group-telegram.com/Alsarem1/18321
Last Update:
( لا ينبغي للعاقل أن يزج بنفسه في بحر الاستدلال حتى يجمع أمورا:
الأول: إتقان العربية وطول ممارستها؛ فإننا نجد من علماء العجم من يغلط في فهم آية أو حديث غلطا لا نشك فيه. ومع ذلك يصعب علينا أن نقنعه بقاعدة معينة من القواعد المذكورة في كتب النحو وغيرها، وما ذلك إلا لأنه قد بقي من قواعد فهم اللغة ما لا يعرف إلا بالممارسة التامة وتربية الذوق الصادق، بل إن القواعد المبسوطة المحررة لا يستطاع تطبيق أكثرها بدون ممارسة وحسن ذوق.
وليس هذا خاصا بعلم العربية، بل الأمر كذلك في بقية العلوم، ألا ترى أن من الأئمة المجتهدين من يحتج بالاستحسان وفسروه بدليل ينقدح في نفس المجتهد ولا يستطيع التعبير عنه. ونحو هذا يقول أئمة الحديث في معرفة علل الحديث حتى قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي: هي إلهام، لو قلت للقيم بالعلل: من أين لك هذا؟ لم تكن له حجة. وذكر السخاوي في فتح المغيث قصصا في ذلك ومثلوه بالصيرفي والجوهري. ومما يشبه ذلك أن من خالط أهل الصين واليابان ثم رأى شخصين صينيا ويابانيا يميز أحدهما من الآخر بأول نظرة، ولو سئل عن سبب تمييزه ما استطاع أن يذكره حينئذ.
الثاني: المعرفة بالمعاني والبيان مع حظ من معرفة أشعار العرب وفهم معانيها ولطائفها وتطبيقها على قواعد المعاني والبيان ممارسا لذلك.
الثالث: معرفة أصول الفقه والتمكن فيها على وجه التحقيق لا التقليد، وكثرة الممارسة لتطبيق الفروع على الأصول.
الرابع: معرفة مصطلح الحديث والتمكن فيه، وطرف صالح من معرفة الرجال ومراتبهم وأحوالهم.
الخامس: كثرة مطالعة كتب الحديث، وتفهم معانيه، ومعرفة صحيحه من سقيمه، والممارسة لذلك إلى أن تكون له ملكة صحيحة في معرفة العلل والتوفيق بين المختلفات والترجيح بين المتعارضات.
ويلحق بذلك معرفة السيرة النبوية وأحوال العرب قبل الإسلام وأحوال الصحابة وعلماء التابعين وتابعيهم.
السادس: معرفة العلماء ومراتبهم في العلم ومزاياهم الخاصة التي يتفاوتون فيها، كشدة الاعتصام بالكتاب والسنة والورع وتجنب الأهواء والبدع والإخلاص وعدم العصبية وغير ذلك، ولا يقتصر على ما هو مشهور بين الناس من الفضائل والمناقب فإن كثيرا من ذلك نشأ عن التعصب للمتبوعين والمغالاة فيهم وتنقيص مخالفيهم.
السابع ــ وهو الأول في الرتبة والأولى بالعناية ــ: كثرة تدبر كتاب الله عز وجل وتفهم معانيه، وليختبر فهمه له ويكرر امتحان نفسه حتى يحصل له الوثوق التام بأن فهمه فهم العلماء، وليكن اعتماده على الفهم المطابق للقواعد العلمية ولا يقتصر على «قال فلان وقال فلان».
الثامن: الإخلاص ومحبة الحق وتطهير النفس من الهوى والتعصب وحب الجاه والشهرة والغلبة، وأن يكون أعظم همه موافقة الحق وإن خالف آباءه ومشايخه وعاداه أكثر الناس، ويكون مع ذلك محافظا على الطاعات متنزها عن المعاصي بقدر الاستطاعة، ويبتهل إلى الله عز وجل في كل وقت أن يهديه ويرشده ويوفقه ويسدده. ويكثر من قول «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، و«اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك»، اللهم يا من بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، أجرني من شر نفسي ومن شر ما خلقت، ونحو ذلك. ويكثر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمحبة له ولأهل بيته عليهم السلام ولأصحابه الكرام رضوان الله عليهم، والاحترام للعلماء والصالحين؛ فإن ألزمه الدليل مخالفة بعضهم فلا يحمله ذلك على احتقارهم والطعن فيهم، وليعرف لهم حقهم ويعتذر لهم بما استطاع مع المحافظة على الحق أينما كان.
ولعل قائلا يقول: وهل كاتب هذه الرسالة جامع للأمور المتقدمة؟ فأقول: لست هنالك ولا قريبا من ذلك.
ولكن البلاد إذا اقشعرت ...
وصوح نبتها رُعي الهشيم)
المعلمي اليماني | رفع الاشتباه (٢/ ٣١٥-٣١٨)
BY تصحيح المفاهيم
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/Alsarem1/18321