للإنسان عينان، وحين يطلب العلم فإنه يضع عينًا على كتابه لرفع الجهل، وعينًا على قلبه لدفع الغفلة، فإن رأيته ينظر إلى الناس فقد رفع عينه عن أحدهما.

وصيتي لطالب العلم :
"أعطِ القرآن أنفس أوقاتك، واترك غيره إلى أن تتحسن علاقتك به، أعرف كثيرا من طلبة العلم تركوا القرآن المجيد، وانشغلوا بغيره من العلوم، فلما أرادوا الكتاب امتنع عليهم!
وسبب الامتناع = عِزَّة الكتاب {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيِزٌ}!
فاترك غير القرآن للقرآن، وارحل إليه وتمسك بحبل الله وصراطه، وأعطه أنفس وقتك ولا تبخل عليه، وسل الله أن يفتح قلبك، وأن يجعل القرآن ربيعه.

#فقه_الطلب (٦)

سورة البقرة

واحد من أهم الكتب النافعة غاية النفع حول سورة البقرة وآل عمران.

ليس كتاب تفسير نعم، وإنما هو جواب عن سؤال: ما الموضوعات الكلية التي تضمنتهما سورتا البقرة وآل عمران.

(سورة البقرة والاستغناء بها)

كنت قد وضعت خطة لأحد أصحابي أراد أن يبدأ في حفظ سورة البقرة بمعدل صفحة واحدة أسبوعياً -وذلك لضيق وقته وكثرة مشاغله- على أن ينتهي بعد حفظها بعد قرابة عامٍ ونصف (١٨ شهر) فاستكثر المدّة! واستطالها!

وهذا والله قصور فهم،لأن مدة كهذه يستغرقها أحدنا في سورة كسورة البقرة ليست كثيرة على مَن أراد أن يتخذ سورة البقرة مشروع عمرٍ تكون دواء لقلبه وشفاء لصدره وحفظاً من عين وسحر وحسد واكتئاب وسكينة وأمان من كل المخاوف وصلة بكلام الله الواحد القهار.

وإنني إذ أذكر ذلك لأننا نعيش زمن الاستعجال وسوء الفهم لطبيعة المعاملة مع الكتاب المجيد، ونعيش أزمة استكثار الجهود والأوقات على كتاب الله.

وما خبر المُحدّث المُلهم عنا ببعيد، عمر لما مكث عشر سنين يحفظ سورة البقرة، وسيدنا عمر رضي الله عنه لا يعجز أن يقرأ الآية مرة واحد فتُنقش في قلبه ولا ينساها، لكن ما الذي عطّله طيلة هذه المدة؟!

لأجل الفهم والعمل، نعم، هذا الفهم وهذا العمل إذا ما اقترنا بمتحفّظ ألفاظ القرآن أثمر ذلك عنده عِظم الانتفاع بالقرآن المجيد والاستغناء به، فعُمَرُ رضي الله عنه استغرق هذه المدة لحفظ سورة البقرة في تدبر معانيها وتطبيقها في حياته، وليس اكتفاء بالحفظ المجرد للآيات.

ومن هنا تدرك شيئا من الأثر الذي تُحدثه سورة البقرة في حياة المشتغلين بتلاوتها ومعاهدتها واستذكارها والتعرف على مضامينها وسبيل الاهتداء بها واقفين على بابها مُستلهمين عون الله في أن يغيثهم ببركاتها وهداياتها.

فلا تستكثر وقتاً تنفقه في تحفّظها ولا تستكثر جُهدا في قراءة تفسيرها وتعلم مقاصدها ومعانيها وتصفح بعض الدراسات عنها، ولا تستكثر تعباً تتعبه لأجل تحصيلها، فالمقبل على القرآن حقاً تغشاه الهداية والرحمة والسكينة شاء أم أبى!

اعتنى الواحدي المُفسِّر في كتابه "البسيط" بفكّ عبارات السلف.
وقد ذكر -رحمه الله- أن مَن اعتنى بدراسة اللغة[لاسيما الاشتقاق] كان أقدر على فهم عبارات السلف وتوجيهها.

نجا من الكافرين ومات على أيدي المنافقين.
تقبلك الله يا صالح، ربح البيع إن شاء الله.

رحمك الله يا صالح

الودَاع الأخِير ، نَم قَريِرَ العَينِ يَا صَالِح.

