Telegram Group Search
﴿وَمَاۤ أَصَـٰبَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ﴾ القدري.. لا الشرعي.. فلا يحدث شيء في هذا الكون إلا بإذنه القدري وإن خالف أمره الشرعي.. فالدنيا دار اختبار وابتلاء.. وقدر الله يحتم حدوث التدافع بين أهل الحق والباطل، ومن سنن التدافع أن يكون لكل فريق جولته ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ﴾

من مقال: شفاء الصدور في مآسي المستضعفين

بقلم: د. هشام مشالي - فك الله أسره

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/avy6
27
استخدم النظام كل وسائل التعـ.ـذيب والبطش، بدءاً من منع الطعام والشراب والعلاج والزيارة والكتب والتريّض، وانتهاء باستخدام السلاح الحيّ والمواد الحارقة والكلاب البوليسية، كل ذلك في إطار برنامج مدروس لإخضاع الإخوان، وحتى الآن لم أرَ أحداً ما خضع أو تراجع.



من مقال: شاهد على الإخوان في المعتقل
بقلم: عصام سلطان - فك الله أسره
لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/8y89
29👍4
من مقال: اليهود أحط وأشرس من النازيين

بقلم: أرنولد توينبي - المؤرخ البريطاني الشهير

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/0i5a
16👍6
مقال: أديان باطلة (3).. عقائد الهند نموذجاً

بقلم: فرج كُندي - سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في ليبيا
11👍4
من خلال دراسة الديانات الثلاثة الكبرى في الهند، توصلت الدراسة إلى نتائج مهمة، منها:

أولاً: الديانات الهندية تتطابق في أنها ديانات وضعية من وضع البشر وليست إلهية، وأن هذه الأديان ليس لها كتاب، بل إن تعاليمها سُجلت في وقت متأخر جداً بعد موت مؤسسيها، مثل ما حدث مع بوذا الذي دُونت تعاليمه بعد أربعة قرون من وفاته!

اتصفت هذه الأديان بكثرة الانقسام وتعدُّد الفِرق، وهذه الفِرق بدورها تنقسم إلى فرق أخرى.

ثانياً: كل الديانات الهندية تعتمد النظام الطبقي، الذي يفرّق بين البشر؛ فيجعل منهم سادة، ومنهم المنبوذون، أي انعدام مبدأ المساواة بين البشر الذي تقرّه الرسالات السماوية.

ثالثاً: تقوم هذه الديانات على الاعتقاد بالأرواح والشعوذة والخرافات، فهي غير خاضعة للعقل؛ بل تتعارض مع العقل والعدل في كثير من تقريراتها العقدية والطقوسية.

رابعاً: تقوم هذه الديانات على نفوذ طبقة رجال الدين من الكهنة والسدنة.

إن ما يسود في أدبيات هذه الديانات هو قهر الروح والزهد والتقشف، والابتعاد عن مظاهر الحياة والانعزال عن الناس، وطقوس جلد الذات وتعذيب الجسد وقهره؛ لتحقيق فكرة الخلاص في عقائدهم الباطلة الفاسدة.

أثر الأديان الهندية على واقع المسلمين في العصر الحاضر
أثرت الديانات الهندية على واقع المسلمين المعاصر بصور متعددة ومباشرة، أهمها التأثير الإيجابي، وهو: الاعتراف والتعايش. وهذا النهج أخذت به بعض الأديان الهندية ولا ينكره أحد.

وهناك تأثير سلبي تجاه المسلمين، عمل الاستعمار البريطاني للهند على تأجيجه وإضرام ناره ضد المسلمين، خاصة استخدام الهندوس المتطرفين لضرب الإسلام والقضاء على المسلمين في القارة الهندية، وهذا ما يخالف أصول الديانة الهندوسية؛ "مما يلفت انتباه دارسي الأديان أن تنجرّ الديانات الهندوسية بسرعة إلى تبني أيديولوجيات عنصرية تحل محل العقائد الرئيسية، ويحرصون على الكشف عن سبب هذا الاتجاه الجديد المنحرف لأصل تعاليمها الدينية".

وعلى اعتبار أن المسلمين يشكلون نسبة مؤثرة، وإن كانت تمثل أقلية بالنسبة للعدد الكلي لسكان الهند "يقدّر المسلمون في الهند بنحو 200 مليون نسمة، ما يجعل الهند ثالث أكثر بلد من حيث عدد المسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان، ورغم ذلك، فإن المسلمين لا يشكلون إلا ما يقارب 15 بالمئة من سكان الهند، وبالتالي، يصنفون كأكبر أقليّة في البلد ذي الغالبية الهندوسية"، ولكن خوفاً من انتشار الإسلام وقابلية الهنود للدخول للإسلام، وخوفاً من تحول الأقلية المسلمة إلى أكثرية تحكم بلاد الهند كما حكمتها قبل دخول الاستعمار البريطاني، الذي استخدم الهندوسية في تحجيم الإسلام، وحوّل الهندوس إلى أداة متطرفة في معاداة المسلمين والتضييق عليهم.

علاقة المسلمين بالهندوسية

إذا تطرقنا إلى أبرز التهديدات التي يتعرض لها المسلمون من التيارات العنصرية الهندوسية وتأثير الإسلام في الهندوسية نجدها تتمثل في التالي..

أولًا: في التهديدات

يتعرض المسلمون في الهند إلى العديد من التهديدات، التي تقوم بها التيارات العنصرية الهندوسية، وتتمثل في السعي إلى القضاء على الأحوال الشخصية؛ لقد أراد التطرّف الهندوسي للمواطنين غير الهندوس الذين يسكنون الهند أن يغيروا أنفسهم تغييرًا ثقافيًّا هندوسيًّا، ولا يحق لهم أن يطالبوا بأي حق ولا امتياز يخص دينهم أو ثقافتهم أو هُويتهم الناجمة عنه. ويجيء هجومهم على قانون الأحوال الشخصية الإسلامي من هذا الباب. ويترجمه إلى واقع محسوس ما شرعته الحكومة الهندية من قانون يلغي نفاذ طلاق المرة الواحدة للمذهب الحنفي، المعمول به في الهند منذ زمن طويل.

ثانياً: طمس الهوية المسلمة وإدماجها في الثقافة الهندوسية

خير مثال يعكس هذا مطالبة جماعة (ويشوا هندو فاريشات) بتحويل اسم المدينة (الله آباد)، إلى اسمها القديم قبل قدوم الإسلام (فراياك).

ثالثاً: هدم المساجد وبناء المعابد أماكنها


قد أعدّت نفس الجماعة قائمة تحتوي على نحو 3000 مسجدًا يلزم المسلمين تسليمها إلى الهندوس لتغييرها إلى معابد هندوسية، ويلح الهندوس على اغتصاب المساجد ليبنوا بدلاً منها معابد كما فعلوا مع المسجد البابري التاريخي الذي بناه الملك المغولي.

