group-telegram.com/aerfanalruooh/1867
Last Update:
وإِنَّ سلوك سبيل الوصلة بالصَّلاة له هو الحَرِيُّ بِصَرْف كلِ العناية إليه، وفي هذا إيماء إلى أنَّ توجيه الهِمَّة إلى الوقوف بالخدمة، وملاحظة الهيبة بحفظ الحُرْمَة، هو اللائق بمقام من استخلصه لنفسه، وطَهَّره من كُدُورات البشريَّة، وصَفاهُ من شوائب النَّظر لِمَا سِوَاهِ، فَأَمَرَهُ بالاشتغال بأعظم العبادات البدنية، وهي الصَّلاةُ الجامعة لأنواع القُرَب، المُحَصِلة للقُرْب، التي عَمُودُها الحضور مع الرَّبِّ، وفيها قطعُ مَوَادِ الشَّواغِل عنه، ودَفْعُ الخواطر، وإفراد المحبوب بالذكر، ومُلابَسَةُ التعظيمِ النَّاشِئ عن معرفة الجَلالِ والعَظَمَةِ، وحَقارَة النَّفْسِ.
ومَن رَسَخ في العِرفان لم يزل مُتَرقِّيًا في مقامات الشوق، مُتلقيًا مِن لطائف المدد ما لا ينتهي إلى أمد، ولا يقف عند حد، ولا تنتهي سُرادقاتُ التَّجلّيات، ولا ينقضي الترقي في المقامات.
ولم يَلْزَمِ العبدُ فيها (أي الصلاة) أسلوبًا واحدًا، للإشارة إلى أنَّ المواهب متنوعة، والمقاماتِ مُتباينة، فالمُصلي ينتقل من الاعتدال الذي هو المثول بالقلب، إلى خَفْضِ جَناحَ الذُّلَ ولُبْسِ ثَوْبِ التّواضع والانكسار، والانحناء في الرُّكوع، ثمَّ يتدرّج في مقام الذُّلِ فَيَرْقَى إلى ما هو فوق ذلك، مِن وَضْع الجبهة على التراب في السجود ليذكر مبدأه وما إليه مرجعه، وبوصُوله إلى هذا المقام من التَواضع= أُهّل للجلوس بالحضرة والمخاطبة بالتَحيّة.
عقود الدّر والجوهر في نبذة من أسرار سورة الكوثر، لأبي إسحاق، برهان الدين، إبراهيم بن محمد بن أبي بكر المقدسي المصري الشافعي، المعروف بابن أبي الشريف.
BY عِرفان
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/aerfanalruooh/1867