Telegram Group Search
لقد حدث أني قمت بصفع امرأة ليست من محارمي على خدها، فهل ينتقض وضوئي جراء تلك الصفعة؟

الصحيح أن الإجابة على هذه الأسئلة الدينية لم تكن هي ما يشغل بالي؛ لأني لا أذكر أصلاً أكنتُ على وضوء عندما صفعتها أم لم أكن على وضوء؛ فبعد أن صفعتها توضأت وصليت.

إن الذي كان يهمني هو سبب تلك الصفعة، صفعة قوية؛ بل إنها مؤلمة جداً تلك التي نالتها المرأة مني، تعود جذور تلك الحادثة عندما أوصل لي جهاز الرصد القسامي عدة طلبات من امرأة تطلب لقائي لأمر هام، ولقد كانت تلح كثيراً على هذا الطلب، ولأن الناحية الأمنية كانت لا تشكل خطراً علي؛ فلقد وافقت على لقائها بعد أشهر من تكرار الطلبات.

السلام عليكم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، خيراً يا أختي؟
أريد أن أكون شهيدة في سبيل الله.
هناك مئات من الاستشهاديين الرجال ينتظرون دورهم للمشاركة في هذا النوع من العمليات.
ألم تعمل أحلام التميمي معك؟
نعم عملت، ولكني لم أكن أعلم أصلاً أنها فتاة إلا بعد أن اعتقلت.
أريد أن أكون شهيدة.
لماذا؟

وقبل أن تجيب أشرت لها بأن تضع يدها على المصحف الشريف، صمتت طويلاً ثم قالت إنها متزوجة منذ أعوام طويلة؛ وأنها لم تكن تنجب وأنها ما إن تحمل حتى يموت الجنين في بطنها، وأن أهل زوجها قد أثقلوا عليها وحولوا حياتها إلى جحيم، وأنه رغم حب زوجها لها إلا أنه لم يعد يقوى على الصمود في وجه أهله، ولذلك أريد أن أفارق الحياة لأرتاح من همومها.

ما إن رفعت يدها عن المصحف حتى كانت يدي تحط على وجهها كأنها مطرقة، فسقطت على الأرض باكية وبكت معها إحدى الأخوات التي كانت موجودة هناك مع زوجها المقاتل القسامي.

قلت لها: "اذهبي إلى بيتك وكوني واثقة بأن الله سوف يرزقك بثلاثة أولاد وثلاث بنات! اذهبي وتوكلي على الله، فمشكلتك حلها بسيط، عودي إلى بيتك؛ توضئي وصلي وادعي الله، الله مجيب الدعاء، الله الذي يجب أن لا تقنطي من رحمته أبداً".

تركتها فأوصلها المقاوم القسامي مع زوجته إلى منزلها، في الطريق كفت عن البكاء وسألت زوجة المقاوم: هل قال عبد الله البرغوثي ثلاثة أولاد وثلاث بنات؟!
فردّت عليها: نعم، قال ثلاثة وثلاثة!

عاد المقاوم القسامي بعد أن أوصل المرأة، عاد إلي فوجدني صامتاً، ورغم أنه أمضى طوال اليوم معي إلا أنه لم يسمع صوتي إلا وأنا أقرأ القرآن في الصلاة.

كان هناك سؤال يحيرني: إن فجرت تلك المرأة نفسها هل تكون شهيدة أم قاتلة لنفسها؟
شهيدة أم قاتلة؟
فأنا لست بعالم دين ولا أستاذ بعلوم الفقه الإسلامي، لست مفتياً؛ وحتى أني لست شيخاً من أولئك الذين يمضون وقتهم في المساجد ودور العلم وبحضور جلسات دروس الدين، أنا عبد الله البرغوثي، مسلم لا أكثر ولا أقل، أصلي نعم، أصلي وأصوم، وأمارس السنة النبوية قدر الإمكان؛ نعم قدر الإمكان.

أنا مجرد مهندس قسامي، مهندس فقط لا غير، مهندس قسامي لا يكذب أيضاً، يا الله لقد قلت لها إن الله سوف يرزقها بثلاثة أولاد وثلاث بنات! يا الله، نحن الآن في شهر رمضان المبارك، ولقد وعدت وأقسمت، أعنّي يا الله أعني يا الله!

ما هي إلا أيام معدودة حتى كنت أجهز أحد الاستشهاديين، وأظنه كان أيمن بحر، فقال لي: يا شيخ أوصني قل لي ماذا تريد أن أقول لنبينا محمد ﷺ إذا ما استشهدت وصعدت روحي للجنة؟
فقلت له: سلّم عليه ﷺ، وادع لي الله أن ييسر لي أمري.
قال: هل تريد مني أن أتشفع لك عند الله؟ فأنا استشهادي.

وهنا تذكرت الصفعة! تذكرت المرأة فقلت له: لا تشفع لي! فسوف يشفع لي أخوك أسامة حلبة إن شاء الله، أما أنت فأريد منك أن ترجو الله عز وجل أن يبعد الغم والهم عن أختي فلانة بنت فلان، وأن يرزقها بثلاثة أولاد وثلاث بنات، فلقد وعدتها بذلك.
وقصصت القصة على كل من أسامة حلبة وأيمن بحر.

ما أن انتهى شهر رمضان المبارك وحل العيد الصغير، وما أن جاء العيد الكبير بعد نحو شهرين، حتى وصلني خبر حمل تلك الأخت! وما هي إلا أشهر معدودة حتى كانت قد أنجبت ولداً جميلاً، أتبعته بعد نحو عشرة أشهر بولد آخر أجمل من السابق ثم ولد ثالث أسمته "عبد الله".

تلك الأسئلة الفقهية كانت دائماً تزعجني، ولكن الحمد لله أنه كان حولي من الإخوة من هم أكثر مني علماً ومعرفة بأمور الدين، أعلم أنه من يُقتل في سبيل الله؛ و"الله" وحده فإن مصيره الجنة والمغفرة، وأن مَن قتل نفسه لحاجة من حاجات الدنيا الزائلة فإن مصيره العذاب الأليم ونار جهنم، أعلم ذلك، ولكني أعلم أني لست بعالم دين، فأنا مجرد: مهندس على الطريق.
ــــــــــــــــــــــــــ
* عبد الله غالب البرغوثي، أمير الظل.. مهندس على الطريق، 2012م، نسخة إلكترونية، ص144 وما بعدها.
32👍4
من دومة الجندل إلى طوفان الأقصى
دروس في الحرب الاستباقية

علي جاد المولى
كاتب مصري
12👍3
في صراع الوجود، هناك خَطَآن قاتلان: أن تنتظر حتى يُحدّد عدوك ساحة المعركة، أو أن تُساق إلى ميدان لم تختر زمانه ولا مكانه. لم يقبل النبي ﷺ، وهو يبني دولة الإسلام الأولى في المدينة، أن يكون رهينة هذا الانتظار. خرج بنفسه على رأس جيش إلى الشمال حيث دومة الجندل، في واحدةٍ من أجرأ الغزوات الاستباقية في التاريخ الإسلامي، لتحطيم خطط العدو قبل أن تكتمل وكسر تحالفات الأعداء قبل أن تشتدّ. لم تكن مغامرة عمياء، بل قراءة دقيقة لمعادلات القوة، وخطوة استباقية أربكت العدو قبل أن يشهر سيفه.
واليوم، وعلى أرض غزة المحاصرة، أعادت عملية طوفان الأقصى تذكير الأمة بالحقيقة ذاتها: أنّ المبادرة ليست مجرد تكتيك عسكري عابر، بل هي قانون للبقاء، وسنة نبوية خالدة تتجدد مع كل جيل حين يدرك أنّ الانتظار ليس إلا انتحارًا بطيئًا.
دومة الجندل.. المبادرة التي غيّرت قواعد اللعبة
في السنة الخامسة للهجرة، وصلت الأنباء إلى المدينة: قبائل من الغساسنة الموالين لبيزنطة، مع قبائل عربية أخرى مثل قضاعة، تتجمّع عند دومة الجندل، على مفترق طرق التجارة بين العراق والشام والجزيرة، لتتحكم في القوافل المارة وتفكّر أيضاً في التحالف مع قريش وربما مع الروم. هذا التحالف كان سيجعل المسلمين في مواجهة قوة إقليمية كبرى قبل الأوان. كما أنّ الخطر كان يوشك أن يتحول إلى حصار اقتصادي وعسكري يطوّق دولة الإسلام الناشئة.
لكنّ النبي ﷺ لم ينتظر حتى يكتمل الطوق، بل اتخذ قرارًا جريئًا وخرج بنفسه على رأس ألف مقاتل إلى تلك البقعة التي تبعدُ حوالي خمسمائة ميل (نحو 800 كم) شمال المدينة. كان ذلك قبل غزوة الخندق بأشهر، وفي مرحلة حسّاسة من بناء الدولة.
لم تجرِ معركة كبرى، إذ إن القبائل تفرّقت قبل المواجهة، لكن الأثر النفسي والسياسي كان أعمق من أي دماء تُسفك: لقد سقطت صورة "المسلمين المحاصَرين" وحلّت مكانها صورة القوة القادرة على المبادرة، تمامًا كما ستتكرر هذه الصورة بعد قرون في غزة حين قررت المقاومة نقل الرعب إلى قلب مواقع العدو.
بهذه الخطوة تحوّل المسلمون إلى قوةٍ تملك زمام المبادرة وتفرض معادلات جديدة. وهنا لم تعد دولة الإسلام مشروعًا هشًّا في زاوية من الجزيرة، بل قوةً تمتد إرادتها إلى قلب المسالك التجارية والسياسية. لقد كان انتصارًا استراتيجيًا بلا دماء، لكنه أسّس لمرحلةٍ جديدة من القوة والردع، ومهّد لفتوحاتٍ كبرى لاحقًا.
طوفان الأقصى.. المبادرة التي حوّلت اليأس إلى أمل
لم تكن عملية "طوفان الأقصى" مجرد ردّ فعل على حصار أو عدوان، بل كانت القفزة الاستراتيجية الجريئة من دائرة الدفاع إلى فضاء الهجوم. لقد أدركت المقاومة أنّ منطق الصبر والانتظار، تحت وطأة حصارٍ خانق واستيطانٍ متوحش وتدنيسٍ متكرر للمقدسات، لن يُنتج إلا مزيدًا من التآكل والتراجع، فكان لا بد من كسر هذه المعادلة الجائرة.
هنا، تم استحضار الدرس النبوي من دومة الجندل: لا تنتظر أن يُحكم عليك الخناق، بل اذهب إلى قلب الخطر حيث يتشكل. لقد اختارت المقاومة بوعيٍ كامل أن تتحول من قوة تردّ على العدوان إلى قوة تفرض معادلة جديدة، معادلة الردع بالمبادرة. لم تكن خطوة يأس، بل كانت قرار قوة، إيمانًا بأن زمن التحرير لا يُمنح، بل يُؤخذ بقوة الإرادة وجرأة التحرك.
طوفان الأقصى.. معركة الإرادة قبل أن تكون معركة السلاح
بعد أربعة عشر قرنًا، تكررت السُنّة نفسها في غزة. قوة صغيرة محاصرة لم تنتظر أن يُحكم عليها الخناق، بل باغتت عدوها في قلب مواقعه. في 7 أكتوبر باغتت المقاومة الفلسطينية عدوها بعملية لم يكن هدفها إسقاط الكيان في يومٍ واحد، بل إعادة تعريف الصراع كله. إنها الروح ذاتها التي حملها النبي ﷺ في دومة الجندل: ضرب العدو في الزمان والمكان الذي لا يتوقعه.
يُخطئ من يحصر تقييمه لـ"طوفان الأقصى" في حصيلة القتلى والدماء. هذه نظرة قاصرةٌ تختزل صراعًا عمره 77 عامًا في لحظةٍ واحدة. النصر الحقيقي الذي حققته العملية يتجاوز ذلك إلى أبعادٍ استراتيجيةٍ هزّت كيان العدو من الأعماق. فالنصر لم يكن في كثرة القتلى ولا في اتساع الأرض، بل في تحطيم الأساطير التي قام عليها كيان الاحتلال:
سقوط أسطورة "الجيش الذي لا يقهر": لقد محقت العملية أسطورة الأمن الإسرائيلي التي بُنيت لعقود، وفضحت حالة الهشاشة والتفكك الكامنة تحت قشرة القوة الزائفة.
انتهاء الردع الأحادي: فرضت المقاومة نظرية ردعٍ جديدة، فأصبحت تلوي بيد من حديد كلما حاول العدو الاعتداء، لتعيد تعريف معادلة "الردع المتبادل".
عودة القضية إلى مركز الوعي العالمي: أجبرت العملية العالم بأسره على النظر إلى فلسطين ليس كقضية "لاجئين" أو "مفاوضات"، بل كقضية احتلالٍ عنصريٍّ واستعماريٍّ يجب حله.
9👍4
انهيار صورة "الديمقراطية المتحضرة": يكمن النصر في أن "طوفان الأقصى" كشف عورة هذا الكيان للعالم أجمع، وعرّاه من أي شرعية أخلاقية، ودفع به إلى فخّ المجزرة العلنية التي قد تكون سببًا في إدانته دوليًا وسقوطه السياسي والأخلاقي على المدى المتوسط والبعيد. لقد بدأ العد العكسي، والشعوب التي ترى جرائمه الآن لن تنساها أبدًا.
وهذا أعظم من أي مكاسب ميدانية؛ فقد انتقلت المقاومة من موقع الدفاع المستنزف إلى موقع المبادرة الفاعلة، ونجحت في إرباك العدو وإعادة رسم الوعي العالمي. إنها ليست معركة دماء فحسب، بل معركة إرادات، تثبت أنّ الأضعف ظاهرًا قادر على قلب الموازين بقرار واحد جريء.
العدو في الحالتين فوجئ بأنّ الطرف الأضعف في الظاهر يستطيع أن يغيّر المعادلة، وأنّ الانتظار يعني استنزافًا بلا نهاية، بينما المبادرة تعني نقل الرعب إلى قلب الخصم.
من المدرسة النبوية: دروس لا تُشترى إلا بالتضحيات
غزوة دومة الجندل لم تكن مجرّد تحرّك عسكري إلى واحة بعيدة، بل كانت مدرسة كاملة في فنّ البقاء والمبادرة. فيها تعلّم المسلمون أنّ الانتظار ليس سوى استنزاف بطيء، وأنّ من يفرض زمان المعركة ومكانها يملك نصف الطريق إلى النصر. وفيها أيضًا ظهر سرّ المباغتة، فحين يظن العدو أنه مطمئن في حصونه، تكفي خطوة جريئة واحدة لتضاعف أثر القوة، مهما كانت قليلة في العدد والعدة.
لم يكن النصر يومها بعدد القتلى أو الغنائم، بل في صورة العدو المرتبك وهو يتراجع قبل أن تبدأ الحرب أصلًا. تلك الصورة وحدها كانت فتحًا نفسيًا يمهّد لفتوحات أخرى. ثم جاء الدرس الأعمق: أنّ القائد الحق لا يتحرّك في الميدان وحده، بل يبني أمته في الوقت نفسه. فالنبي ﷺ كان يرسّخ الداخل وهو يوسّع الخارج، يصنع الرجال وهم يصنعون التاريخ معه.
وهكذا، فإنّ من يقرأ دومة الجندل اليوم يرى أنّ الرسالة لم تكن محصورة في زمانها؛ إنها درسٌ يتكرّر مع كل مقاومة تُدرك أنّ معركتها أكبر من حدود قريتها أو مدينتها، وأنها جزء من مواجهة أمّة بكاملها. لذلك لم تكن غزة في طوفان الأقصى تقاتل عن نفسها وحدها، بل عن حاضر العرب جميعًا ومستقبل المسلمين.
لقد علّمتنا المدرسة النبوية أنّ الجرأة لا قيمة لها بلا بصيرة، وأنّ التضحية بلا مشروع تبديد، أما إذا التقت البصيرة مع المبادرة والتضحية، فهي تصنع المعجزات.
المبادرة الاستراتيجية: قانون البقاء الذي ترفضه الأُمّة!
وليس هذا المنطق الاستباقي حكرًا على جبهتنا، بل هو قانون استراتيجي تتّبعه الدول حين تشعر بتهديد وجودي. فكوريا الشمالية، على سبيل المثال، والتي ترى في تراجع روسيا تهديدًا لأمنها القومي، بادرت بدعمها عسكريًا في حرب أوكرانيا. إنها محاولة لصدّ عدوان مستقبلي محتمل بكسر شوكة خصمها اليوم. وهذا يؤكد أنّ المبادرة، في الأخير، هي لغة القوة التي تفهمها كل الأمم التي تسعى للبقاء.
فلماذا نرفض نحن أن نتعلم هذه اللغة إلا بعد أن تُسحق أرضنا وتُهدم مقدساتنا؟ لماذا ننتظر حتى تتحقق أحلام نتنياهو بـ"إسرائيل الكبرى" لندرك أنّ المبادرة هي خيارنا الوحيد للنجاة؟
خاتمة: من منطق البقاء إلى منطق الفعل
ليس قدر هذه الأمة أن تعيش بين الركام تبكي جراحها، ولا أن تحصي شهداءها كأرقام في نشرات الأخبار. إنّ دماءها ليست عبثًا، وأشلاء أطفالها ليست خسارةً مجانية؛ بل هي الثمن الذي دُفع على مرّ التاريخ لتتحول الهزائم إلى بدايات، والانكسارات إلى جسور نحو النصر.
من دومة الجندل إلى طوفان الأقصى، تتكرر الحقيقة نفسها: أنّ المبادرة هي سرّ البقاء، وأنّ الاستباق هو لغة الحياة للأمم الحيّة. وما يراه البعض تهوّرًا أو مغامرة، هو في ميزان التاريخ شجاعةٌ صنعت واقعًا جديدًا، وأيقظت أمةً كانت تُساق إلى الاستنزاف.
فليقل المثبطون ما شاؤوا؛ إنهم لم يفهموا سنن النصر، ولم يقرأوا أنّ الأمة لا تُولد من رحم الانتظار، بل من فعلٍ يزلزل، وتضحيةٍ تكتب سطور التاريخ. نحن اليوم لا نعيش منطق البقاء فحسب، بل منطق الفعل: نردّ على الجراح بالمبادرة، وعلى الحصار بالاقتحام، وعلى الموت بالحياة التي تهتف من بين الركام: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾
10👍3
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتية

مقال: ماذا يدبر للمسلمين ؟

بقلم: الشيخ حسن ايوب

استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
16👍2
الولايات المتحدة وإسرائيل.. علاقة قلبية

ديفيد هيرست
الصحافي البريطاني المعروف*
👍4
في المجتمع الديموقراطي عادة يكون الجديد أو غير المتوقع، وحتى المستفز أو الجدالي المتعمد، أو يجب أن يكون مرحباً به بوصفه جوهر الجدال والخلاف اللذين يتفرع عنهما فهم أكبر وتصحيح في نهاية المطاف للأرثوذكسية السائدة إن كانت خاطئة. لكن ذلك لا يصح ربما بالنسبة إلى الصراع العربي - الإسرائيلي بقدر ما يصح بالنسبة إلى أي موضوع آخر تقريباً، أو أن ذلك ينطبق على الأقل على أولئك –أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة- الذين يهيمنون على النقاش ويجعلون مهمتهم تشكيل الأرثوذكسية والحفاظ عليها.
في هذه الظروف، ربما كان من قبيل حسن الحظ أن (البندقية وغصن الزيتون) لاقى طريقه إلى النشر، بغض النظر عن مقدار الفشل الذي واجهه آنذاك. وفي زمن صدوره، كان المعلق اليهودي الشهير، أ. ف. ستون، يعبر عن حزنه للصعوبة الشديدة التي أصبحت تواجهها أي وجهة نظر بديلة حول الشرق الأوسط في الحصول على أي أذن صاغية. وقبل ثلاثين سنة كان ستون قد فاز بمكانة بطولية بين اليهود الأميركيين لتغطيته المباشرة لفرار اليهود الأوروبيين إلى فلسطين بعد الحرب، ونال عليها ميدالية من هاغاناه، الميليشيا الصهيونية السابقة لقيام الدولة.
لكنه اضطر في السبعينيات إلى أن يكتب ما يلي: "لا تلاقي حرية النقاش حول الشرق الأوسط تشجيعاً؛ لا نحظى نحن المنشقين إلا نادراً بصوت سريع الزوال في الصحافة الأميركية... إن إيجاد دار نشر أميركية مستعدة لنشر کتاب يبتعد عن الخط الإسرائيلي المعياري يوازي سهولة بيع شرح عميق للإلحاد للمرصد الروماني في مدينة الفاتيكان".
ما من شك في أن الصهاينة تاريخياً لاقوا في كل مكان نجاحاً استثنائياً إلى حد كبير في الفوز بالتأييد الدولي لوجهة نظرهم وفي الحفاظ عليه، لكن ذلك لا يصح على أي مكان بقدر ما يصح على الولايات المتحدة حيث تمتعت إسرائيل كل الوقت بميل فريد إلى مصلحتها.

