Telegram Group & Telegram Channel
👆🏼 • واعلم أن هذا المذكور إنما هو جهةٌ واحدة من الجهات، وكثيرًا ما تتركب مع غيرها كما ذكرنا، ومجموع هذا المركب هو المؤثر في رتب الموالاة والمعاداة، فليس واحد منهما على رتبة واحدة، وغالبًا ما يجتمعان بدرجات متباينة في المسلمين والكافرين كليهما، وهذه الجهات منها ما هو نفسي ومنها ما هو مصلحي عام، وكلاهما قد يُؤذن في اعتباره شرعًا، فمن الجهات النفسية الغيظ والتألم من الشخص والطائفة لأجل ما أنزله من الضر بالنفس أو الحبيب أو الفئة أو المسلمين عمومًا، ولذلك شق على بعض الصحابة إيمان بعض مَن سبق اشتداد الأذى مِنهم، خاصة إن ارتيب في صدق إيمانهم، وإن حسن إسلامهم بعد ذلك، وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم قبول إيمان عبد الله بن أبي السرح والصفح عنه وتأخر الصحابة عن قتله، خاصة مع مفسدة الاستهانة بالردة، وعلى الرغم من قبول النبي صلى الله عليه وسلم إيمان وحشي، وأن الإيمان يجُبّ ما قبله = لم يُطق النبي صلى الله عليه وسلم النظر إليه تألمًا مما فعله بحمزة رضي الله عنه، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وجْهَكَ عَنِّي؟"، ورُوي أن عمر رضي الله عنه قال لأبي مريم الحنفي الذي قتل زيدًا بن الخطاب: "والله لا أحبك حتى تحبّ الأرض الدم المسفوح"، فقال له: "فتمنعني لذلك حقا؟"، قال عمر: "لا"، فقال أبو مريم: "فلا ضير، إنما يأسف ‌على ‌الحب ‌النساء"، وأما الجهات المصلحية العامة فمنها الخطر على الإسلام وأهله، فقد يكون الأقرب للمسلمين دينًا - بل بعض مبتدعة المسلمين - أخطر على الإسلام وأهله من الأبعدين، بل الخطورة نفسها لها جهات متراكبة، فالخطر قد يكون على الدين أو الدم أو العرض أو المال، وبعض هذا أهون من بعض، والخطر قد يتفاوت بعِظَم الضرر أو باتساع رقعته أو قرب حصوله أو خفائه وعدم التنبُّه له، وقد قال ابن عطية في تفسير فرح المسلمين بنصر الروم: "ويُشْبِهُ أنْ يُعَلَّلَ ذَلِكَ بِما تَقْتَضِيهِ الفِطَرُ مِن مَحَبَّةِ أنْ يَغْلِبَ العَدُوُّ الأصْغَرُ: لِأنَّهُ أيْسَرُ مُؤَوِّنَةٍ، ومَتى غَلَبَ الأكْبَرُ كَثُرَ الخَوْفُ مِنهُ، فَتَأمَّلْ هَذا المَعْنى مَعَ ما كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ تَرَجّاهُ مِن ظُهُورِ دِينِهِ وشَرْعِ اللهِ تَعالى عَزَّ وجَلَّ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ، وغَلَبَتِهِ عَلى الأُمَمِ، وإرادَةِ كَفّارِ مَكَّةَ أنْ يَرْمِيَهُ اللهُ بِمَلِكٍ يَسْتَأْصِلُهُ ويُرِيحُهم مِنهُ"، فهذه موازين عدة يتركب منها مبنى النظر، وقد يتباين الناس في كل ميزان منها، لاختلاف العقول (القوى والمدارك)، واختلاف التجارب والخبرات والمعارف، واختلاف الطبائع المؤثر فيما يرجحه المرء من المصالح، فإن الشديد الحازم مثلًا قد يشارك طبعه في ترجيح بعض المصالح على بعض، ولقد كانت لشدة عمر رضي الله عنه مدخلية في موقفه من أسرى بدر وصلح الحديبية وغيرهما، فقربته تلك الشدة من الحق في أمور دون أخرى، وبذلك تعلم أن أكثر الخطوب الجليلة لا يُبحث فيها عن تمييز الخير من الشر، بل تمييز شر الشرين عن خيرهما، والله الهادي!

