من فقه المتفقه اعتناؤه بالضبط أكثر من الجمع، وإحكام المرحلة الأولى من كل علم، وعدم الكلام في الدين أو الجدال في المسائل قبل أن يتأهل.

#فقه_الطلب (١)

ذكر أهل التفسير أن كلمة {النسيان} تأتي قي القرآن على أكثر من معنىٰ.

لا تكُنْ غريبا عن سورة من القرآن، ولا تكُنْ غريبة عنك..

ينفطر القلب خجلا أن يقف بين يدي ربه والقرآن غريب عنه!

يا طالب العلم تعبّد وأكثر من التنفّل، فهب أن الله لم يتقبل منك العلم لآفاتٍ أفسدته، فإن العمل يُسعفك، ولهذا فاتل وتهجد وقف بالباب واسأل الله من فضله واسجد واقترب.

وناد إذا سجدت له اعترافاً
بما ناداه ذو النون بن متى
ولازم بابه قرعاً عساهُ
سيفتح بابه لك إن قرعتا

#فقه_الطلب (٢)

منازل أهل القرآن هي الغاية، ودنيا الناس حُطام.

ما إن أغمضَ الشيخ أحمد عمر هاشم جفنيهِ وقامت قيامته، حتى هبّت ريح الجدل العقيم واشتعلت نار المقارنة بينه وبين الشيخ أبي إسحاق الحويني رحمهما الله، وما بينَ مثنٍ بالغ في الثناء وبين مُجحف فارق الإنصاف منشغل ببث العيوب أقول:

رحمَ الله الشيخ الحويني، ورحمَ الله الدكتور أحمد عمر هاشم، فهما الآن في دارٍ لا يُقالُ فيها: هذا أعلم، ولا ذاكَ برع، لقد مضى الرجلان إلى ما قدَّما، وحُوسبا على ما عملا، لا على ما قال الناسُ فيهما، ذهبا إلى ربٍّ لا تخفى عليه خافية، فطوبى لهما إن قَبِلَ اللهُ منهما، وشقيَ من انشغل بعيبهما، وأنا على يقينٍ أن الخائض في عرضهما ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه ولا قدّم للإسلام مثلما قدّما، رحم الله الجميع وغفر للمسيئين وأصلح حالنا وشغلنا بأنفسنا.

العلم القليل مع الحفظ أفضل من العلم الكثير مع النسيان،كان علم الأصمعي في قِمطر إلا أنه كان حافظاً، ولهذا هاتَفَكَ أبو هلال العسكري فقال "إذا كان ما جمعته من العلم قليلا وكان حفظا، كثرت المنفعة به، وإذا كان كثيرا غير محفوظ قلت منفعته.

#فقه_الطلب (٣)

رسمياً، وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ الآن والهدوء يعم أرجاء غزة، يارب لك الحمد❤️

على قدر شعور المرء بفرحة عارمة لفرح أهلنا في غزة وحلول الفرج عليهم، نسأل الله أن يتمه عليهم وأن يعوضهم خيرا في كل مصاب أصيبوا به ويثيبهم فرحا دائما، =فإنه يتوارى خجلا من العار الذي يشعر به، ولا أدري إنسانا عاقلا صادقا في إيمانه بهذه القضية وكان شاهدا على ما حدث خلال 730 يوما يستطيع أن يتباهى بما حدث أمس، وأن ينسب لنفسه أو دولته أو طائفته فضلا في توقف آلة القتل والتشريد والتجويع والخسف، لن يمسح عار العامين الماضيين شيء، عار توشحنا به جميعا لن ينسى، ومهما كان من شيء قد يكون سببا في ما حصل فإنه لا يعدو كونه وسيلة لتكفير هذا العار، لا غرضا للتباهي والتفاخر، الفضل لله وحده، ثم للأبطال الصامدين  المتروكين في غزة بجميع أطيافهم، هم الناس.

العلم بستانٌ وسيع والدرس مفتاح، والمدرس الحاذق يعطي الطالب المفتاح ويدخله البستان، وما وراء ذلك فالطالب هو الماكينة الحقيقية للطلب،، وقد نبه الشيخ الطريفي على ذلك فقال "أكثر العلوم يتحصلها الإنسان من قراءة الكتب ودوام النظر فيها حفظاً وفهماً، وأما العلماء والمدرسون فيعطون مفاتيح العلوم ويرسمون الطريق إليها.

#فقه_الطلب (٤)

إيّاك واستصغار البناء التّراكمي..

كلّ دقيقة، ولحظةٍ، ومكانٍ، وشخص، وكتابٍ، وتفصيلٍ، وفكرةٍ، ومشروعٍ، وغايةٍ، وحرفٍ،  ونِيّةٍ، وخبيئة، كل ما يبني فيك شيئًا خذه بقوّة، بقوّة جدًا، ولا تدخل نفسك ألف مسار، ركّز قَبَّلتُ جبينك! أسألك بالله أن تستلم ثغرًا واحدًا ترضى فيه، وإن كان الثغر الصّغير قلبك، وانتبه؛ بعض الثغور أمّة كاملة، من استصغر الخطوة، فاتته الغاية، ومَن استعجل القطاف ما ارتوى.

#فقه_الطلب (٥)

للإنسان عينان، وحين يطلب العلم فإنه يضع عينًا على كتابه لرفع الجهل، وعينًا على قلبه لدفع الغفلة، فإن رأيته ينظر إلى الناس فقد رفع عينه عن أحدهما.

وصيتي لطالب العلم :
"أعطِ القرآن أنفس أوقاتك، واترك غيره إلى أن تتحسن علاقتك به، أعرف كثيرا من طلبة العلم تركوا القرآن المجيد، وانشغلوا بغيره من العلوم، فلما أرادوا الكتاب امتنع عليهم!
وسبب الامتناع = عِزَّة الكتاب {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيِزٌ}!
فاترك غير القرآن للقرآن، وارحل إليه وتمسك بحبل الله وصراطه، وأعطه أنفس وقتك ولا تبخل عليه، وسل الله أن يفتح قلبك، وأن يجعل القرآن ربيعه.

#فقه_الطلب (٦)

سورة البقرة

واحد من أهم الكتب النافعة غاية النفع حول سورة البقرة وآل عمران.

ليس كتاب تفسير نعم، وإنما هو جواب عن سؤال: ما الموضوعات الكلية التي تضمنتهما سورتا البقرة وآل عمران.

(سورة البقرة والاستغناء بها)

كنت قد وضعت خطة لأحد أصحابي أراد أن يبدأ في حفظ سورة البقرة بمعدل صفحة واحدة أسبوعياً -وذلك لضيق وقته وكثرة مشاغله- على أن ينتهي بعد حفظها بعد قرابة عامٍ ونصف (١٨ شهر) فاستكثر المدّة! واستطالها!

وهذا والله قصور فهم،لأن مدة كهذه يستغرقها أحدنا في سورة كسورة البقرة ليست كثيرة على مَن أراد أن يتخذ سورة البقرة مشروع عمرٍ تكون دواء لقلبه وشفاء لصدره وحفظاً من عين وسحر وحسد واكتئاب وسكينة وأمان من كل المخاوف وصلة بكلام الله الواحد القهار.

وإنني إذ أذكر ذلك لأننا نعيش زمن الاستعجال وسوء الفهم لطبيعة المعاملة مع الكتاب المجيد، ونعيش أزمة استكثار الجهود والأوقات على كتاب الله.

وما خبر المُحدّث المُلهم عنا ببعيد، عمر لما مكث عشر سنين يحفظ سورة البقرة، وسيدنا عمر رضي الله عنه لا يعجز أن يقرأ الآية مرة واحد فتُنقش في قلبه ولا ينساها، لكن ما الذي عطّله طيلة هذه المدة؟!

لأجل الفهم والعمل، نعم، هذا الفهم وهذا العمل إذا ما اقترنا بمتحفّظ ألفاظ القرآن أثمر ذلك عنده عِظم الانتفاع بالقرآن المجيد والاستغناء به، فعُمَرُ رضي الله عنه استغرق هذه المدة لحفظ سورة البقرة في تدبر معانيها وتطبيقها في حياته، وليس اكتفاء بالحفظ المجرد للآيات.

ومن هنا تدرك شيئا من الأثر الذي تُحدثه سورة البقرة في حياة المشتغلين بتلاوتها ومعاهدتها واستذكارها والتعرف على مضامينها وسبيل الاهتداء بها واقفين على بابها مُستلهمين عون الله في أن يغيثهم ببركاتها وهداياتها.

فلا تستكثر وقتاً تنفقه في تحفّظها ولا تستكثر جُهدا في قراءة تفسيرها وتعلم مقاصدها ومعانيها وتصفح بعض الدراسات عنها، ولا تستكثر تعباً تتعبه لأجل تحصيلها، فالمقبل على القرآن حقاً تغشاه الهداية والرحمة والسكينة شاء أم أبى!

اعتنى الواحدي المُفسِّر في كتابه "البسيط" بفكّ عبارات السلف.
وقد ذكر -رحمه الله- أن مَن اعتنى بدراسة اللغة[لاسيما الاشتقاق] كان أقدر على فهم عبارات السلف وتوجيهها.