لقد نبع هذه العطف من خزان الموارد العاطفية والثقافية نفسها القائمة في أي مكان آخر في الغرب، والتي تتراوح بين الإيمان المسيحي -والفكرة العاطفية القائلة بأن عودة اليهود إلى أرض أسلافهم ستشكل تحقيقاً لنبوءة توراتية- وشعور الأغيار بالذنب لاضطهادهم اليهود عبر الأزمنة. لكنه كان هناك أقوى منه في أي مكان آخر، وكان المجتمع اليهودي الأميركي فاعلاً بشكل خاص في تحويله إلى دعم حكومي.
في كتابها (إدراك فلسطين)، تجادل كاثلين كريستيسون، المحللة السابقة في (سي. أي. آي)، أن "معظم الولايات المتحدة وقع في غرام إسرائيل".
وقال آخرون إن "الأميركيين والإسرائيليين كانوا يرتبطون معاً ليس كمثل أي شعبين سيدين آخرين"، أو إن التماثل كان قريباً إلى درجة أن إسرائيل "شاركت في وجود المجتمع الأميركي". كانت إسرائيل "واحدة منا"، موقعاً متقدماً للحضارة الغربية قلعة للديموقراطية، وحليفاً أساسياً في منطقة غريبة ومعادية ومضطربة غالباً.
وفيما اعتنقت الولايات المتحدة من دون تردد الرواية التاريخية الصهيونية، راحت ترى إسرائيل كما كانت إسرائيل ترى نفسها إلى هذا الحد أو ذاك. فولادتها كانت تعويضاً عن المحرقة، تلك الكارثة الكونية الكبرى، ونصراً للروح الإنسانية على عداء رهيب. وكانت "حرب الاستقلال" التي خاضتها، ذلك النضال الملحمي ضد عقبات هائلة شديدة الإيحاء بحيث إن نائب الرئيس آل غور تمكن بعد خمسين سنة من أن يقول، في سيل بلاغي لم يكن غير نمطي: "يشعر الأميركيون أن روابطنا بإسرائيل أبدية. لقد قام مؤسسونا، كمؤسسيكم برحلة في البرية بحثاً عن صهيون جديد. وكان نضالنا كنضالكم، إلهياً كما كان بشرياً. وقد أخبرنا أنبياؤنا، وأنبياؤكم، أن لديهم حلماً وقد جمعونا بحلمهم لخوض هذا النضال من أجل العدالة والسلام".

لكن ما بدا للمعجبين الأميركيين سامياً وراقياً كان بالنسبة إلى الفلسطينيين نكبة. والواقع أنهم يطلقون على ذلك بكل بساطة كلمة "النكبة" منذ وقوعه. فالواقع أن الدولة اليهودية، بغض النظر عن كونها في حد ذاتها حلماً محترماً، كانت كذلك في أساسها وولادتها ونموها اللاحق مشروعاً استعمارياً. ربما كانت تختلف في نبضها الأول عن تلك الحركة العريضة من الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر الذي تفرعت عنه، لكنها في الوسيلة والنتائج كانت جزءاً منها بشكل لا فكاك منه، ولم تقلّ عنها ظلماً أو قساوة في تأثيرها في سكان الأرض التي استعمرتها.

هذه هي الحقيقة التاريخية التي أقام عليها (البندقية وغصن الزيتون) حُـجته المركزية. فالعنف المستمر في الشرق الأوسط يتخذ مظهراً مختلفاً تماماً عن ذلك الذي تسبغه عليه الأرثوذكسية السائدة، ولو عُريت جذوره لتبين كذلك أن أكبر عمل من أعمال العنف في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي (حرب الاستقلال الإسرائيلية) كان في الحقيقة عملاً واسع النطاق من أعمال التطهير الإثني قد قرره الصهاينة واستعدوا له منذ أن وطئوا أرض فلسطين.
👍4
الخرافة الصهيونية
وإن الرواية الصهيونية الرسمية التي تحيط بهذه الحادثة عبارة عن خرافة ذات أبعاد عملاقة؛ إنها خرافة تقول في صيغتها العامة -بحسب أحد الشعارات الشهيرة- إن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب تنتظر شعباً بلا أرض؛ وإن الفلسطينيين، خلال الحرب التي اندلعت في العام ۱۹٤٨، فروا من البلاد بأمر من قادتهم؛ وإن الجنود اليهود، المخلصين لشعارهم "نقاء السلاح"، لم يرتكبوا أي مجزرة متعمدة ضدهم، وهزموا تحالفاً أقوى بكثير من الجيوش العربية كان ينوي تدمير إسرائيل؛ وإن الدولة الجديدة سعت بصدق بعد تأسيسها إلى تحقيق السلام مع جيرانها، ولم تلجأ إلى القوة المسلحة إلا دفاعاً عن النفس ضد إرهاب فلسطيني وعدوان عربي مستمرين وغير محفزين.

وكأي مشروع استعماري اعتمدت إسرائيل في وجودها نفسه على دعم راع إمبريالي أو متروبوليتاني. بل وبفضل الشتات اليهودي وتنوعه الجغرافي، استطاعت أن تتكل بشكل مميز على أكثر من راع. فقبل مرحلة الدولة، كان الراعي بريطانيا، القوة الإمبريالية الرئيسية في ذلك الوقت. بواسطة وعد بلفور للعام ۱۹۱۷، فتحت أبواب فلسطين أمام الهجرة اليهودية ثم حمت المجتمع الاستيطاني المتنامي في صراعه الحتمي مع السكان الأصليين حتى أصبح قوياً كفاية ليتعامل معهم وحده. لكن بعد العام ١٩٤٨ انتقلت الرعاية أساساً إلى القوة العظمى الجديدة، الولايات المتحدة.

ولرعاية هذا الدعم والحفاظ عليه، كان على إسرائيل باعتبارها الدولة اليهودية، وعلى الصهاينة في كل مكان الاحتفاظ مهما كان الثمن بالرأي العام الدولي إلى جانبهم بالقدر الكافي وذلك لإبطال النتائج السلبية التي قد تصيبهم جراء الأخطاء المعنوية والمادية التي قد تنزلها إسرائيل -بوصفها مشروعاً استعمارياً- بالفلسطينيين.
وقد تميز ذلك منذ البداية ببراعة كبرى -لم يكن الفلسطينيون والعرب فاعلين قط في مواجهتهم إياه بسبب افتقارهم لأي تمثيل يقبل المقارنة ولو من بعيد داخل السياسة المحلية للراعي المتروبوليتاني- إذ إن عميد الباحثين الفلسطينيين، وليد الخالدي، يعطي هذا العامل أهمية فائقة في تاريخ الصراع بأسره. ففي الشرح الموجز ولكن المحترف لقيام إسرائيل الذي يرافق أنطولوجيته )من الموئل إلى الفتح( يقول: "إن العمى الجزئي الغربي في حد ذاته من معالم المشكلة الفلسطينية". ولم يحِط "أي غموض بكيفية حصول ذلك".

