كان من المتوقع من عودة سيد من أمريكا أن يكون هو أحد جُند الحكومة المصرية ومؤيديها! ولكن إذا أراد الله أمراً فلا مكان لإرادة الناس، وهذه سنة إلهية ولكن أكثر الناس لا يعلمون؛ فقد أصبح سيد قطب من كبار المعارضين للحكومة.
من مقال سيد قطب: حياته، فكره وأعماله
بقلم: أ.د. خير الدين خوجة الكوسوفي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/jj8i
من مقال سيد قطب: حياته، فكره وأعماله
بقلم: أ.د. خير الدين خوجة الكوسوفي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/jj8i
❤15
  فاذكُرْ يَا تارِيخُ في سِجِلِّ العِزَّةِ؛ أنَّ غَزَّةَ كَتَبَتْ سُطُورَكَ بِدِمَاءِ الشُّـ.ـهَدَاءِ، والعُلَماءِ، والصُّلَحاءِ، ثُم وَشَّحَتها بِأشْـ.ـلاءِ الضُّعَفَاءِ مِن الأبْرِيَاء؛ كَالنِّساءِ، والأَطفَالِ الرُّضَّعِ، والشُّيُوخِ الرُّكَّعِ، دِفَاعًا عَنِ الأقْصَى، وشَرَفِ الْمِلَّةِ، ورَايَةِ الدِّينِ.
من مقال: مَقامَةُ القَاماتِ في طُوفَـ.ـانِ الأَقْـ.ـصَى
بقلم: أ.د. جمال بن عمار الأحمر الأنصاري - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ بالجزائر
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/06nl
من مقال: مَقامَةُ القَاماتِ في طُوفَـ.ـانِ الأَقْـ.ـصَى
بقلم: أ.د. جمال بن عمار الأحمر الأنصاري - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ بالجزائر
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/06nl
❤23
  ولدتُ في حي فقير، حيث المنازل مبنية من الطوب والطين، والأزقة مليئة بالأتربة والمياه الراكدة بعد كل مطر. أبي كان عامل بناء بسيط، وأمي كانت تعمل خادمة في البيوت. لم نكن متدينين، بل كنا نؤمن بالخرافات القديمة؛ نضع تمائم حول الرقاب، نخاف الأرواح، ونعتقد أن بعض الأحداث لا يمكن تفاديها إلا بالطقوس.
كبرت وأنا أرى العالم من حولي مليئًا بالصعوبات: ضوضاء المدينة، عمالة الأطفال في الشوارع، فقراء بلا مأوى، سجون مزدحمة، مرضى بلا علاج. لم أكن أفهم لماذا يحدث كل هذا، ولماذا أنا محاصر في هذا الواقع.
منذ صغري، أحببت العمل اليدوي. درست قليلاً، لكنني انخرطت سريعًا في ورشة البناء التي أدارها عمي. كل يوم كان يبدأ عند الفجر، أصحو مع صوت المطارق، وأنتهي في المساء وأنا مُنهك. الحياة كانت مجرد روتين: عمل، نوم، أكل، وربما صراخ أو جدال مع زملاء العمل.
كنت أظن أن هذا كل ما في الحياة، حتى حدثت لي سلسلة من المشكلات المختلفة: مرض أحد أقاربي، فشل مشروع صغير حاولت تمويله، مشاجرات مع الجيران. شعرت أنني أفشل في كل شيء، وأن حياتي بلا معنى.
في أحد الأيام، بينما كنت أستريح بعد العمل، تصفحت هاتفي بملل على فيسبوك. وسط المنشورات المتكررة ، لفت انتباهي منشور بسيط من مشروع يدعو إلى الإسلام باسم " مشروع بصيرة " مكتوب فيه:
“هل تبحث عن السلام النفسي والطمأنينة؟ هل تريد أن تعرف سبب وجودك في هذه الحياة؟ نحن هنا لنجيبك”.
توقفت عند الكلمات. شعرت بشيء غريب في داخلي، كأنها موجهة لي شخصيًا. في أسفل الصفحة كان هناك زر: “ابدأ الحوار الآن مع داعية”. ضغطت على الرابط.. ترددت قليلاً، ثم كتبت:
“مرحبًا، اسمي ميشيل. أنا لا أعرف شيئًا عن الإسلام، لكنني أبحث عن معنى لحياتي”.
رد عليّ الداعية بسرعة: “أهلاً بك يا ميشيل، يسعدني الحديث معك. أخبرني، ما الذي يشغل بالك أكثر؟”
كتبت له بصراحة:
“أشعر أن حياتي بلا معنى.. كل يوم مجرد ضجيج وغبار وألم. أريد أن أفهم: مَن خلقنا؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل هناك بالفعل حياة بعد الموت أم أنها النهاية؟”
ابتسم في كلماته رغم أنني لم أره، وقال:
“هذه أسئلة عميقة يا ميشيل، وهي بداية الطريق نحو فهم حياتك. في الإسلام نؤمن أن الله واحد، خالق كل شيء، وأن الحياة ليست عبثًا. خلقنا لنعبده، وكل تجربة نمر بها لها حكمة، ولو لم نفهمها الآن”.
بدأت أسأله أسئلة أكثر تحديدًا:
• “لماذا يوجد الفقراء والمعذبون؟”
• “أين الله؟”
• “ماذا يحدث بعد الموت؟ هل هناك أمل؟”
كان يجيب بهدوء وبلغة بسيطة، ويرسل لي مقاطع قصيرة وصورًا مكتوبة من القرآن مترجمة للفرنسية: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35].
شعرت لأول مرة أن الكلمات كانت تخاطب قلبي مباشرة، لا عقلي فقط.
مر الوقت وأنا أطرح أسئلتي، وكل جواب يهدئ جزءًا من قلبي المتعب. شعرت أن هناك شيئًا أكبر من كل هذه الضوضاء والضياع الذي كنت أعيش فيه.
ثم جاء اللحظة التي شعرت فيها باليقين:
قلت له: “أريد أن أعرف كيف أصبح مسلمًا؟”
كتب لي بحماسة هادئة: “نعم يا ميشيل، يمكنك أن تنطق بالشهادتين الآن. ردد معي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله أن عيسى عبد الله ورسوله”.
كررتها ببطء، والدموع تملأ عينيّ. شعرت وكأن كل الأحمال الثقيلة التي حملتها طوال حياتي ذهبت في لحظة. شعرت بالسكينة لأول مرة، بشعور لا يوصف بالكلمات.
بعد النطق بالشهادتين مباشرة، أرسل لي الداعية روابط لتعليم الصلاة، الوضوء، ونسخ مترجمة من القرآن. بدأت أتدرّب على الوضوء، أصلي ركعتين، وأستمع للترجمة. لم أكن أعرف كل التفاصيل، لكن قلبي كان مطمئنًا، وروحي شعرت بالسلام.
في اليوم التالي، شعرت بالفرق في كل شيء حولي: الأصوات لم تعد مزعجة، حتى الغبار في الورشة بدا أقل صخبًا.. وجدت طريقًا للسلام.
مع مرور الأيام، صرت أرتب حياتي حول الصلوات. أستيقظ قبل الفجر لأصلي ركعتين، وأقرأ القرآن المترجم بانتظام. بدأت ألاحظ نفسي أتعامل بصبر أكثر مع زملائي في الورشة، لا أغضب بسرعة، ولا أنفعل كما كنت أفعل سابقًا.
أكثر لحظة مؤثرة كانت حين جلست وحدي على سطح المنزل أراقب المدينة المزدحمة، وأفكر في حياتي السابقة: كل الضجيج، الفوضى، الغبار.. وكل ذلك بدا وكأنه لم يكن إلا طريقًا للوصول إلى هذه اللحظة. شعرت أن الله يراقبني برحمة، وأن حياتي ليست عبثًا.
اليوم، أنا أعيش حياة مختلفة: أصلي، أقرأ القرآن، أتعلم تعاليم الإسلام خطوة خطوة، وأحاول أن أكون مثالًا صادقًا لزملائي وعائلتي. لم أعد أرى الحياة مجرد روتين، بل فرصة للعبادة والخير، ولتحقيق المعنى الذي كنت أبحث عنه طيلة سنواتي.
كنت ضائعًا، محاصرًا بين الضجيج والغبار، حتى جاءت يد تهديني، وفتحت لي أبواب نور الإسلام.
الحمد لله الذي هداني، وأسأله الثبات، وأن أكون دائمًا على صراطه المستقيم، حتى ألقاه برضا ونعيم أبدي.
شكراً مشروع بصيرة.
كبرت وأنا أرى العالم من حولي مليئًا بالصعوبات: ضوضاء المدينة، عمالة الأطفال في الشوارع، فقراء بلا مأوى، سجون مزدحمة، مرضى بلا علاج. لم أكن أفهم لماذا يحدث كل هذا، ولماذا أنا محاصر في هذا الواقع.
منذ صغري، أحببت العمل اليدوي. درست قليلاً، لكنني انخرطت سريعًا في ورشة البناء التي أدارها عمي. كل يوم كان يبدأ عند الفجر، أصحو مع صوت المطارق، وأنتهي في المساء وأنا مُنهك. الحياة كانت مجرد روتين: عمل، نوم، أكل، وربما صراخ أو جدال مع زملاء العمل.
كنت أظن أن هذا كل ما في الحياة، حتى حدثت لي سلسلة من المشكلات المختلفة: مرض أحد أقاربي، فشل مشروع صغير حاولت تمويله، مشاجرات مع الجيران. شعرت أنني أفشل في كل شيء، وأن حياتي بلا معنى.
في أحد الأيام، بينما كنت أستريح بعد العمل، تصفحت هاتفي بملل على فيسبوك. وسط المنشورات المتكررة ، لفت انتباهي منشور بسيط من مشروع يدعو إلى الإسلام باسم " مشروع بصيرة " مكتوب فيه:
“هل تبحث عن السلام النفسي والطمأنينة؟ هل تريد أن تعرف سبب وجودك في هذه الحياة؟ نحن هنا لنجيبك”.
توقفت عند الكلمات. شعرت بشيء غريب في داخلي، كأنها موجهة لي شخصيًا. في أسفل الصفحة كان هناك زر: “ابدأ الحوار الآن مع داعية”. ضغطت على الرابط.. ترددت قليلاً، ثم كتبت:
“مرحبًا، اسمي ميشيل. أنا لا أعرف شيئًا عن الإسلام، لكنني أبحث عن معنى لحياتي”.
رد عليّ الداعية بسرعة: “أهلاً بك يا ميشيل، يسعدني الحديث معك. أخبرني، ما الذي يشغل بالك أكثر؟”
كتبت له بصراحة:
“أشعر أن حياتي بلا معنى.. كل يوم مجرد ضجيج وغبار وألم. أريد أن أفهم: مَن خلقنا؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل هناك بالفعل حياة بعد الموت أم أنها النهاية؟”
ابتسم في كلماته رغم أنني لم أره، وقال:
“هذه أسئلة عميقة يا ميشيل، وهي بداية الطريق نحو فهم حياتك. في الإسلام نؤمن أن الله واحد، خالق كل شيء، وأن الحياة ليست عبثًا. خلقنا لنعبده، وكل تجربة نمر بها لها حكمة، ولو لم نفهمها الآن”.
بدأت أسأله أسئلة أكثر تحديدًا:
• “لماذا يوجد الفقراء والمعذبون؟”
• “أين الله؟”
• “ماذا يحدث بعد الموت؟ هل هناك أمل؟”
كان يجيب بهدوء وبلغة بسيطة، ويرسل لي مقاطع قصيرة وصورًا مكتوبة من القرآن مترجمة للفرنسية: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35].
شعرت لأول مرة أن الكلمات كانت تخاطب قلبي مباشرة، لا عقلي فقط.
مر الوقت وأنا أطرح أسئلتي، وكل جواب يهدئ جزءًا من قلبي المتعب. شعرت أن هناك شيئًا أكبر من كل هذه الضوضاء والضياع الذي كنت أعيش فيه.
ثم جاء اللحظة التي شعرت فيها باليقين:
قلت له: “أريد أن أعرف كيف أصبح مسلمًا؟”
كتب لي بحماسة هادئة: “نعم يا ميشيل، يمكنك أن تنطق بالشهادتين الآن. ردد معي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله أن عيسى عبد الله ورسوله”.
كررتها ببطء، والدموع تملأ عينيّ. شعرت وكأن كل الأحمال الثقيلة التي حملتها طوال حياتي ذهبت في لحظة. شعرت بالسكينة لأول مرة، بشعور لا يوصف بالكلمات.
بعد النطق بالشهادتين مباشرة، أرسل لي الداعية روابط لتعليم الصلاة، الوضوء، ونسخ مترجمة من القرآن. بدأت أتدرّب على الوضوء، أصلي ركعتين، وأستمع للترجمة. لم أكن أعرف كل التفاصيل، لكن قلبي كان مطمئنًا، وروحي شعرت بالسلام.
في اليوم التالي، شعرت بالفرق في كل شيء حولي: الأصوات لم تعد مزعجة، حتى الغبار في الورشة بدا أقل صخبًا.. وجدت طريقًا للسلام.
مع مرور الأيام، صرت أرتب حياتي حول الصلوات. أستيقظ قبل الفجر لأصلي ركعتين، وأقرأ القرآن المترجم بانتظام. بدأت ألاحظ نفسي أتعامل بصبر أكثر مع زملائي في الورشة، لا أغضب بسرعة، ولا أنفعل كما كنت أفعل سابقًا.
أكثر لحظة مؤثرة كانت حين جلست وحدي على سطح المنزل أراقب المدينة المزدحمة، وأفكر في حياتي السابقة: كل الضجيج، الفوضى، الغبار.. وكل ذلك بدا وكأنه لم يكن إلا طريقًا للوصول إلى هذه اللحظة. شعرت أن الله يراقبني برحمة، وأن حياتي ليست عبثًا.
اليوم، أنا أعيش حياة مختلفة: أصلي، أقرأ القرآن، أتعلم تعاليم الإسلام خطوة خطوة، وأحاول أن أكون مثالًا صادقًا لزملائي وعائلتي. لم أعد أرى الحياة مجرد روتين، بل فرصة للعبادة والخير، ولتحقيق المعنى الذي كنت أبحث عنه طيلة سنواتي.
كنت ضائعًا، محاصرًا بين الضجيج والغبار، حتى جاءت يد تهديني، وفتحت لي أبواب نور الإسلام.
الحمد لله الذي هداني، وأسأله الثبات، وأن أكون دائمًا على صراطه المستقيم، حتى ألقاه برضا ونعيم أبدي.
شكراً مشروع بصيرة.
❤26
  وإن أنس لا أنسى ما نزل بالإخوان المسلمين في كثير من البلاد العربية -خصوصاً مصر- من التفنن في تعذيب شبابهم وشيوخهم وأطفالهم ونسائهم بصورة يشيب لهولها الوليد، ويبكي عند سماعها الحجر الصلد.
من مقال: ماذا يُدبَّر للمسلمين؟
بقلم: الشيخ حسن أيوب - رحمه الله
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/pzq1
من مقال: ماذا يُدبَّر للمسلمين؟
بقلم: الشيخ حسن أيوب - رحمه الله
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/pzq1
❤20👍3
  أجاب القسام: "لن نستسلم هذا جهاد في سبيل الله". ثم هتف بأصحابه: "موتوا شهداء" فردَّد الجميع: "الله أكبر الله أكبر".
فاستشهد في المعركة القائد عزّ الدين القسام، وثلاثة من أصحابه هم: يوسف عبد الله الزيباوي -بالزاي- نسبة إلى قرية (الزيب) في قضاء عكا. وعطية أحمد المصري، وأحمد سعيد الحسان، من (نزلة زيد).
من مقال: يوم استشهاد القسام
بقلم محمد حسن شراب - المؤرخ الغزي الفلسطيني
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/yd07
فاستشهد في المعركة القائد عزّ الدين القسام، وثلاثة من أصحابه هم: يوسف عبد الله الزيباوي -بالزاي- نسبة إلى قرية (الزيب) في قضاء عكا. وعطية أحمد المصري، وأحمد سعيد الحسان، من (نزلة زيد).
من مقال: يوم استشهاد القسام
بقلم محمد حسن شراب - المؤرخ الغزي الفلسطيني
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/yd07
❤34
  Media is too big
    VIEW IN TELEGRAM
  خلال ثوانٍ دار ذلك الشريط الطويل بذكريات السريرة في ذاكرتي وأنا أتكئ على أحد الكراسي إلى جواري، هم من حولي يضحكون ويشربون القهوة والشاي ويقهقهون في غاية السعادة والسرور، كثيرة تلك الذكريات المريرة التي انطبعت في ذاكرتي ولن تنمحي أبداً، والتي سرعان ما تقفز لقطات منها أمام مخيلتي أمام أي حدث يفجر ينبوع الذكريات.
من مقال "غوص في نفسية الفلسطيني"
بقلم القائد الشهيد #يحيى_السنوار - تقبّله الله
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
من مقال "غوص في نفسية الفلسطيني"
بقلم القائد الشهيد #يحيى_السنوار - تقبّله الله
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
❤24
  في الذكرى الأولى لاستشهاد القائد #يحيى_السنوار.. نعيد نشر العدد 30 من مجلة أنصار النبي والذي يحتوي على ملف كامل عن الشهيد رحمه الله.
https://supportprophetm.com/wp-content/uploads/2024/11/%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-30.pdf
https://supportprophetm.com/wp-content/uploads/2024/11/%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-30.pdf
❤18
  لَيسَ فِي قِطاعِ غزَّةَ شَيءٌ مِن مُقَوِّماتِ القِتالِ إذْ لا هِضَابَ وَلا جِبَالَ وَلا مَـجالَ؛ فالـهِرْتِزَالِيُّونَ الزَّائِلُون يُـحاصِرُونَـها مِن الجَوّ والبَـحرِ ومِن غَالبِ البَـرّ، فيَمنَعُونَ عنْها الدَّواءَ والكَهرَباءَ والْـماءَ، لكنَّ هِـمَمَ الرِّجالِ لا تَعرفُ النَّكالَ بَل تَتَحدَّى الْمُحَال! 
ذَكَرْتَ لي بفَخرٍ صادِقٍ، يا تَارِيخُ، أنَّ غزَّةَ في الأرْضِ المباركةِ فِلَسطينَ أرْضِ الأنْبِياء. ارتَضَاها هَاشِمٌ جَدُّ النَّبِيِّ ﷺ، وكَانتْ مَهْدَ الشَّافِعِيّ.
بَعدَ احتِلالِ مَثِيلاتِـها بِفِلسْطِينَ، احتلَّها المخَرِّفُونَ بِذِكرِ صُهْيُونَ (1387-1425هـ)، ثم استَبَاحُوهَا اليَومَ يُريدُونَهَا والأَقْصَى أندَلُسًا لا تَعُودُ، كمَا الفِردَوسِ المفقُودِ، وهَيهَاتَ هَيهَاتَ في الأُولى والآخِرَة. ودَلِيلُنا القَاطِعُ، وبُرهَانُنا السَّاطعُ أنَّ طُوفانَ الأَقصَى طَمَّ مِنْها، إذْ لَا حَلَّ إِلّا بِالقِتَالِ؛ ففَضَحَ أدْرَانَ عُلُوِّ اليَهُودِ، وَأَخرَجَ أضْغَانَ كُلِّ عَرَبِي كَنُودٍ، وكَشَفَ الظُّلْمَ في كُلِّ شِبرٍ مِنَ العَالَـم.
فاذكُرْ يَا تارِيخُ في سِجِلِّ العِزَّةِ؛ أنَّ غَزَّةَ كَتَبَتْ سُطُورَكَ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ، والعُلَماءِ، والصُّلَحاءِ، ثُم وَشَّحَتها بِأشْلاءِ الضُّعَفَاءِ مِن الأبْرِيَاء؛ كَالنِّساءِ، والأَطفَالِ الرُّضَّعِ، والشُّيُوخِ الرُّكَّعِ، دِفَاعًا عَنِ الأقْصَى، وشَرَفِ الْمِلَّةِ، ورَايَةِ الدِّينِ، وكَرَامَةِ البَشَرِيَّة.
بِدَايَتُها شَيخٌ اسـمُه أحمَد يَاسِين؛ المؤَسِّسُ الشَّهِيدُ، نَـحسَبُه! قَعِيدٌ لا يَتَحَرَّك إِلَّا رَأسُهُ فَحَرَّك العَالَـم. وفي صَدْرِهِ هِـمَّةٌ قَعْساءُ، عَجِزَ عنها كُلُّ الملُوكِ والرُّؤسَاءِ مِن الْـحُكّامِ الْـجَرَب! كانَ في شَبابهِ رَجُلًا لَيْسَ بِالطَّويلِ الـمُتَمَدِّدِ، ولا الْقَصيرِ الـمُتَرَدِّدِ، وصَارَ كهْلًا قَد ذهَبَ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ، وبقِيَ خُبْرُهُ وسَبْرُهُ. مثَلَ مُثولَ منْ يسمَعُ وينظُرُ حُلُولَ قَادةِ العَرَبِ في شَأنِ فِلَسطِينَ، والتَقط ما نثَرُوا إلى أن نُفِضَتِ الأكياسُ، وحَصْحَصَ الْيَاسُ، فَأنْشَا حَـمَاس (1407هـ).
أبْنَاؤُه مِن رُؤُوسِ "حَـركَة المقَاوَمَةِ الإسْلامِيّة"؛ سَعِدُوا مِنْه بالدِّينِ الْمَتِينِ، وَلَمْ يَعْمُوا عَنِ الحَقِّ الْمُبِينِ، نَـحسَبُهم. لم يجِدُوا نَـجْدَةً، وخَابَ كُلُّ حَاكِمٍ خَذُولٍ زَنِيمٍ، وَخَوَّارٍ أَثِيم. فاضطُرَّ أهلُ الإِيمانِ والطّهَارَة لأَنْ يَتَـحالَفوا عَلى عَدوِّهم اليَهوديِّ مَع الشِّيعَة. ومِن حقِّهِم في الشَّرِيعَة؛ أن يتَحَالَفوا مَع أَهلِ الكُفرِ وأَصحَابِ العَقَائدِ الشَّنِيعَة. تَسُوسُهُم قَامَاتٌ وُجُوهُهَا حِسَانٌ، ولَكِن نَقَم مِنْهم عَبِيدُ الأمْريكَانِ، لِكُفْرِهِم بِالطُّغيَان.
وَأئِمَّةُ حَـماسٍ ألّفَتْ شمْلَهُمْ أُلفَةَ الأُخوَّة في اللهِ حَتى ساوَتْ بينهُم في الرُّتَبِ، فَلاحُوا مثلَ كَواكِبِ الجوْزاءِ، وبدَوْا كالجُملَةِ الـمُتناسِبَةِ الأجْزاءِ. هُم عَبَاقِرةُ العُلومِ السِّياسيّة، وأئِمَّةُ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّة، تَصْحَبُهُم سَوْدَاوَاتٌ نَوَاطِقُ بِالنَّارِ لتَغْسِلَ العَار!
وأبناءُ حَـماسٍ حَكَمُوا غَزة فِي 1427هـ، فصَارَت لَـهُم بِـها أَنْدِيَةٌ يَنْتَابُها القَوْلُ والفِعْلُ؛ إذ أَفَاضُوا في آدَابِ الأُخُوَّةِ بَينَ أفْرادِ جماعَتِهم لإِحكَامِ مَعَاقِدِهَا الشَّرعيَّةِ. يَتَقَاسُمونَ الأدْوَارَ بِـحِكْمَةٍ بَينَهُم، وَتَحدُوهُم رِسَالَة؛ فلِكُلِّ عَمَلٍ رِجَالٌ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَلِكُلِّ دَارٍ سُكَّانٌ، ولِكُلِّ مَرْحَلَةٍ مُنَظِّرُونَ ومُـخَطِّطُونَ وقَادةٌ وسَاسَةٌ وحُكَّامٌ!
ووِفْق شَريعَةِ الله، تَشَاورُوا مع شَعبِهِم فِي العَيشِ المشتَرَك لِيَضْبِطُوا أُمُورَه، وَفي الأُنْسِ لِيَتَهَادَوْا سُرُورَه، وَفي مَنافعِ النُّورِ لِيَتَقَاضَوْا حُبُورَهُ، وَفي فَائِتِ الحَظِّ ليتَلافَوْا غُبُورَهُ!
واستُشهِدَ منْهُمُ الطَّبيبُ الرَّنتِيسِيُّ، وصلاحُ الدِّين دَروزَة، وجَـمَالُ سَلِيمٍ، وجَـمَالُ مَنْصُورٍ. واستُشهِد في طُوفَانِ الأَقصَى أَحمدُ بَـحر، وصَالِـحُ العَارُورِيُّ، وإِسْماعِيلُ هَنِيَّة، ويحْيَى السِّنْوَار، وجمعٌ مِن البَقِيّةِ، نَحسَبُهم.
فهِمَ قادةُ الجنَاحِ العَسْكَرِيِّ "كتائبِ الشَّهيدِ عِزّ الدِّينِ القَسَّام" عام 1411هـ أنَّ تَأجيلَ القِتالِ وبَالٌ ما دامَ الموتُ واحدًا. عنْدَها استَجمَعوا القُوَّة وعَمَدوا إلى خُطَّةِ "اضرِبِ الجيْشَ بِالجيْشِ يحْظَى شَعبُك بِلَذّةِ العَيْش، في الدُّنيا والآخِرَة".
ذَكَرْتَ لي بفَخرٍ صادِقٍ، يا تَارِيخُ، أنَّ غزَّةَ في الأرْضِ المباركةِ فِلَسطينَ أرْضِ الأنْبِياء. ارتَضَاها هَاشِمٌ جَدُّ النَّبِيِّ ﷺ، وكَانتْ مَهْدَ الشَّافِعِيّ.
بَعدَ احتِلالِ مَثِيلاتِـها بِفِلسْطِينَ، احتلَّها المخَرِّفُونَ بِذِكرِ صُهْيُونَ (1387-1425هـ)، ثم استَبَاحُوهَا اليَومَ يُريدُونَهَا والأَقْصَى أندَلُسًا لا تَعُودُ، كمَا الفِردَوسِ المفقُودِ، وهَيهَاتَ هَيهَاتَ في الأُولى والآخِرَة. ودَلِيلُنا القَاطِعُ، وبُرهَانُنا السَّاطعُ أنَّ طُوفانَ الأَقصَى طَمَّ مِنْها، إذْ لَا حَلَّ إِلّا بِالقِتَالِ؛ ففَضَحَ أدْرَانَ عُلُوِّ اليَهُودِ، وَأَخرَجَ أضْغَانَ كُلِّ عَرَبِي كَنُودٍ، وكَشَفَ الظُّلْمَ في كُلِّ شِبرٍ مِنَ العَالَـم.
فاذكُرْ يَا تارِيخُ في سِجِلِّ العِزَّةِ؛ أنَّ غَزَّةَ كَتَبَتْ سُطُورَكَ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ، والعُلَماءِ، والصُّلَحاءِ، ثُم وَشَّحَتها بِأشْلاءِ الضُّعَفَاءِ مِن الأبْرِيَاء؛ كَالنِّساءِ، والأَطفَالِ الرُّضَّعِ، والشُّيُوخِ الرُّكَّعِ، دِفَاعًا عَنِ الأقْصَى، وشَرَفِ الْمِلَّةِ، ورَايَةِ الدِّينِ، وكَرَامَةِ البَشَرِيَّة.
بِدَايَتُها شَيخٌ اسـمُه أحمَد يَاسِين؛ المؤَسِّسُ الشَّهِيدُ، نَـحسَبُه! قَعِيدٌ لا يَتَحَرَّك إِلَّا رَأسُهُ فَحَرَّك العَالَـم. وفي صَدْرِهِ هِـمَّةٌ قَعْساءُ، عَجِزَ عنها كُلُّ الملُوكِ والرُّؤسَاءِ مِن الْـحُكّامِ الْـجَرَب! كانَ في شَبابهِ رَجُلًا لَيْسَ بِالطَّويلِ الـمُتَمَدِّدِ، ولا الْقَصيرِ الـمُتَرَدِّدِ، وصَارَ كهْلًا قَد ذهَبَ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ، وبقِيَ خُبْرُهُ وسَبْرُهُ. مثَلَ مُثولَ منْ يسمَعُ وينظُرُ حُلُولَ قَادةِ العَرَبِ في شَأنِ فِلَسطِينَ، والتَقط ما نثَرُوا إلى أن نُفِضَتِ الأكياسُ، وحَصْحَصَ الْيَاسُ، فَأنْشَا حَـمَاس (1407هـ).
أبْنَاؤُه مِن رُؤُوسِ "حَـركَة المقَاوَمَةِ الإسْلامِيّة"؛ سَعِدُوا مِنْه بالدِّينِ الْمَتِينِ، وَلَمْ يَعْمُوا عَنِ الحَقِّ الْمُبِينِ، نَـحسَبُهم. لم يجِدُوا نَـجْدَةً، وخَابَ كُلُّ حَاكِمٍ خَذُولٍ زَنِيمٍ، وَخَوَّارٍ أَثِيم. فاضطُرَّ أهلُ الإِيمانِ والطّهَارَة لأَنْ يَتَـحالَفوا عَلى عَدوِّهم اليَهوديِّ مَع الشِّيعَة. ومِن حقِّهِم في الشَّرِيعَة؛ أن يتَحَالَفوا مَع أَهلِ الكُفرِ وأَصحَابِ العَقَائدِ الشَّنِيعَة. تَسُوسُهُم قَامَاتٌ وُجُوهُهَا حِسَانٌ، ولَكِن نَقَم مِنْهم عَبِيدُ الأمْريكَانِ، لِكُفْرِهِم بِالطُّغيَان.
وَأئِمَّةُ حَـماسٍ ألّفَتْ شمْلَهُمْ أُلفَةَ الأُخوَّة في اللهِ حَتى ساوَتْ بينهُم في الرُّتَبِ، فَلاحُوا مثلَ كَواكِبِ الجوْزاءِ، وبدَوْا كالجُملَةِ الـمُتناسِبَةِ الأجْزاءِ. هُم عَبَاقِرةُ العُلومِ السِّياسيّة، وأئِمَّةُ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّة، تَصْحَبُهُم سَوْدَاوَاتٌ نَوَاطِقُ بِالنَّارِ لتَغْسِلَ العَار!
وأبناءُ حَـماسٍ حَكَمُوا غَزة فِي 1427هـ، فصَارَت لَـهُم بِـها أَنْدِيَةٌ يَنْتَابُها القَوْلُ والفِعْلُ؛ إذ أَفَاضُوا في آدَابِ الأُخُوَّةِ بَينَ أفْرادِ جماعَتِهم لإِحكَامِ مَعَاقِدِهَا الشَّرعيَّةِ. يَتَقَاسُمونَ الأدْوَارَ بِـحِكْمَةٍ بَينَهُم، وَتَحدُوهُم رِسَالَة؛ فلِكُلِّ عَمَلٍ رِجَالٌ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَلِكُلِّ دَارٍ سُكَّانٌ، ولِكُلِّ مَرْحَلَةٍ مُنَظِّرُونَ ومُـخَطِّطُونَ وقَادةٌ وسَاسَةٌ وحُكَّامٌ!
ووِفْق شَريعَةِ الله، تَشَاورُوا مع شَعبِهِم فِي العَيشِ المشتَرَك لِيَضْبِطُوا أُمُورَه، وَفي الأُنْسِ لِيَتَهَادَوْا سُرُورَه، وَفي مَنافعِ النُّورِ لِيَتَقَاضَوْا حُبُورَهُ، وَفي فَائِتِ الحَظِّ ليتَلافَوْا غُبُورَهُ!
واستُشهِدَ منْهُمُ الطَّبيبُ الرَّنتِيسِيُّ، وصلاحُ الدِّين دَروزَة، وجَـمَالُ سَلِيمٍ، وجَـمَالُ مَنْصُورٍ. واستُشهِد في طُوفَانِ الأَقصَى أَحمدُ بَـحر، وصَالِـحُ العَارُورِيُّ، وإِسْماعِيلُ هَنِيَّة، ويحْيَى السِّنْوَار، وجمعٌ مِن البَقِيّةِ، نَحسَبُهم.
فهِمَ قادةُ الجنَاحِ العَسْكَرِيِّ "كتائبِ الشَّهيدِ عِزّ الدِّينِ القَسَّام" عام 1411هـ أنَّ تَأجيلَ القِتالِ وبَالٌ ما دامَ الموتُ واحدًا. عنْدَها استَجمَعوا القُوَّة وعَمَدوا إلى خُطَّةِ "اضرِبِ الجيْشَ بِالجيْشِ يحْظَى شَعبُك بِلَذّةِ العَيْش، في الدُّنيا والآخِرَة".
❤15
  إنهُم اختَارُوا طَريقَ الخنَادِقِ والبنَادِقِ، فاحْتَفُروا عَميقَ الأنفَاقِ في شَبَكَاتٍ حيَّرتِ خُبرَاءَ العَسكرِيَّةِ في العَالَـم حَتى صَارُوا يُدرِّسُونَـها في كُلِّياتِـهمُ الْـحَربِيَّة. وادَّخَرُوا السِّلاحَ والعَتَادَ والزَّادَ، حتى إذَا جَاءَ اليَوْمُ الأَسْوَدُ والـمَوْتُ الأَحْمَرُ، رَأَيتَ "كَتَائبَ القَسَّامِ" تَضْربُ اليَهُودَ بِكُلِّ نَارِيٍّ فَتَّاك مِنْ دُونِ الـمَسْجِدِ الأَقصَى، وَتُفَخِّخُ خَرَابَ المبَانِي فتُفَجِّرُ جُـمُوعَهُم، وتُردِي هَارِبَـهُم، وتَـمنَعُ عَنْهُم الإخْلَاءَ! عَيبُهُم أَنَّـهُم أَثْبَتُوا لَلْيَهُودِ نَفْعَ مَا أَلْبَسُوهُ مِن حَفَّاظَاتٍ لِلجُنُود!
بِرُوحِي خَارجًا مِن الأَنْفَاقِ، مُتمَوِّهًا بِالرُّكَامِ، ثم يَعْدُو حَافِيًا نَـحْوَ العَدُوِّ، لَـم يَهُدَّهُ الْـجُوعُ وضُمُورُ الضُّلُوعِ، فيَهجُمُ كالَّليثِ الْـهَصُورِ ويركُبُ رأسَ المركَبَة، فَيَفتَحُ عَلى الجنُودِ بَابَـها ويُلْقِي قُنْبُلتَه، ويَعُودُ عَدْوًا، فَتنْفجِر، وتَتْركُهُم أَشلاءً حَوابِسَ الْـخُرْدَة.
واستشهد في مَعركَةِ الطُّوفانِ مُـحمَّدُ الضِّيف، ونَائبُه مَروَان عِيسَى، نَـحسَبُهم. ومِـمَّن ترَكنَا مِئاتٌ بَل آلَافٌ فَالله يَعْرِفُهُم.
إنَّـهم أَضحَوا مَدرَسةً تَقُود فِكرَ المفَكِّرِينَ في العَالَـم؛ إذ سَحَرُوا اليَسَار وأَقعَدُوا اليَمِينَ. وحَرَّكُوا بَوَاقِي الهنُودِ الحمْرِ، وأيقَظُوا حركَةِ حقُوقِ السُّودِ، ونَبَّهوا الأقَلِّياتِ المضْطهَدَةِ، وشَجَّعوا منَاضِلِي الشَّتاتِ الأندلُسِيِّ والمورِيسْكِيِّ في العَالَـم، وأرشَدُوا المدافِعِينَ عَن حُقوقِ المستضْعَفِينَ، وحَالفُوا المحَارِبينَ لعُلُوِّ المستَكبِرِينَ في الأرْضِ بغَيرَ الحقِّ.
واشرَأَبَّتْ إليْهِم أعنَاقُ ذوِي الأفْكارِ السَّدِيدَةِ في الحقُوقِ البَشَرِيّة والعَدلِ الاجتِمَاعِي. وكَسَبُوا قُلُوبَ الشُّعوبِ المحبَّةِ للسِّلْمِ الدَّولِـيِّ. ونظرتْ بِـفِكرِهِم أَنظَارُ مَلايِينِ الناسِ مِن ذَوِي الـمُـعتقَدات العِديدَةِ في أُمَمٍ شَتَّى، بما يُكسِرُ هَيمَنَةَ العِرْقِ الأُسطُورِيِّ المخْتارِ.
وبِالطُّوفانِ عُرِفَتْ أَوْطانُ أهْلِ غزَّة وفِلَسطِينَ، وفُهِمَتْ أَوطَارُهُم، ودُرِستْ أَطْوارُهُم، وكثُرَتْ أنصارُهُم؛ إذْ فَضَحُوا خَطَرَ دَجَاجِلَةِ صُهْيُونَ عَلى البَشَرِيّة في المالِ والمآلِ، وَفي الاقتِصادِ، والسِّياسَةِ، والحرْبِ، والإعْلامِ، والفِكرِ، والعِلمِ، والتعْلِيمِ، والأعرَاقِ.
وغدَا رِجالُ غَزَّةَ أُمَناءَ الأَقْصى بَدَلَ المنَافِقِينَ، وأُعيدَتْ مَكانَةُ الأقْصَى إلى قَلْبِ فَلسْطِينَ بَعدَ مَكْرِ الماكِرِينَ، وأصَبحتْ فِلَسطِينُ عاصِمَةَ أحْرَارِ العَالم.
ومِنهُم أبو عُبيدَة؛ هذَا الذِي في الشَّرْقِ يُذْكَرُ، وفي الغَرْبِ لا يُنْكَرُ؛ وهُوَ مِنْ غزَّةَ الأَبِيَّة، مِنْ نَبْعَةٍ فِيهِمْ زَكِيَّة، نَـحسَبُه. وَدُونَ وجْهِهِ لِثَامٌ، لاَ تُميطُهُ الأَعْلاَمُ. إنَّه ابْنُ حُرَّةٍ؛ يطلُعُ عَلَى النَّاسِ طُلُوعَ الشَّمسِ، وَيغرُبُ عَنهم كَغُرُوبِها، لكِنَّهُ إن غَابَ لمْ يَغِبْ تَذْكارُهُ عَن أخبَارِ العَالَـم. إنَّهُ لَذُو أَنْفٍ وذُو أَنَفٍ، مَع صَدْرٍ لاَ يَبْرَحُهُ القَلْبُ، ولاَ يَسْكُنُهُ الرُّعْبُ. يَفْتَتِحُ الْكَلامَ بِالسَّلامِ، وَتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، ثُم يُفيضُ في حَديثِ الجهادِ والاسْتِشْهادِ بما يَبُثُّ في قُلوبِ جَيشِ اليَهودِ الإِرْعَاد! لا فُضَّ فُوه، ولا عاشَ مَن يَهجُوهُ. مَا يَحْرُمُ السُّكُوتُ إِلاَّ عَلَيْه، وَلا يَحِقُّ النُّطْقُ إِلاَّ لَه. وأَسَأَلُ اللهَ بَقَاءَهُ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي لِقَاءَهُ!
يا أَعدَاءَ الجِهَادِ في غَزّة وفِلَسطِين، أعْني المتَستِّرينَ بالسُّنة، والمتتَرِّسِين بالسّلَف وهُم مِنهُم بَراء! يَا أصْحابَ الدَّاءِ الدَّوِيِّ، تَنْتَحلُون زِيَّ العُلَماءِ وأنتُم مُعلِّمونَ مُتقاعِدُون مِن التَّعلِيم الابتِدَائيَّ! يَا أَعْدَاءَ القُرآنِ وَالحديثِ النَّبويّ، أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ تَسْتَهْزِئُونَ؟! إِنَّما مَرَقتُم بافْتِئاتِكُم خَبَثَ الحَديثِ، وأَنْتُمْ خَبَثُ الخَبِيثِ.
يا عَبدَ العَبيدِ، مَالَكَ لاَ أَبَا لَكَ؟ يَا ركَائِبَ العَلمانِـجِيِّين، وزَرَابي الحاكِمِينَ الظَّالِـمينَ، ومَخَابِيثَ الملُوكِ المتَأَمرِكِين، تَرَوْنَ رَأَيَهُمْ وتَأتَـمِرونَ بأمْرهِم إذْ خَصَّصُوكُم لِقِتَالَ المؤمِنِين! فَهاتِ هَاتِ يا أَخا التُرّهاتِ؛ إنَّك لَأحْيَرُ مِن ضَبٍّ، وأذْهَلُ مِن صَبٍّ. يا ضَعيفَ الثّقةِ بأهلِ الْـمِقَةِ، عَدِّ عَمَّا أَخْطَرْتَهُ بالَكَ! ولا حَيَّاكم اللهُ، فمَا كُلُّ واحِدٍ منكُم وَاللهِ إِلاَّ شَيْطَانٌ فِي أَشْطَانٍ!
بِرُوحِي خَارجًا مِن الأَنْفَاقِ، مُتمَوِّهًا بِالرُّكَامِ، ثم يَعْدُو حَافِيًا نَـحْوَ العَدُوِّ، لَـم يَهُدَّهُ الْـجُوعُ وضُمُورُ الضُّلُوعِ، فيَهجُمُ كالَّليثِ الْـهَصُورِ ويركُبُ رأسَ المركَبَة، فَيَفتَحُ عَلى الجنُودِ بَابَـها ويُلْقِي قُنْبُلتَه، ويَعُودُ عَدْوًا، فَتنْفجِر، وتَتْركُهُم أَشلاءً حَوابِسَ الْـخُرْدَة.
واستشهد في مَعركَةِ الطُّوفانِ مُـحمَّدُ الضِّيف، ونَائبُه مَروَان عِيسَى، نَـحسَبُهم. ومِـمَّن ترَكنَا مِئاتٌ بَل آلَافٌ فَالله يَعْرِفُهُم.
إنَّـهم أَضحَوا مَدرَسةً تَقُود فِكرَ المفَكِّرِينَ في العَالَـم؛ إذ سَحَرُوا اليَسَار وأَقعَدُوا اليَمِينَ. وحَرَّكُوا بَوَاقِي الهنُودِ الحمْرِ، وأيقَظُوا حركَةِ حقُوقِ السُّودِ، ونَبَّهوا الأقَلِّياتِ المضْطهَدَةِ، وشَجَّعوا منَاضِلِي الشَّتاتِ الأندلُسِيِّ والمورِيسْكِيِّ في العَالَـم، وأرشَدُوا المدافِعِينَ عَن حُقوقِ المستضْعَفِينَ، وحَالفُوا المحَارِبينَ لعُلُوِّ المستَكبِرِينَ في الأرْضِ بغَيرَ الحقِّ.
واشرَأَبَّتْ إليْهِم أعنَاقُ ذوِي الأفْكارِ السَّدِيدَةِ في الحقُوقِ البَشَرِيّة والعَدلِ الاجتِمَاعِي. وكَسَبُوا قُلُوبَ الشُّعوبِ المحبَّةِ للسِّلْمِ الدَّولِـيِّ. ونظرتْ بِـفِكرِهِم أَنظَارُ مَلايِينِ الناسِ مِن ذَوِي الـمُـعتقَدات العِديدَةِ في أُمَمٍ شَتَّى، بما يُكسِرُ هَيمَنَةَ العِرْقِ الأُسطُورِيِّ المخْتارِ.
وبِالطُّوفانِ عُرِفَتْ أَوْطانُ أهْلِ غزَّة وفِلَسطِينَ، وفُهِمَتْ أَوطَارُهُم، ودُرِستْ أَطْوارُهُم، وكثُرَتْ أنصارُهُم؛ إذْ فَضَحُوا خَطَرَ دَجَاجِلَةِ صُهْيُونَ عَلى البَشَرِيّة في المالِ والمآلِ، وَفي الاقتِصادِ، والسِّياسَةِ، والحرْبِ، والإعْلامِ، والفِكرِ، والعِلمِ، والتعْلِيمِ، والأعرَاقِ.
وغدَا رِجالُ غَزَّةَ أُمَناءَ الأَقْصى بَدَلَ المنَافِقِينَ، وأُعيدَتْ مَكانَةُ الأقْصَى إلى قَلْبِ فَلسْطِينَ بَعدَ مَكْرِ الماكِرِينَ، وأصَبحتْ فِلَسطِينُ عاصِمَةَ أحْرَارِ العَالم.
ومِنهُم أبو عُبيدَة؛ هذَا الذِي في الشَّرْقِ يُذْكَرُ، وفي الغَرْبِ لا يُنْكَرُ؛ وهُوَ مِنْ غزَّةَ الأَبِيَّة، مِنْ نَبْعَةٍ فِيهِمْ زَكِيَّة، نَـحسَبُه. وَدُونَ وجْهِهِ لِثَامٌ، لاَ تُميطُهُ الأَعْلاَمُ. إنَّه ابْنُ حُرَّةٍ؛ يطلُعُ عَلَى النَّاسِ طُلُوعَ الشَّمسِ، وَيغرُبُ عَنهم كَغُرُوبِها، لكِنَّهُ إن غَابَ لمْ يَغِبْ تَذْكارُهُ عَن أخبَارِ العَالَـم. إنَّهُ لَذُو أَنْفٍ وذُو أَنَفٍ، مَع صَدْرٍ لاَ يَبْرَحُهُ القَلْبُ، ولاَ يَسْكُنُهُ الرُّعْبُ. يَفْتَتِحُ الْكَلامَ بِالسَّلامِ، وَتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، ثُم يُفيضُ في حَديثِ الجهادِ والاسْتِشْهادِ بما يَبُثُّ في قُلوبِ جَيشِ اليَهودِ الإِرْعَاد! لا فُضَّ فُوه، ولا عاشَ مَن يَهجُوهُ. مَا يَحْرُمُ السُّكُوتُ إِلاَّ عَلَيْه، وَلا يَحِقُّ النُّطْقُ إِلاَّ لَه. وأَسَأَلُ اللهَ بَقَاءَهُ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي لِقَاءَهُ!
يا أَعدَاءَ الجِهَادِ في غَزّة وفِلَسطِين، أعْني المتَستِّرينَ بالسُّنة، والمتتَرِّسِين بالسّلَف وهُم مِنهُم بَراء! يَا أصْحابَ الدَّاءِ الدَّوِيِّ، تَنْتَحلُون زِيَّ العُلَماءِ وأنتُم مُعلِّمونَ مُتقاعِدُون مِن التَّعلِيم الابتِدَائيَّ! يَا أَعْدَاءَ القُرآنِ وَالحديثِ النَّبويّ، أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ تَسْتَهْزِئُونَ؟! إِنَّما مَرَقتُم بافْتِئاتِكُم خَبَثَ الحَديثِ، وأَنْتُمْ خَبَثُ الخَبِيثِ.
يا عَبدَ العَبيدِ، مَالَكَ لاَ أَبَا لَكَ؟ يَا ركَائِبَ العَلمانِـجِيِّين، وزَرَابي الحاكِمِينَ الظَّالِـمينَ، ومَخَابِيثَ الملُوكِ المتَأَمرِكِين، تَرَوْنَ رَأَيَهُمْ وتَأتَـمِرونَ بأمْرهِم إذْ خَصَّصُوكُم لِقِتَالَ المؤمِنِين! فَهاتِ هَاتِ يا أَخا التُرّهاتِ؛ إنَّك لَأحْيَرُ مِن ضَبٍّ، وأذْهَلُ مِن صَبٍّ. يا ضَعيفَ الثّقةِ بأهلِ الْـمِقَةِ، عَدِّ عَمَّا أَخْطَرْتَهُ بالَكَ! ولا حَيَّاكم اللهُ، فمَا كُلُّ واحِدٍ منكُم وَاللهِ إِلاَّ شَيْطَانٌ فِي أَشْطَانٍ!
❤12
  إنَّ مِن أَهلِ غَزَّة مَن رَأَى حَبيبَهُ أو قَريبَه الشَّهيدَ فِي الـمَنَامِ، كالشَّمْسِ تَحْتَ الغَمامِ، وَالبَدْرِ لَيْلَ التَّمَامِ، يَسِيرُ وَالنُّجُومُ تتَبْعَهُ، ويَسْحَبُ الذَّيْلَ والـمَلائِكَةُ تَرْفَعُهُ!
ومِنهُم الأشْيَبُ الْكَثُّ العُثْنُونِ، يَتْلُوهُ صِغَارٌ فِي أَطْمارٍ، وقد خَلَّفَ أُمَّ مَثْوَاهُ وَزُغْلوُلًا لَه معَها، لا يَدرِي مَتى يَعُودُ ولا أَينَ يؤُوبُ!
ومِنهُم العَجُوزُ الذِي حَنَى الدّهرُ صَعْدَتَهُ، وبلّلَ القَطْرُ بُردَتَهُ لكنَّه يَبِيتُ حَليفَ إفْلاسٍ، ونَجِيَّ وسْواسٍ حَتَّى إِذَا مَا بلَغَ الهزِيعَ الأخِيرَ مِن الَّليلِ، شـمَّـرَ الذّيْلَ، وبَادرَ السّيْلَ حَتَّى لا يَغرقَ الصِّغارُ النَّائمُونَ في الخِيام.
ومِنهُم العَاجزُ الذِي آنَسَ مِنْ أَهلِه الإثْقال فَأرَاد التَّخفِيفَ فظَعَنَ عَنْهُم سِرّاً، وهَلُمّ جَرّاً، فمَا يُعْرَفُ أَحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ، أَم أَودَعَتْه رَاجِـمَاتُ اليَهُودِ اللّحْدَ البَلْقَعَ؟
ومِنهُم مَن سَرَّحْنَ الطَّرْفَ فِي حَيٍّ كَمَيْتٍ، وَبَيْتٍ كلاَ بَيْتٍ، وَقلَّبْنَ الأَكُفَّ عَلَى لَيْتَ، فَفَضَضْنَ عُقَدَ الضُّلُوعِ، وَأَفَضْنَ مَاءَ الدُّمُوعِ، وَتَدَاعَيْنَ بِاسْمِ الجُوعِ. وَقَدْ صَهَرَتِ الهَاجِرَةُ الأَبْدَانَ، وَرَكِبَتِ الجَنَادِبُ الْعِيدَانَ.
ومنْهم الـمُرمِلُ، وقد دَجا جُنْحُ الظّلامِ الـمُسْبل، نِضْوُ سُرًى، خابِطُ ليْلٍ ألْيَلِ، ولَيسَ لَهُ في الأَرْضِ مِنْ مَوْئِلِ، وهْوَ مِنَ الحَيرَةِ في تملْمُل، جَوِيَ الحَشَى عَلى الطَّوَى مُشتَمِلٍ.
ومنهم ذُو مَجاعَةٍ وبوسَى، طارَتِ السِّنَةُ عنْ مآقِيهِ، إذْ أَحسَّ عَضَّةَ الْـجُوعِ التي حالَتْ دُونَ الهُجوعِ، فنهَضَ حينَ سَجَا الدُجَى، عَلى مَا بهِ مِنَ الوَجَى، يتَفَقَّدُ جِرابًا كفُؤادِ أمِّ مُوسَى.
وغزَّةُ اليومَ مَاؤُهَا هَضُومٌ، وَفَقِيرُهَا مَهْضُومٌ كَدَّهُ الجُوعُ، وَغَرِيبٌ نِضْوُهُ طَلِيحٌ، وَعَيْشُهُ تَبْرِيحٌ، وَمِنْ دُونِ فِرَاخِهِ مَهَامِهٌ فِيحٌ ولا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ بَعدَما فَصَلَ عنْهُم بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ، ودُموعٍ مَرْفُوضَةٍ.
ثُمَّ إِنَّهم يَا إخْوتِي اعْتَاضُوا بِالنَّوْمِ السَّهَر، وبالإِقامَةِ السَّفَرَ، تَتَرَامى بِـهِم الـمَرَامِي، وتَتَهَادَى بِـهِم الـمَوَامِي، إذْ قَلَعَتْهمْ طَائراتُ اليَهودِ قَلْعَ الصَّمْغَةِ، فَجَعلتْهُم وقَد أَصْبَحَ كلُّ واحدٍ منهُم فَارِغَ الفِناءِ، صَفِرِ الإِنَاءِ، ما لهُ إِلَّا كَآبَةَ الأَسْفارِ. إنهم يُعَانُون الفَقْرَ، وأمَاني الْقَفْرَ، فِراشُهُم الْمَدَرُ، وَوِسَادُهُم الحَجَر، وقَد كَانوا أغْنِياء!
ومما رَأيْناهُ في قَنواتِ التِّلفازِ رَجُلًا فِي طِمْرَيْنِ، فِي يُمْنَاهُ عُكَّازَةٌ، وَعَلى كَتِفَيْهِ كِيسٌ أَسْوَد يَـحوِي جِنَازةٌ، يَصِيحُ صَيْحَاتٍ تكَادُ الأَرْضُ لهَا تَنْفَطِرُ، وَالنُّجُومُ تَنْكَدِرُ!
يا مُسلِم، هذَا أخُوك، مَهْزُولٌ كَرِيب، سَاقهُ إليكَ الضُّرُّ، وَالْعَيْشُ الـمُرُّ؛ أَخُو تَرحَالٍ يَومِيّ، جَوَّابُ أَرْضٍ، طَلَع مِنْ مَسكَنهِ طُلُوعَ الشَّارِدِ، وَنَفَر نِفَارَ الْآبِدِ، يَفْرِي الْمَسَالِكَ كُلَّ صَبَاح، وَيقْتَفِرُ الـمَهَالِكَ كُلَّ مسَاء.
إنَّه إِلَيكَ وَافِدُ الِامتِحانِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرٌّ قَادَهُ الضُّرُّ، والظُّلمُ الـمُرُّ. وهُو أَخُوكَ في الإِسْلامِ بَلْه النَّسَب الكَبير، يَسْتَعْدِيكَ عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ الـمَرْقُوعِ. وَهُو غَرِيبٌ أُوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَتْ نابِـحاتُ اليَهودِ عَلَى أَثَرِهِ، وَكَنَسَتِ القَاصِفَاتُ بَعْدَهُ العَرَصاتُ.
إنهُ مريضٌ لم يسلَم في مَشْفاهُ مِن القَصفِ الجوِّيِّ؛ خُطفَ الطَّبِيبُ، وقُتِل المسْعِف، ونَفَد الدَّوَاءُ، في هَذا الحِصَار! يَتَصَلَّى نَارَ الصَّبْرِ عَلى العَمَليَّةِ الجِراحِيّةِ دُونَ تَـخدِيرٍ وَيَتَصَلَّبُ، وَيَتَقَلَّى عَلى جَمْرِ مُداهَـمَاتِ القَتلِ كلَّ حِينٍ ويَتَقَلَّبُ، وَلْيَس لَه إِلاَّ الصَّبْرُ أَوِ الْقَبْرُ!
ولَقدْ بَلَوْا مِنَ الـمَصَائِبِ والْـخُطُوب ما لَـمْ يَرَهُ الرَّاؤُونَ، وَلا رَوَاهُ الرَّاوُونَ.
يا مُسلِمُون، هؤُلاءِ إخْوانُكُم، عَلى الرُّغم مِنَ الضُّرِّ، رَابَطوا في دِيارِهِم، فلَزِمُوا أَرْضَهُم، صِيِانَةً لِعَرْضِهم!
إِنهُم مَا هَانُوا حَيْثُ كَانُوا، فَلا يُزْرِيَنَّ بِهمْ عِنْدكُمْ ما تَرَوْنَهُ مِن أَسَمَالِـهِم وأَطْمارِهِم؛ فَلَقَدْ كَانوا وَاللهِ مِنْ أَهْلِ ثَمٍّ وَرَمٍّ، سَعِيدُونَ بما يَـملِكُون، في حَـمدٍ وشُكْر، يَشتَرونَ كُلَّ خَيرٍ في الصَّباحِ ويَبِيعُونَ رَابحِينَ عِندَ الرَّواحِ! كان عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِم، وَعِنْدَ الـمُقِلَّينَ السَّمَاحَةُ والبَذْلُ!
ومِنهُم الأشْيَبُ الْكَثُّ العُثْنُونِ، يَتْلُوهُ صِغَارٌ فِي أَطْمارٍ، وقد خَلَّفَ أُمَّ مَثْوَاهُ وَزُغْلوُلًا لَه معَها، لا يَدرِي مَتى يَعُودُ ولا أَينَ يؤُوبُ!
ومِنهُم العَجُوزُ الذِي حَنَى الدّهرُ صَعْدَتَهُ، وبلّلَ القَطْرُ بُردَتَهُ لكنَّه يَبِيتُ حَليفَ إفْلاسٍ، ونَجِيَّ وسْواسٍ حَتَّى إِذَا مَا بلَغَ الهزِيعَ الأخِيرَ مِن الَّليلِ، شـمَّـرَ الذّيْلَ، وبَادرَ السّيْلَ حَتَّى لا يَغرقَ الصِّغارُ النَّائمُونَ في الخِيام.
ومِنهُم العَاجزُ الذِي آنَسَ مِنْ أَهلِه الإثْقال فَأرَاد التَّخفِيفَ فظَعَنَ عَنْهُم سِرّاً، وهَلُمّ جَرّاً، فمَا يُعْرَفُ أَحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ، أَم أَودَعَتْه رَاجِـمَاتُ اليَهُودِ اللّحْدَ البَلْقَعَ؟
ومِنهُم مَن سَرَّحْنَ الطَّرْفَ فِي حَيٍّ كَمَيْتٍ، وَبَيْتٍ كلاَ بَيْتٍ، وَقلَّبْنَ الأَكُفَّ عَلَى لَيْتَ، فَفَضَضْنَ عُقَدَ الضُّلُوعِ، وَأَفَضْنَ مَاءَ الدُّمُوعِ، وَتَدَاعَيْنَ بِاسْمِ الجُوعِ. وَقَدْ صَهَرَتِ الهَاجِرَةُ الأَبْدَانَ، وَرَكِبَتِ الجَنَادِبُ الْعِيدَانَ.
ومنْهم الـمُرمِلُ، وقد دَجا جُنْحُ الظّلامِ الـمُسْبل، نِضْوُ سُرًى، خابِطُ ليْلٍ ألْيَلِ، ولَيسَ لَهُ في الأَرْضِ مِنْ مَوْئِلِ، وهْوَ مِنَ الحَيرَةِ في تملْمُل، جَوِيَ الحَشَى عَلى الطَّوَى مُشتَمِلٍ.
ومنهم ذُو مَجاعَةٍ وبوسَى، طارَتِ السِّنَةُ عنْ مآقِيهِ، إذْ أَحسَّ عَضَّةَ الْـجُوعِ التي حالَتْ دُونَ الهُجوعِ، فنهَضَ حينَ سَجَا الدُجَى، عَلى مَا بهِ مِنَ الوَجَى، يتَفَقَّدُ جِرابًا كفُؤادِ أمِّ مُوسَى.
وغزَّةُ اليومَ مَاؤُهَا هَضُومٌ، وَفَقِيرُهَا مَهْضُومٌ كَدَّهُ الجُوعُ، وَغَرِيبٌ نِضْوُهُ طَلِيحٌ، وَعَيْشُهُ تَبْرِيحٌ، وَمِنْ دُونِ فِرَاخِهِ مَهَامِهٌ فِيحٌ ولا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ بَعدَما فَصَلَ عنْهُم بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ، ودُموعٍ مَرْفُوضَةٍ.
ثُمَّ إِنَّهم يَا إخْوتِي اعْتَاضُوا بِالنَّوْمِ السَّهَر، وبالإِقامَةِ السَّفَرَ، تَتَرَامى بِـهِم الـمَرَامِي، وتَتَهَادَى بِـهِم الـمَوَامِي، إذْ قَلَعَتْهمْ طَائراتُ اليَهودِ قَلْعَ الصَّمْغَةِ، فَجَعلتْهُم وقَد أَصْبَحَ كلُّ واحدٍ منهُم فَارِغَ الفِناءِ، صَفِرِ الإِنَاءِ، ما لهُ إِلَّا كَآبَةَ الأَسْفارِ. إنهم يُعَانُون الفَقْرَ، وأمَاني الْقَفْرَ، فِراشُهُم الْمَدَرُ، وَوِسَادُهُم الحَجَر، وقَد كَانوا أغْنِياء!
ومما رَأيْناهُ في قَنواتِ التِّلفازِ رَجُلًا فِي طِمْرَيْنِ، فِي يُمْنَاهُ عُكَّازَةٌ، وَعَلى كَتِفَيْهِ كِيسٌ أَسْوَد يَـحوِي جِنَازةٌ، يَصِيحُ صَيْحَاتٍ تكَادُ الأَرْضُ لهَا تَنْفَطِرُ، وَالنُّجُومُ تَنْكَدِرُ!
يا مُسلِم، هذَا أخُوك، مَهْزُولٌ كَرِيب، سَاقهُ إليكَ الضُّرُّ، وَالْعَيْشُ الـمُرُّ؛ أَخُو تَرحَالٍ يَومِيّ، جَوَّابُ أَرْضٍ، طَلَع مِنْ مَسكَنهِ طُلُوعَ الشَّارِدِ، وَنَفَر نِفَارَ الْآبِدِ، يَفْرِي الْمَسَالِكَ كُلَّ صَبَاح، وَيقْتَفِرُ الـمَهَالِكَ كُلَّ مسَاء.
إنَّه إِلَيكَ وَافِدُ الِامتِحانِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرٌّ قَادَهُ الضُّرُّ، والظُّلمُ الـمُرُّ. وهُو أَخُوكَ في الإِسْلامِ بَلْه النَّسَب الكَبير، يَسْتَعْدِيكَ عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ الـمَرْقُوعِ. وَهُو غَرِيبٌ أُوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَتْ نابِـحاتُ اليَهودِ عَلَى أَثَرِهِ، وَكَنَسَتِ القَاصِفَاتُ بَعْدَهُ العَرَصاتُ.
إنهُ مريضٌ لم يسلَم في مَشْفاهُ مِن القَصفِ الجوِّيِّ؛ خُطفَ الطَّبِيبُ، وقُتِل المسْعِف، ونَفَد الدَّوَاءُ، في هَذا الحِصَار! يَتَصَلَّى نَارَ الصَّبْرِ عَلى العَمَليَّةِ الجِراحِيّةِ دُونَ تَـخدِيرٍ وَيَتَصَلَّبُ، وَيَتَقَلَّى عَلى جَمْرِ مُداهَـمَاتِ القَتلِ كلَّ حِينٍ ويَتَقَلَّبُ، وَلْيَس لَه إِلاَّ الصَّبْرُ أَوِ الْقَبْرُ!
ولَقدْ بَلَوْا مِنَ الـمَصَائِبِ والْـخُطُوب ما لَـمْ يَرَهُ الرَّاؤُونَ، وَلا رَوَاهُ الرَّاوُونَ.
يا مُسلِمُون، هؤُلاءِ إخْوانُكُم، عَلى الرُّغم مِنَ الضُّرِّ، رَابَطوا في دِيارِهِم، فلَزِمُوا أَرْضَهُم، صِيِانَةً لِعَرْضِهم!
إِنهُم مَا هَانُوا حَيْثُ كَانُوا، فَلا يُزْرِيَنَّ بِهمْ عِنْدكُمْ ما تَرَوْنَهُ مِن أَسَمَالِـهِم وأَطْمارِهِم؛ فَلَقَدْ كَانوا وَاللهِ مِنْ أَهْلِ ثَمٍّ وَرَمٍّ، سَعِيدُونَ بما يَـملِكُون، في حَـمدٍ وشُكْر، يَشتَرونَ كُلَّ خَيرٍ في الصَّباحِ ويَبِيعُونَ رَابحِينَ عِندَ الرَّواحِ! كان عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِم، وَعِنْدَ الـمُقِلَّينَ السَّمَاحَةُ والبَذْلُ!
❤13
  ولقَدْ هَبَّتْ بِهِمْ إِلَيْكُمْ رِيحُ الاِحْتِيَاجِ، وَنَسِيمُ الإِلْفَاجِ، فَانْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ لِأنْقَاضٍ خَارِجةٍ مِن تَحتِ الأَنْقَاضِ، هَدَّتْهُم الحَاجَةُ، وَكَدَّتْهُم الْفَاقَةُ، وتَقَاذَفَتْ بِهِم أوَامِرُ الإخْلاءِ اليَهودِيّة؛ فَهُم شُعثٌ غُبْر. 
أما جُبناءُ العُلماءِ الذينَ لمْ يَنطِقوا بحُلوَةٍ ولا مُرّةٍ، ولا فاهُوا فَوْهَةَ ابنِ أمَةٍ ولا حُرّةٍ، فَعَلَى المسلِمِينَ أَنْ يَضرِبُوا عَنهُم صَفْحاً، وقُبْحاً لِصَمْتِهم وشُقْحًا. إنَّـهم زَوَامِلُ الأَسْفَارِ، وأحْلاسُ الصَّغَار، عَبِيدُ الجِرَايَاتِ الشّهرِيَّة بِالدِّرْهَم والدِّينَارِ. مَاذَا عَليهِم لَو كَانُوا أُولُو بَقِيَّة، لا يُهْمِلُون فِقْهَ السَّرِيَّة، يَطرُدُونَ مِن صُدُورِهم قُلُوبَ الرَّعَادِيدَ، ويَسِيرُونَ بِالمسلِمينَ سَيرَ الصَّنادِيد، فَيُصدرُ جَمعُهم فُتْيا أَبْطَالٍ يحْتَذِيها فُقهاءُ القِتَال! أَلَيسَ إِمامُنا أَمَامَنا؟!
وَيلٌ لِفِلسطِينَ ولِلعَرَبِ مِن الْـحُكَّامِ الجرَب! ها قَد اجتَمَعوا في "جامِعةِ الدوَلِ العَرَبية"، أعْدادُ جُيوشِهِم بِالملايِينِ تَرأَسُها النَّياشِين، وأسْلحَتُهم خَطيرَةٌ وَفِيرَة، ذَخَرُوها لِمُدافَعَة العَدُوّ بِزعْمِهِم. مِنهُمُ المطبِّعُون، ومِنهُم المتَّبِعُون، ومِنهُم دُونَ ذَلك. وأجمَعُوا على نُكْرِ العَدوّ ومَكرِهِ، وتَلاوَمُوا عَلى الاغتِرارِ بإفْكِهِ، وتعَاهَدُوا كَذِبًا عَلَى ترْكِهِ، ثمّ إنَّهُم بَعدَها تَفرَّقوا بِوُجوهٍ باسِرَةٍ، وصَفقَةٍ خَاسِرةٍ!
حَقِيقٌ عَلَيَّ أَلَّا أَقُولَ غَيْرَ الحَقّ، وَلا أَشْهَدَ إِلاَّ بِالصِّدْقِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِبِشَاَرةٍ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّة، أنَّ الله تَعَالى سَيُطَهِّرَ الـمَسْجدَ الأقْصَى مِنْ رِجسِ اليَهُودِ، ومِن كُلِّ نَذْلٍ يَنقُضُ عَنِ القُدسِ وفِلَسطينَ العُهُود.
وحيَّا اللهُ أَهْلَ النَّجدَةِ، وأَخُصُّ مِنهُم حَرائرَ الإِحْسَانِ في عِدَّةِ بُلدانٍ مِن بِلادِ الإِسلامِ؛ فإِنَّ الـمَكَارِمَ في هذِه الغُصَّة أَسْفَرَتْ عَنْ أَوْجُهٍ مِنهُنَّ بِيضٍ، وَكَانَ الخَالُ في وَجَنَاتِهَا!
أَلا إنَّ مَنْ بَصَّرَ مَا قَصَّرَ، ومَنْ حذَّرَ كمَنْ بَشَّرَ، ومَنْ أَنذَرَ فقَدْ أَعْذَرَ!
يَا مُسلِمُ، إِنِّي قَدْ أَسْمَعْتُ وَأَبْلَغْتُ، فَإِنْ قَبِلْتَ فَاللهُ حَسْبُكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ فاَللهُ حَسِيبُكَ.
وإني مَا ذكرتُ لكَ إلا التّحقيقَ، وكتَبه ابنُ الأحمرِ معذرةً إلى ربِّه، وباللهِ التوْفيقُ.
أما جُبناءُ العُلماءِ الذينَ لمْ يَنطِقوا بحُلوَةٍ ولا مُرّةٍ، ولا فاهُوا فَوْهَةَ ابنِ أمَةٍ ولا حُرّةٍ، فَعَلَى المسلِمِينَ أَنْ يَضرِبُوا عَنهُم صَفْحاً، وقُبْحاً لِصَمْتِهم وشُقْحًا. إنَّـهم زَوَامِلُ الأَسْفَارِ، وأحْلاسُ الصَّغَار، عَبِيدُ الجِرَايَاتِ الشّهرِيَّة بِالدِّرْهَم والدِّينَارِ. مَاذَا عَليهِم لَو كَانُوا أُولُو بَقِيَّة، لا يُهْمِلُون فِقْهَ السَّرِيَّة، يَطرُدُونَ مِن صُدُورِهم قُلُوبَ الرَّعَادِيدَ، ويَسِيرُونَ بِالمسلِمينَ سَيرَ الصَّنادِيد، فَيُصدرُ جَمعُهم فُتْيا أَبْطَالٍ يحْتَذِيها فُقهاءُ القِتَال! أَلَيسَ إِمامُنا أَمَامَنا؟!
وَيلٌ لِفِلسطِينَ ولِلعَرَبِ مِن الْـحُكَّامِ الجرَب! ها قَد اجتَمَعوا في "جامِعةِ الدوَلِ العَرَبية"، أعْدادُ جُيوشِهِم بِالملايِينِ تَرأَسُها النَّياشِين، وأسْلحَتُهم خَطيرَةٌ وَفِيرَة، ذَخَرُوها لِمُدافَعَة العَدُوّ بِزعْمِهِم. مِنهُمُ المطبِّعُون، ومِنهُم المتَّبِعُون، ومِنهُم دُونَ ذَلك. وأجمَعُوا على نُكْرِ العَدوّ ومَكرِهِ، وتَلاوَمُوا عَلى الاغتِرارِ بإفْكِهِ، وتعَاهَدُوا كَذِبًا عَلَى ترْكِهِ، ثمّ إنَّهُم بَعدَها تَفرَّقوا بِوُجوهٍ باسِرَةٍ، وصَفقَةٍ خَاسِرةٍ!
حَقِيقٌ عَلَيَّ أَلَّا أَقُولَ غَيْرَ الحَقّ، وَلا أَشْهَدَ إِلاَّ بِالصِّدْقِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِبِشَاَرةٍ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّة، أنَّ الله تَعَالى سَيُطَهِّرَ الـمَسْجدَ الأقْصَى مِنْ رِجسِ اليَهُودِ، ومِن كُلِّ نَذْلٍ يَنقُضُ عَنِ القُدسِ وفِلَسطينَ العُهُود.
وحيَّا اللهُ أَهْلَ النَّجدَةِ، وأَخُصُّ مِنهُم حَرائرَ الإِحْسَانِ في عِدَّةِ بُلدانٍ مِن بِلادِ الإِسلامِ؛ فإِنَّ الـمَكَارِمَ في هذِه الغُصَّة أَسْفَرَتْ عَنْ أَوْجُهٍ مِنهُنَّ بِيضٍ، وَكَانَ الخَالُ في وَجَنَاتِهَا!
أَلا إنَّ مَنْ بَصَّرَ مَا قَصَّرَ، ومَنْ حذَّرَ كمَنْ بَشَّرَ، ومَنْ أَنذَرَ فقَدْ أَعْذَرَ!
يَا مُسلِمُ، إِنِّي قَدْ أَسْمَعْتُ وَأَبْلَغْتُ، فَإِنْ قَبِلْتَ فَاللهُ حَسْبُكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ فاَللهُ حَسِيبُكَ.
وإني مَا ذكرتُ لكَ إلا التّحقيقَ، وكتَبه ابنُ الأحمرِ معذرةً إلى ربِّه، وباللهِ التوْفيقُ.
❤15
  يتعرض المسلمون في الهند إلى العديد من التهـ.ـديدات، التي تقوم بها التيارات العنصـ.ـرية الهندوسية، وتتمثل في السعي إلى القضاء على الأحوال الشخصية؛ لقد أراد التطـ.ـرّف الهنـ.ـدوسي للمواطنين غير الهندوس الذين يسكنون الهند أن يغيروا أنفسهم تغييرًا ثقافيًّا هندوسيًّا، ولا يحق لهم أن يطالبوا بأي حق ولا امتياز يخص دينهم.
من مقال: أديان باطلة (3) - عقائد الهند نموذجاً
بقلم: الشيخ فرج كُندي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في ليبيا
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/m40afr/
من مقال: أديان باطلة (3) - عقائد الهند نموذجاً
بقلم: الشيخ فرج كُندي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في ليبيا
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/m40afr/
❤15
  هو سيد بن قطب بن إبراهيم بن حسن الشاذلي. وُلد في 9/10/1906م، (التاسع من شهر أكتوبر عام ست وتسعمائة وألف للميلاد) بقرية موشا، إحدى قرى محافظة أسيوط. كان الابن الأول لأمه بعد أخت شقيقة تكبره بثلاث سنوات وأخ من أبيه غير شقيق يكبره بجيل كامل. أحدث مولده حدثاً سعيداً لأمه بصفة خاصة لأنه طمأنها على استمرار واستقرار حياتها الزوجية، ولا سيما أنها الزوجة الوحيدة لأبيه الذي ينتمي إلى مجتمع قروي صعيدي الذي يعد الرجال ثروة للمفخرة والتكاثر .." . 
وُلد الأستاذ سيد قطب رحمه الله "في مجتمع قروي صعيدي الذي أحاط به آنذاك (أغلاب الزمان)، غلب الفقر وغلب الحرمان، غلب الجهل والمرض والكد المتواصل في الأرض والزرع، وغلب الجور من الحكام، حتى سيّرت الحياة فيه خرافات التقاليد وبدع المعتقدات وحكّمته قوانين اللصوص والمناسر.." .
ذكر الباحثون المهتمون بفكر وحياة الأستاذ سيد قطب أن والد الأستاذ سيد قطب كان "ميسور الحال كريم الإنفاق، يعتمد في معيشته على أرض واسعة نسبياً يشتغل فيها الفلاحون بالأجرة، ومع ذلك لم تكن نفقاته تتناسب مع مردود أرضه، فلا يزال يبيع منها شيئاً بعد شيء للوفاء بالديون التي كانت تركبه لكثرة إنفاقه"، و"كان والده رحمه الله راشداً عاقلاً مشتركاً في صحيفة يومية وعضواً في لجنة الحزب الوطني، عميداً لعائلته التي كانت ظاهرة الامتياز في القرية والتي كان مكلفاً بحفظ اسمها ومركزها، وكان رجلاً وقوراً رزيناً عطوفاً لين الجانب، حي القلب يبتعد في عمادته للعائلة عن الصلف والعنجهية التي كان يتسم بها عمداء الأسر الثرية في الأرياف".
وخير من يصف أباه هو ابنه الأستاذ سيد قطب رحمهما الله تعالى؛ فعندما ألف الأستاذ سيد قطب كتابه "مشاهد القيامة في القرآن" قال في الإهداء: "لقد طبعت فيَّ وأنا طفل صغير مخافة اليوم الآخر، ولم تعظني أو تزجرني، ولكنك كنت تعيش أمامي واليوم الآخر في حسابك، ذكراه في ضميرك وعلى لسانك...كنت تعلل تشددك في الحق الذي عليك وتسامحك في الحق الذي لك بأنك تخشى اليوم الآخر، وكنت تعفو عن الإساءة وأنت قادر على ردها لتكون لك كفارة في اليوم الآخر، وإن صورتك المطبوعة في مخيلتي ونحن نفرغ كل مساء من طعام العشاء، فتقرأ الفاتحة وتتوجه بها إلى روح أبيك في الدار الآخرة ونحن أطفالك الصغار نتمتم مثلك بآيات منها متفرقات قبل أن نجيد حفظها كاملات".
هنا يظهر دور الوالدين في تربية أولادهما تربية إسلامية صحيحة على أسس ثابتة من القرآن والسنة وهدي السلف الصالح والعلماء الربانيين، إذا ما أرادوا لهم الصلاح والتوفيق والهداية وإفهام المسؤولية وغرسها في قلوبهم منذ الصغر حتى ينشؤوا عليها بإذن الله كما نشأ الأستاذ سيد قطب رحمه الله في هذا البيت المليء بالأجواء الإيمانية والنفحات الربانية.
نشأته
نشأ الأستاذ سيد قطب رحمه الله نشأة خاصة ومميزة عن غيره من الأولاد. فقد نشأ في أسرة كريمة متدينة مثقفة وميسورة الحال، "وخرج من البيت طفلاً مميزاً شاعراً بذاته، لينمو هذا التميز والشعور بين أقرانه وزملائه في الشارع وفي المدرسة، ففي المدرسة كان العريف والناظر يعنيان بالتدريس له على حدة داخل الفصل في شبه درس خصوصي... وعلى هذا النحو نما سيد قطب في القرية ونما معه شيئان: الإحساس بالذات والأمل الذي غرسته أمه وراحت تؤكده منذ مولده".
ولقد عبر هو عن ذلك في رثائه لها سنة 1940م قائلاً: "لقد كنتِ تصورينني لنفسي كأنما أنا نسيج فريد منذ ما كنت في المهد صبياً، وكنت تحدثينني عن آمالك التي شهد مولدها مولدي، فيتسرب في خاطري أنني عظيم وأنني مطالب بتكاليف هذه العظمة التي من نسيج خيالك ووحي جنانك".
أقول: هكذا ينبغي أن يكون دأب الأبناء الصالحين الأبرار تجاه والديهم الأخيار. العرفان بالجميل وعدم نكران النعمة واعتراف لهما بالفضل، وعلى هذا المنوال يجب أن تكون طريقة أمهات اليوم في تربية أولادهن، والله أعلم.
