاحه، ولا نقطع على الغيب الأخروي.
‏كما قال الشيخ ابن باز في تعليقه على تفسير ابن كثير ﴿ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة﴾:
‏وسُئل: مَن قُتِلَ اليوم مع المجاهدين يُسمَّى: شهيدًا؟
‏فأجاب: مَن قُتِلَ يُسمَّى: شهيدًا، أمَّا فيما بينه وبين الله، الله أعلم بحاله، لكن مَن قُتِلَ في المعركة فهو شهيدٌ؛ لا يُغسّل، ولا يُصلَّى عليه.
‏وسُئل: لكن يُسمَّى: شهيدًا؟
‏فأجاب: يُسمَّى شهيدًا نعم، كل القتلى في سبيل الله يُسمّون: شهداء، إلا مَن كان الله جلَّ وعلا عرف أنه غلَّ، هذا شيء بينه وبين الله.
‏ثم سُئل: لكن ليس بتزكيةٍ؟
‏فأجاب: يُسمّون: شهداء، وهو تزكية لهم، إذا قُتلوا في سبيل الله هم شُهداء، أما كونهم يدخلون الجنةَ هذا شيءٌ آخر، الأصل دخولهم الجنة، هذا الأصل في الشُّهداء إلا ما منعه مانعٌ.
‏فُسئل: مرَّ علينا في البخاري باب: (لا يُقال: فلانٌ شهيدٌ)؟
‏فأجاب: إيه [نعم]، إذا كان يُدرى عنه غلول ما يُسمَّى: شهيدًا، يدرى عنه أنَّه غلَّ .
‏فسئل: إذا قلنا بأنَّه شهيدٌ فهو في الجنَّة؟
‏فأجاب: ما هو بلازمٍ، ليس من اللَّازم، فيما بينه وبين الله، ظاهره الجنّة، الشُّهداء يُسمّون: بالشّهداء، ولهم الجنّة، موعودون بالجنّة، إلا إذا منع مانعٌ يعلمه الله .
‏انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله.
‏وقال أيضا في تعليقه على تفسير سورة التوبة آية ﴿إن تستغفر لهم سبعين مرة﴾
‏وسئل: الاستغفار والتَّرحم لأهل البدع؟
‏فقال: مَن عُرف بالإسلام يستغفر له، ويُدعى للكافر بالهداية، النبي ﷺ قال: (اللهم اهدِ دوسًا وائتِ بهم).
‏ثم سُئل: الذي قد مات من أهل البدع؟
‏فأجاب: إذا كان مسلمًا يُدعى له، إذا كانت بدعته ما أخرجته من الإسلام إلى الكفر يُدعى له.

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ هل ورد أن الشهيد لا يُسأل في القبر؟

▫️ج/ نعم كما هو ظاهر القرآن في شأن الشهداء وحياتهم السعيدة في البرزخ وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ۝ فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ۝ يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين﴾ [آل عمران: ١٦٩-١٧١].
وهو ثابت صراحة في الأحاديث الصحيحة المشهورة كما في:
١- الحديث الصحيح عند مسلم عن سلمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان). والفتان جمع فاتن وهي فتنة عذاب القبر.
٢- وعند ابن ماجه بإسناد حسن عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات مرابطا في سبيل الله أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن من الفتان، وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع).
٣- وورد صريحا عند أبي داود وصحيح ابن حبان عن فضالة بن عبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل الميت يختم على عمله، إلا المرابط، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر).
وقد خرج هذه الأحاديث الثلاثة أبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم لبيان شهرة الحديث.
وروى أحمد والترمذي وابن ماجه -بإسناد حسن- عن المقدام بن معد كرب عن النبي ﷺ: (للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه).
ورواه أحمد في المسند بإسناد حسن من طريق آخر عن قيس الجذامي، رجل كانت له صحبة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه: يكفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر ومن عذاب القبر، ويحلى حلة الإيمان).

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ ما هي مساوئ ومحاسن المدرستين: أهل الحديث والتمذهب، لماذا يؤلون بعض الأحاديث فقهيا مع أن منهجنا الأخذ بالظاهر؟ ولم هناك حديث ضعيف يعمل به وآخر صحيح لا يعمل به؟ أليس هذا قلة اتساق؟

