Telegram Group & Telegram Channel
هل التديّن بيحمي من الأمراض النفسية؟

نقول بسم الله..

سؤال مهم جدًا، والإجابة عليه محتاجة شوية تفصيل.

لو قصدك على الأمراض النفسية كلها، حاقول لك بمنتهى الوضوح: لأ. فيه أمراض نفسية أساسها بيولوجي ووراثي بحت تقريبًا، زي الفصام (السكيزوفرينيا) والاضطراب ثنائي القطب. دي اضطرابات في hardware المخ نفسه، والإيمان لوحده مش كافي لمنعها، زي ما الإيمان لوحده مش بيمنع الإصابة بالسكر من النوع الأول، لكنه بالمناسبة، بيساعد في التقبل والتعايش والتعامل بشكل إيجابي، زي ما حنشوف حالا ..

وقبل ما تهرب مني وتفتكر إني حاقول كلام "علمي مجعلص"، اطمن.. حاحاول أتكلم ببساطة عشان الفكرة توصل للكل.

تعالى بقى للي غالبًا قصدك عليه: الاكتئاب.. أشهر اضطراب نفسي في العالم. مش ده اللي كتير مننا فاكر إن اللي متديّن بيبقى في حصن منيع ضده؟ خلينا نتكلم بهدوء ونفكك الموضوع..

زمان، كنا فاكرين إن الاكتئاب ده مجرد "خلل كيميائي".. شوية سيروتونين ناقصين في المخ، وندي دواء يزوّدهم، والمريض يخف. الموضوع طلع أعقد من كده بكتيييير..

العلم الحديث بيقول لنا إن الاكتئاب أشبه بـ"التهاب" بيحصل في الشبكات العصبية، أو ضعف في "مرونة المخ" (Neuroplasticity) اللي بتخليه قادر يتكيف مع الصدمات. الأدوية بتساعد إنها تقلل الالتهاب ده وترجع للمخ مرونته، لكنها بتشتغل على "أعراض" المرض اللي حصلت جوه الجسم.

بااااااااااااااس.. إيه بقى علاقة ده بالدين والإيمان؟
= حاضر.. توكلنا على الله..

لما بتتخبط في رجل الكنبة، الإحساس بالألم ده "تفسيره" العلمي هو إشارات عصبية ونواقل ألم راحت للمخ. لكن "السبب" الحقيقي هو الخبطة نفسها.
ولما بيجي لك حساسية في الربيع، "تفسيرها" هو إفراز هيستامين. لكن "السبب" هو حبوب اللقاح اللي دخلت مناخيرك.

في الاكتئاب نفس القصة.. التغيرات اللي بتحصل في المخ دي هي "التفسير" البيولوجي للي حصل. لكن فيه "سبب" أو "Trigger" بدأ الحكاية دي كلها، وغالبًا بيكون صدمة حياتية، فقدان، ضغط مزمن، أو إحساس بضياع المعنى.

هنا بقى بيجي دور الإيماااااان.. مش كتعويذة سحرية تمنع الصدمة، لكن كـ "جهاز مناعة نفسي" (Psychological Immune System) بيخليك تتعامل مع الصدمة دي بشكل مختلف تمامًا.

بس استنى لحظة.. هل ده معناه إن اللي بيجي له اكتئاب يبقى إيمانه ضعيف؟
الإجابة القاطعة: لأ، وألف لأ.
سيدنا يعقوب حزن على سيدنا يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن، وسيدنا محمد ﷺ مر بـ "عام الحزن". الحزن شعور إنساني طبيعي ومش دليل على نقص إيمان. الاكتئاب مرض، زي أي مرض، ممكن يصيب أي حد.

الفكرة مش في منع الحزن، الفكرة في منع الحزن إنه يتحول لاكتئاب مزمن ومدمر. الإيمان بيعمل ده إزاي؟
الأبحاث العلمية الحديثة، وخصوصًا أبحاث علماء زي د. هارولد كونيغ من جامعة ديوك، لقت إن الإيمان الحقيقي بيوفر 3 حاجات أساسية بتحمي من الاكتئاب:

المعنى والغاية (Meaning & Purpose):
الإيمان بيقول لك إن حياتك مش عبث، وإن كل مصيبة بتحصل لك هي اختبار له حكمة وجايزة. ده بيغير طريقة تفكيرك تمامًا. بدل ما تقول: "ليه أنا بيحصل لي كده؟ حياتي انتهت"، عقلك بيقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، ده ابتلاء وربنا حايجزيني عليه خير". العملية دي في علم النفس اسمها "إعادة التأطير المعرفي" (Cognitive Reframing)، والإيمان بيقدم لك أقوى إطار معرفي جاهز لده.

استراتيجيات التكيف الإيجابية (Positive Coping):
لما الدنيا بتقفل في وشك، الإيمان بيديك أدوات عملية: الصلاة، الدعاء، التوكل، الصبر. دي مش مجرد طقوس، دي استراتيجيات فعالة جدًا لتقليل الشعور بالعجز واليأس، اللي هما وقود الاكتئاب الأساسي. الأبحاث بتسمي ده "التكيف الديني الإيجابي" (Positive Religious Coping).

الدعم الاجتماعي (Social Support):
كونك جزء من مجتمع مؤمن (زي المسجد مثلًا) بيوفر لك شبكة دعم قوية جدًا، بتحسسك إنك مش لوحدك في أزمتك. والوحدة هي واحد من أكبر محفزات الاكتئاب.

عشان كده، بتلاقي أم بتودع ابنها الشهيد بزغاريد وفرحة، مش لأنها مش حزينة، لكن لأن "إطار المعنى" عندها قوي جدًا، وشايفة إنه راح لمكان أحسن ومستنيها في الجنة. في غياب الإطار ده، نفس الموقف ممكن يدخل أي أم في اكتئاب حاد.
و بتلاقي واحد خسر كل فلوسه، ويقوم تاني يوم يبدأ من الصفر وهو بيقول "الحمد لله، ربنا يعوضنا". في الوقت اللي غيره ممكن يقرر ينهي حياته.

اللي عاوز أقوله:
الإيمان الحقيقي السليم مش بيمنع "خبطات" الحياة، لكنه بيتحول لدرع نفسي و"مساعدين" بتمتص الصدمة، وتسرّع من عملية التعافي، وتمنع الجرح إنه يتلوث ويتحول لمرض مزمن.

هل ده معناه نوقف أدوية الاكتئاب؟ لأ طبعًا.
هل ده معناه نلغي الطب النفسي؟ مستحيل.

العلاج الصح هو علاج متكامل:

علاج بيولوجي (الدواء): عشان يصلح الخلل اللي حصل جوه المخ.

علاج نفسي (الجلسات): زي العلاج السلوكي المعرفي، عشان يغير أنماط التفكير السلبية.
1



group-telegram.com/omarcoloner/777
Create:
Last Update:

هل التديّن بيحمي من الأمراض النفسية؟

نقول بسم الله..

سؤال مهم جدًا، والإجابة عليه محتاجة شوية تفصيل.

لو قصدك على الأمراض النفسية كلها، حاقول لك بمنتهى الوضوح: لأ. فيه أمراض نفسية أساسها بيولوجي ووراثي بحت تقريبًا، زي الفصام (السكيزوفرينيا) والاضطراب ثنائي القطب. دي اضطرابات في hardware المخ نفسه، والإيمان لوحده مش كافي لمنعها، زي ما الإيمان لوحده مش بيمنع الإصابة بالسكر من النوع الأول، لكنه بالمناسبة، بيساعد في التقبل والتعايش والتعامل بشكل إيجابي، زي ما حنشوف حالا ..

وقبل ما تهرب مني وتفتكر إني حاقول كلام "علمي مجعلص"، اطمن.. حاحاول أتكلم ببساطة عشان الفكرة توصل للكل.

تعالى بقى للي غالبًا قصدك عليه: الاكتئاب.. أشهر اضطراب نفسي في العالم. مش ده اللي كتير مننا فاكر إن اللي متديّن بيبقى في حصن منيع ضده؟ خلينا نتكلم بهدوء ونفكك الموضوع..

زمان، كنا فاكرين إن الاكتئاب ده مجرد "خلل كيميائي".. شوية سيروتونين ناقصين في المخ، وندي دواء يزوّدهم، والمريض يخف. الموضوع طلع أعقد من كده بكتيييير..

العلم الحديث بيقول لنا إن الاكتئاب أشبه بـ"التهاب" بيحصل في الشبكات العصبية، أو ضعف في "مرونة المخ" (Neuroplasticity) اللي بتخليه قادر يتكيف مع الصدمات. الأدوية بتساعد إنها تقلل الالتهاب ده وترجع للمخ مرونته، لكنها بتشتغل على "أعراض" المرض اللي حصلت جوه الجسم.

بااااااااااااااس.. إيه بقى علاقة ده بالدين والإيمان؟
= حاضر.. توكلنا على الله..

لما بتتخبط في رجل الكنبة، الإحساس بالألم ده "تفسيره" العلمي هو إشارات عصبية ونواقل ألم راحت للمخ. لكن "السبب" الحقيقي هو الخبطة نفسها.
ولما بيجي لك حساسية في الربيع، "تفسيرها" هو إفراز هيستامين. لكن "السبب" هو حبوب اللقاح اللي دخلت مناخيرك.

في الاكتئاب نفس القصة.. التغيرات اللي بتحصل في المخ دي هي "التفسير" البيولوجي للي حصل. لكن فيه "سبب" أو "Trigger" بدأ الحكاية دي كلها، وغالبًا بيكون صدمة حياتية، فقدان، ضغط مزمن، أو إحساس بضياع المعنى.

هنا بقى بيجي دور الإيماااااان.. مش كتعويذة سحرية تمنع الصدمة، لكن كـ "جهاز مناعة نفسي" (Psychological Immune System) بيخليك تتعامل مع الصدمة دي بشكل مختلف تمامًا.

بس استنى لحظة.. هل ده معناه إن اللي بيجي له اكتئاب يبقى إيمانه ضعيف؟
الإجابة القاطعة: لأ، وألف لأ.
سيدنا يعقوب حزن على سيدنا يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن، وسيدنا محمد ﷺ مر بـ "عام الحزن". الحزن شعور إنساني طبيعي ومش دليل على نقص إيمان. الاكتئاب مرض، زي أي مرض، ممكن يصيب أي حد.

الفكرة مش في منع الحزن، الفكرة في منع الحزن إنه يتحول لاكتئاب مزمن ومدمر. الإيمان بيعمل ده إزاي؟
الأبحاث العلمية الحديثة، وخصوصًا أبحاث علماء زي د. هارولد كونيغ من جامعة ديوك، لقت إن الإيمان الحقيقي بيوفر 3 حاجات أساسية بتحمي من الاكتئاب:

المعنى والغاية (Meaning & Purpose):
الإيمان بيقول لك إن حياتك مش عبث، وإن كل مصيبة بتحصل لك هي اختبار له حكمة وجايزة. ده بيغير طريقة تفكيرك تمامًا. بدل ما تقول: "ليه أنا بيحصل لي كده؟ حياتي انتهت"، عقلك بيقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، ده ابتلاء وربنا حايجزيني عليه خير". العملية دي في علم النفس اسمها "إعادة التأطير المعرفي" (Cognitive Reframing)، والإيمان بيقدم لك أقوى إطار معرفي جاهز لده.

استراتيجيات التكيف الإيجابية (Positive Coping):
لما الدنيا بتقفل في وشك، الإيمان بيديك أدوات عملية: الصلاة، الدعاء، التوكل، الصبر. دي مش مجرد طقوس، دي استراتيجيات فعالة جدًا لتقليل الشعور بالعجز واليأس، اللي هما وقود الاكتئاب الأساسي. الأبحاث بتسمي ده "التكيف الديني الإيجابي" (Positive Religious Coping).

الدعم الاجتماعي (Social Support):
كونك جزء من مجتمع مؤمن (زي المسجد مثلًا) بيوفر لك شبكة دعم قوية جدًا، بتحسسك إنك مش لوحدك في أزمتك. والوحدة هي واحد من أكبر محفزات الاكتئاب.

عشان كده، بتلاقي أم بتودع ابنها الشهيد بزغاريد وفرحة، مش لأنها مش حزينة، لكن لأن "إطار المعنى" عندها قوي جدًا، وشايفة إنه راح لمكان أحسن ومستنيها في الجنة. في غياب الإطار ده، نفس الموقف ممكن يدخل أي أم في اكتئاب حاد.
و بتلاقي واحد خسر كل فلوسه، ويقوم تاني يوم يبدأ من الصفر وهو بيقول "الحمد لله، ربنا يعوضنا". في الوقت اللي غيره ممكن يقرر ينهي حياته.

اللي عاوز أقوله:
الإيمان الحقيقي السليم مش بيمنع "خبطات" الحياة، لكنه بيتحول لدرع نفسي و"مساعدين" بتمتص الصدمة، وتسرّع من عملية التعافي، وتمنع الجرح إنه يتلوث ويتحول لمرض مزمن.

هل ده معناه نوقف أدوية الاكتئاب؟ لأ طبعًا.
هل ده معناه نلغي الطب النفسي؟ مستحيل.

العلاج الصح هو علاج متكامل:

علاج بيولوجي (الدواء): عشان يصلح الخلل اللي حصل جوه المخ.

علاج نفسي (الجلسات): زي العلاج السلوكي المعرفي، عشان يغير أنماط التفكير السلبية.

BY Loner


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/omarcoloner/777

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Despite Telegram's origins, its approach to users' security has privacy advocates worried. False news often spreads via public groups, or chats, with potentially fatal effects. The news also helped traders look past another report showing decades-high inflation and shake off some of the volatility from recent sessions. The Bureau of Labor Statistics' February Consumer Price Index (CPI) this week showed another surge in prices even before Russia escalated its attacks in Ukraine. The headline CPI — soaring 7.9% over last year — underscored the sticky inflationary pressures reverberating across the U.S. economy, with everything from groceries to rents and airline fares getting more expensive for everyday consumers. Telegram has become more interventionist over time, and has steadily increased its efforts to shut down these accounts. But this has also meant that the company has also engaged with lawmakers more generally, although it maintains that it doesn’t do so willingly. For instance, in September 2021, Telegram reportedly blocked a chat bot in support of (Putin critic) Alexei Navalny during Russia’s most recent parliamentary elections. Pavel Durov was quoted at the time saying that the company was obliged to follow a “legitimate” law of the land. He added that as Apple and Google both follow the law, to violate it would give both platforms a reason to boot the messenger from its stores. Messages are not fully encrypted by default. That means the company could, in theory, access the content of the messages, or be forced to hand over the data at the request of a government.
from tr


Telegram Loner
FROM American