رابعاً: إسقاط قوة المسلمين الاقتصادية

هذا ما تم في كافة أعمال العنف ضد المسلمين منذ تجزئة الهند. وكسب بعض المسلمين النفوذ التجاري وقد سابقوا التجار الهندوس، وخلّف تقدم المسلمين الاقتصادي آثارًا من الحقد والحسد لدى الهندوس.

خامساً: إعادة معتنقي الإسلام إلى الهندوسية

تتمثل في تنفيذ مهمة ردّ المسلمين الجدد إلى الهندوسية، التي تقوم على عاتق حركات "شودّي وأبسي" المتطرفتين.

سادساً: فرض تعليم المقررات الهندوسية
5👍3
حاولت الحكومة الهندية فرض اللغة الهندية كلغة وطنية تعم مقررات التعليم، وفشلت في ذلك المسعى مرارًا، ولكن الفرص مواتية الآن لإلزام تدريسها على أيدي التيارات العنصرية بخطة وضع مناهج تعليم لإيجابها على جميع طلاب المدارس الحكومية، بمن فيهم أبناء الأقلية المسلمة.

سابعاً: سنّ قوانين إرهاب المسلمين

من أشهرها قانون (فوتا) لمكافحة الإرهاب، الذي دخل حيّز التنفيذ ديسمبر 2001م.

ثامناً: إسقاط الجنسية عن المواطنين المسلمين


يواجه ملايين من مسلمي المناطق الهندية المتاخمة لـبنجلاديش، ولا سيما بإقليم (أسّام) الهندي خطر تجريد الجنسية الهندية عنهم بدعوى أنهم مهاجرون غير شرعيين، وأن الحكومة ستسحب الجنسية من أربعة ملايين مسلم حسب مسودة القانون الجديد بتهمة أنهم نزلاء الهجرة غير الشرعية.

إن تأثير الأديان الهندية على واقع المسلمين يظهر في سياسة الأحزاب السياسية الحاكمة في الهند؛ (فسياسات "هندوسية الهند" التي تُنفّذ حالياً في إطار التعاون السياسي شبه العسكري المشترك بين حزب "بهاراتيا جانتا" الحاكم والحركة شبه العسكرية الرئيسية "راشتريا سوايامسواك سانغ، تدل على أن التمييز العنصري ضد المسلمين يحدث وفقاً لفلسفة وخطة محددة. وقد وصف رئيس منظمة "العدالة للجميع" عبد المالك مجاهد هذه العملية بـ "نازية الهند"، وقارن بين السياسات المتبعة في هذا الصدد والنازية مباشرةً.

ويعدّ هذا التحالف (أو التعاون) أن الهند ملكية حصرية للهندوس فقط، وأن المسلمين والمسيحيين ليسوا جزءاً منها ولا يملكون جذوراً فيها، ومن أجل تصديق هذا الاعتقاد وإقامة هوية وطنية جديدة على أساس مزاعمهم، لا بد من تحريف التاريخ وعلم الاجتماع)، وأيضاً تغيير الديمغرافية في الهند لصالح الديانة الهندوسية على حساب باقي الأقليات وأولها وأهمها الأقلية المسلمة.

الخاتمة

تناولت مقالات هذه السلسلة دراسة ثلاثة من أديان الهند الكبرى؛ من حيث نشأتها وعقائدها ومؤسسيها، وما قامت عليه ودعت إليه من مصادرها، وخلصت هذه الدراسة إلى أن هذه الديانات تمثل جزءاً من أديان الهند، وأن أديان الهند ديانات وضعية إنسانية قامت على يد واضعيها من المفكرين والرهبان والزهاد والفلاسفة، وأنها لا علاقة لها بالسماء؛ أي أنها ليست سماوية بل ديانات شركية ما أنزل الله بها من سلطان. تختلط فيها الفلسفة والزهد والطبقية والشعوذة والخرافة.

كما خلصت المقالات إلى أن الديانات الهندية كانت في بدايتها سلمية وبعيدة عن العنف؛ بل في أدبياتها تدعو إلى السلام والزهد في الدنيا، وتقول بتناسخ الأرواح ولا تؤمن بفكرة الإله الواحد، وتؤمن بانتقال الأرواح من شخص إلى آخر وتؤمن بخلود الأرواح دون وجود فكرة البعث؛ فلا يؤمنون باليوم الآخر ولا بالثواب ولا العقاب.

ثم تحولت بعض هذه الأديان إلى التطرف ومعاداة غيرها من الأديان، وإن كان عداؤها أشد للإسلام والمسلمين، وهي الديانة الهندوسية التي وظفها الاستعمار الإنجليزي للتضييق على المسلمين الذين قاوموا الاحتلال الإنجليزي للهند وجعلت منهم سيفاً مسلطاً لاستئصال الإسلام من الهند، وقد عمل الهندوس ضمن مشروع القضاء على الإسلام والمسلمين من خلال التضييق على المسلمين وهدم مساجدهم وبناء المعابد الهندوسية، وكذلك التضييق على المسلمين اقتصادياً وحرمانهم من الجنسية الهندية ولم تترك أي وسيلة للقضاء على الإسلام في الهند إلا واستعملته.

إن ما سبق وغيره يشكل خطراً كبيراً على المسلمين في الهند، وهذا يتطلب تكاتف المسلمين في جميع بقاع الأرض للتضامن مع إخوانهم في الهند للضغط على الحكومة الهندية الهندوسية المتطرفة لاحترام حقوق المسلمين واعتبارهم مكوناً رئيسياً من مكونات الهند، وأن الإسلام دين يجب أن يُحترَم وتكون لمعتنقيه نفس الحقوق التي تتمتع بها باقي الطوائف الدينية في الهند، وهي حرية الاعتقاد وحرية التفكير والتعبير.
6👍3
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
يوم السابع من أكتوبر من عام 2023م يوم من أيام الله التي أمرنا بالتذكير بها ﴿وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ وعلى قدر التضحية وعظم الثمن الذي قدمه الشعب الفلسطيني كبداية لمشروع التحرير، كان الأثر الكبير الذي أحدثه طوفان الأقصى على كافة الأصعدة

من مقال: أسطول الصمود ومفاجأة كولومبيا

بقلم: د. محمد الصغير-رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ

استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
31
مقال: ماذا يُدبَّر للمسلمين؟

بقلم: الشيخ حسن أيوب - رحمه الله
👍32
أمامي جريدة السياسة الكويتية الصادرة بتاريخ 7/8/1976م وفيها العناوين الآتية عن معارك لبنان: "مذابح في حي النبعة. ذبح وسحل المدنيين وهدم البيوت"، "شاهد من تل الزعتر يقول: الكلاب نهشت جثث الضحايا، والعدس أنقذنا من الموت جوعاً"، "ترحيل جرحى تل الزعتر تحت طلقات القناصة"، "٥۰۰ قتـ.ـيل وجريح في لبنان في يوم وقف إطلاق النار".

وتقرأ تحت هذه العناوين الأعمال الوحشية التي يرتكبها المتقاتلون بلبنان، ومن هذه الأعمال: منع الصليب الأحمر من إسعاف آلاف المصابين الذين يموت منهم كل يوم عشرات، مع أن أقل المبادئ الإنسانية حتى في الحروب العالمية توجب إنقاذ أمثال هؤلاء، وتمكين الهيئة الطبية من مباشرة عملها معهم، كذلك منع الماء إلى درجة موت الأطفال والنساء والشيوخ عطشاً، أما الطعام فلم يبقَ في المعسكر سوى العدس يأكلون منه كل يوم وجبة كي تنقذهم من براثن الموت ومخالبه.

فإذا تصورت أن بالمعسكر من الأطفال والنساء والشيوخ ما يزيد عن ألف أدركت قسوة هؤلاء الصليبيين، ووحشيتهم، وحقدهم الأسود ضد المسلمين. وأدركت أن الذين يأملون الخير منهم ليسوا إلا حمقى مستغفلين.. وقد سقط المعسكر يوم 12/8 سنة ١٩٧٦ بعد حصار دام سبعة أسابيع. وهذه حلقة في سلسلة من المآسي والنكبات والبلايا التي صبها أعداء الإسلام على رأس المسلمين فخربوا الديار، ويتموا الأطفال، ورملوا النساء، وأبادوهم جماعات وفرادى دون أي مبرر أو سبب سوى ما ينهش قلوبهم الوحشية من حقد وحسد وغليان على كل مسلم من أمة محمد ﷺ وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلْتَهُمْ﴾ [البقرة: ۱۲۰]. وما من يوم يمر إلا ويقرأ المسلم عن أنواع من التعذيب والتقتيل والتنكيل بالمسلمين في بلد من بلاد الله ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الحَمِيدِ﴾ [البروج: ۸].

ويستوي في تعذيب المسلمين وتشتيتهم من كان في بلاد المآذن، ومن كان في بلاد الصلبان والكنائس، ومن كان في بلاد داس حكامها المسجد والكنيسة معاً وهدموا جميع معابد الله تعالى!

فهناك مذابح حدثت للمسلمين في إثيوبيا، وإرتريا، والصومال، والسودان، ومصر، وعدن، والعراق، وسوريا، وليبيا، وفلسطين، ولبنان، وروسيا، ويوغوسلافيا، ورومانيا، وأندونيسيا، والفلبين، والمغرب، والهند، وباكستان!

وهناك اضطهاد فكري وحركي لكل جماعة إسلامية حية ذات أثر فعال، ودعوة تحررية تهدف إلى إعادة الإسلام فهماً وعملاً وحكماً، وأسلوب حياة. وهناك اضطهاد مالي لكل شاب يؤمن بالله صادقاً، ويسير على نهج الإسلام مخلصاً!

وهناك اضطهاد سياسي لكل صوت حر أبيّ يدعو باسم الله إلى رفع الظلم عن عباد الله!

وهناك إلحاد سافر، وكفر صراح، وإجرام مقنن، وفواحش مستهترة!
وكل ذلك ينهش في دين المسلم، ويعلن الحرب عليه.

وكل هؤلاء الكفرة والملحدين، والفسقة والمجرمين، لا يريدون بما يفعلون إلا إطفاء نور الله، والقضاء على دينه، وإزالة أي أثر حيوي لمدرسة محمد ﷺ!

وإن أنس لا أنسى ما نزل بالإخوان المسلمين في كثير من البلاد العربية -خصوصاً مصر- من التفنن في تعذيب شبابهم وشيوخهم وأطفالهم ونسائهم بصورة يشيب لهولها الوليد، ويبكي عند سماعها الحجر الصلد.

العجز أمام العدو الصهيوني

وكلنا يذكر أن العرب بقضّهم وقضيضهم، وملايينهم التي تزيد على المائة والعشرين مليوناً، عجزوا على مدى ثلاثين سنة عن الوقوف أمام الزحف الصهيوني الكاسح، ولا يزالون عاجزين!

ولكن هؤلاء العرب فيما بينهم مزق بعضهم لحم بعض، وأعلن كثيرون الحرب على إخوان لهم في العروبة والإسلام، حتى حرقوهم بقنابل النابالم، وهدموا قراهم بالدبابات، وداسوا أطفالهم بالأحذية، وأمسكوا بالمصحف فرموا به في الأرض وداسوه بالأقدام، وحرقوه مع عشرات الآلاف من الكتب الإسلامية، وسحلوا المسلمين على وجوههم مربوطين بالسيارات حتى مزقوهم شر ممزق. وفجروا الفتيات العذارى، وأبادوا الوطنيين بالمئات، وجعلوا من الوطن سجناً كبيراً فيه ملايين المعذبين والمضطهدين والمكممين.

وإنك لتبكي أسى وكمداً حين تعلم أن العربي الذي يعيش في إسرائيل أكثر حرية من العربي الذي يعيش في كثير من الأقطار العربية، وآية ذلك أنك تسمع بين الحين والآخر بخروج تظاهرات في إسرائيل واحتجاجات ومعارك مع الشرطة هناك، ولكنك لا تسمع عن مظاهرة واحدة في أي بلد من تلك البلاد العربية، وإن وُجدَت سُلّطت عليها النيران وضُرب المتظاهرون بالرصاص، وأُخذوا جماعات وفرادى إلى أقفاص التعذيب والتقطيع والتنكيل. حتى أصبحت لا تسمع صوتاً واحداً حراً في أي بلد من البلاد العربية المحكومة بالدكتاتوريين، وما أكثرهم في هذه الدول!

وها أنت ذا وهو وهي وهم وهن ترون في بلاد العروبة والإسلام مفارقات تبكي وتدمي، وتخجل وتخزي، وتفرغ وتزعج، حتى إن من يسمع بها يكاد يصدق كلام اليهود "بأن العرب شعوب لا تستحق الحياة الكريمة، وليست لها بأهل"! واخزیاه یا عرباه!
4👍2
عندنا زعماء متسلطون بقوة الحديد والنار على شعوب أنهكها الفقر وأشقاها المرض، وأذلتها الحاجة، حتى صارت من فرط الضياع كالأموات، يمر على أشلائها الطغاة فلا تتحرك، وتُغتصب أعراضها فلا تأبه، وتسلب اللقمة من أفواهها فلا تزيد على نظرة حزينة مستكينة ليد اللصوص.

