Telegram Group & Telegram Channel
رسالة إلى دعاة جمع الكلمة

✍️ بقلم فضيلة الشيخ د. فيصل بن علي البعداني

الحمد لله الذي وحّد هذه الأمة برباط الإسلام، وجعل اجتماع القلوب على الحق من أعظم أسباب قوتها، وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى، الذي جمع الكلمة، ورصّ الصفوف، وألّف بين القلوب. أمّا بعد:
لقد برز في السنوات المتأخرة من عمر هذه الأمة، نتيجة تكالب الغرب وطلائعه عليها من كل حدب وصوب، واجتماع كلمة الأعداء على إثارة القلاقل والفتن في أوساطها، وممارسة موجات عنيفة من القتل والتدمير والتهجير والإفقار، وإشاعة الفوضى، والسعي الدؤوب لتغيير الهوية، وتبديل المناهج والقوانين، وإشعال الفتن المذهبية والمدرسية بين المصلحين، وحصار الدعاة وتشويه مؤسساتهم وإغلاق مناشطهم، وإغراق المجتمع في أوحال الجهل بالشرعة والفقر المقعد وتداعياتهما، وفي بحور من الشهوات والشبهات؛ كل ذلك بصورة تعزّز الضعف، وتعمّق التخلّف والتفكك، وتمهّد للهيمنة المطلقة، وفرض التبعية الشاملة، والسيطرة الكلية على المقدّرات والموارد.

برز نتيجة ذلك قيام بعض المؤسسات العلمائية والدعوية، ومعها جمع كريم من أهل الغيرة والحكمة والرشد، الذين أولوا العناية برصّ صف الأمة، وتوحيد كلمتها، ونزع بوادر الشقاق والتقاطع بين أبنائها، حتى تتمكّن من مواجهة تلك التحديات الكبرى. فصدرت عنهم توجيهات موفَّقة، وجهود كبيرة، عزّزت الصواب في حين، ووأدت الفتنة والشر في حين آخر.

غير أنّ العجيب حقًّا، ومع عظم المؤامرة وشديد الخطر، على أرض شام الإيمان وموطن الفضيلة، ومع تصاعد بوادر حدوث فتنة كبرى بين أتباع المدرسة الصوفية وأتباع المدرسة السلفية، ومع عدم احتمال الساحة لأي فتنة، ومع قوّة صلتهم بأبناء المدرستين ورموزهما، هو لزومهم الصمتَ إزاء ما يلوح في الأفق من شر، مع قدرتهم الظاهرة على بذل جهد نافع في هذا الجانب؛ جهدٍ يحول دون تصاعد موجة جديدة من التكفير والتفسيق بين الطرفين، ويمنع تغوّل بعض الجهات الرسمية في دعم مدرسة على حساب أخرى بصورة حادّة ومجحفة، تُعمّق الاستبداد الديني، وتمزّق الصف، وتفتح منافذ للاختراق، وتُصعِّد الجهلة، وتُشغل عن الأولويات الدعوية الكبرى، مع أنّ المشهد الدعوي أوسع من الجميع، ويتّسع للجميع، بل لا يكفيه أضعاف الجميع.

ومن هنا، فإني أجدها فرصة سانحة لحثّ الاتحادات والروابط والمؤسسات العلمائية والدعوية، والقيادات العلمائية والدعوية الرفيعة على بذل جهد فاعل ومباشر في هذا الجانب؛ جهدٍ يؤسّس لوفاق حقيقي، ويفتح أبوابًا كبيرة من التعايش المنضبط، ويغلق منافذ الفتنة بين الطرفين.
وفَّق الله الجميع لكل خير، وهدانا سواء السبيل، وحفظ كل عالم وداعية رباني صادق، متطلّب للحق، مناصر له، متجرّد من حظوظ الهوى والنفس، أيًّا كانت مدرسته المذهبية أو العلمية. كما هدَى بقيّة الكرام من الطرفين إلى الحق ودروب الهدى والعقل والحكمة؛ إنّه سبحانه جواد كريم.
والله الهادي.



group-telegram.com/rabetaa/11356
Create:
Last Update:

رسالة إلى دعاة جمع الكلمة

✍️ بقلم فضيلة الشيخ د. فيصل بن علي البعداني

الحمد لله الذي وحّد هذه الأمة برباط الإسلام، وجعل اجتماع القلوب على الحق من أعظم أسباب قوتها، وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى، الذي جمع الكلمة، ورصّ الصفوف، وألّف بين القلوب. أمّا بعد:
لقد برز في السنوات المتأخرة من عمر هذه الأمة، نتيجة تكالب الغرب وطلائعه عليها من كل حدب وصوب، واجتماع كلمة الأعداء على إثارة القلاقل والفتن في أوساطها، وممارسة موجات عنيفة من القتل والتدمير والتهجير والإفقار، وإشاعة الفوضى، والسعي الدؤوب لتغيير الهوية، وتبديل المناهج والقوانين، وإشعال الفتن المذهبية والمدرسية بين المصلحين، وحصار الدعاة وتشويه مؤسساتهم وإغلاق مناشطهم، وإغراق المجتمع في أوحال الجهل بالشرعة والفقر المقعد وتداعياتهما، وفي بحور من الشهوات والشبهات؛ كل ذلك بصورة تعزّز الضعف، وتعمّق التخلّف والتفكك، وتمهّد للهيمنة المطلقة، وفرض التبعية الشاملة، والسيطرة الكلية على المقدّرات والموارد.

برز نتيجة ذلك قيام بعض المؤسسات العلمائية والدعوية، ومعها جمع كريم من أهل الغيرة والحكمة والرشد، الذين أولوا العناية برصّ صف الأمة، وتوحيد كلمتها، ونزع بوادر الشقاق والتقاطع بين أبنائها، حتى تتمكّن من مواجهة تلك التحديات الكبرى. فصدرت عنهم توجيهات موفَّقة، وجهود كبيرة، عزّزت الصواب في حين، ووأدت الفتنة والشر في حين آخر.

غير أنّ العجيب حقًّا، ومع عظم المؤامرة وشديد الخطر، على أرض شام الإيمان وموطن الفضيلة، ومع تصاعد بوادر حدوث فتنة كبرى بين أتباع المدرسة الصوفية وأتباع المدرسة السلفية، ومع عدم احتمال الساحة لأي فتنة، ومع قوّة صلتهم بأبناء المدرستين ورموزهما، هو لزومهم الصمتَ إزاء ما يلوح في الأفق من شر، مع قدرتهم الظاهرة على بذل جهد نافع في هذا الجانب؛ جهدٍ يحول دون تصاعد موجة جديدة من التكفير والتفسيق بين الطرفين، ويمنع تغوّل بعض الجهات الرسمية في دعم مدرسة على حساب أخرى بصورة حادّة ومجحفة، تُعمّق الاستبداد الديني، وتمزّق الصف، وتفتح منافذ للاختراق، وتُصعِّد الجهلة، وتُشغل عن الأولويات الدعوية الكبرى، مع أنّ المشهد الدعوي أوسع من الجميع، ويتّسع للجميع، بل لا يكفيه أضعاف الجميع.

ومن هنا، فإني أجدها فرصة سانحة لحثّ الاتحادات والروابط والمؤسسات العلمائية والدعوية، والقيادات العلمائية والدعوية الرفيعة على بذل جهد فاعل ومباشر في هذا الجانب؛ جهدٍ يؤسّس لوفاق حقيقي، ويفتح أبوابًا كبيرة من التعايش المنضبط، ويغلق منافذ الفتنة بين الطرفين.
وفَّق الله الجميع لكل خير، وهدانا سواء السبيل، وحفظ كل عالم وداعية رباني صادق، متطلّب للحق، مناصر له، متجرّد من حظوظ الهوى والنفس، أيًّا كانت مدرسته المذهبية أو العلمية. كما هدَى بقيّة الكرام من الطرفين إلى الحق ودروب الهدى والعقل والحكمة؛ إنّه سبحانه جواد كريم.
والله الهادي.

BY رابطة علماء المسلمين


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/rabetaa/11356

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The original Telegram channel has expanded into a web of accounts for different locations, including specific pages made for individual Russian cities. There's also an English-language website, which states it is owned by the people who run the Telegram channels. He floated the idea of restricting the use of Telegram in Ukraine and Russia, a suggestion that was met with fierce opposition from users. Shortly after, Durov backed off the idea. Telegram boasts 500 million users, who share information individually and in groups in relative security. But Telegram's use as a one-way broadcast channel — which followers can join but not reply to — means content from inauthentic accounts can easily reach large, captive and eager audiences. "He has to start being more proactive and to find a real solution to this situation, not stay in standby without interfering. It's a very irresponsible position from the owner of Telegram," she said. Ukrainian forces successfully attacked Russian vehicles in the capital city of Kyiv thanks to a public tip made through the encrypted messaging app Telegram, Ukraine's top law-enforcement agency said on Tuesday.
from us


Telegram رابطة علماء المسلمين
FROM American