لم تتكشف المأساة الفلسطينية، فهي كذلك حقاً، في عصر غامض من عصور التاريخ أو في منطقة لا يمكن الوصول إليها عند أطراف العالم. فقد جرت في القرن العشرين خلال حياة آلاف السياسيين والدبلوماسيين والإداريين والجنود الغربيين وتحت أنظارهم، وفي بلد، في فلسطين، يسهل كثيراً وصول وسائل الاتصال الحديثة إليه. ولم تكن نتيجة تلقائية لظروف تصادفية وقوى خارجة على السيطرة. لقد أطلقتها أفعال إرادية متعمدة؛ فالقرارات الرئيسية التي أنتجتها اتُّخذت في عاصمتين غربيتين -لندن وواشنطن- ومن قِبل قادة دستوريين... وقد اتُّخذت هذه القرارات بوجه الحقائق القائمة في فلسطين وبوجه المناشدات المعذبة لعرب فلسطين والتحذيرات والنصائح للمراقبين الخبراء الغربيين... لم يكن الفلسطينيون أول شعب يتعرض للحرمان والنفي ولن يكونوا الأخير؛ لكنهم إلى اليوم الوحيدون الذين لا تكتفي المحكمة الغربية بردّ نكبتهم بدعوى أنها غير ذات صلة بردود فعلهم ضد مرتكبي النكبة، بل إنها تعتبرهم كذلك مجرمين بسبب ردود الفعل هذه. لقد شكل هذا العمى الجزئي الغربي نفسه الجو اللازم لتحقيق المشروع الصهيوني.

تعزيز الخرافة الصهيونية فضيحة جوان بيترز

لا يزال العمى الجزئي قائماً إلى اليوم وكذلك الحاجة إليه، أو بالأحرى للتحيز الذي هو ابنه بالتبني. لقد أصبحت إسرائيل أقوى بما لا يقارَن مما كانت عليه سابقاً، لكنها لم تصبح أقل اعتماداً على راعيها المتروبوليتاني من أي وقت مضى، وتحديداً على النفوذ الهائل الذي اكتسبته عليه، إما مباشرة أو بالتنسيق مع "أصدقاء إسرائيل" في الولايات المتحدة.

وهذا بدوره يجعلها تعتمد على احترام الرأي العام الأميركي ككل والذي يشكل في نهاية المطاف السياسة الأميركية الخارجية أو يردعها عن سلوك مسالك لن يقبلها. ويمكن طبعاً للموقف الإسرائيلي أن يؤثر في قضية سياسية مباشرة، لكنه في شكله الأعمق والأبعد مدى يسعى إلى الحفاظ في نظر الأميركيين على استقامة المشروع الصهيوني وأسسه المعنوية.
👍4
وشهدت هذه الأرثوذكسية السائدة بعض التآكل منذ (صدور البندقية وغصن الزيتون) على الرغم من أن دوره في هذا الاتجاه كان صغيراً جداً. لكن مقدار القوة التي بقيت لها، أو بالأحرى مجرد مقدار الفاعلية والتلقائية اللتين كان يتعبأ بهما المثقفون والأكاديميون ووسائل الإعلام وصناع الرأي في مجملهم للدفاع عنها، تبين بوضوح كبير جداً مع ظهور کتاب آخر بعد سبع سنوات لقي استقبالاً مختلفاً تماماً مقارنة بكتابي. ففي العام ١٩٨٤ نشرت جوان بيترز كتابها: (منذ الأزل: جذور الصراع العربي - اليهودي على فلسطين).
وقد عمد هذا الكتاب، ليس فقط إلى الدفاع عن الأرثوذكسية والحفاظ على خرافتها، بل كذلك، وعن طريق استعراض ضخم من البحث والتقميش، إلى جعلها غير قابلة للاختراق. كان من الأمور المتعارف عليها عموماً منذ العام ١٩٤٨ أن اللاجئين الفلسطينيين الذين خلقهم قيام إسرائيل هم لاجئون حقاً، بغض النظر عن قراءة المرء للأحداث التي أفضت إلى ذلك. لكن بيترز، الباحثة الأكاديمية، وبعد دراسة الأوضاع الديموغرافية واتجاهات الهجرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ادعت عدم وجود هؤلاء؛ فهم لم يقيموا في فلسطين "منذ الأزل"، ولم يكونوا في الواقع أكثر تجذراً في الأرض مقارنة بـ"المهاجرين" الصهاينة الذين تدفقوا إلى فلسطين منذ صدور وعد بلفور. لقد كانوا هم أنفسهم "مهاجرين". ومعظم ما يُسمَّى باللاجئين كانوا في الواقع قد أتوا إلى فلسطين في السنوات القليلة السابقة. وقد جذبهم إلى هناك الازدهار وفرص العمل التي خلقها المهاجرون الآخرون الصهاينة الذين تفوقوا عليهم لناحية الكد والفاعلية والاستثمار، وأصبحوا نتيجة لذلك يملكون حقاً في أرض فلسطين مساوياً لحق الفلسطينيين "الواصلين حديثاً"، إن لم يبزّه، ولو أنهم في الأصل من روسيا وأوروبا والولايات المتحدة.

لقد شكل ذلك فعلاً أطروحة جديدة وثورية، أطروحة مدهشة وفريدة فاتت كل باحث أو صحافي أو رحالة، سواء أكان صهيونياً أم معادياً للصهيونية، كان قد تعامل مع الموضوع خلال السنين المائة السابقة. أطروحة كانت في حال صحتها كفيلة بتقويض القضية العربية والفلسطينية بضربة واحدة. بل إن أي باحث أو دعائي لم يعد بمقدوره أن يجادل بأن الفلسطينيين في الواقع شعب حقيقي وبأن لهم تاريخاً حقيقياً في «فلسطين»، بحسب الناقد والمعلق الفلسطيني المميز إدوارد سعيد. "لقد أكد كتابها أن وجودهم الوطني، وكذلك وجودهم بحد ذاته، وبالتالي دعاواهم في وجه إسرائيل، باتت في أفضل الأحوال محاطة بالشكوك وفي أسوأها مجرد اختراع... فالفلسطينيون هم عبارة عن دعاية كما كان شأنهم دائماً".

هذه النقطة تحديداً كانت مهمة بحد ذاتها في ما يتعلق بالصراع وبالموقف الذي كان يجب أن تتبناه الولايات المتحدة. وعلى هذا النحو رآه على الفور حراس الشعلة الصهيونية ومعهم المؤسسة السياسية-الثقافية برمتها تقريباً. وأصبحت (بيترز) بسرعة نجمة، وانهالت عليها طلبات الظهور في برامج الحوار الإذاعية والتلفزيونية، وقد وافقت على المشاركة في نحو مائتين وخمسين برنامجاً في العام ١٩٨٥ وحده. وحققت تحفتها نجاحاً نشرياً مباشراً. وفازت بسرعة بجائزة الكتاب اليهودي القومي المرموقة. وطبعت سبع مرات خلال ثمانية أشهر من صدورها للمرة الأولى، وقد لاقت كل طبعة التمجيد من قبل أهم المراجع، من المؤرخة الشهيرة بربارا توكمان التي أسمت الكتاب "حدثاً تاريخياً بحد ذاته" إلى الروائي سول بيلو الذي قال: "إن ملايين الناس في مختلف أنحاء العالم، المضللين بتاريخ ودعاية زائفين، سيكونون ممتنين لهذه الرواية الواضحة لأصول الفلسطينيين".

وراجعت الكتاب دوريات الرأي المهمة كلها تقريباً. وقد توحّد النقاد في الدهشة من المستوى الملحمي والشمولية والدقة -تكررت هذه الصفة كثيراً- التي ميزت بحثها ودراستها. فقد رأى رونالد ساندرز، واضع دراسة ضخمة حول وعد بلفور، أن الأوضاع الديموغرافية التي تناولتها يمكن أن تغير كل الجدال حول فلسطين. وأعلن مارتن بيريتز، محرر النيو ريبابليك، أن العمل "سيغيّر رأي جيلنا، ولو لقي الفهم المناسب، فقد يؤثر في تاريخ المستقبل".

وتساءل إدوارد سعيد: كيف أمكن في الولايات المتحدة، القلعة الفعلية لحرية التعبير والنقاش الصحيح "أن ينجرف محررون ومؤرخون وصحافيون ومفكرون بارعون في العادة في خرافة أن (منذ الأزل) عمل رائع من أعمال الاكتشاف التاريخي"؟ هل وصل الأمر إذَن إلى أن تسمح عقيدة يحملها اللاوعي لأكثر الأكاذيب فضائحية وإثارة للتقزز -رديئة الكتابة، فوضوية تماماً، مؤكدة بأسلوب هستيري- بأن تمر بوصفها بحثاً فريداً وحقيقة واقعة واستشرافاً سياسياً من دون أن تواجه ما يجدر ذكره من التشكيك أو الاعتراض أو حتى التحفظ المهذب"؟
👍4
هذا ما حصل. فحين يتعلق الأمر بفلسطين، تختلف الولايات المتحدة إلى حد كبير عن أي مكان آخر في العالم، بما في ذلك حليفتها الأنكلو-سكسونية الأقرب: بريطانيا. بل وحتى المستفيدة على ما يبدو من هذا التحيز شبه الأعمى، إسرائيل نفسها. إن النفوذ الذي حققه صهاينة بريطانيا حين كانت هذه الدولة، بوصفها القوة المنتدبة في فلسطين، تلعب دور الراعي المتروبوليتاني المقرر بالنسبة إلى حظوظهم، كان نفوذاً مذهلاً دائماً، لكن مظهره تضاءل بالمقارنة مع الإنجازات التالية لصهاينة الولايات المتحدة. لذلك لم يكن غريباً أن يواجه منذ الأزل هجوماً سريعاً ومذلاً فور صدوره في بريطانيا.
فقد استنتج ألبرت حوراني، مؤرخ الشرق الأوسط البارز، أن الكتاب كان "مضحكاً وعديم القيمة"، مؤكداً أن المسألة المثيرة للاهتمام إلى حد ما فيه تمثلت في قدرته على كسب المدائح التي كسبها على الضفة الأخرى للأطلسي. ووصفه السير أيان غيلمور ودافيد غيلمور في مقالة مشتركة من ثمانية آلاف كلمة في اللندن ريفيو أوف بوكس بـ"المحال". وفي إسرائيل شبهته صحيفة (دافار) الناطقة بلسان حزب العمل بالممارسات الدعائية الأكثر مدعاة للندم التي كانت البلاد قد عرفتها قبلاً. ووصفه أفيشاي مرغليت، رئيس دائرة الفلسفة في الجامعة العبرية "بشبكة الخداع".

في هذه الأثناء، وفي الولايات المتحدة نفسها، ولأسباب عدة، من بينها السخرية الخارجية، راح الترحيب الذي أُغدق برياء على العمل العظيم يتحول إلى إحراج كبير، وإلى فضيحة أدبية محتملة، لم تفُقها في الأزمنة القريبة سوى السيرة المزيفة التي وضعها كليفورد إيرفينغ للناسك الملياردير والغريب الأطوار هوارد هيوز.

في البداية لم تجرؤ سوى المطبوعات المتطرفة أو المغمورة على انتقاد الكتاب. ففي الأسبوعية السياسية الصادرة في شيكاغو (إن ذيس تايمز) كتب الباحث نورمال فنكلشتاين، الذي كان قد بدأ يصنع اسمه كناقد لاذع للمؤسسة الصهيونية، نقداً مدمراً لم يستهدف (أطروحات) بيترز فحسب، بل كذلك الكم الهائل من الأبحاث التي أجراها آخرون بناء عليها. واستنتج أن أبحاثها لم تكن مباشرة أو فريدة أو دقيقة، بل مجرد غرق في قنوات الدعاية الصهيونية خلال نصف قرن. وكانت النتيجة "أحد أكثر أعمال الخداع إبهاراً المنشورة حول الصراع العربي-الإسرائيلي". وأضاف أن العمل "لا يتميز في حقل مليء بالدعاية والتلفيقات والتزييفات السافرة".
ـــــــــــــــــــ
* ديفيد هيرست، البندقية وغصن الزيتون: جذور العنف في الشرق الأوسط، ترجمة: عبد الرحمن إياس، ط1 (بيروت: رياض الريس للنشر، يونيو 2003م)، ص17 وما بعدها. (جزء من مقدمة الطبعة الثالثة من الكتاب).
5👍4
لقد أعدّ الله أهل غزة لمثل هذا اليوم العظيم، أهل غزة الذين استقووا بربهم، رغم قسوة الظروف والحصار الذي يعيشونه، والمؤامرات التي تحاك ضدهم، رغم قلة العدة والعتاد، لكنهم يملكون قلوباً نقية تقية، قلوباً بفعلها قبل قولها تحب الله ورسوله ﷺ

من مقال: التحولات الجذرية في نهاية الدولة العبـ.ـرية

بقلم: الشيخ حسن الخطيب - عضو رابطة علماء فلسطين

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/6jsy
13
نشأ الأستاذ سيد قطب رحمه الله نشأة خاصة ومميزة عن غيره من الأولاد، فقد نشأ في أسرة كريمة متدينة مثقفة وميسورة الحال، وخرج من البيت طفلاً مميزاً شاعراً بذاته، لينمو هذا التميز والشعور بين أقرانه وزملائه في الشارع وفي المدرسة

من مقال: سيد قطب في ظلال القرآن (3)
سيد قطب: حياته، فكره وأعماله
بقلم: أ.د. خير الدين خوجة الكوسوفي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/jj8i
15👍5
المقال الأكثر قراءة في مجلة أنصار النبيﷺ:
إلى السادات الأكرمين من المجاهدين والمرابطين

بقلم المهندس محمد إلهامي

إنها رسالة مؤثرة توقظ الضمائر من قلب محب إلى قلوب ترابط بثبات في ساحات المجد والاصطفاء الرباني

اقرأ المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/vlvo
10
مقال: العصبة الإسرائيلية

بقلم: وليد دقة - فك الله أسره
👍32
تعتبر "العصبة" التي يغطي بها الجيش الإسرائيلي أعين المعتقلين، منذ اللحظة الأولى لاعتقالهم، وأثناء التحقيق معهم، إجراء تجمع على أهميته وتستخدمه كافة أجهزة الدول القمعية أثناء اعتقالها للمناضلين.