وعندنا أغنياء جزارون، بأيديهم جميع المدى لذبح الشعب وسلخه، وحكام لصوص يسرقون من الشعب قوته وعرضه وشرفه وحياته، وأدباء وعلماء وكتاب هم أبواق لتبرير الإجرام وإنشاء أنواع المسالخ والمجازر ومدارس الهدم والنفاق، ليموت الشعب باسم العلم عندنا، وباسم العلم يخدر الجميع ويأكل الأفيون حتى لا يكون به حراك مهما أذل وأهين.

أما كبار موظفينا فآلهة متربعون على عرش من البغي والكبر والغرور والحمق، والخبث والجهل وقذارة النفوس، ونجاسة القلوب، وظلام العقول.. وإنها لصورة تجعلك تكبر على الإنسانية أربع تكبيرات، وتركل جنازتها بالقدم لأنها لا تستحق التشييع.

وهكذا تعيش الشعوب العربية والإسلامية في مطحنة الحكام المتسلطين، والأغنياء المتوحشين، والرؤساء المتألهين الساقطين.

فهل هناك حياة أسوأ وأنكى وأدمى وأذل من حياة هذه الشعوب ذات الحضارات العريقة والمبادئ المقدسة المهجورة!
إنك أيها القارئ تستطيع أن تعرض نماذج من ظلم الاستعمار وفتكه وإذلاله للشعوب، وكبته للحريات، ووأده للإنسانية واضطهاده الوحشي للإسلام والمسلمين، وتستطيع أن تفتح صحائفه فتجدها داميةً كلها، وتجد فيها الإنسان العربي والمسلم أهون على المستعمر من حشرات الأرض وهذا حق.

ولكنك لن تجد أكثر الحكام العرب والمسلمين، ولن تجد أغنياءهم ورؤساء الموظفين فيهم أقل وحشية، ولا أدنى إلى الخير والعدل من المستعمرين. بل هم أشد في كثير من الأحايين.

إن وحوش الحكام والأغنياء والمترئسين أوهموا الشعوب أنهم المخلصون والمنقذون والواقفون ضد الاستعمار والظلم بجميع أنواعه وأشكاله، وصدقت الشعوب ذلك منهم فأعطتهم سلطة غير محدودة وقدستهم قداسة الآلهة، ومكنت لهم في كل شيء، ولم تعلم الشعوب المضللة طبيعة الإنسان. حتى وجدت أولئك جميعهم يسحقون الشعب سحقاً، ويذبحونه ذبح النعاج، ويلغون كالكلاب في دمه وبقاياه.

والواقع أن جميع حركات التحرير كانت الشعوب وقودها، وكانت وحدها المصابة بكل داء يرميها به المستعمر، والمريضة بكل مرض جعله وباء للقضاء عليها.

أما الزعماء فهم حملة المباخر، وأكلة الموائد، وقاطفو ثمار.. هم عندنا هكذا، وكذلك في أكثر العالم هم في أكثريتهم طفيليات تلتف حول الشعوب لتمتص حركتها، ودماءها وحياتها.
هل وجدت دم زعيم ينزف من آثار معركة؟ الجواب: لا، ومع ذلك يصنع له تمثال!

هل وجدت تمثالاً للشعب تقديراً لما نزف من دمائه؟ الجواب: لا، وجزاؤه أن يوضع في حبل المشنقة!

إنها الحقيقة وإن كانت أمر من كل مر.

وإنها المأساة العربية والإسلامية وإن كانت مخجلة ومزرية..
وأنها الحياة لأكثرية من البشر، وإن كانت تعكس وحشية الإنسان ودناءته!

هذه الحقيقة هي حقيقة الإنسان نفسه حين يكون فارغاً من نور الله وهديه، وهي الصورة العامة للبشرية ما لم يكن دين الله مهذباً لوجدانها ومسيطراً على مشاعرها..

وهي الأصل في الإنسان سواء تحرك في صورة ذئب، أو ثعلب، أو أسد، أو لبؤة، أو حمار، أو خنزير. إلا في حالة واحدة، وهي أن يقول: ربي الله. ثم يستقيم على دينه.

إن المشكلة ليست مشكلة مستعمِر ومستعمَر، وحاكم ومحكوم، وغني وفقير، ورئيس ومرؤوس، بدليل أن الفقير إذا اغتنى، والمحكوم إذا حكم، والمرؤوس إذا ترأس، لبس كل ثياب الوحش والغدر، والفتك والافتراس.

إن المشكلة هي مشكلة الإنسان في طبيعته الحيوانية، ونزواته البهيمية، وطموحاته السافلة المنحطة. والكل كذلك حين لا يكون دين، مع فارق بسيط جداً: هو أسلوب تربية هذا الإنسان الحيواني، والقوانين التي تحكمه، والبيئة التي نشأ فيها، والثقافة التي غزت فكره. كل ذلك بغير دين يلون شكل الإنسان فقط، ولكنه لا يغير من طبيعته، ولا يسمو به على حيوانيته إلا بقدر محدود، وفي حدود القيود التي نشأ فيها، ولذلك حين، ببعده عن البيئة، أو تخفيه عن سلطة القانون، أو ينطلق من هذه القيود تمكنه من التنفيس عن الوحشية التي بداخله فإنك ترى منه كل ما سبق ذكره، يستوي في ذلك أستاذ الجامعة والزبال، وناظر المدرسة وماسح الأحذية، والجالس على عرش الملك في الأرض والذي يفترش الثرى وينام على المزابل، كما يستوي عالم الذرة وعامل في دبغ الجلود.
في حالة واحدة فقط يصير هذا الإنسان ملكاً رحيماً، وأخاً نبيلاً، وإنساناً سماوياً، ومصلحاً متواضعاً، وزعيماً أبوياً، ورئيساً خادماً، ونوراً يشع في جنبات الحياة، وأملاً لكل صاحب حاجة، وإنساناً يحمل أكرم معاني الإنسانية: وهي حالة تشبعه بالإيمان بالله، وامتلائه بالفهم والخضوع لأسمائه تعالى، وشعوره بالسعادة وهو يدخل مدرسة محمد ﷺ ويشرب من عذب مائها، ويحيا بروح كلماتها، ويلبس ثياب فضائلها ومزاياها. إنه حينئذ شيء آخر تماماً لأنه مع الله.
👍31
إنه الروح السماوي الذي سرى في الجسد الأرضي فهو إنسان رباني.
وهو النور الرباني الذي أشرق في الكيان الحيواني؛ فهو حيوان سماوي، وهو الحكمة الإلهية في وعاء من صنع الله وإبداعه؛ فهو إبداع إلهي، وهو الماء النازل من السماء على الأرض الطيبة المباركة؛ فهو عطاء بالخير والرحمة، وهو النهر العذب الصافي الذي يرسل في الأرض جداول ماء الحياة فهو حياة أينما وجد.