• لأجل هذا المذكور من تعدد الجهات وتراكبها ودقتها وتصور اختلاف الناس فيها يلزم ألا تُحدث بين أهل الحق منابذة ومخاشنة ومدابرة ومقاطعة وإيغارًا للصدور، بل هذا أدعى للشفقة والرحمة والإعذار والمباحثة بالحكمة واللين والأدب بين المسلمين، خاصة مع ترصّد الأعداء وضعف المسلمين ونزغ الشياطين، وقال الله سبحانه: [وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا]، فعند حضور الشياطين وترصّد المبطلين ينبغي للمؤمنين ألا يكتفوا بقول الحسن من العبارات، بل الأحسن، دفعًا للهمزات والنفثات والنفخات الشيطانية.

• وينبغي حينئذ كذلك إطالة السكوت وتقليل الكلام، فإن الكلام أعظم وسائل الشيطان في النزغ والفتنة والضلال، وقد يُلام على السكوت، لكن أكثر اللوم في كتاب الله وسنة رسول الله هو على ما تكلمت به الألسنة، لا ما سكتت عنه، وأكثر كلام الناس إنما هو غفلة وجهالة وقلة خشية ومخاطرة بالديانة، فحصائد اللسان أعظم أبواب الانكباب في النيران، والعبد يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالًا تهوي به في النار سبعين خريفًا، ولذلك كلما زاد علم المرء وخشيته طال صمته، وإن أعلم الناس وأخشاهم أفقههم في كتاب الله، ولذلك يُروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَف بصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، خاصة إذا كان ذلك في محل يتأكد فيه طول الصمت واعتزال الناس والانشغال بالنفس وإنجائها، كما يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ‌ذِي ‌رَأْيٍ ‌بِرَأْيِهِ"، الحديث. 👇🏼



group-telegram.com/kareemahelmy/835
Create:
Last Update:

👆🏼 • واعلم أن هذا المذكور إنما هو جهةٌ واحدة من الجهات، وكثيرًا ما تتركب مع غيرها كما ذكرنا، ومجموع هذا المركب هو المؤثر في رتب الموالاة والمعاداة، فليس واحد منهما على رتبة واحدة، وغالبًا ما يجتمعان بدرجات متباينة في المسلمين والكافرين كليهما، وهذه الجهات منها ما هو نفسي ومنها ما هو مصلحي عام، وكلاهما قد يُؤذن في اعتباره شرعًا، فمن الجهات النفسية الغيظ والتألم من الشخص والطائفة لأجل ما أنزله من الضر بالنفس أو الحبيب أو الفئة أو المسلمين عمومًا، ولذلك شق على بعض الصحابة إيمان بعض مَن سبق اشتداد الأذى مِنهم، خاصة إن ارتيب في صدق إيمانهم، وإن حسن إسلامهم بعد ذلك، وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم قبول إيمان عبد الله بن أبي السرح والصفح عنه وتأخر الصحابة عن قتله، خاصة مع مفسدة الاستهانة بالردة، وعلى الرغم من قبول النبي صلى الله عليه وسلم إيمان وحشي، وأن الإيمان يجُبّ ما قبله = لم يُطق النبي صلى الله عليه وسلم النظر إليه تألمًا مما فعله بحمزة رضي الله عنه، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وجْهَكَ عَنِّي؟"، ورُوي أن عمر رضي الله عنه قال لأبي مريم الحنفي الذي قتل زيدًا بن الخطاب: "والله لا أحبك حتى تحبّ الأرض الدم المسفوح"، فقال له: "فتمنعني لذلك حقا؟"، قال عمر: "لا"، فقال أبو مريم: "فلا ضير، إنما يأسف ‌على ‌الحب ‌النساء"، وأما الجهات المصلحية العامة فمنها الخطر على الإسلام وأهله، فقد يكون الأقرب للمسلمين دينًا - بل بعض مبتدعة المسلمين - أخطر على الإسلام وأهله من الأبعدين، بل الخطورة نفسها لها جهات متراكبة، فالخطر قد يكون على الدين أو الدم أو العرض أو المال، وبعض هذا أهون من بعض، والخطر قد يتفاوت بعِظَم الضرر أو باتساع رقعته أو قرب حصوله أو خفائه وعدم التنبُّه له، وقد قال ابن عطية في تفسير فرح المسلمين بنصر الروم: "ويُشْبِهُ أنْ يُعَلَّلَ ذَلِكَ بِما تَقْتَضِيهِ الفِطَرُ مِن مَحَبَّةِ أنْ يَغْلِبَ العَدُوُّ الأصْغَرُ: لِأنَّهُ أيْسَرُ مُؤَوِّنَةٍ، ومَتى غَلَبَ الأكْبَرُ كَثُرَ الخَوْفُ مِنهُ، فَتَأمَّلْ هَذا المَعْنى مَعَ ما كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ تَرَجّاهُ مِن ظُهُورِ دِينِهِ وشَرْعِ اللهِ تَعالى عَزَّ وجَلَّ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ، وغَلَبَتِهِ عَلى الأُمَمِ، وإرادَةِ كَفّارِ مَكَّةَ أنْ يَرْمِيَهُ اللهُ بِمَلِكٍ يَسْتَأْصِلُهُ ويُرِيحُهم مِنهُ"، فهذه موازين عدة يتركب منها مبنى النظر، وقد يتباين الناس في كل ميزان منها، لاختلاف العقول (القوى والمدارك)، واختلاف التجارب والخبرات والمعارف، واختلاف الطبائع المؤثر فيما يرجحه المرء من المصالح، فإن الشديد الحازم مثلًا قد يشارك طبعه في ترجيح بعض المصالح على بعض، ولقد كانت لشدة عمر رضي الله عنه مدخلية في موقفه من أسرى بدر وصلح الحديبية وغيرهما، فقربته تلك الشدة من الحق في أمور دون أخرى، وبذلك تعلم أن أكثر الخطوب الجليلة لا يُبحث فيها عن تمييز الخير من الشر، بل تمييز شر الشرين عن خيرهما، والله الهادي!

• لأجل هذا المذكور من تعدد الجهات وتراكبها ودقتها وتصور اختلاف الناس فيها يلزم ألا تُحدث بين أهل الحق منابذة ومخاشنة ومدابرة ومقاطعة وإيغارًا للصدور، بل هذا أدعى للشفقة والرحمة والإعذار والمباحثة بالحكمة واللين والأدب بين المسلمين، خاصة مع ترصّد الأعداء وضعف المسلمين ونزغ الشياطين، وقال الله سبحانه: [وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا]، فعند حضور الشياطين وترصّد المبطلين ينبغي للمؤمنين ألا يكتفوا بقول الحسن من العبارات، بل الأحسن، دفعًا للهمزات والنفثات والنفخات الشيطانية.

• وينبغي حينئذ كذلك إطالة السكوت وتقليل الكلام، فإن الكلام أعظم وسائل الشيطان في النزغ والفتنة والضلال، وقد يُلام على السكوت، لكن أكثر اللوم في كتاب الله وسنة رسول الله هو على ما تكلمت به الألسنة، لا ما سكتت عنه، وأكثر كلام الناس إنما هو غفلة وجهالة وقلة خشية ومخاطرة بالديانة، فحصائد اللسان أعظم أبواب الانكباب في النيران، والعبد يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالًا تهوي به في النار سبعين خريفًا، ولذلك كلما زاد علم المرء وخشيته طال صمته، وإن أعلم الناس وأخشاهم أفقههم في كتاب الله، ولذلك يُروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَف بصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، خاصة إذا كان ذلك في محل يتأكد فيه طول الصمت واعتزال الناس والانشغال بالنفس وإنجائها، كما يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ‌ذِي ‌رَأْيٍ ‌بِرَأْيِهِ"، الحديث. 👇🏼

BY قناة كريم حلمي


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/kareemahelmy/835

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

And while money initially moved into stocks in the morning, capital moved out of safe-haven assets. The price of the 10-year Treasury note fell Friday, sending its yield up to 2% from a March closing low of 1.73%. In 2014, Pavel Durov fled the country after allies of the Kremlin took control of the social networking site most know just as VK. Russia's intelligence agency had asked Durov to turn over the data of anti-Kremlin protesters. Durov refused to do so. Multiple pro-Kremlin media figures circulated the post's false claims, including prominent Russian journalist Vladimir Soloviev and the state-controlled Russian outlet RT, according to the DFR Lab's report. In the past, it was noticed that through bulk SMSes, investors were induced to invest in or purchase the stocks of certain listed companies. Telegram users are able to send files of any type up to 2GB each and access them from any device, with no limit on cloud storage, which has made downloading files more popular on the platform.
from cn


Telegram قناة كريم حلمي
FROM American