خصائص طفولته
وُلد الأستاذ سيد قطب رحمه الله "في مجتمع قروي صعيدي الذي أحاط به آنذاك (أغلاب الزمان)، غلب الفقر وغلب الحرمان، غلب الجهل والمرض والكد المتواصل في الأرض والزرع، وغلب الجور من الحكام، حتى سيّرت الحياة فيه خرافات التقاليد وبدع المعتقدات وحكّمته قوانين اللصوص والمناسر.." .
ذكر الباحثون المهتمون بفكر وحياة الأستاذ سيد قطب أن والد الأستاذ سيد قطب كان "ميسور الحال كريم الإنفاق، يعتمد في معيشته على أرض واسعة نسبياً يشتغل فيها الفلاحون بالأجرة، ومع ذلك لم تكن نفقاته تتناسب مع مردود أرضه، فلا يزال يبيع منها شيئاً بعد شيء للوفاء بالديون التي كانت تركبه لكثرة إنفاقه"، و"كان والده رحمه الله راشداً عاقلاً مشتركاً في صحيفة يومية وعضواً في لجنة الحزب الوطني، عميداً لعائلته التي كانت ظاهرة الامتياز في القرية والتي كان مكلفاً بحفظ اسمها ومركزها، وكان رجلاً وقوراً رزيناً عطوفاً لين الجانب، حي القلب يبتعد في عمادته للعائلة عن الصلف والعنجهية التي كان يتسم بها عمداء الأسر الثرية في الأرياف".
وخير من يصف أباه هو ابنه الأستاذ سيد قطب رحمهما الله تعالى؛ فعندما ألف الأستاذ سيد قطب كتابه "مشاهد القيامة في القرآن" قال في الإهداء: "لقد طبعت فيَّ وأنا طفل صغير مخافة اليوم الآخر، ولم تعظني أو تزجرني، ولكنك كنت تعيش أمامي واليوم الآخر في حسابك، ذكراه في ضميرك وعلى لسانك...كنت تعلل تشددك في الحق الذي عليك وتسامحك في الحق الذي لك بأنك تخشى اليوم الآخر، وكنت تعفو عن الإساءة وأنت قادر على ردها لتكون لك كفارة في اليوم الآخر، وإن صورتك المطبوعة في مخيلتي ونحن نفرغ كل مساء من طعام العشاء، فتقرأ الفاتحة وتتوجه بها إلى روح أبيك في الدار الآخرة ونحن أطفالك الصغار نتمتم مثلك بآيات منها متفرقات قبل أن نجيد حفظها كاملات".
هنا يظهر دور الوالدين في تربية أولادهما تربية إسلامية صحيحة على أسس ثابتة من القرآن والسنة وهدي السلف الصالح والعلماء الربانيين، إذا ما أرادوا لهم الصلاح والتوفيق والهداية وإفهام المسؤولية وغرسها في قلوبهم منذ الصغر حتى ينشؤوا عليها بإذن الله كما نشأ الأستاذ سيد قطب رحمه الله في هذا البيت المليء بالأجواء الإيمانية والنفحات الربانية.
نشأته
نشأ الأستاذ سيد قطب رحمه الله نشأة خاصة ومميزة عن غيره من الأولاد. فقد نشأ في أسرة كريمة متدينة مثقفة وميسورة الحال، "وخرج من البيت طفلاً مميزاً شاعراً بذاته، لينمو هذا التميز والشعور بين أقرانه وزملائه في الشارع وفي المدرسة، ففي المدرسة كان العريف والناظر يعنيان بالتدريس له على حدة داخل الفصل في شبه درس خصوصي... وعلى هذا النحو نما سيد قطب في القرية ونما معه شيئان: الإحساس بالذات والأمل الذي غرسته أمه وراحت تؤكده منذ مولده".
ولقد عبر هو عن ذلك في رثائه لها سنة 1940م قائلاً: "لقد كنتِ تصورينني لنفسي كأنما أنا نسيج فريد منذ ما كنت في المهد صبياً، وكنت تحدثينني عن آمالك التي شهد مولدها مولدي، فيتسرب في خاطري أنني عظيم وأنني مطالب بتكاليف هذه العظمة التي من نسيج خيالك ووحي جنانك".
أقول: هكذا ينبغي أن يكون دأب الأبناء الصالحين الأبرار تجاه والديهم الأخيار. العرفان بالجميل وعدم نكران النعمة واعتراف لهما بالفضل، وعلى هذا المنوال يجب أن تكون طريقة أمهات اليوم في تربية أولادهن، والله أعلم.
خصائص طفولته
❤12👍1
  امتازت طفولة سيد قطب رحمه الله بعدة خصائص منها:
الأولى: خياله تجاه عبارات القرآن وأمثاله: حيث يتحدث عن نفسه في هذا الصدد قائلاً: "قرأت القرآن وأنا طفل صغير ولا ترقى مداركي إلى آفاق معانيه، ولا يحيط فهمي بجليل أغراضه ولكن كنت أجد في نفسي شيئاً. لقد كان خيالي الساذج الصغير يجسم لي بعض الصور من خلال تعبير القرآن.
إنها لصورة ساذجة ولكنها كانت تشوق نفسي وتلذ حسي. من الصور التي كانت قد ترتسم في خيالي إذ ذاك صورة كانت تتمثل لي كلما قرأت الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الحج: ١١]، لقد كان يشخص في مخيلتي رجل قائم على حافة مكان مرتفع (مصطبة؛ فقد كنت في القرية) أو قمة تل ضيقة (فقد رأيت التل المجاور للوادي) وهو قائم يصلي، لكنه لا يملك موقفه؛ فهو يتأرجح في كل حركة ويهمّ بالسقوط، وأنا بإزائه أتتبع حركاته في لذة وشفقة عجيبين"!
الثانية: رغبته العارمة لمطالعة الكتب وقراءتها: مثل كتب كرامات الأولياء والصالحين وغيرها من الكتب العلمية والثقافية".
الثالثة: استعلاؤه على الظلم والظالمين: كراهيته للإنكليز الذين شاهد آثارهم صوراً حية من الحرمان والتخلف الاجتماعي والثقافي وفساد القوانين، جعلته يشعر حينما كبر بالخجل كلما استرجعها، وبالازدراء لنفسه ولشعبه لأنه صبر على هذا البلاء".
هكذا يكون شأن الأطفال النابغين والعباقرة الموهوبين، يلاحظ لديهم علامات وسمات النبوغ والموهبة منذ صغرهم، وذلك بطرح أسئلة تبدو غريبة وقوة الحفظ وسرعة الإدراك والاستيعاب لكل ما يُقرأ أو يسمع.. فيجب أن نراعي هذا الشيء فيمن حولنا من أولادنا وطلابنا وغيرنا.. حتى لا نقصر في حقهم والله أعلم.
رحلته ونشاطه العلمي
وأما عن تعلمه، فقد حفظ سيد قطب القرآن وهو في العاشرة من عمره بدافع من نفسه لكي يبرر بقاءه في المدرسة التي أحبها، والتي هجرها معظم أبناء القرية بسبب ما أشيع في القرية من أنها لم تعد تهتم بتحفيظ القرآن.
ثم إنه قرر مواصلة دراسته ومن ثَمّ "غادر سيد قطب القرية متجهاً إلى القاهرة وهو في نحو الرابعة عشرة من عمره إلى خاله، الذي كان يشتغل بالتدريس والصحافة راغباً أن يصبح متعلماً كأخواله. جاء سيد قطب إلى القاهرة في بداية العشرينيات وهو يعرف مهمته، والتحق بإحدى مدارس المعلمين الأولية وهي مدرسة عبد العزيز، فوقف عليها كل اهتمامه منطلقاً نحو غايته وأظهر تفوقاً على غيره في دراسته وحصل على إجازة الكفاءة للتعليم الأولى. وفي عام 1929 م دخل كلية (دار العلوم) في قسم المعلمين وتخرج بعد أربعة سنوات، أي عام 1933م ومن ثم عُيِّن مدرساً في نفس المعهد لأنه كان متميزاً. وكذلك توظف في وزارة المعارف كأستاذ في تحضيرية (الداودية) بمرتب قدره ستة جنيهات".
وأثناء وجوده في المدرسة والكلية التقى بالأديب والأستاذ عباس محمود العقاد حامل راية تجديد الأدب في مصر، ولازمه ملازمة شديدة وأصبح أحد مريديه، وأعجب بفكره وأدبه وتتلمذ عليه.
ولقد عبر هو بنفسه عن أهمية هذا اللقاء وعن أهمية وعظمة وفضل العقاد حينما قال: "إن العقاد أقوى شخصية لدينا تتعالى على التأثر بالوسط وتستنكف أن تحدها البيئة، وهو الموئل الذي نرتجيه في هذا المضطرب الأدبي الشخصي، بل في مضطرب العواصف الاجتماعية التي تعبث بكيان هذا الشعب. نحسبه أنه الرجل الذي بقي شامخ الأنف على كل الظروف والمآزق في حياته الشخصية وجهاده العام".
وانتقل سيد قطب في مطلع الأربعينيات بتاريخ 1/3/1940م إلى مراقبة الثقافة العامة بوزارة المعارف للعمل كمحرر عربي فيها، ومنها ندب إلى إدارة الترجمة والإحصاء بتاريخ 17/4/1940م، ثم عمل مفتشاً بالتعليم الابتدائي بتاريخ 1/7/1944.
عاد من عمله كمفتش في أبريل 1945م إلى الإدارة العامة للثقافة التي كان يرأسها أحمد أمين، ومع بداية تلك الفترة كانت خطواته في النقد الأدبي قد اتسعت وتميزت من خلال منهج أدبي مستقل، حتى كان من نتائج ذلك كتاباه النقديان: (كتب وشخصيات)، (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) ولكنه لم يَجنِ من النقد الأدبي إلا خصومات وصراعات نالت منه ومن مكانته التي سعى لتأكيدها.
ويظهر مما سبق أنه كان لسيد قطب نوع من الاستقلال الفكري والاعتماد على نفسه والإظهار لقدرته العقلية والأدبية، لأنه كما تذكر المصادر كان ناقداً شديداً وحاد اللسان، فَقَدَ لأجله كثيراً من الأصدقاء والأحباب لعدم موافقته لآرائهم.
سيد قطب في أمريكا
الأولى: خياله تجاه عبارات القرآن وأمثاله: حيث يتحدث عن نفسه في هذا الصدد قائلاً: "قرأت القرآن وأنا طفل صغير ولا ترقى مداركي إلى آفاق معانيه، ولا يحيط فهمي بجليل أغراضه ولكن كنت أجد في نفسي شيئاً. لقد كان خيالي الساذج الصغير يجسم لي بعض الصور من خلال تعبير القرآن.
إنها لصورة ساذجة ولكنها كانت تشوق نفسي وتلذ حسي. من الصور التي كانت قد ترتسم في خيالي إذ ذاك صورة كانت تتمثل لي كلما قرأت الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الحج: ١١]، لقد كان يشخص في مخيلتي رجل قائم على حافة مكان مرتفع (مصطبة؛ فقد كنت في القرية) أو قمة تل ضيقة (فقد رأيت التل المجاور للوادي) وهو قائم يصلي، لكنه لا يملك موقفه؛ فهو يتأرجح في كل حركة ويهمّ بالسقوط، وأنا بإزائه أتتبع حركاته في لذة وشفقة عجيبين"!
الثانية: رغبته العارمة لمطالعة الكتب وقراءتها: مثل كتب كرامات الأولياء والصالحين وغيرها من الكتب العلمية والثقافية".
الثالثة: استعلاؤه على الظلم والظالمين: كراهيته للإنكليز الذين شاهد آثارهم صوراً حية من الحرمان والتخلف الاجتماعي والثقافي وفساد القوانين، جعلته يشعر حينما كبر بالخجل كلما استرجعها، وبالازدراء لنفسه ولشعبه لأنه صبر على هذا البلاء".
هكذا يكون شأن الأطفال النابغين والعباقرة الموهوبين، يلاحظ لديهم علامات وسمات النبوغ والموهبة منذ صغرهم، وذلك بطرح أسئلة تبدو غريبة وقوة الحفظ وسرعة الإدراك والاستيعاب لكل ما يُقرأ أو يسمع.. فيجب أن نراعي هذا الشيء فيمن حولنا من أولادنا وطلابنا وغيرنا.. حتى لا نقصر في حقهم والله أعلم.
رحلته ونشاطه العلمي
وأما عن تعلمه، فقد حفظ سيد قطب القرآن وهو في العاشرة من عمره بدافع من نفسه لكي يبرر بقاءه في المدرسة التي أحبها، والتي هجرها معظم أبناء القرية بسبب ما أشيع في القرية من أنها لم تعد تهتم بتحفيظ القرآن.
ثم إنه قرر مواصلة دراسته ومن ثَمّ "غادر سيد قطب القرية متجهاً إلى القاهرة وهو في نحو الرابعة عشرة من عمره إلى خاله، الذي كان يشتغل بالتدريس والصحافة راغباً أن يصبح متعلماً كأخواله. جاء سيد قطب إلى القاهرة في بداية العشرينيات وهو يعرف مهمته، والتحق بإحدى مدارس المعلمين الأولية وهي مدرسة عبد العزيز، فوقف عليها كل اهتمامه منطلقاً نحو غايته وأظهر تفوقاً على غيره في دراسته وحصل على إجازة الكفاءة للتعليم الأولى. وفي عام 1929 م دخل كلية (دار العلوم) في قسم المعلمين وتخرج بعد أربعة سنوات، أي عام 1933م ومن ثم عُيِّن مدرساً في نفس المعهد لأنه كان متميزاً. وكذلك توظف في وزارة المعارف كأستاذ في تحضيرية (الداودية) بمرتب قدره ستة جنيهات".
وأثناء وجوده في المدرسة والكلية التقى بالأديب والأستاذ عباس محمود العقاد حامل راية تجديد الأدب في مصر، ولازمه ملازمة شديدة وأصبح أحد مريديه، وأعجب بفكره وأدبه وتتلمذ عليه.
ولقد عبر هو بنفسه عن أهمية هذا اللقاء وعن أهمية وعظمة وفضل العقاد حينما قال: "إن العقاد أقوى شخصية لدينا تتعالى على التأثر بالوسط وتستنكف أن تحدها البيئة، وهو الموئل الذي نرتجيه في هذا المضطرب الأدبي الشخصي، بل في مضطرب العواصف الاجتماعية التي تعبث بكيان هذا الشعب. نحسبه أنه الرجل الذي بقي شامخ الأنف على كل الظروف والمآزق في حياته الشخصية وجهاده العام".
وانتقل سيد قطب في مطلع الأربعينيات بتاريخ 1/3/1940م إلى مراقبة الثقافة العامة بوزارة المعارف للعمل كمحرر عربي فيها، ومنها ندب إلى إدارة الترجمة والإحصاء بتاريخ 17/4/1940م، ثم عمل مفتشاً بالتعليم الابتدائي بتاريخ 1/7/1944.
عاد من عمله كمفتش في أبريل 1945م إلى الإدارة العامة للثقافة التي كان يرأسها أحمد أمين، ومع بداية تلك الفترة كانت خطواته في النقد الأدبي قد اتسعت وتميزت من خلال منهج أدبي مستقل، حتى كان من نتائج ذلك كتاباه النقديان: (كتب وشخصيات)، (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) ولكنه لم يَجنِ من النقد الأدبي إلا خصومات وصراعات نالت منه ومن مكانته التي سعى لتأكيدها.
ويظهر مما سبق أنه كان لسيد قطب نوع من الاستقلال الفكري والاعتماد على نفسه والإظهار لقدرته العقلية والأدبية، لأنه كما تذكر المصادر كان ناقداً شديداً وحاد اللسان، فَقَدَ لأجله كثيراً من الأصدقاء والأحباب لعدم موافقته لآرائهم.
سيد قطب في أمريكا
❤11👍1
  وفي 3/11/1948م سافر سيد قطب إلى أمريكا في بعثة علمية من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج الأمريكية. ولا يستبعد أن الهدف المنشود من ابتعاث سيد إلى أمريكا كان أن الجهات الرسمية في الدولة بدأت تحس بخطورة هذا الرجل بسبب كتاباته وانتقاداته، ففكروا في كيفية تغيير اتجاه هذا الرجل وآرائه، وتخليه عن تلك الأفكار الإسلامية التي يدعو إليها.. فلم يجدوا حلاً إلا أن يخرجوه من البلد وأن يذهبوا به مكاناً قصياً، واختاروا أمريكا بلداً لتغيير منهج هذا الرجل واستبدال عقليته بعقلية غربية أمريكية ﴿.. وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].
 
أحدث سفر سيد قطب إلى أمريكا تغييراً جذرياً في فكره، ولكن على عكس ما كانوا يتوقعون منه! فلقد ازداد الرجل إيماناً ويقيناً بالله أكثر، استيقن أن ما عند الإسلام من منهج ونظام وعقيدة للحياة هو الحق وأن ما عند غيرهم هو الباطل.. وعندما رجع سيد قطب من أمريكا ألف كتابه: (أمريكا التي رأيت)، وكان قد زود نفسه وفكره بالإيمان والشعور بالمسؤولية التي على عاتقه كداعية ومفكّر. كان من المتوقع من عودة سيد من أمريكا أن يكون هو أحد جُند الحكومة المصرية ومؤيديها! ولكن إذا أراد الله أمراً فلا مكان لإرادة الناس، وهذه سنة إلهية ولكن أكثر الناس لا يعلمون؛ فقد أصبح سيد قطب من كبار المعارضين للحكومة في وجهة نظرهم، والتي بسبب تلك الأفكار الإسلامية الخالصة دفع حياته ثمناً لها ولقي ربه.
انضمام سيد قطب إلى جماعة الإخوان المسلمين
كان لمرشد ومؤسس جماعة الإخوان الشيخ الأستاذ حسن البنّا رحمه الله تأثير كبير وبالغ على حياة وفكر الأستاذ سيد قطب، لقد أعجب سيد قطب بحسن منهجه وبراعة تربيته وبناء الشخصية المسلمة، في إعداد الإخوان الذين كان يدربهم على فهم أبعاد الدعوة إلى الله بناء متوازناً، يجمع الروح والعلم والحركة من جهة وبين المدارس الإسلامية المتخصصة كالصوفية والسلفية والمذهبية من جهة، وفي البناء التنظيمي للجماعة وقد كان هذا البناء هو الأول من نوعه بالنسبة للعمل الجماعي المتجسد في صورة حزب إسلامي.
وتذكر بعض المصادر الأخرى أن سيد قطب قبل سفره إلى أمريكا ألف كتابه المشهور: (العدالة الاجتماعية في الإسلام) وكان قد أهدى نسخة من هذا الكتاب إلى الإخوان. ويبدو لي أن هذا التصرف من سيد قطب كان بمثابة وضع اللبنة الأولى في تأسيس علاقته مع الإخوان فيما بعد.
هناك حدثان بارزان جعلا سيد قطب يفكر في الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن يئس منهم! كما قال ذلك هو بنفسه:
الحدث الأول: أنه أثناء وجوده في أمريكا أشيع خبر اغتيال زعيم الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا في 12/2/1948م، مما جعل الشعب الأمريكي يفرح فرحة شديدة لم يكن لها مثيل من قبل.
والحدث الثاني:كان هناك رجل من المخابرات البريطانية اسمه: James Heyworth Dunne، وكان يحذر سيداً من جماعة الإخوان، ويخبره أن الإخوان وحدهم يقفون حاجزاً أمام تقدم الحضارة الغربية في الشرق.
فهذان الحدثان حرّكا مشاعر سيد قطب لدراسة فكر حسن البنا بتعمق وجديّة أكبر، وأثارا اهتمامه بحركة الإخوان كتنظيم وحاجة ضرورية للدفاع عن الإسلام.
فعندما عاد سيد قطب من أمريكا استقبله وفد كبير من الإخوان استقبالاً حاراً مما كان له الأثر الكبير في مشاعره تجاه الإخوان، ولكنه إلى هذه اللحظة لم يكن قد انضم إلى جماعتهم رسمياً. وهذا التقرب أخذ يزداد يوماً بعد الآخر عندما بدأ سيد قطب يكتب في مجلة (الدعوة) الإخوانية منذ فبراير 1951م إلى أن دعي في أوائل 1953 ليشارك في تشكيل الهيئة التأسيسية للجماعة تمهيداً لتولية الإشراف على إدارة الدعوة، وهي إحدى الإدارات المركزية بالمركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة. وفي عام 1953م عُين سيد قطب رئيساً لتحرير المجلة الأسبوعية للإخوان المسلمين التي مُنعت من الصدور عام 1954.
وللحديث بقية في العدد القادم، إن شاء الله تعالى.
أحدث سفر سيد قطب إلى أمريكا تغييراً جذرياً في فكره، ولكن على عكس ما كانوا يتوقعون منه! فلقد ازداد الرجل إيماناً ويقيناً بالله أكثر، استيقن أن ما عند الإسلام من منهج ونظام وعقيدة للحياة هو الحق وأن ما عند غيرهم هو الباطل.. وعندما رجع سيد قطب من أمريكا ألف كتابه: (أمريكا التي رأيت)، وكان قد زود نفسه وفكره بالإيمان والشعور بالمسؤولية التي على عاتقه كداعية ومفكّر. كان من المتوقع من عودة سيد من أمريكا أن يكون هو أحد جُند الحكومة المصرية ومؤيديها! ولكن إذا أراد الله أمراً فلا مكان لإرادة الناس، وهذه سنة إلهية ولكن أكثر الناس لا يعلمون؛ فقد أصبح سيد قطب من كبار المعارضين للحكومة في وجهة نظرهم، والتي بسبب تلك الأفكار الإسلامية الخالصة دفع حياته ثمناً لها ولقي ربه.
انضمام سيد قطب إلى جماعة الإخوان المسلمين
كان لمرشد ومؤسس جماعة الإخوان الشيخ الأستاذ حسن البنّا رحمه الله تأثير كبير وبالغ على حياة وفكر الأستاذ سيد قطب، لقد أعجب سيد قطب بحسن منهجه وبراعة تربيته وبناء الشخصية المسلمة، في إعداد الإخوان الذين كان يدربهم على فهم أبعاد الدعوة إلى الله بناء متوازناً، يجمع الروح والعلم والحركة من جهة وبين المدارس الإسلامية المتخصصة كالصوفية والسلفية والمذهبية من جهة، وفي البناء التنظيمي للجماعة وقد كان هذا البناء هو الأول من نوعه بالنسبة للعمل الجماعي المتجسد في صورة حزب إسلامي.
وتذكر بعض المصادر الأخرى أن سيد قطب قبل سفره إلى أمريكا ألف كتابه المشهور: (العدالة الاجتماعية في الإسلام) وكان قد أهدى نسخة من هذا الكتاب إلى الإخوان. ويبدو لي أن هذا التصرف من سيد قطب كان بمثابة وضع اللبنة الأولى في تأسيس علاقته مع الإخوان فيما بعد.
هناك حدثان بارزان جعلا سيد قطب يفكر في الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن يئس منهم! كما قال ذلك هو بنفسه:
الحدث الأول: أنه أثناء وجوده في أمريكا أشيع خبر اغتيال زعيم الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا في 12/2/1948م، مما جعل الشعب الأمريكي يفرح فرحة شديدة لم يكن لها مثيل من قبل.
والحدث الثاني:كان هناك رجل من المخابرات البريطانية اسمه: James Heyworth Dunne، وكان يحذر سيداً من جماعة الإخوان، ويخبره أن الإخوان وحدهم يقفون حاجزاً أمام تقدم الحضارة الغربية في الشرق.
فهذان الحدثان حرّكا مشاعر سيد قطب لدراسة فكر حسن البنا بتعمق وجديّة أكبر، وأثارا اهتمامه بحركة الإخوان كتنظيم وحاجة ضرورية للدفاع عن الإسلام.
فعندما عاد سيد قطب من أمريكا استقبله وفد كبير من الإخوان استقبالاً حاراً مما كان له الأثر الكبير في مشاعره تجاه الإخوان، ولكنه إلى هذه اللحظة لم يكن قد انضم إلى جماعتهم رسمياً. وهذا التقرب أخذ يزداد يوماً بعد الآخر عندما بدأ سيد قطب يكتب في مجلة (الدعوة) الإخوانية منذ فبراير 1951م إلى أن دعي في أوائل 1953 ليشارك في تشكيل الهيئة التأسيسية للجماعة تمهيداً لتولية الإشراف على إدارة الدعوة، وهي إحدى الإدارات المركزية بالمركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة. وفي عام 1953م عُين سيد قطب رئيساً لتحرير المجلة الأسبوعية للإخوان المسلمين التي مُنعت من الصدور عام 1954.
وللحديث بقية في العدد القادم، إن شاء الله تعالى.
❤15👍1
  لو أصدر اللواء أحمد فؤاد صادق أمره بتنفيذ خطة كهذه لتغيرت نتيجة الجولة الأولى عسكرياً ولتغير تبعاً لذلك الموقف السياسي لفلسطين.
لكن لم يحدث هذا، لماذا؟ لأن الذين يديرون دفة الحكم دخلوا فلسطين إما طامعين وإما مناورين، ولم يكونوا أبداً محاربين.
من مقال: تفريط الجيش المصري في فلسطين
بقلم: علي مصطفى نعمان - رحمه الله
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/8grs
لكن لم يحدث هذا، لماذا؟ لأن الذين يديرون دفة الحكم دخلوا فلسطين إما طامعين وإما مناورين، ولم يكونوا أبداً محاربين.
من مقال: تفريط الجيش المصري في فلسطين
بقلم: علي مصطفى نعمان - رحمه الله
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/8grs
❤14
  قلت لها: "اذهبي إلى بيتك وكوني واثقة بأن الله سوف يرزقك بثلاثة أولاد وثلاث بنات! اذهبي وتوكلي على الله، فمشكلتك حلها بسيط، عودي إلى بيتك؛ توضئي وصلي وادعي الله، الله مجيب الدعاء، الله الذي يجب أن لا تقنطي من رحمته أبداً".
من مقال: صفعتُها.. فهل ينتقض وضوئي؟!
بقلم: عبد الله البرغوثي - فك الله أسره
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/3n0l
من مقال: صفعتُها.. فهل ينتقض وضوئي؟!
بقلم: عبد الله البرغوثي - فك الله أسره
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/3n0l
❤48
  