وليس معنى ذلك أن ربانيته تعصم من الخطايا بشريته، ولكن معناه أن ربانيته تعيده إلى ربه كلما غلبت عليه بشريته، فيعرض على الله ضعف بشريته، ويسأله غفر ذنبه وزلته، فلا يجد إلا رحمة واسعة، وفيضاً كريماً، وشمولاً بالعناية والرعاية من قبل الله الذي ثاب إليه، وتذلل له، وارتمى في أحضان عفوه ورحمته، ولذا جاء في الحديث: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ".

وتستطيع بعد ذلك الفهم أن تفسر ظواهر كانت في نظرك متناقضة، ولكنها في الحقيقة متوائمة ومنسجم بعضها مع بعض كل الانسجام.

فإذا كان الفرنسيون قد دخلوا الجامع الأزهر بخيولهم في آخر القرن الثامن عشر، فإن الجيش السوري قد هاجم المصلين في المسجد الأموي وحاصرهم بالدبابات والمدافع، ودخل الجنود بأحذيتهم ورشاشاتهم يحصدون المصلين حصداً لا رحمة فيه ولا إنسانية ولا وطنية.

وكما سلط هيلاسلاسي جيشه القذر الوحشي على مسلمي أرتريا؛ فجمعوا الرجال في المنازل وأشعلوا النيران فيها، وحرقوا قريتين من تسع قرى سنة ١٩٦٦م، وكانت طائرات السلاح الجوي الإثيوبي تُرسل الى القرى في الأراضي المنخفضة الغربية فتسويها بالأرض كما هو مدون في وثائق رسمية، فإن الجيش المصري حاصر مدينة "كرداسة" بمحافظة الجيزة وأخرج الرجال من الدور ومعهم النساء والأطفال، وهدموا كثيراً من أسقف البيوت، وأتلفوا لهم الحبوب والدقيق، ثم جعلوا الرجال عرايا كما ولدتهم أمهاتهم وأخذوا يجلدونهم بالسياط أمام نسائهم ولم يكتفوا بذلك، بل أجبروا الرجال العراة أن ينحنوا مثل الحمير ليركب النساء ظهورهم، ثم سيروهم كذلك في الشوارع زيادة في الإذلال والقهر، ومنعوا أهل هذه المدينة الريفية من الخروج إلى الحقول لإطعام حيواناتهم، أو سقي هذه الحيوانات مدة ثلاثة أيام.

وإذا كان الاستعمار الإنجليزي قد جلد الفلاحين المصريين سنة ١٩٠٦ وعلقهم على المشانق بقرية دنشواي منوفية ظلماً وغدراً وبمحاكمة عسكرية صورية.. فإن دكتاتور السودان قـ.ـتل في يومين اثنين ما يقرب من مائة شخص بعد محاكمة عسكرية لم تستغرق ثلاثة أيام!

وحدث مثل ذلك في العراق، وفي عدن، وفي الصومال، وفي أندونيسيا وليبيا وغيرها، وكل ذلك على أيدي الزعماء الوطنيين شكلاً وانتماء!

وما من فظائع ارتكبها الصليبيون، أو الصهيونيون، أو الشيوعيون ضد المسلمين في بلد من البلاد، إلا وتجد مثلها قد حدث للمسلمين على أيدي زعماء ينتمون للإسلام والوطنية العربية والإسلامية، حتى أصبح الإنسان المسلم يشك في وطنية هؤلاء الزعماء كما يشك في انتمائهم إلى الإسلام.

وقد كان ذلك مثار عجب شديد واستغراب أشد. ولكن العجب يزول إذا أدركنا أن كل هؤلاء الذين يكيدون للإسلام وللمسلمين وللإنسان المسالم، وللمسلم الوديع، ليسوا إلا وحوشاً في ثياب إنسان. إنهم بغير دين، لذا كانوا جميعاً بغير إنسانية أو رحمة، إنهم بغير خضوع لجلال الله وبغير خوف من لقائه ونقمته وعذابه الأبدي، لذلك لم يكونوا يوماً مصلحين، ولن يكونوا كذلك إلا إذا انخرطوا في سلك حزب الله.

والخلاصة: أن العداوة بين الإيمان والكفر عداوة بين طبيعتين متناقضتين فلا يلتقيان أبداً، ولا أمل في صلح ووفاق بين متناقضين بالطبيعة، وأن هذه العداوة تأخذ دائماً شكل السطو والقهر والحرب الباردة أو الساخنة، وأن للكفار أملاً في القضاء على المؤمنين، وليس للمؤمنين أمل في القضاء على الكفار، لأن الله تعالى علمهم أن الحياة بدأت بالإيمان وتنتهي بالكفر، كما علمهم أن الصالحين في الأرض عددهم دائماً بالنسبة للكفار
قليل. قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٤].

وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦].

فلا بد إذن من إدراك المؤمنين لواقع الكافرين، وعدائهم الأصلي لهم، ومحاولتهم الدائمة للقضاء عليهم، وكتم أنفاس دعوتهم، وحصر تحركات مبادئهم، واستعمال أشد أنواع التضييق ضدهم، سواء كان هؤلاء الكافرون في ثياب شيوعيين، أو في ثياب يهود، أو نصارى أو حتى في ثياب مدعي الإسلام.
4👍2
ويجب أن يدركوا أن هؤلاء جميعاً مقتنعون باستباحة دم المسلم وماله وعرضه، وأن مهادنتهم للمسلم أمر استثنائي عَرَضي، وليس أصلاً ولا مبدأ وأن الصورة التي تصل إلينا كل يوم عن طريق أجهزة الإعلام، تكشف لنا عن ضربة للإسلام هنا وضربة هناك حتى تتوزع الضربات على البلاد الإسلامية توزعاً مخططاً مرسوماً، بحيث لا تحدث الضربة في أي بلد إسلامي شد انتباه المسلمين إليها إلا فترة وجيزة، ثم نسمع دوي ضربة أخرى في بلد آخر فيُنسى اللاحق منها السابق، ويلهي ما يحدث في الشرق عما حدث في الغرب وهكذا.. ضرب يتوالى وانتقاص من أفراد المسلمين وأرض الإسلام بطريقة مسبوكة ومحبوكة، ومتماشية مع أسلوب العصر.. هذه الصورة إن استمرت فلن تبقى للإسلام والمسلمين إلا المذلة والهوان، وحياة يكون الموت خيراً منها وأكرم ألف مرة.

فماذا يفعل المسلمون إذن؟

هذا سؤال ليس لنا الحق في الإجابة عليه من عند أنفسنا؛ إنما الذي يجيبنا عليه هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه محمد ﷺ، لأن الله تعالى هو خالق الإنسان وهو الأعلم بما يصلح له، ولأن الله تعالى هو المالك للإنسان، والمتصرف في شأنه، والكل عبد خاضع لأمره تعالى وحكمه، ولأن الله تعالى هو الذي بيّن لنا طبيعة الإنسان، وشرع الطريق لإصلاحه وتهذيبه؛ فلنبحث إذن عن الطريق الذي رسمه الله لنسير عليه في حياتنا الإنسانية.

هذا الطريق هو الجهـ.ـاد!
10
عندما اقتحم الجنود اليهـود قرية دير ياسين، رشقوا البيوت بنيران المدافع الرشاشة، متسببين بقتل كثير من سكانها، ومن ثم جمعوا بقية القرويين في مكان واحد وقتلوهم بدم بارد وانتهكوا حرمة أجسادهم، في حين اغتصب عدد من النساء ومن ثم قُتلن.

من مقال: تاريخ الصهاينة الأسود- اقتلوا كل عربي تصادفونه !

بقلم: إيلان بابه - مؤرخ يهودي

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/jt85
👍114
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتية

مقال: بين الغبار الضجيج وجدت الهداية

بقلم: ميشيل كابانغا - احد المسلمين الجدد من الكونغو

استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
19
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتية

مقال: شفاء الصدور في مآسي المستضعفين

بقلم: د.هشام مشالي - فك الله اسره

استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
8
يوم استشهاد القسام

محمد حسن شراب
المؤرخ الغزي الفلسطيني*
8
يوم استشهاد القسام

محمد حسن شراب
المؤرخ الغزي الفلسطيني*


في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني، ترك القسام وصحبه جبال (كفر قود) واتجهوا نحو خربة (الشيخ زيد) قُرْب (يعبد)، حيث الشيخ (سعيد الحسان) أحد أفراد عصبة القسام، وفي الطريق، لاحظ عربي بدوي متابعة الجواسيس خطواتهم فطلب من القسام، أخذ قسط من الراحة، لبحث مسألة الجواسيس.
يقول عربي: كان القسام يأخذ بآرائي مع صغر سني، فأخبرتُ الجماعة أنّ هذه القرى يوجد فيها من يتعقبون آثارنا، واقترحت أن ننقسم إلى فريقين: فريق يتجه إلى الشمال، ويعود إلى حيفا والناصرة، ويقوم أثناء سيره بتخريب سكك الحديد، وقطع خطوط الهاتف التابعة للإنكليز واليهود، ثم يذهبون إلى (نورس) حيث يوجد الشيخ فرحان السعدي، ونلتقي جميعاً في (الوادي الأحمر)۱ بين نابلس والغور. وهناك تملك الجماعة حرية أكثر، وتخف ملاحقة الجواسيس، فأعجب القسام بهذه الفكرة، وطلب من المجاهدين الانقسام إلى مجموعتين:
الأولى: ذهبت إلى الشمال، وهي مكونة من عشرة رجال، ويدلهم على الطريق الشيخ داود الخطاب.
والثانية: توجهت نحو الغرب إلى ضواحي (يعبد). وهم: الشيخ عز الدين القسام وحسن الباير، وعربي البدوي، وأحمد عبد الرحمن جابر، ومحمد يوسف، ونمر السعدي، وعطية المصري، وأسعد المفلح، ويوسف الزيباوي.
قال الراوي عربي البدوي: وفي الطريق نفد الماء، وكانت أحمالنا ثقيلة، فكل رجل يحمل بندقية، وستين (مشط فشك)، وحربة صنعها القسام عند أحد الحدادين تيمناً بسلاح الصحابة، يضاف إليها الأغطية وأدوات السفر والطعام. وفي الليل أرهقنا التعب والعطش، فطلبت من الشيخ أن نستريح لنشرب، ولكن ليس لدينا ماء، ولا نعرف منهلاً قريباً، وكان حسن الباير يعرف المنطقة شبراً شبراً، فقال: إنَّ أقرب منبع للماء يبعد حوالي عشرة أكيال. فأمرنا الشيخ بالاستراحة، وأرسل معي رجلين حملوا أوعية ماء، فسرْتُ أمامهم على غير هدى، ولم نكن نقطع مسافة ستين متراً، حتى أتينا صخرة، وإذ بها حفرة (معصرة) حجمها متر مربع، مليئة بالماء، فشربنا وملأنا الأوعية، ورجعنا، فشرب إخواننا، ثم واصلنا السير حتى وصلنا خربة الشيخ زيد.
وفي اليوم التاسع عشر من شهر تشرين الثاني أصبحت تحركات الجماعة تلاقي صعوبة شديدة.. فقد وصل إلى جنين عدد كبير من رجال المخابرات والجواسيس وانبثوا بين الناس في قرى القضاء، وكانوا يتخفون في زي عامل أو فلاح أو زبال... إلخ. ووصف مراسل صحيفة (فلسطين) في جنين وقضاء المدينة بأنه أصبح ساحة حرب، لكثرة استعدادات البوليس، وازدياد عدد رجاله من رسميين وسريين.

وفي اليوم نفسه شيعت مدينة جنين الشهيد محمد أبو القاسم خلف الحلحولي. وكانت الشرطة قد أبقت جثته مكانها بعد استشهاده يوماً كاملاً، إلى أن تم فحصها، وقد سار في الجنازة عدد كبير من تجار ووجهاء وشباب مدينة جنين وقضائها، وأظهر المشيعون تعاطفاً مع الشهيد، مع أنه لم يكن معروفاً وقتها أنَّ المطاردين هم جماعة مجاهدة. وإنما كان الشائع حسب بلاغات الشرطة أن القتيل من عصابة لصوص. فشيعه الناس بوصفه خارجاً على قانون الانتداب البريطاني الجائر، وكان الناس ينظرون بعين التقدير لمن يتحدى قانون الانتداب بقوة السلاح، حتى ولو قيل: إنه لص يسطو على مزارع اليهود، ومعسكرات الانتداب، ولو كان ذلك بدافع السرقة فقط، لأنه وجه نفسه لسرقة أمتعة الأعداء فقط، ولم يسطُ على أحد من إخوانه العرب.

وقد عني الناس في الثلاثينيات بأخبار (أبو جلدة) قاطع الطريق على الإنكليز واليهود وصار بطلاً شعبياً، يتغنى الناس بقصته2. مع أن (أبو جلدة) لم يقطع الطريق على الإنكليز واليهود وهو يرفع شعاراً وطنياً. ولكنه نال إعجاب الجمهور لأنه كان يزرع الرعب في قلوب المستعمرين ببسالته وجرأته، في وقت كان فيه الذين يرفعون الشعارات الوطنية منطوين في جحورهم.

يوم الشهادة والشهداء
وصل الشيخ القسام وصحبه خربة الشيخ زيد3 في التاسع عشر من شهر تشرين الثاني، ونزلوا في بيت الشيخ سعيد الحسان، حتى صبيحة الأربعاء ٢٠/ ١١/ ١٩٣٥م، وهو يوم الشهادة، يوم الحياة، يوم بُعثت فيه الأمة، واستيقظ الشعب من غفلته.
ويصف عربي البدوي مشاهد من هذا اليوم، فيقول: كان يوم أربعاء، وكنتُ أقفُ خفيراً في طرف حرش (يعبد) قرب خربة الشيخ زيد، والطرْم4، ورفاقي داخل الغابة: الشيخ عز الدين وعصبته. ومع طلوع الشمس رأيت رجال (البوليس) يهجمون علينا، وهم على ظهور الخيل، ويتصايحون: "عليهم عليهم!" فأوعزت إلى رفاقي بأن يتوزعوا، ويأخذوا أماكنهم.. وبدأت أطلق الرصاص، فجعلوا يتركون الخيل، ويأخذون مواقع لهم على بطونهم، خلف الحجارة والرجوم من أكوام الحجارة.
7
وابتدأت المعركة غير متكافئة.. نحن تسعة، وهم يتوافدون عشرات عشرات إلى أن اكتمل عددهم، من مئتين إلى أربعمئة، ومعظمهم يحمل شارة بندقيتين على ذراعه، وهذا يعني أنه قناص لا يخطئ. مكثت مدة تزيد على عشرين دقيقة وأنا أطلق الرصاص واقفاً، لا يحجبني عنهم حجر أو شجر، والمسافة بيني وبينهم لا تزيد عن خمسين متراً.. وأخيراً انتبه الشيخ رحمه الله وصاح بأعلى صوته: "خُذ الأرض، لن تموت شهيداً إذا مت على هذه الحال أنت منتحر إذا لم تأخذ الأرض"!

تلقينا أمراً بالانسحاب والتوغل داخل الغابة، وجُرح الشيخ أسعد المفلح (من أم الفحم) وحاولت حمله، فناداني الشيخ: "اتركه واعتنِ بنفسك". وفي داخل الغابة وجدنا صخوراً تصلح للتمترس بها.. ضيقوا علينا الخناق، وأحكموا نطاق الطوق إلا من جهة واحدة جهة الشمال، وكانت مكشوفة، والانسحاب منها معروفة نتائجه، فقررنا المقاومة حتى مجيء الظلام.

وحين عرف الشيخ القسام أن أفراد الشرطة يقتربون، أعطى للمجاهدين أمراً بألا يطلقوا النار على أفراد الشرطة العرب، وأن يوجهوا رصاصهم إلى الإنكليز، وكان الضباط الإنكليز قد وَضَعُوا الشرطة العربية في ثلاثة مواقع أمامية، وتمترس الإنكليز خلفهم، ولم تكن الشرطة العربية تعرف حقيقة الجهة التي أُحضروا إليها، وحقيقة الجماعة التي يطاردونها؛ فقد ادعوا لهم بأن المطاردين لصوص، يهددون أمن البلاد.

واتخذت المعركة بين الطرفين شكل عراك متنقل، وساعدت كثافة الأشجار على انتقال أفراد الجماعة من موقع إلى آخر. ودامت المعركة مستمرة من الصباح الباكر حتى وقت قبيل العصر.

وقد ثبت المجاهدون وأبوا الفرار، وكان يستطيعون ذلك، وبدت أمامهم فرصة للنجاة عندما ناداهم الضابط البريطاني: استسلموا تنجوا.

فأجاب القسام: "لن نستسلم هذا جهاد في سبيل الله". ثم هتف بأصحابه: "موتوا شهداء" فردَّد الجميع: "الله أكبر الله أكبر".

فاستشهد في المعركة القائد عزّ الدين القسام، وثلاثة من أصحابه هم: يوسف عبد الله الزيباوي -بالزاي- نسبة إلى قرية (الزيب) في قضاء عكا. وعطية أحمد المصري5، وأحمد سعيد الحسان، من (نزلة زيد).
وجُرح في المعركة: نمر السعدي من غابة شفا عمرو، وأسعد المفلح من أم الفحم.
وأُسر في المعركة: حسن الباير ـ من برقين، وحُكم عليه بالسجن ١٤ عاماً. وأحمد عبد الرحمن جابر - من (عنبتا) وحكم عليه ١٤ عاماً. وعربي البدوي - من (قيلان) وحكم عليه ١٤ عاماً. ومحمد يوسف - من سبسطية.

يوم القسام

بدأت المعركة عند انبثاق نور الصباح، وانتهت قبيل عصر اليوم، ومن أسباب طول مدة المعركة مع انعدام التكافؤ العسكري، أن القسام اتبع خطة لإطالة أمد المعركة، لإحداث خسائر في الجانب الإنكليزي، ولإثبات قدرة المجاهدين على مراوغة العدو، وبيان مدى استعدادهم العسكري. ومن الأسباب التي تعود إلى الجانب الإنكليزي، دخول الرعب إلى نفوسهم، لجهلهم بالعدد والعدة التي تحاربهم.
وربما كان أقوى الأسباب أن الإنكليز كانوا يريدون القائد القسام حياً، لأنهم يعرفون أن استشهاد قائد يُحيي سنة الجهاد عند المسلمين، ويُصبح القدوة المتجددة للمجاهدين، ولذلك فهم يكرهون قتل قادة الجهاد والثورات، لئلا يكونوا مشعلاً يضيء أمام الشعوب طريقهم.

وحصل ما تخشاه السلطة البريطانية، وهو ما يتمناه القسام، فكان له مقعد صدق عند الله تعالى إن شاء الله، ونال حظاً من الذكر الحسن عند قومه، ما كان يحصل له لو بقي حياً.

استشهد القسام، فوجدوا في ثيابه مصحفاً، وأربعة عشر جنيهاً. وأما الأسرة، فقد تركها الله، فهو الوكيل، وهو الكفيل.

وزعم بعض المؤلفين أن القسام باع بيته في حيفا قبل خروجه. فسألت الأستاذ عبد الرحمن بن محمد الحنفي هل كنتم تمتلكون بيوتاً؟
فقال: إنَّ القسام لم يمتلك بيتاً، وإنما كان يسكن بيتاً مستأجراً، وكذلك الوالد: محمد الحنفي، رفيق القسام من جبلة إلى حيفا، مع أن القسام والحنفي، قد وصلت لأيديهم آلاف الجنيهات، فكانوا ينفقونها في شراء السلاح.

