group-telegram.com/sari_orabi/4640
Last Update:
علوم الآلة لا مذهب لها. يعني لا يقال لمدرّس ما كيف "تدرّس ألفية ابن مالك وأنت تطعن في عقيدة صاحبها؟!"، فما زال الناس يدرسون مثل هذه العلوم على بعضهم رغم اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأقوامهم وألسنتهم، ولكنّ التعصب، وضيق الأفق، يحوّل المذاهب لدى بعض الناس من اختيارات قائمة على النظر والدليل إلى ما يشبه الأحزاب السياسية المغلقة على أصحابها، وكأنّ العلوم ما نتجت إلا لأنّ أصحابها يعتقدون كذا مما افترقت فيه طوائف المسلمين!
والكثير من النحويين وأهل اللغة كانوا من المعتزلة، فهل قيل لأشعريّ يومًا كيف تدرس كتابًا لمن تخالفه في الاعتقاد وقد كان من أئمّتك ما كان في الحطّ على المعتزلة؟! وكتب المعتزلة في علم الأصول كانت من بعض ما انبنى عليه هذا العلم؛ كالعمد للقاضي عبد الجبار والمعتمد لأبي الحسين البصري، ولم تخل المذاهب الفقهية السنية، لاسيما الحنفي ثم الشافعي، من أئمة كبار قيل إنهم كانوا من المعتزلة أو وافقوهم في بعض اختياراتهم.
وقد لاحظت أنّ مناهج الحوزة العلمية لدى الشيعة تعتمد، خاصة في مرحلة المقدمات، على كتب النحو والبلاغة المشهورة بين المسلمين، كالآجرومية وشرح ابن عقيل وقطر الندى وتلخيص المفتاح والمطول ومغني اللبيب والبهجة المرضية وغيرها..، وفي أزمنة ماضية كان يدرس مختصر ابن الحاجب الأصولي في الحوزة قبل أن يضع حسن بن زين الدين (ت 1011 هـ)، المعروف بابن الشهيد الثاني كتابه "معالم الأصول"، وقيل إنه وضع كتابه هذا ليكون بديلاً عن مختصر ابن الحاجب.
فأن يُقال للسلفية كيف تدرسون كتبًا تخالفون عقائد أصحابها؛ أمر غريب يذهل قائله ساعة قوله عن التاريخ العلمي للمسلمين، ويدلّ على الحال التي انحطّ بها بعضهم بالمذاهب حينما صغّرها وكأنّها خلايا حزبية تدرّس كتبًا سرّية! أو كأنّ بعض المعاصرين سدنة على تراث المسلمين لمجرد جامعة المذهب العقدي، ولا فرق من هذه الناحية بين مثل هذا، وبين ذاك الذي ينهى عن قراءة تفسير ابن عاشور!
BY قناة ساري عرابي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/sari_orabi/4640