ويبدو أن هذا الإجراء الذي قد ألفته العين الفلسطينية، أو ربما اعتبرته جزءاً من جملة إجراءات قمعية أخرى يستخدمها الاحتلال، لم يتم مناقشته أو التفكير به والغوص في رمزيته ودلالاته التي في اعتقادنا تتجاوز كثيراً حجب بصر الأسير، وينطوي على معانٍ لم تتناولها الأدبيات الفلسطينية.

إن العصبة ليست أداة تعذيب، ومن الخطأ اختزالها والتفكير بها بهذا المعنى، لا سيما وأن جسد الأسير، ومنذ عقود خلت، لم يعد هو المستهدف، وإنما المستهدف هو عقله. والعصبة تسهل على السجان أو المحقق إحداث تفوق معرفي لصالحه في مقابل الأسير منذ اللحظة الأولى لاعتقاله.

وبقدر ما تحقق ذلك، فإنها تستهدف بشكل خاص، معرفة الذات كقدرة، والذات كهوية، وصولاً إلى ضعضعة الإرادة. فما دام العقل الذي تستهدفه العصبة ليس هو جوهر الإنسان كما تدعي الفلسفات التي ترفع من شأن العقل، وتدعو للتمسك به، ولا حتى العمل هو الذي يميزنا كبشر عن باقي المخلوقات كما تدّعي الماركسية، وإنما الإرادة هي جوهرنا. وبالتالي، فإن المستهدف عبر العقل بوسائل عقلية هو الإرادة، أو بكلمات أخرى: إنسانية الإنسان.

إن معرفة الذات هي الشرط الضروري لتحقيق المعرفة بمعناها الأوسع، فذات غير عارفة لذاتها هي ذات غير مؤهلة للقيام بدورها إزاء نفسها ومحيطها، هي ذات فاقدة للإرادة.

لا تُدرك الذات، إن كانت ذات الفرد أو الذات الوطنية الجامعة بذاتها، وإنما من خلال تفاعلها مع محيطها. فالكأس لا تمتلئ من ذاتها، والمرآة لا تعكس الفراغ، وإن عكست، ففراغاً تعكس وتبقى تتوسل الحركة لتمتلئ بها. والأسير، في لحظة الاعتقال والتحقيق، مرآة متعطشة متنبهة لأي حركة أو سكون، ولأي كلمة أو إشارة أو تعبير شفوي يصدر عن الذين يحيطون به من جنود وسجانين ومحققين وأسرى.

يتعلم الطفل بأنه جميل أو ذكر أو أنثى، عبر ما يعكسه محيطه له من صور. فلو تعاملنا مع الطفل وصدرنا له صورته عبر سلوكنا بأنه ضعيف أو جبان، فإنه سيتمثل هذه الصورة. إن الاعتقال صدمة يحاول المحتل تعظيم أثرها على نفسية الأسير وحالته المعنوية حتى يوصله إلى "عام الصفر"، حتى يغدو صفحة بيضاء مستسلمة، أو قابلة لأن يكتب عليها ما يشاء.

إن هذا النوع من الإدراك نؤسس عليه السردية الكبرى لذاتنا، ويجيب على السؤال: "من أنا، وما هي قدراتي؟" بينما الإدراك الذي تحول دونه العصبة، أثناء الاعتقال، يجيب على سؤال الوضع situation : أين أنا، وما هو تقديري للظرف؟ نحن ندرك الظرف من خلال ما يعكسه لنا الأفراد الذين يحيطون بنا بمن فيهم الجنود والسجانون والمحققون أكثر مما ندركه من خلال تجربتنا الذاتية.

فالاعتقال في الغالب، إما تجربة أولى، ولا يملك صاحبها تجربة سابقة ومخزوناً معرفياً يمكن الاعتماد عليه، أو أنه يعتمد على معلومات في الغالب رواها له أسرى سابقون، وغالباً ما تكون تجربة مختلفة يرويها الأفراد لتعظيم الذات من خلال تضخيم التجربة.

ينشغل الاحتلال استراتيجياً بالسيطرة على الفلسطيني من خلال أشكال مختلفة من العصبات التي يحاول تطويرها بصورة دائمة لتتلاءم والواقع الدينامي، للتأثير على تشكيله وإدراكه لذاته في مستوى السرديات الكبرى. ويمثل عدم سيطرة الفلسطينيين على سجل النفوس والأراضي، والمياه وغيرها من المعلومات التي تشكل البيانات الضخمة big data، عصبات تحول دون قدرة المؤسسة الفلسطينية على تقدير وضعها، وإدراك قدراتها ومكامن قوتها وضعفها.

وهذا النوع من العصبات لا يستهدف الآني والحاضر الفلسطيني، وإنما يستهدف المستقبل، بتعطيل الزمن ابتداء عبر تقسيمه لسياقات زمنية مختلفة حتى يبقى زمناً ما قبل حداثي، إن كان على مستوى الهوية، أو على مستوى القدرة الفلسطينية، واختزالها إلى قوى من نسق واحد في أحسن الأحوال، يسهل على الاحتلال مواجهتها وإبقاؤها دون التأثير في سياساته.

إن الاحتلال أثناء استغراقه في مراقبة مرآة الفلسطيني، يتأثر بها ويتشكل كقدرات بإزميلها، فيبني كيانه ومؤسساته وفقاً لما يراه منعكساً في المرآة الفلسطينية. إن السجان - المستعمِر ينقش السجين ويشكّله على شاكلة مخاوفه، والسجين - المستعمَر، ينقش سجانه على شاكلة مخاوفه أيضاً.

إن السجان يرى بأن السجين الذي شكله يشبهه، وفي الحالة اليهودية التي تعتبرها الصهيونية هي الضحية التاريخية الوحيدة.. فتخشى أن يحل الفلسطيني مكانها في غفلة منها، تسعى دوماً، أن تضع مزيداً من القيود على معصميه، فتكبّله بالحديد، أو ربما تكبل المواطن الفلسطيني بالزمن حتى لا يبرح زمانه ومكانه، ويحل مكان السجان - المستعمر وزمانه، لا بصفته، أي هذا الأخير، مالكاً للقوة، وإنما بصفته ضحية، فيسلب الفلسطيني حتى من حقه في أن يكون ضحية.
👍42
ومن جهة أخرى، وفي سعيه المحموم للسيطرة، يتأمل السجان المستعمِر مرآة السجين - المستعمَر، فيرى نفسه وما فعله بشعاً، فيخشى ما صنعه، وما قد تصنعه انعكاسات هذه المرآة في إدراكه لذاته. وبدل أن يغير الواقع، يسعى إلى تحطيم المرآة أو حتى إلى إنكار وجودها.

وما بين التكبيل بالحديد والباطون، أو بالزمن، وتحطيم الأسير المواطن الفلسطيني كمرآة، أو بكلمات أخرى، ما بين مصادرة الحرية ومصادرة الحياة عبر التصفية الجسدية، فإن السجان - المستعمر، يسعى من خلال العصبات، على أنواعها المختلفة إلى الحيلولة دون إحساس الفلسطيني بالزمن وإدراكه بالمعنى التاريخي والحضاري، والتلاعب بوتيرته، بما فيه الزمن الافتراضي، بهدف تشييىء الأسير والمواطن - المستعمَر ومصادرة ذاته كفاعل سياسي وصولاً إلى الإبادة السياسية.

إذا كانت المعرفة قوة، وهي كذلك، فإن معرفة الذات قدرة، أو هي القوة بمعناها العام والأشمل، والجهاد الأكبر في ثقافتنا العربية الإسلامية هو جهاد النفس. وجهاد النفس، كما أفهمه بتصرف، ليس قمع النوازع والغرائز وتهذيب النفس البشرية فحسب، وإنما هو بالدرجة الأولى معرفة النفس بما تملك من قوة وضعف للوصول إلى مثل هذا التهذيب الذي لا يمكن تحقيقه دون هذا النوع من المعرفة.

إن عدم المعرفة التي تنتجها العصبة، في حالة الأسير، يخلق عدم اليقين الذي يولد بدوره الخوف.. والخوف أنواع: الخوف المباشر من خطر داهم.. صفعة أو ضربة هراوة، وهذه مهما كان حجمها وقوتها، فإن الخوف منها محدود، ولا يجهد العقل والتفكير. بينما الخوف من المجهول الذي تحجبه العصبة، هو خوف لا متناهٍ يستنزف طاقة العقل الذي يؤوّل المجهول إلى سيناريوهات غير محدودة، استناداً للتجربة الاجتماعية السابقة للفرد المعصوب أو كما يسميه زيجمونت باومان Zygmunt Bauman ": "الخوف المشتق".

يتغذى المستعمر، إن كان محققاً أو سجناً أو مؤسسة على الظُّلمة كمصاصي الدماء، التي يخلقها عبر أنواع مختلفة من العصبات، ويحرص على نفسه أن يبقى في هذه الظلمة، وأن يعمل في الخفاء كاستراتيجية تُفقد المستعمر أي إمكانية حقيقية لمواجهته. إن قوة الكائنات الما ورائية، والرهبة التي تثيرها في النفوس من مجرد ذكرها، تنبع من كونها غير مرئية، الأمر الذي يجعل تأويل قدرتها لقدرات خارقة غير محدود، فيحوّلها في نظر عامة الناس إلى قوة لا متناهية.

إن شعار جهاز المخابرات العامة "الشاباك" الإسرائيلي (مغين فلو نرآه) [مدافع ولا يُرى] يموضعه تماماً في خانة كُلِّي القدرة والمعرفة، لا بما حدث في الماضي والحاضر، وإنما بما قد يحدث في المستقبل. لقد استطاع "الشاباك" تسويق نفسه وإقناع المواطن الفلسطيني والإسرائيلي، على مدار سنوات طويلة، أنه العالم بالغيب، وبات يتردد بين المواطنين مقولة: "للجدران آذان". لقد سُطرت قدرات هذا الجهاز رغم أنه فشل في توقع الكثير من الأحداث، بما فيها الانتفاضة الأولى والثانية.

إن من أخطر العصبات هي النخب السياسية المستعمرة التي ينجح المستعمر في استغلال ما تعتقده هذه النخب بأنها مساومات مشروعة، وبأن مجمل وجودها وأمنها، بل والقليل مما تبقى في خطابها من مفردات ومصالح وطنية مرتبط ارتباطاً عضوياً بما يقدمه لها المستعمر من تسهيلات وامتيازات.
ويحول وجود مثل هذه النخب، بصفتها عصبة على شكل سلطة أو سلطتين في الحالة الفلسطينية، دون قدرة الجماهير المستعمرة على إدراك مشهد الاستعمار بكامله.

إن تشويش رؤية الجماهير يستهدف خلق بلبلة وتجزئة لأجندة الحركة الوطنية لمهام مطلبية تكتيكية، وتحويلها، تدريجياً، من مقاومة للاستعمار إلى ناقدة لسياساته تحت هذا السقف المطلبي. ويتحول الاستعمار إلى غير مكلف سياسياً واقتصادياً وأمنياً. إن إيصاله النخب السياسية المستعمرة إلى قناعة مفادها أن بقاءه هو مصيري لاستمرار وجودها يحققه عبر تصويره الواقع بأنه واقع لا يقبل الوسط، واقع dichotomy: (إما، أو):
إما: بقاء الاستعمار..
أو: الفوضى..
ويصور الفوضى، لا بصفتها انهيار منظومة السلطة التي أوجدها فحسب، وإنما انهيار الأمن والأمان الشخصي لكل مواطن، حتى يُجيّش دعماً لصالح هذه السلطة، ومن ثم يُعمّق ارتباطها وتعلقها بالمستعمر، لا بصفتها سلطة الشعب وإنما بصفتها سلطة الأهون شراً من الفوضى.

إن واقع وجود سلطة فلسطينية بشقيها، إن كان في غزة أو في الضفة، يمثل عصبة مزدوجة على بصيرة النخب السياسية والاقتصادية، وجزء من النخب الثقافية، لا سيما المؤطرة منها سياسياً. والاحتلال يُري هذه النخب ما يشاء هو أن تراه من المشهد السياسي الفلسطيني، خصوصاً بعد أن تحوّلت مهمتها الأساسية إلى تكريس وجودها وإعادة إنتاج مصالحها، ودوماً باسم المصلحة الوطنية وثوابتها.

لكن هناك دوماً من ينجح في استراق النظر من أسفل العصبة، ودون علم المحتل، وهذا الاستراق يمارس خارج القوالب والسقوف الفصائلية، إلا إنه ما زال دون القدرة لأن يتحول إلى حالة سياسية منظمة أو بديلاً فاعلاً على الأرض.
👍4
أما شاعر الألمان الأعظم على مرَّ الزمان يوهان جوته: ’’فقد نظم، وهو في سن الثالثة والعشرين، قصيدةً رائعةً أشاد فيها بالنبي محمد ﷺ، وحينما بلغ السبعين من عمره أعلن على الملأ أنه يعتزم أن "يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي ﷺ

من مقال: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ - أدباء العالم يثنون على النبي ﷺ (2/3)

بقلم: د. إياد محمود – كاتب وقاص

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/xwkg
14👍2
🔴 العدد الجديد

بفضل الله تعالى، صدر العدد الجديد (42) من مجلة أنصار النبي ﷺ، مع تمنياتنا بقراءة مفيدة.

للتحميل: www.group-telegram.com/ansarmagazine.com/4945
12👍6
2025/11/01 11:23:06
Back to Top
HTML Embed Code: