group-telegram.com/Mohsen_Modarresi/3879
Last Update:
"لو رأيتُ طفلاً عربياً لقتلته، فإنهم عبيد لي" هكذا قال طفلٌ اسرائيلي في مدرسة من مدارسهم الابتدائية.
فكرةٌ عنصريةٌ يتم تلقينها لأطفال اسرائيل، ليكونوا آلةَ قتلٍ في المشروع الاستعماري الغربي.. هكذا ظهر لي مقطعٌ متداول من مقاطعِ فضحِ التطرّف الاسرائيلي ليكون ادانةً اضافية لا لنتن ياهو ومن لفَّ لفَّه، بل للغرب المدافع والمناصر لهم.
ولكن السؤال الذي أريد أن اناقشه هنا:
هل يتحمَّل هذا الطفل، إذا ما تحوَّل في شبابه الى جنديٍ صهيوني يلتذ بمشاهدِ قتلِ أبرياء المسلمين.. هل يتحمَّل هو اثم ذلك أو لا؟ أم أنَّ الإثم على من علمَّه ذلك فحسب؟
هذا السؤال، هو فرعُ السؤال المطروح والمتكرّر جدا:
(أنت ولدت في بيئة مسلمة، فأنت مسلم.. والآخر في بيئة هندوسية فصار هندوسياً.. فكيف تفضِّل نفسك عليه؟ وما تدري لعلَّك إن ولدت مكانه لصرت مثله؟)
وهذه الفكرة، تنتهي في الغالب الى إحدى النتيجتين:
الأولى: الجبر والتشكيك بعدالة الله عزَّ وجل.
الثاني: صحة العمل بجميع الأديان والشرائع، ومعذورية الكافر على كفره ما دامه لم يختر بيئته التي جعلته كافرا.
ورغم أنّي أجبتُ عن هذا السؤال بأجوبة كثيرة على مدى السنين، وستجد في ثنايا منشوراتٍ قديمة آثاراً من تلك الردود، إلا أنَّ مثال الطفل الصهيوني حالاً، الجندي المجرم مستقبلاً يمثِّل أفضل ردٍ وإدانةٍ على هذه الفكرة.
كيف؟
لأنّ الجنديّ الإسرائيلي الذي وُلِد في مجتمعٍ صهيوني علماني، و تشبَّع منذ اليوم الأول بأفكار عنصرية علَّمته بأنَّ الله اختارَه على البشر كلهم فجعله من عِرقٍ خاص.. و وعده قبل 3 آلاف سنة أرضاً ليسكنها – رغم عدم قناعته التامة بوجود الله-
فهذا الجندي – وفق الفكرة السابقة- معذورٌ في قتله لأطفال العرب في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والعراق.. لأنه ابنُ بيئته.. ولا يجوز محاسبته دنياً فضلاً عن الآخرة!
هل تقبل هذا الكلام؟
هل تقبل بأنَّ الله تعالى يُدخل جيش نتنياهو إلى الجنّة يوم القيامة، ويجعله بمصافِ من قتلهم من المظلومين، فيكون القاتل والمقتول ومساعد القتل والراضي بهم، كلّهم في الجنّة؟!
إنَّها فكرة سخيفة لا يقبلها الطفل حتى.
وهي غير مقبولة، لمخالفتها للفطرة، ولأنَّك في قبالها ستقول: مهما وصل مستوى انحراف البيئة، ومهما لُقِّن الفرد افكاراً متطرفة في طفولته او كبره.. إلا أنَّ ذلك لا ينفي ارادته ودوره في ارتكاب تلك المجازر.. وذلك لأنَّ للإنسان مصدراً آخراً للمعرفة: إنَّه ضميره، و وجدانه، وعقله والذي يعرف ويعرِّف له الحقائق دون التأثر بالبيئة، نعم يبقى استجابة الانسان لتلك الافكار أو اهمالها بيد الانسان نفسه، وبهذا يتمايز الناس.
نعم لا شكَّ أن جريمةُ المنحرف في بيئة صالحة أكبر من المنحرف في بيئة فاسدة.. والأمر سهلٌ بعد عدم الدليل على وحدةِ العقاب الإلهي لهما فافهم واغتنم.
قد تقول، إنَّ ذلك لا ينفي تأثير البيئة والطفولة وغير ذلك، فأقول: نعم، ولكن ليس ذلك التأثير حتمياً، ومن جهة أخرى فإن ذلك لا يمكن أن ينفي عدالة الله عند مجازاة المحسن، أو معاقبة المسيء، نتيجة اختلاف البيئات.
فالله تعالى يتم الحجَّة على العباد، فله الحجَّة البالغة، وحتى لو لم ندرك كيفية اتمام تلك الحجّة على فردٍ فذلك لا ينفي القاعدة التامة.
وفي النهاية:
(ليهلك من هلك عن بيِّنة، ويحيى من حيَّ عن بيِّنة)
فيا صديقي، في المرَّة القادمة التي احتجّ احدهم بمقولة تأثير البيئة والطفولة.. وحاول أن ينفي عن مُحسِنٍ إحسانه، او عن مسيءٍ اساءَته.. أو في المرة القادمة التي حاول ابليس اغواءَك بتبريرِ خطأٍ في اتهامه التربية او البيئة..
هناك، تذكَّر الطفل الصهيوني الذي تحوَّل إلى آلةِ قتلٍ وحشية.. وفكِّر: إن كنتَ لا تنفي عن ذلك الطفل / الجندي وزرَ عمله، فلا يحقّ لك أن تنفي عن نفسك وزر عملك ايضاً.
وإن كنت تنفي ذلك عن الجندي، فأنت حينئذ مجنون، ولا حساب على مجنون!
#تأملات
BY السّيد محسن المُدَرسي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/Mohsen_Modarresi/3879