▫️ج/ المقابلة والمقارنة لا تكون بين المحدثين والمتمذهبين، بل بين المحدثين والفقهاء، واختصاص الفريق الأول بالعناية بالرواية للسنة عن النبي ﷺ، وبالعلم المأثور عن الصحابة والتابعين، واختصاص الفريق الثاني بالعناية بالأحكام الفقهية وبالاستنباط والاستدلال، فلكل علم موضوعه وغايته وأئمته، ولا يستغني كل منهما عن الآخر، فالفقهاء بحاجة أهل الحديث لمعرفة الصحيح من الضعيف، كما قال الإمام الشافعي للإمام أحمد: (إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله ﷺ فقولوا لنا حتى نذهب إليه)، والمحدثون في حاجة أهل الفقه في معرفة وجوه الاستنباط وفهم النصوص، كما قال الإمام أحمد: (لولا الشافعي ما عرفنا فقه الحديث)، ومن جمع بين الفنين فقد بلغ الغاية ولا يكاد يتحقق ذلك في العصور المتأخرة، إذ كل علم تحته من الفنون ما تنقضي الأعمار ولم يحط به المتخصصون فيه من أهله!
وكلا الفريقين -المحدثون والفقهاء- من أولي الأمر والعلم الذين يجب على الأمة الرجوع إليهم في فنهم، فهؤلاء حجة في أحكامهم الحديثية، وهؤلاء حجة في أحكامهم الفقهية، فما أجمع المحدثون على صحته فهو صحيح ويحرم مخالفتهم، والأمة تبع لهم، وما أجمع الفقهاء عليه من الأحكام فهو حجة ويحرم مخالفتهم، وكذا أهل كل فن كالتفسير والقراءات والمغازي والعربية، فالمرجع فيه هم أئمته المختصون به.
وكما في الفقهاء أئمة مجتهدون كأبي حنيفة ومالك والشافعي، ففي أهل الحديث مجتهدون كالثوري وشعبة، ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد ويحيى بن معين وابن المديني، والبخاري ومسلم، وفيهم أيضا من يأخذ بمذهب أهل الرأي كالإمام الطحاوي، ومنهم من يأخذ بمذهب الشافعي كابن خزيمة، مع أن كلا منهما قد بلغ درجة من الإمامة في العلم قد تكون كدرجة من أخذوا بمذاهبهم، وإنما ارتضوها واتبعوها عن علم ودليل واجتهاد، لا عن تقليد.
حتى ظهر في عصور الضعف العلمي والتقليد الأعمى فقهاء بلا علم بالسنة والآثار، ومحدثون بلا فقه وفهم، ممن قال ابن تيمية عنهم: (يستدلون بضعيف المنقول وسخيف المعقول)، وكلا الفريقين يخوضون فيما لا يحسنون، فيفسدون ولا يصلحون، وهم خارجون عن دائرة أهل العلم وأولي الأمر في الدين.
ولم يخل زمان بحمد الله من أئمة مجتهدين، فقهاء ومحدثين، يحفظ الله بهم حججه على الأمة بإقامة الدين، كما في الحديث "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين".
أما سبب العمل ببعض الحديث مع ضعفه، وعدم العمل ببعضه مع صحته، فهذا يختص بموضوع تعارض الرواية والعمل، كما فعل مالك في حديث: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"، ورده على من يقول بأن التفرق هو بالأبدان عن محل العقد، فقال: "ليس عليه العمل عندنا"، فعمل أهل المدينة عنده هو رواية عملية للسنة، لا يدخلها التأويل الذي قد يدخل الحديث القولي،؛ لأنهم يفرقون بين السنة من حيث هي قول النبي ﷺ وفعله وتقريره، التي يعلمها جميع العلماء، ويفتي بها الفقهاء، ويقضي بها القضاة، والرواية لهذه السنة التي يعتني بها المحدثون بروايتهم لها بالإسناد، فربما كان العلم بالسنة والعمل بها أشهر من الإسناد، كما في حديث: "لا وصية لوارث"، وحديث: "لا يقتل والد بولده"، فشهرتهما علما وعملا وفتوى تغني عن الإسناد، وقد لا يثبت لهما إسناد صحيح من حيث الرواية عند أهل الحديث، بينما حديث حد الخمر "فإن شرب الرابعة فاقتلوه"، مع صحة إسناده وكثرة طرقه من حيث الرواية، إلا أن العمل ليس عليه، لأنه منسوخ كما قال الزهري، أو مؤول بأن قوله: "فاقتلوه" يعني شددوا عليه العقوبة وغلظوها عليه بما يمنعه ويردعه، كما قال عن المار بين يدي المصلي وسترته "ليدافعه أو يدرأه فإن أبى فليقاتله"، وليس المراد هنا القتال على ظاهره.

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ هل كل الأحاديث خارج مسند الإمام أحمد لا أصل لها؟ وكيف وهو لا يحتوي إلا أقل من نصف حفظ الإمام -رحمه الله- الذي ثبت عنه أنه يحفظ ألف ألف حديث؟

▫️ج/ لا يكاد يوجد حديث صحيح خارج مسند أحمد ليس له أصل أو شاهد في المسند..
وأما الألف ألف حديث وأثر عند أحمد، فالمراد بها الروايات المرفوعة والموقوفة على الصحابة والمقطوعة على التابعين، وبالطرق المكررة، وبالمتصل والمرسل، بينما المسند اقتصر فيه فقط على الحديث النبوي المسند المتصل ظاهريا المقبول عموما..
فإذا كان الإمام أحمد قد قرأ موطأ مالك على عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى الطباع وابن إدريس وروح وعثمان بن عمر وقراد وعامر بن صالح وغيرهم من أصحاب مالك، وفي الموطأ نحو ٧٠٠ حديث مسند، و٣٠٠ مرسل، ونحو ٢٠٠٠ أثر، فإن مجموع رواياته عند أحمد تتكرر بعدد شيوخه الذين روى عنهم الموطأ لتصل ثلاثين ألف رواية أو يزيد، ومع ذلك اقتصر في مسنده على الصحيح المتصل منها دون المرسل، وعلى المرفوع منها دون الموقوف، وعلى أصح الروايات عنه دون باقي الروايات..
وعلى هذا فقس رواية أحمد لمصنفات حماد بن سلمة - والتي فيها نحو عشرة آلاف رواية - عن شيوخه الذين رووا مصنفات حماد عنه كموسى بن إسماعيل وعفان بن مسلم وبهز وحسن بن موسى ويزيد بن هارون وإسحاق بن عيسى ووكيع بن الجراح وغيرهم لتصل رواياته عند أحمد من كل هذه الطرق نحو مئة ألف رواية!
ولم يخرج في المسند منها إلا نحو ألف حديث تقريبا!

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

❂ صحيح البخاري والمغالطات المعاصرة

📩 س/ شيخنا الكريم أثابكم الله استمعت لمجلسكم مجلس إملاء الأحاديث المبارك وفوائدكم عن كتب الحديث وما قررتموه بأن البخاري جمع الأحاديث الصحيحة من الجوامع والمصنفات قبله ولم يجمعها شفهيا كما هو سائد في الثقافة المعاصرة!

سؤالي: ما سبب انتشار هذه الفكرة؟ وما صحة تلك الروايات المشهورة لدى العامة والكثير من النخب عن طريقة جمع البخاري لصحيحه والتي توحي بأنه كان يجمع الحديث شفهيا وليس من الجوامع السابقة..
ومن تلك الروايات؛ أنه سافر ليروي له شيخ حديثا فلما وصل وجده يحتال على فرسه ويوهمها بأن معه طعام لتلحقه ولم يكن معه ما يعطيها، فرفض البخاري الرواية عنه لكذبه على فرسه؟
وأن البخاري كان يصلي ركعتي الاستخارة قبل كتابة أي حديث في صحيحه؟

▫️ج/ السبب في شيوع هذه الثقافة أسلوب الرواية الذي حرص المحدثون عليه بلفظ (حدثنا) و(أخبرنا) لإثبات اتصال الإسناد، وسماع الراوي من شيخه، حتى في رواية الكتب المشهورة نفسها، فيظن من لا علم له بأن (حدثنا) و(أخبرنا) تعني رواية شفهية، بينما هي ألفاظ لها دلالات اصطلاحية عند أهل الحديث، فخصصوا لفظ (حدثنا) بما أملاه الشيخ على طلبته وإن كان يقرأ عليهم كتابا، وخصصوا لفظ (أخبرنا) بما إذا كان الطلبة يقرءون الكتاب والشيخ يسمع..
ولا يحتاج الأمر إلا إلى معرفة مصادر البخاري نفسه، فحين يروي حديثا عن طريق الإمام مالك، وقد روى عنه نحو ١٠٠٠ حديث، فهو إنما يروي عن كتابه "الموطأ"، بلا خلاف بين أهل العلم، إلا أنه لا يوجد ذكر للموطأ، ولو رجعنا إلى الموطأ المطبوع لوجدنا هذه الأحاديث موجودة فيه بحسب نسخ الموطأ نفسه ورواياته المشهورة.
وكذا روى عن معمر بن راشد نحو ٤٠٠ حديث، وكلها موجودة في "جامع" معمر، وفي "مصنف" تلميذه عبد الرزاق، وكذا حين يروي عن سفيان بن عيينة نحو ٧٠٠ حديث، فهو يرويها عن كتابه "الجامع"، وكذا كتاب الليث بن سعد، وكتاب الأوزاعي، وجامع الثوري، وغيرهم من أصحاب المصنفات قبل البخاري بمائة عام.
وربما أشار البخاري إلى هذه الكتب عند الحاجة -لأنها كانت معلومة بدهية لا تحتاج من يذكرها أصلا لولا الحاجة الطارئة-
فقال البخاري بعد رواية حديث رقم ٢٣٧٩ -طبعة شيبة الحمد- : (هذا الحديث ليس بخراسان في كتب ابن المبارك، إنما أملى عليهم بالبصرة).
فلأن كتب ابن المبارك التي يروي عنها البخاري حديث ابن المبارك لها عدة نسخ، أشار إلى هذه النسخة التي رواها عنه أهل البصرة.
وقال في حديث رقم ٥٥١٠: (حدثنا حماد قال: قرئ على أيوب من كتب أبي قلابة، منه ما حدث به، ومنه ما قرئ عليه، وكان هذا في الكتاب عن أنس).
وقد روى حديثا كثيرا عن أيوب، عن أبي قلابة، ولم يذكر أنه كتاب يرويه أيوب عن أبي قلابة، إلا هنا عرضا.
مع أنه لا خلاف على أن أبا قلابة عبدالله بن زيد الجرمي كان أوصى لأيوب بكتبه.
وفي حديث رقم ٥٧٧٣ قال البخاري: حدثنا عمرو بن عباس: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم: أن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي ﷺ جهارا غير سر يقول: (إن آل أبي -قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر بياض- ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين).
فهنا لوجود بياض في كتاب محمد بن جعفر عن شعبة لم يذكر اللفظ مع أنه مذكور في روايات أخرى وفيها (إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي)، إلا أن البخاري هنا التزم برواية شعبة كما في كتاب تلميذه محمد بن جعفر، وفي كتابه لا يوجد (فلان)!
أما هذه الرواية المذكورة عن البخاري فلا أعلم صحتها، ولا أظنها تصح عنه، ولا تعني أنه أراد أن يسمع منه رواية شفهية، بل قد يكون شيخا يروي نسخة كتاب، إذ لم يبق في ذلك العصر من يروي رواية شفهية ليس في بطون كتب الأئمة أصحاب المصنفات في أول القرن الثاني..
أما استخارته قبل كتابة أي حديث فذلك أنه اشترط ألا يضع في كتابه إلا ما أجمع الأئمة قبله على صحته، فكان يختار من كتبه ومصنفاتهم أصح حديث لهم، فأخرج أصح حديث لمالك في الموطأ، وأصح حديث لمعمر في "الجامع"، وأصح حديث لليث بن سعد في كتابه، وأصح حديث للثوري في "الجامع"، وكذا أصح ما في "موطأ" ابن أبي ذئب، وأصح حديث سعيد بن أبي عروبة في "السنن".. إلخ
فهذا الانتخاب والاختيار للصحيح المجمع عليه من هذه المصنفات الضخمة يحتاج إلى استخارة واستعانة بالله، وقد أعانه الله على ذلك، فأجمع أهل العلم منذ عصره على أنه وفى بشرطه، وأجمعوا على تقديم كتابه على كل كتب الحديث..
ومما يؤكد أنه لا يوجد في عصر البخاري رواية شفهية، كتب شيوخه الذين بلغوا نحو ألف شيخ فقد ألّف اثنان منهم عشرة أضعاف صحيح البخاري وهما:
١- أحمد الذي ألف "المسند" سنة ٢٠٠ واحتوى على نحو ٣٠،٠٠٠ ألف حديث. ٢- وألف ابن أبي شيبة "المصنف" واحتوى على نحو ٤٠،٠٠٠ حديث وأثر .
مع أن صحيح البخاري فيه أقل من ٣٠٠٠ حديث بدون تكرار أي ١٠٪؜ مما في مسند أحمد!
فمن وجد في البخاري حديثا واحدا ليس موجودا في المصادر المكتوبة التي قبله فله أن يدعي بأنه رواية شفهية، ولن يجده!
.

📩 س/ شيخنا في حال التعارض بين خبر ضعيف و الرأيّ، من يقدم فيهما ؟

▫️ج/ هذه مسألة أصولية فقهية، وليس فيها حكم مطرد، بل ينظر في الخبر وسبب ضعفه، والرأي وقوته، وهم يقصدون بالرأي هنا القياس والاجتهاد فيما لا نص فيه، فأهل الحديث كالإمام أحمد ربما عمل بالحديث الضعيف إذا لم يجد في الباب ما يعارضه من الأخبار، كالحديث المرسل، والذي فيه ضعف يسير، وهو الحديث الحسن عند المتأخرين، فيقدمه على القياس الخفي ونحوه من الرأي، ويراه خير منه..
ولا يقصد بالحديث الضعيف المنكر والشاذ والمتروك ونحوها من الحديث المردود، وإنما يقصد الحسن وما شابهه وقاربه..

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ هل كانت لفظة (صحيح لغيره أو حسن لغيره) مشهورة عند نقاد الحديث الأوائل؟

▫️ج/ لا ليست مشهورة ولا معروفة عند المتقدمين بهذا اللفظ، وإنما استقر هذا الاصطلاح عند أئمة الحديث المتأخرين، لما رأوا بأن من الحسن ما هو حسن الإسناد بذاته، ومنه ما هو حسن بتعدد طرقه، كما عرفه وشهره الترمذي في سننه حيث أطلق اسم الحسن على ما نسميه اليوم الحسن لغيره، فصار المتأخرون يميزون بينهما بمصطلح حسن وحسن لغيره، وكذا الصحيح بذاته، والصحيح بتعدد طرقه الحسنة، وهو تقسيم علمي صحيح موافق لتصرف الأئمة القدماء وأحكامهم، وإن لم يشتهر عندهم بهذا الاسم..

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ أفيدونا أفادكم الله شيخنا، امرأة كانت تجهل أن قيء الرضيع نجس، فأخبرتها امرأة أن قيء رضيعها الذي في ثيابها نجس، فهل عليها إعادة الصلوات، أم عليها إعادة صلوات ذلك اليوم مثلا والصلاة الحاضرة، أم لا شيء عليها؟

▫️ج/ لا شيء عليها، سواء قيل أن القيء ليس بنجس، كما هو مذهب مالك وهو الراجح، أو قيل نجس، كما هو المشهور عند الجمهور، إذ غسله حينئذ وتطهير الثياب منه واجب، ويسقط بعدم العلم بحكمه وأنه نجس، كما يسقط بعدم العلم بوجود النجاسة على الثوب حتى قضى صلاته، لما في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ صلى بنعله، وكان في أسفلها نجاسة لم يعلم عنها، فأوحي إليه فخلعها، وأكمل صلاته، ولم يستأنفها من جديد.
فالصحيح أن القيء قذر ينبغي تنظيف الثياب منه، كالنخامة، وليس نجسا ينقض الوضوء، ويوجب تطهير الثياب وتنزيهها عنه، وهو مما تعم به البلوى خاصة الأطفال الصغار مع أمهاتهم، فعدم وجود دليل من السنة على نجاسته يؤكد صحة مذهب مالك، كما أنه مقتضى القياس!
قال القاضي عبد الوهاب في الإشراف 1/ 151: (وما يخرج من البدن من غير السبيلين كالقيء والحجامة والفصاد وما أشبه ذلك لا ينقض الوضوء. خلافا لأبي حنيفة. لقوله: (لا وضوء إلا من صوت أو ريح). وروى أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم "احتجم فلم يزد على أن غسل محاجمه"... ولأنه خارج من غير السبيلين كالدموع، ومن غير المخرج المعتاد كالدود والدم من المخرج. ولأنه خارج من البدن لا ينقض الوضوء قليله، فلم ينقضه كثيره، أصله العرق، عكسه البول. ولأنه طهارة عن حدث فلم يجب بخارج من غير السبيلين كالغسل، وقياسا عليه إذا لم يملأ الفم بعلة الجنس).
وقال ابن القيم في أحكام المولود ص 21: (الباب الثاني عشر في حكم ريقه ولعابه:
هذه المسألة مما تعم به البلوى، وقد علم الشارع أن الطفل يقيء كثيرا ولا يمكن غسل فمه، ولا يزال ريقه ولعابه يسيل على من يربيه ويحمله، ولم يأمر الشارع بغسل الثياب من ذلك، ولا منع من الصلاة فيها، ولا أمر بالتحرز من ريق الطفل، فقالت طائفة من الفقهاء: هذا من النجاسة التي يعفى عنها للمشقة والحاجة كطين الشوارع والنجاسة بعد الاستجمار ونجاسة أسفل الخف والحذاء بعد دلكهما بالأرض. وقال شيخنا وغيره من الأصحاب: بل ريق الطفل يطهر فمه للحاجة، كما كان ريق الهرة مطهرا لفمها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليست بنجس، مع علمه بأكلها الفأر وغيره، وقد فهم من ذلك أبو قتادة طهارة فمها وريقها، وكذلك أصغى لها الإناء حتى شربت، وأخبرت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصغي إلى الهرة ماء حتى تشرب ثم يتوضأ بفضلها).
وقال في إعلام الموقعين 1/ 223: (وفرقتم بين ما جمعت الشريعة بينه فقلتم في القيء: إن كان ملء الفم فهو حدث، وإن كان دون ذلك فليس بحدث، ولا يعرف في الشريعة شيء يكون كثيره حدثا دون قليلة).

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ الذي أعلمه أن مذهب مالك أن القيء نجس وليس طاهرا حتى قيل أن أول من ذكر أن القيء طاهر هو الشوكاني وقوله شاذ ومخالف للإجماع، وأن مذهب المالكية أنه إذا لم يكن الخارج متغيرًا يكون طاهرا وإلا يكن نجسا بالاتفاق؟

▫️ج/ الأصل عند مالك أن القيء والقلس طاهران، ولا يوجبان وضوءا، قال القرافي في الذخيرة 1/ 185: (وفي الطراز: القيء والقلس طاهران إن خرجا على هيئة طعام، والمعدة عندنا طاهرة لعلة الحياة).
وإنما النجس في مذهب مالك هو القيء المقيد بوصف وهو مشابهة العذرة، وعلة نجاسته حينئذ ليس كونه قيئا خارجا من المعدة، بل لاتصافه بأوصاف العذرة.
واختلفوا في القيء إذا تغير ولم يتصف بالعذرة فمنهم من حكم بطهارته.
قال في مواهب الجليل 1/ 94 عن الأشياء الطاهرة: ( ..."وقيء إلا المتغير عن الطعام" ش: هذا كقوله في المدونة: وما خرج من القيء بمنزلة الطعام فهو طاهر، وما تغير عن حال الطعام فنجس، فظاهر المدونة وكلام المصنف أن المتغير نجس كيفما كان التغير، وعلى ذلك حملها سند والباجي وابن بشير وابن شاس وابن الحاجب، وقال اللخمي: يريد إذا تغير إلى أحد أوصاف العذرة، وتبعه عياض، وقال أبو إسحاق التونسي وابن رشد: إن شابه أحد أوصاف العذرة أو قاربها، فتحصل أن القيء على ثلاثة أقسام: ما شابه أحد أوصاف العذرة، أو قاربها نجس اتفاقا، وما كان على هيئة الطعام لم يتغير طاهر اتفاقا، لكن ألزم ابن عرفة من يقول بنجاسة الصفراء والبلغم أن يقول بنجاسة القيء مطلقا، وما تغير عن هيئة الطعام ولم يقارب أحد أوصاف العذرة قال ابن فرحون بأن يستحيل عن هيئة الطعام ويستعد للهضم، وقال البساطي بأن تظهر فيه حموضة، فإذا كان كذلك فهو نجس على المشهور خلافا للخمي وأبي إسحاق وابن بشير وعياض.
(فرع) علم مما تقدم أن القيء إذا لم يتغير عن هيئة الطعام فهو طاهر ولو خرج معه بلغم، أو صفراء على المشهور، وأشار إلى ذلك البساطي).
وقال الدردير في الشرح الكبير 1/ 51: (والحاصل أن القلس لا ينجس اتفاقا إلا بمشابهة العذرة، فلا تضر حموضته لخفته وتكرره، وهل كذلك القيء أو أنه يتنجس بمطلق التغير؟ وهو ظاهر المدونة تأويلا، هذا حاصل ما حرره طفى [مصطفى الرماصي] ورد على ح [محمد الحطاب] وعلى من تبعه في تشهير التنجيس بمطلق التغير فيهما).
وقال ميارة في الدر الثمين ص 129 عن الطاهر من الأشياء: (ومنه القيء إلا المتغير عن الطعام تغيرا زائدا على تغير المضغ فنجس على المشهور، فإن شابه أحد أوصافه العذرة فنجس اتفاقا).

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك؟ أو مع الوعد بالتمليك؟

▫️ج/ هذه من العقود المستحدثة المستجدة وهي تجمع صورة عقد أجار وعقد بيع، والأصل عدم جواز ورود العقدين البيع والإجارة على عين واحدة في آن واحد، لما بينهما من تباين في الأحكام التي تترتب على كل منهما، فالبيع يترتب عليه انتقال ملك العين للمشتري، والضمان عليه، وفي الإجارة المبيع هو منفعة العين، وتبقى العين مملوكة للمؤجر والضمان عليه، إلا إذا تعدى المستأجر بفعل ما لا يجوز في العين المستأجرة فأدى لتلفها، أو فرط بترك ما يجب عليه تجاه العين المستأجرة فتلفت، أما ما عدا ذلك فيده يد أمين لا يضمن ما يقع في العين من تلف، وبناء عليه لا يمكن ابتداءً الجمع بين العقدين الإجارة والبيع معا على عين واحدة، وبهذا صدر قرار المجمع الفقهي بالمنع..
وإنما الذي يجوز من ذلك الإجارة التي تترتب عليها أحكامها بما في ذلك انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، مقابل الأجرة التي يدفعها دون أن يضمن العين، ولا يتحمل إلا ما يجري به العرف عادة من الإنفاق على العين ما دامت بيده لينتفع بها، أما إن تلفت -بلا تعد منه بفعل ما لا يجوز فيها، ولا تفريط منه بترك ما يجب عليه من حفظ العين المستأجرة- فلا ضمان عليه، ثم لهما أن يتفقا عند العقد على أنه إن استأجر العين مدة محددة، بأجرة محددة، إجارة صحيحة، وانتهت المدة ودفع الأجرة كاملة، فإن المالك يهبها له، أو يبيعها له بسعر السوق، أو يبيعها بثمن محدد يتفقان عليه حين عقد الإجارة، أو أن المستأجر بالخيار فإن أراد شراء العين فهو أحق بها من غيره، فالمهم ألا يكون في العقد غرر، ولا ضرر، ولا جهالة، ولا ظلم، ولا شرط ينافي مقصود العقد..
ويبقى إذا كانت الأجرة في العقد أعلى من قيمة السوق، رغبة في التملك، وعجز المستأجر عن إكمال المدة، واستعاد المالك العين المؤجرة، فالواجب رد القيمة الزائدة التي دفعها المستأجر أكثر من سعر السوق طمعا في تملك العين، ويمكن اشتراط ذلك في العقد.
وهذه الشروط المذكورة آنفا عند عقد الإجارة الصحيحة، التي تنتهي بالتمليك جائزة، وفق الضوابط المذكورة، ويجب الوفاء بها لقوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾ ولقوله ﷺ: "المسلمون على شروطهم".
وفي قصة موسى والشيخ الصالح في القرآن عقد إجارة على رعي الغنم مؤقت محدد بمدة، كشرط لتمليك ابنته له بعقد زواج مؤبد: ﴿إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك .. قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي﴾، والصحيح أن شرع من قبلنا شرع لنا، إذا ثبت في شرعنا، ولم يرد في شرعنا ما يعارضه، وهنا عقد إجارة كشرط لتمليكه ابنته، فهو عكس عقد إجارة تنتهي بتمليك، فالرجل استأجر منفعة عمل موسى عنده ثمان سنين بالرعي، مقابل تزويجه ابنته، وهذا عقد وشرط، أو عقدان في صفقة واحدة، على عينين مختلفتين، فموسى أجر للرجل نفسه ومنفعته ثمان سنين، مقابل تزويج الرجل ابنته له، وكذا عقد المكاتبة حيث يؤجر المكاتب نفسه مدة محددة بأجرة يدفعها لمولاه، تنتهي بملكه لنفسه، فإن عجز عن الوفاء بالأجرة في المدة المحددة، عاد مملوكا لمولاه، فالعين المعقود عليها واحدة، وهي عين المكاتب المستأجرة، المنتهية إجارتها بملكها لنفسها..
وعلى كل حال فعقد الإجارة التي يعقبها عقد بيع وتمليك للعين المستأجرة، بشرط مسبق، جائزة بشروطها المذكورة، بخلاف عقد الإجارة والبيع معا لعين واحدة في آن واحد، لتنافي طبيعة كلا العقدين وما يقتضيه كل منهما فيما يخص انتقال ملكية العين وضمانها، فهي في البيع للمشتري وضمانها عليه، وفي الإجارة للمؤجر وضمانها عليه، فتعذر اجتماعهما، وجاز تعاقبهما بوعد أو بشرط بضوابطه المذكورة..

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ شركات التوريد التي تعطي عرض سعر لسلعة لا تكون بحوزتها حاليا وإنما تعرف طريقها تعطي سعرا ما فإذا وافق العميل اشترت السلعة ثم أحضرتها للعميل وأحيانا يكون الثمن كله مقدما وأحيانا يكون كله عند التسليم وأحيانا يدفع العميل نصف القيمة مقدما وعندما يحضر السلعة يتسلم الباقي،هل يدخل هذا في بيع ما لا يملك؟

▫️ج/ هذا بيع السلم والسلف وهو جائز بلا خلاف، بشرط أن يكون الثمن معلوم، والمبيع معلوم بالوصف والكيل أو الوزن أو العد أو المتر لا يقع فيه خلاف، وأجل التسليم محدود لا يقع فيه نزاع، وهو بيع شيء موصوف في الذمة، غير موجود لدى البائع، للحديث في الصحيحين: "قدم النبيﷺ المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، وليس هو من باب بيع ما لا يملك، لأنه لا يبيع شيئا بعينه موجودا ليس في ملكه، ولا مجهولا، ولا معدوما أو غير مقدور، بل يبيع سلعة معروفة موصوفة في الذمة مقدورة للبائع، فينقد المشتري الثمن كاملا أو بعضه، ويأتي البائع بعد ذلك بالسلعة حسب الوصف المطلوب، وفق الكتالوج أو النموذج، أو كالثمار المعلومة، بأن يشتري منه ثمرا أو حبا أو زيتا، إلى وقت الحصاد، فيأتي له بالحب أو الزيت حسب الوصوف المطلوب، كطن عسل يمني أو زيت أردني أو زيتون فلسطيني مثلا، فهو لا يبيعه هذا الزيتون المعين حتى يشترط أن يكون في ملكه، بل يبيعه زيتونا موصوفا غير موجود عنده الآن..

ـ ـ ـ

📩 س/ لو كان الثمن معجلا بالكامل في مجلس العقد لكان هذا سلما بلا إشكال لكن الصورة التي يكثر حدوثها في الوقت الحاضر لا يُعجل فيها بالثمن كاملا في مجلس العقد ، وإنما يدفع جزء تحت الحساب والباقي عند التسليم أو يكون الثمن مؤجلا بالكامل لحين تسليم السلعة؟

▫️ج/ بيع السلم والسلف هو بيع موصوف بالذمة بثمنه نقدا، فتأجيل الثمن كاملا في عقد السلم ينافي حقيقته، ويبطل العقد عند عامة الفقهاء ويصبح بيع كالئ بكالئ، ودين بدين، وهو ممنوع، أما دفع بعض الثمن وتأجيل بعضه، ففيه خلاف بين الفقهاء، والصحيح أنه إن كانت الصفقة والسلعة مما يتبعض كالمكيلات والموزونات والمذروعات بالمتر ونحوها، فلا يضرها تأجيل بعض الثمن، إذ يكون السلم على البائع فيما تم دفع ثمنه فعلا، فإذا اتفقا على طن قمح، ودفع المشتري نصف الثمن نقدا، فإنه لا يجب على البائع إلا تسليم نصف القمح للمشتري، يسلمه في موعده، والنصف الآخر يسلمه عند قبض ثمنه، والإ فلا يلزمه شيء، أما إن كانت السلعة مما لا يتبعض كالسيارة فإنه لا يلزم البائع تسليمها إلا بقبض ثمنها كاملا، أو فسخ العقد ورد الثمن للمشتري، والسلم في الأصل عقد إرفاق وتيسير، والشرط فيه العلم بالثمن والأجل والكمية ووصف المبيع بالذمة وصفا يمنع من وقوع التنازع، وتسليم الثمن أو بعضه نقدا، هو شرط لتحقق ماهيته وحقيقته اللغوية والشرعية، فإذا لم يم تسليم الثمن أو بعضه نقدا لم يكن سلما ولا سلفا، وليس هذا بيع العربون، لأن العربون ما ينقد في بيع المعين الموجود أو لحجزه، بخلاف السلم فهو في بيع الموصوف في الذمة، والعربون يدفع لشراء مبيع معين، فإن رجع المشتري عن الشراء أو عجز عن دفع الثمن كاملا فات عليه العربون، مقابل ما فوت على البائع في تصريف السلعة المعينة، بينما ما ينقد في السلم هو ثمن للسلعة التي في الذمة، فإن تعذر تسليمها رجع الثمن للمشتري ولا يفوت، فالحق هنا معلوم محفوظ يمكن فيه التناصف.

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

📩 س/ ما المقصود بقوله ﷺ: ''لا تدخل الملائكة بيتا فيه تصاوير''؟

▫️ج/ الملائكة التي مع ابن آدم تحصي وتحفظ عليه أعماله لا تفارقه كما قال تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾، وكذا الملائكة التي تحفظه بأمر الله كما قال تعالى: ﴿له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله﴾، وإنما المراد بالملائكة هنا في الحديث: مَن يباشرون النبي ﷺ كجبريل الذي ينزل عليه بالوحي، وبالبيت هنا: البيت الذي يوحى إليه فيه لا كل بيت، كما بوب عليه ابن حبان في صحيحه ١٣/ ١٦٦ باب (ذكر الخبر الدال على أن قوله ﷺ: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة، ولا كلب" أراد به بيتا يوحى فيه، لا كل البيوت).
ثم أورد حديث ميمونة قالت (أن رسول الله ﷺ أصبح يوما واجما، قالت ميمونة: يا رسول الله، استنكرت هيئتك منذ اليوم، قال رسول الله ﷺ: إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني، أما والله ما أخلفني، قال: فظل رسول الله ﷺ يومه ذلك على ذلك، ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط له، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء، فنضح مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل، فقال: "قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة" قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب، ولا صورة).
وبوب بعده باب (ذكر خبر ثان يدل على أن هذه الأخبار التي ذكرناها قصد بها المواضع التي فيها المصطفى ﷺ دون غيرها من المواضع).
ثم روى حديث جابر بن عبد الله: (أن النبي ﷺ أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي ﷺ حتى محيت كل صورة فيها)..
والصور هي التماثيل كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل)، وعن أبي سعيد الخدري: (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل، أو صورة).
والتماثيل هي الصور المصنوعة على شبه شيء مما خلقه الله لتماثله وتضاهيه، وليس ظل الإنسان وانعكاسه في المرآة أو في الماء، فليست هذه صورة تمثال، وكذا عكس الظل بالكاميرات الضوئية ليس هو التصوير الممنوع وهو التمثيل، وتسميته تصويرا عرف طارئ ومجاز في الاستعمال فلا تحمل عليه ألفاظ الشارع..
وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ: (أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فليصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين توطآن، ومر بالكلب فيخرج. ففعل رسول الله ﷺ وكان ذلك الكلب جروا للحسن أو الحسين تحت نضد له فأمر به فأخرج).

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com

❂ اجعل كل صلاتك لنبيك ﷺ
تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك ❂



📩 س/ ما معنى أن اجعل صلاتي كلها للنبي ﷺ؟

▫️ج/ هذا حديث صحيح رواه أحمد في المسند والترمذي وصححه - وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، والضياء المقدسي في المختارة الصحيحة، وحسن إسناده ابن حجر في فتح الباري - من حديث الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي بن كعب عن أبيه (قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: "ما شئت". قال: قلت: الربع، قال: "ما شئت فإن زدت فهو خير لك"، قلت: النصف، قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قال: قلت: فالثلثين، قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: "إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك").
وله شاهد صحيح رواه البيهقي في شعب الإيمان رقم ١٤٧٨ من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو صالح، وابن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني محمد بن يحيى بن حبان (أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أريد أن أجعل صلاتي كلها لك قال: " إذا يكفيك الله أمر دنياك وآخرتك).
قال البيهقي "وهذا مرسل جيد، وهو شاهد لما تقدم ".
قلت وهذا مرسل أصح من المسند عن ابن عقيل، ومحمد بن يحيى بن حبان الأنصاري أدرك جماعة من الصحابة.
وقد وصل حديثه هذا ابن أبي عاصم في "الصلاة على النبي" رقم ٦٠، والطبراني في المعجم الكبير رقم ٣٥٧٤ من طريق رشدين بن سعد عن قرة عن الزهري عن محمد بن حبان عن أبيه عن جده به.
ورشدين مقبول إذا توبع وحسن له بعض الأئمة.
وله شاهد ثالث رواه عبدالرزاق في المصنف ٣١١٤ - عن ابن عيينة قال: أخبرني يعقوب بن زيد التيمي قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني آت من ربي فقال: لا يصلي عليك عبد صلاة إلا صلى الله عليه عشرا " قال: فقال رجل: يا رسول الله، ألا أجعل نصف دعائي لك؟ قال: "إن شئت" قال: ألا أجعل كل دعائي لك؟ قال: إذا يكفيك الله هم الدنيا والآخرة).
وهذا إسناد صحيح، فيعقوب التيمي قاضي المدينة ثقة من شيوخ مالك وابن عيينة إلا أنه أرسله وأعضله.
والمراد بصلاتي هنا المعنى اللغوي يعني دعائي، كما قال ابن تيمية في "التوسل والوسيلة" ص ٧٥ (فإن هذا كان له دعاء يدعو به، فإذا جعل مكان دعائه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وآخرته، فإنه كلما صلى عليه مرة صلى الله عليه عشرا، وهو لو دعا لآحاد المؤمنين لقالت الملائكة: "آمين، ولك بمثل"، فدعاؤه للنبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك).
وقال في ص ٣١٤ ( وقول السائل: ما أجعل لك من صلاتي؟ يعني من دعائي. فإن الصلاة في ‍اللغة هي الدعاء. قال تعالى {وصل عليهم إن صلاتك سكن} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم صل على آل أبي أوفى".
وقالت امرأة: صل علي يا رسول الله وعلى زوجي، فقال: صل الله عليك وعلى زوجك".
فيكون مقصود السائل: أي يا رسول الله إن لي دعاء أدعو به، أستجلب به الخير، واستدفع به الشر، فكم أجعل لك من الدعاء، قال: "ما شئت" فلما انتهى إلى قوله: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال له: "إذا تكفى همك ويغفر ذنبك" .
وفي الرواية الأخرى " إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك"، وهذا غاية مايدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات، فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب، واندفاع المرهوب).

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.group-telegram.com/askDrHakem.com