group-telegram.com/sari_orabi/3989
Last Update:
كان يفترض بالناس أن تحترم الدم الجاري في الحدّ الأدنى؛ فلا تتورط في مقارنات تصغّر من شأن المأساة الغزية في غمرة الإبادة، حتى ولو دون قصد. ولكنك والله لا تعرف كيف يفكر بعض الناس ولا من أين يفكرون.
احتملنا 14 سنة من مقارنات مضللة لا تأخذ في الاعتبار عمر القضية الذي يزيد الآن على 108 سنوات يتراكم فيها تاريخيًّا من المعاناة ما تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل، وعن أشكال من المعاناة غير مرئية إلا لمن يعيشها، وعن جوهر المعاناة القائم على شطبنا وإبداتنا سياسيًّا، وعن التطهير العرقي الذي هجر أكثر من نصف الفلسطينيين عام 1948 من عموم فلسطين، وأكثر من 80% من الأراضي المحتلة عام 1948، وتداعيات ذلك على أجيال متلاحقة حتى اللحظة، وعن استعصاء قضيتنا وصعوبتها، وكنا نعلم أنّ الإبادة عقيدة لهذا العدوّ تتجلى في الوقت الذي تصير بالنسبة له ضرورة وجودية. وها نحن ندفع ثمن هذه المقارنة التي ساهمت في تضليل الرأي العام اليوم كثيرًا، وفي خطابات وسياسات باتت معروفة.
والآن وبعد هذه الإبادة غير المسبوقة؛ من هذا العاقل المحترم الذي يتعامل مع المأساة الغزية تعاملاً رقميًّا مجرّدًا؟! بعد أن تبين ضلال كل المقولات التي كانت تزعم أنّ إسرائيل أكثر رحمة من بشار الأسد وحلفائه وأنّ الفلسطينيين أقلّ معاناة؛ يعود البعض للتعامل مع المأساة رقميًّا؛ مع أنّ المعاناة انفعال غير قابل للقياس والمقارنة، والمقارنة في حدّ ذاتها تنطوي على قدر من البلادة وعدم الاحترام للضحايا وإنكار نسبي لمعاناة الآخرين؛ لأنّك للإشارة إلى جريمة أخرى لست في حاجة للتقليل من شأن جريمة غيرها. ولو سلمنا بالمقارنة الرقمية على ما فيها من ضمور الحساسية فإنّ الأمر يُنظر إليه من جهة التناسب لاختلاف المعطيات الموضوعية كالمساحة وعدد السكان. فقتل 300 في قرية هذا كل عدد سكانها؛ أعظم من قتل ألف في قرية عدد سكانها 10000!
BY قناة ساري عرابي

Share with your friend now:
group-telegram.com/sari_orabi/3989