١٣/١٠/٢٠٢٥

طريقة الحفظ الشائعة في حلقات التحفيظ تصويرٌ أوليٌ للصفحة لا حفظٌ على الحقيقة، ولهذا تبدأ في التلاشي من أول يوم.

والجادّةُ أن تُنشئ الحفظ قويا ثم تكرر مائة مرة أو نصفها عند الضعف، وهذا هو المسلك الوحيد لضبط الحفظ، وهي طريقة الشناقطة.

#فقه_الطلب (٧)

ذكر أهل العلم أن كلمة {الرّيح} تأتي على ثلاثة أوجه.

كلمة نافعة مهمة جدا۔:

قَالَ الحافظُ أبو شامة المقدسيّ -رحمه اللَّه -:

" لم يَبق لِمُعْظَم مَن طلب القرآن العزيز همّة إلا في : قوة حفظه ، وسرعة سرده ، وتحرير النطق بألفاظه ، والبحث عن مخارج حروفه ، والرغبة في حسن الصوت به!

وكل ذلك وإن كان حسنا ؛ ولكن فوقه ما هو أهمّ منه وأتمّ ، وأولى وأحرى ، وهو : فهم معانيه والتفكر فيه ، والعمل بمقتضاه ،  والوقوف عند حدوده ، وثمرة خشية الله تعالى من حسن تلاوته".

رتّل القرآن على جراحك حتى تبرَأ، وعلى أوجاعك حتى تطيب.

معلومة مهمة: الورد القرآني لم يقيّد بعدد الأوجه أو السور، بل بالزمن!

‏كلام نفيس حول الورد القرآني للشيخ محمد الخضيري والشيخ عبد الرحمن الشهري.

ينصح أهل العلم عند الشروع في دراسة التفسير أن يبدأ الطالب بسور المفصّل من سورة الحجرات أو ق إلى سورة الناس، ثم يُثنّي بالبقرة وآل عمران، ذلك أن البداية بالمفصّل كان السلف يتواصون بها، فهي كثيرة الآيات، وفيرة العِظات، غزيرة المعاني، وكان بعض أهل العلم يسميها مناجم القرآن، قالوا ولأنه بدراستها مع التثنية بدراسة البقرة وآل عمران يذلل فهم بقية القرآن، وهذا حق لمن أدرك مضامين هذه الأجزاء.

(إليك يا طالب التفسير ص ٤٩)

لولا النسيان لهُجر العلم والقرآن، إذ لو كان الذي يحفظ القرآن أو شيئا من العلم لا ينساه، فلن ينظر فيه أو يراجعه لسهولة استدعائه عند الحاجة، ولكن النسيان يجعل الطالب يدمن النظر فيه فيصبح تقياً عابداً لأن كثرة النظر في العلم المقرّب الله يُصلح القلب، ومن لا يصبر على ذلك فإنه يطرد عنه.

فصار تكرار النظر في كتب العلم محطةَ فلترة تُميّز الصالح لحمل العلم من الدخيل عليه.

#فقه_الطلب (٨)

سربال العبودية: الافتقار إلى الله الملك المتعال

[يا أيها الناسُ أنتم الفقرآءُ إلى الله والله هو الغني الحميد]

فك الله أسر الشيخ سمير

لا يُشترط لأن تكون من أهل القرآن أن تكون حافظا متقنا لألفاظه!

إنما تكون من أهله إذا كنت ممن يقرأه آناء الليل وأطراف النهار وممن هو متعلق به، تتأثر عند سماعه ، تقف عند حدوده، تعمل بما علمت منه!

يقول د فريد الأنصاري " إن الحامل لجمر آية واحدة يكتوي بلهيبها ويستهدي بنورها لأنفع لنفسه وللناس بإذن الله من مئات الحفاظ للقرآن الذين استظهروه من غير شعور منهم بحرارته ولا معاناة للهيبه ولا مراعاة لجلاله وكماله فلا يحقرن نفسه صاحب الآية والآيتين إن كان حقا ممن قبض على جمرهن يتأثر بهن نجما يضيئ في ظلمات هذا العصر العصيب!

وليس هذا تزهيداً في حفظ آيات الكتاب المجيد، بل القصد أنه لا يُحرَمُ أحدٌ ترك باب القرآن إن أخلص القصد والنية لله، ذليلاً على باب القرآن طالباً خيرَهُ وهُداه.