إذن مات القسام، فنال -بإذن الله- ما وعد الله به الشهداء، وترك ثروة عظيمة أهداها إلى الأمة، وهو المنهج والقدوة. المنهج الصالح لقتال الأعداء ودحرهم، والقدوة العملية في الزهد في الدنيا، وبذل النفس في سبيل الله، وإعلاء كلمة المسلمين في أوطانهم.

نُقل الشهداء من ساح المعركة إلى جنين، ثُمَّ أُرسلت إلى حيفا، لتُسلم إلى ذويها. واشترطت السلطات البريطانية شرطين:

أولهما: أن يكون الدفن في الساعة العاشرة من صباح الغد، الخميس ٢١/ ١١/ ١٩٣٥م.

وثانيهما: أن تسير الجنازة من بيت الشيخ عز الدين القسام الواقع خارج البلدة، إلى المقبرة في بلد الشيخ6 فلا يستطاع السير بالشهداء داخل المدينة.

وصدرت الصحافة المحلية تحمل نبأ استشهاد القسام في صفحاتها الأولى.. وعندما وصل النبأ إلى الناس، أقفلت حيفا محالها، وتدفقت إلى بيت القسام، وجاءت الوفود من جميع أنحاء فلسطين، لتشارك في تشييع الجنازة، وأخذت المآذن تزف خبر الشهداء في جميع أنحاء البلاد.
6
وفي بيت الشهيد القسام لفت النعوش الثلاثة بأعلام الدول العربية، رمز وحدة الأمة، وحملت الجماهير النعوش الثلاثة، واتجهت إلى جامع الجرينة -النصر- في وسط حيفا، رغم أنف السلطات البريطانية.. وبعد صلاة الجنازة أبّن الشيخ يونس الخطيب -قاضي مكة الأسبق- الشهداء بكلمة مؤثرة، بيّن فيها أجر الشهداء عند ربهم.
وبذلت جهود حتى أمكن الخروج بالشهداء من المسجد إلى الساحة الكبرى أمامه، وأستعير هنا قلم الأديب الألمعي الأستاذ أكرم زعيتر ليصف موكب الشهداء الذي رافقه من المسجد إلى مثواه الطاهر:
"آلاف المشيعين والجثث على الأكف مرفوعة تصرخ: الله أكبر، الله أكبر، والنساء يزغردن من على ظهور البيوت والشرفات والنوافذ، والكشافة ينشدون أناشيد تثير النخوات، ثم ارتفع صوت والجثث مرفوعة: الانتقام الانتقام! فردّدت الألوف بصوت واحد كالرعد القاصف: الانتقام الانتقام! وبعد جهد شاق، سار الموكب وئيداً، وأصوات تدوّي: الله أكبر، الله أكبر... إلى أن اقتربنا من دائرة البوليس.
وقد بلغ التأثر والهياج من الجمهور مبلغاً هائلاً، فراح يرجم دائرة البوليس بالطوب والحجارة رجماً متواصلاً، وكانت الحجارة تنهال على الدائرة ونوافذها، كالوابل المدرار.. وكانت ثلاث سيارات للبوليس واقفة أمام الدائرة فحطمها الجمهور الثائر.. كل هذا ونعوش الشهداء على الأكف، ونحن وقوف، وقد قفَّ شعر رؤوسنا7.

وبعد لأيٍ.. استأنف الموكب سيره إلى أن وصلنا إلى آخر شارع الملوك، حيث النصب التذكاري للملك فيصل الأول ذكرى مرور جثمانه قبل سنتين بحيفا، فوقفنا وقرأنا الفاتحة لروح فيصل بن الحسين، واستأنفنا السير حتى وصلنا إلى مقربة من محطة السكك الحديدية، فهاجمها الجمهور بالحجارة، وتوقف الموكب والشهداء على الأكف.
وفي هذه الأثناء أقبلت كتيبة من الجند البريطاني المدجج بالسلاح، يقودها الضابط (جيمس) بخوذها الفولاذية، وإذا بالجمهور يضع الجثث على الأرض، لا هَرَباً ولا خوفاً، ولكن ليدخل في معركة مع البريطانيين الذين جاؤوا لقمع الموكب، ونزلوا من السيارات واصطدموا بالشعب. يقول أكرم: وقد رأيتُ -والحمد لله- الضابط جيمس يقع على الأرض، ورأيتُ جندياً آخر وثالثاً يُجرحون.. وأدركت القوة بقيادة جيمس ألّا قِبل لها بمقارعة الجمهور، فانسحبت مسرعة، ورفع الجمهور الجثث على الأكف ثانية وهو يهتف: الله أكبر، الانتقام!
واستأنف الموكب السير، وكان مقرراً للجنازة أن تقف عند دار الشهيد القسام، وأن ترسل النعوش في السيارات إلى مقبرة (بلد الشيخ) البعيدة عدة أكيال، وقفنا والجو مكهرب، وعزفت الموسيقى نشيدها الحزين وتقدم بعضهم لوضع النعوش في السيارات ولكن الجمهور الثائر الفائر حال دون ذلك، وأصر على أن يستأنف السير والنعوش على الأكتاف إلى المقبرة مشياً على الأقدام، خمسة أكيال، حيث ووريت الجثث التراب، وهي في حالها الطبيعية، وفي ملابسها المخضبة بالدماء الزكية.. وتصوّر كيف شاهد الجمهور شهداءه الأبطال يُدفنون بثياب الجهاد المخضبة بالدماء، وقد استغرق السير بالجنازة من الجامع الكبير في ساحة الجرينة إلى مقبرة (الياجور) ثلاث ساعات ونصف الساعة".
17
تم استحضار الدرس النبوي من دومة الجندل: لا تنتظر أن يُحكم عليك الخناق، بل اذهب إلى قلب الخطر حيث يتشكل.

لقد اختارت المقاومة بوعيٍ كامل أن تتحول من قوة تردّ على العدوان إلى قوة تفرض معادلة جديدة، معادلة الردع بالمبادرة. لم تكن خطوة يأس، بل كانت قرار قوة، إيمانًا بأن زمن التحرير لا يُمنح، بل يُؤخذ بقوة الإرادة وجرأة التحرك.



من مقال: من دومة الجندل إلى طوفـان الأقصى - دروس في الحرب الاستباقية

بقلم: علي جاد المولى - كاتب مصري

لقراءة المقال كاملًا: https://supportprophetm.com/p4iv
12
2025/10/25 03:14:44
Back to Top
HTML Embed Code: