group-telegram.com/hnabla1444/1184
Last Update:
=
ولَم أجِد -بَعدَ التحرِّي- مَنْ نصَّ على ذلِكَ مِنَ الحنابِلَةِ، سِوَى ما ذَكَرَهُ شَيخُنَا ابنُ عُثيمِين في
«الشرح الممتع» مِن قولِه:
«إنها لا تُحَدُّ، فإنْ أكرهَهَا حتَّى زَنَى بها ـ والعياذُ بالله ـ فليسَ عليها حَدٌّ، لكِنَّ المُكْرِهَ يُحَدُّ بِلَا شَكَّ، بل لو قِيلَ بالحَدِّ والتعزيرِ لكَانَ أوْلَى، فيُحَدُّ للزِّنَى، ويُعزَّرُ للاعتِدَاء»
عِلمًا بأنَّ قَواعِدَ المَذهَبِ تَقتَضِي ذلِكَ، لا سِيَّمَا إنْ قُلنَا بِأنَّهُ مُخرَّجٌ علَى قَولِ صاحِبِ "الإنصاف"، عندَمَا ذَكَرَ ضَابطَ التَّعزير، وأنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، قالَ: "وإنْ كان فيها حدٌّ، فقَد يُعَزَّرُ معَهُ. وقد تَقدَّمَ بعضُ ذلك، في مَسائِلَ متفَرِّقَةٍ"
فإن قُلتَ: فما تَقُولُونَ في قَولِ الزَّرْكَشِيُّ وغيرِه: "ولا يُشْرَعُ التَّعْزيرُ فيمَا فِيهِ حَدٌّ"
فالجوَابُ: أنَّ مُرادَهُم؛ بِأنْ لَا يَجتَمِعَ الحَدُّ والتَّعزِيرُ علَى جريمَةٍ واحِدَةٍ تَستوجِبُ حَدًّا. أمَّا إذا قَامَ بالشَّخصِ الواحِدِ أكثَرُ مِن جريمَةٍ، بعضُهَا يَستَوجِبُ حَدًّا والآخَرُ يَستَوجِبُ تَعزِيرًا أو قِصَاصًا، فلَا مانِعَ مِن مُعاقَبَتِهِ على كُلِّ جَريمَةٍ بِمَا يُناسِبُهَا.
قال في «كشاف القناع»: «ويُعزَّر بعشرينَ سَوطًا بشُربِ مُسْكِرٍ في نهارِ رمضَانَ لِفطرِهِ - كما دَلَّ عليه تعليلُهُم - معَ الحَدِّ، فيَجتَمِعُ الحَدُّ والتعزيرُ في هذِهِ الصُّورَةِ؛ لمَا روَى أحمدُ بإسناده: "أنَّ عليًّا أُتي بالنَّجاشيِّ قد شَرِب خمرًا في رَمَضَانَ، فجلَدَهُ ثمانِينَ الحَدَّ، وعشْرينَ سَوطًا لِفِطرِهِ في رمضان" وإنَّمَا جَمَعَ بَينَهُمَا؛ لِجِنَايَتِهِ مِن وَجهَين»
وأمَّا السُّؤالُ عَنِ اغتِصَابِ المرأَةِ، وهَل هو داخِلٌ في الإكرَاهِ، بحَيثُ تَجرِي عليهِ الأَحكَامُ السابِقَةُ؟
فالجوَاب: بالنَّظر إلى مَعنَى هذا المُصطَلح نَجِدهُم يُعرِّفُونَهُ بقولِهم: "اغتصَب المرأةَ، غصَبَها: زنَى بها رَغمًا عنها" كما في "معجم اللغة العربية المعاصرة".
وهذا هُو مَعنى "الإكراه بالإِلجَاءِ، أو القَهرِ" في عبارَاتِ فُقهائِنَا، كما في قول «المُغني»: «ولا فَرقَ بينَ الإكراهِ بالإِلجَاءِ، وهُوَ أن يَغلِبها على نَفسِهَا، وبينَ الإكراهِ بالتَّهدِيدِ بالقَتل»
وقال في «المحرر»: «وإذَا أُكرِهَت المرأةُ على الزنى قَهرًا، أو بضربٍ، أو بالمَنعِ مِن طعامٍ اضطُرَّت إليهِ، ونحوِه، لم تُحَدَّ»
فيكونُ اغتصَابُ المرأةِ دَاخلًا في مَعنَى الإِكرَاهُ. واللهُ أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
القنوات العلمية: